كفاحي السياسي
كنت طوال إقامتي في أوروبا أدرس السياسة من الجرائد اليومية الإنجليزية والفرنسية وأستمع إلى المحاضرات الحزبية التي يلقيها الدعاة البارزون من الأحزاب. ولكن التفاتي إلى السياسة كان بمثابة النشاط الموجي على السطح. أما في الأعماق فكانت التيارات التي تحفزني وتوجهني اجتماعية ثقافية. فقد كنت مثابرًا على الملاحظة المباشرة للمجتمع الأوروبي أقابل بينه وبين المجتمع المصري في مركز المرأة ونظام العائلة بل نظام البيت وأحوال العمال في المدينة والريف والحرية أو بالأحرى الحريات العامة في البيت والمجتمع والصحافة والخطابة. ومن ذلك الوقت إلى الآن — أي من ١٩٠٧ إلى ١٩٤٧ — وأنا أكافح في جبهات متعددة سياسية واجتماعية واقتصادية. وأحيانًا تتداخل هذه الجهات أو تمتزج حتى تصير جبهة واحدة. كما حدث مثلًا في ١٩٣٠ حين كنت أقِف في صف الوفد في مكافحة الطغيان الذي حاول إسماعيل صدقي باشا أن يعمِّمه بعد أن ألغى دستور ١٩٢٣ كما سبق أن ألغى الإنجليز دستور عرابي في ١٨٨٢. ولكن حتى في هذه المعمعة السياسية التي هبت في الأمة تقاتل المستبدين والمستعمرين معًا كنت أيضًا أكافح كفاحًا آخر من أجل الاستقلال الاقتصادي. فألفت جمعية «المصري للمصري» لإيجاد وجدان — أي وعي — وطني اقتصادي.
وكانت الأحزاب السياسية في أوروبا قد شرعت حوالي ١٩١٠ تتجه اتجاهًا اشتراكيًّا. وكان هذا الاتجاه على أقواه في ألمانيا وفرنسا وعلى أضعفه في بريطانيا. بل الحق إنه لم يكن في ١٩٠٩ في مجلس العموم الإنجليزي غير اشتراكي واحد — من نحو ٦٠٠ عضو — يدعى فكتور جرايسون، وكان يجمع بين حماسة الشباب وحماسة المذهب. وقد حاول ذات مرة أن يقسر المجلس على المناقشة في شأن العاطلين. فقرر المجلس إخراجه. وكان يلقي الخطب في الاجتماعات الشعبية ويفخر بأن المجلس طرده. والغريب أن هذا الشاب اختفى فجأة ولم يُعرف إلى الآن كيف كانت نهايته.
ولكن كان بمجلس العموم في ذلك الوقت حزب للعمال وحزب آخر يسمى «العمال المستقلين» يتزعمه كير هاردي. ولكن هؤلاء العمال جميعًا لم يكونوا اشتراكيين مذهبيين ولم تكن الدعوة بينهم إلى الاشتراكية بل كانت دعوة متواضعة قانعة بزيادة الأجور للعمال وترقية أحوالهم المعيشية. وقد زرت كير هاردي في غرفته المتواضعة في لندن في ١٩٠٩. وكان اسكوتلنديًّا في وجهه سماحة وطيبة قد أرخى لحيته. وكان يصر على اتخاذ قبعة العمال المخصوفة من القش. وكانت سكرتيرته آنسة مثقفة جاءت بعد ذلك إلى مصر وتولت رياسة التحرير لجريدة «ذي إجبشيان جازيت». وكان السبب لزيارتي لكير هاردي أني قرأت له كتيبًا عن الهند شرح فيه ما رآه فيها من المظالم البريطانية للهنود. ورأيت في هذا الكتاب ما يثير وما يبعث على التفكير فيما يفعله الإنجليز في مصر. ولما قابلته قال لي إنه اشتراكي وإن الاشتراكية سوف تعم أوروبا ثم تنتقل إلى سائر القارات. وإن الاستعمار البريطاني يجب أن يزول من مصر والهند، وإن واجبنا الوطني الأول في مصر هو إخراج الإنجليز ثم إيجاد الإصلاحات الاجتماعية في المجتمع المصري.
وكانت الخطوط السياسية التي نراها الآن في السياسة العالمية في ١٩٤٧ واضحة في أوروبا في ١٩٠٩. ولكن الخطوط اليمينية كانت وقتئذٍ أبرز من الخطوط اليسارية. أي إن أصوات الاستبداد والاحتكار والحرب والاستعمار كانت عالية تنطق بها دولة القياصرة في روسيا ودولة السلاطين في تركيا، ثم دولتا الوسط في أوروبا. وأخيرًا الإمبراطورية البريطانية وفرنسا. أما في ١٩٤٧ فإن هذه الدول جميعها — باستثناء بريطانيا وفرنسا — قد زالت وأخذت الجمهوريات مكانها. كما أن الأكثرية السياسية للأحزاب قد أصبحت يسارية للاشتراكيين والشيوعيين في جميع أوروبا المتمدنة. وقولنا «المتمدنة» يستثني بالطبع إسبانيا وبرتغال حيث الفاشية لا تزال حية. وهذا اتجاه واضح لا يخطئه إلا المغفلون أو المتغافلون.
وقد أصبحت من تلك السنين أتوسم الأحزاب وأرود المستقبل في ضوء هذه الاتجاهات الاشتراكية العالمية. ولذلك لم تفاجئني الأحداث الكبرى مثل حرب ١٩١٤ التي بعثتها المباراة الاقتصادية بين ألمانيا وبريطانيا، أو مثل حرب ١٩٣٩ التي بعثها الصراع بين أحزاب اليمين من المحافظين وبين أحزاب اليسار من الاشتراكيين والشيوعيين. وإن كانت هذه الحرب قد فقدت منذ بدايتها تقريبًا روحها المذهبي واستحالت إلى النزاع الاقتصادي القديم بين بريطانيا وألمانيا، كما دخلت فيها مركبات اقتصادية أخرى.
ولما عُدْتُ من أوروبا وضعت رسالة صغيرة عن الاشتراكية. كما وضعت قبل ذلك رسالة أخرى عن «السبرمان» أي إنسان المستقبل. وكذلك لخصت كتاب جرانت الين عن «نشوء فكرة الله» وترجمت نحو ١٢٠ صفحة من قصة «الجريمة والعقاب» لدستويفسكي. وكل هذا النشاط قمت به فيما بين ١٩٠٩ و١٩١٤. وهو يدل على أن أفكاري العامة الحاضرة كانت تتبلور في ذهني: السياسة الاشتراكية، والأدب الروسي والفلسفة الداروينية، مع النفور من الغيبيات.
وفي ١٩٢٠ عقب الثروة هبت ريح الحرية في الجو المصري المكظوم. فألفت أنا والمرحوم الدكتور العناني والأستاذ محمد عبد الله عنان والأستاذ حسني العرابي، الحزب الاشتراكي. وأرخى لنا المستعمرون الحبل كي يعرفوا مدى نشاطنا والاستجابة التي نلقاها من الشعب. والحق أنها كانت استجابة حسنة. ويبدو أننا كنا نسير في اعتدال ونتقي المصادمات. وترجمت في ذلك الوقت «نداء إلى الشباب» لكوربتكين وهو الأمير الروسي الذي ترك إمارته أيام القيصر نقولا وانقلب كاتبًا ومؤلِّفًا وداعية للفوضوية. ولكن حدث فجأة أن أحدنا الأستاذ حسني العرابي وجد فينا بطئًا لم يطق له صبرًا. فقصد إلى الإسكندرية وأعلن «الحزب الإباحي». وكلمة «إباحي» كان يقصد منها ما يفهمه الجمهور الآن من كلمة شيوعي. وانشق عنا وانضم إليه كثير من الشبان الذين سرقوا دفاتر الحزب وقضوا عليه. وماتت حركتنا وقضت الحكومة على حسني العرابي بحبسه ثم تشريده في أوروبا. فقد سافر إلى ألمانيا وما هو أن بلغها حتى صدر قرار من مجلس الوزراء بحرمانه من الرعوية المصرية كي يمنع من العودة إلى مصر. وكثيرًا ما اشتقت أنا إلى السفر إلى أوروبا ولكن خوفي من أن يلحق بي مثل هذا القرار كان يحملني على الدوام على النكوص. وليس على هذا الكوكب أمة تحرم أبناءها من رعويتهم إذا كرهت منهم مذاهبهم السياسية غير مصر. وهذا الحرمان من الرعوية يشبه — في صيغة عصرية — الحرمان من الكنيسة أيام القرون المظلمة. ولكنه الاستعمار البريطاني يحالف الاستبداد المصري على مطاردة كل من كان يتوهمان فيه خطرًا على مركزهما الممتاز في مصر.
والاشتراكي المصري يجِد نفسه في صف واحد مع الوفد؛ لأن الوفدية هي في صميمها الدعوة إلى الاستقلال. ولا يمكن اشتراكيًّا أن يفكر في أي برنامج اشتراكي ما لم يكن الاستقلال محققًا ناجزًا. ومن هنا الكراهة البريطانية لجميع الحركات الاشتراكية في العالم وليس في مصر وحدها.
والاشتراكية والاستعمار ضدان لا مصالحة بينهما؛ فالأولى تعاوُن ومساواة وعدل، والثاني استغلال وامتياز واحتكار وخطف. ولذلك أيضًا نجد أن جميع الاشتراكيين في مصر هم قبل كل شيء وطنيون غالون في وطنيتهم لا يطلبون الاستقلال لمصر وحدها بل للهند والجزائر والعراق ومراكش وغيرها.
وتحدث أحيانًا مصادفات مشئومة. فقد كنت في ١٩٢٥ أو حوالي ذلك أكتب للبلاغ. وكان زيور باشا قد قام بأولى المحاولات لرد الأمة إلى عصر توفيق أي إلى حكم أتوقراطي بلا دستور أو بدستور صوري. فكتبت مقالًا قلت فيه إن زيور يشبه أبا الهدى في حكومة عبد الحميد. وكان اسم أبي الهدى يزكم الجو بالدسائس والاستبداد. وكتب الأستاذ عبد القادر حمزة (باشا) — دون أن يعرف مقالي — مقالًا آخر قال فيه إن مصر تُحكم كما لو كانت تركيا أيام عبد الحميد. وقضت المصادفة بأن يخرج المقالان معًا كأنَّ هناك مغزى مقصودًا. وقصدنا إلى بيت الأمة حيث قابلنا سعد باشا الذي أنذرنا بخطورة المقالين وبأن النيابة العامة سوف تقوم بالتحقق معنا في شأنهما. وكان سعد باشا في سنيه الأخيرة حتى لقد لاحظت أن ساقه كانت ترتعش ولكنه كان يقظ الذهن دكتاتوري اللهجة.
وقد سبق أن قلت إن كفاحي السياسي كان يمتزج في أحيانٍ كثيرة بكفاحي الاجتماعي أو الاقتصادي. ولذلك ألفت في ١٩٣٠ جمعية المصري للمصري كي أبعث الوجدان الاقتصادي للأمة. وكنا نجد في تلك السنة — حين ثار إسماعيل صدقي باشا على الدستور وألغاه — أن دعوتنا «المصري للمصري» تتفق ومقاطعة البضائع الإنجليزية. ووجدت هذه الحركة حماسة كبيرة بين الشبان. وكنا نحتم على أنفسنا اتخاذ جميع ملابسنا الخارجية والداخلية من الأقمشة المصرية باستثناء الطربوش. ولكن حتى هذا وجد من يصنعه من الصوف المصري الأبيض. وقد أرسل إليَّ أحد المتحمسين مثالًا منه هدية يطلب مني اتخاذه بدلًا من الطربوش الأحمر الذي كان يرد إلينا من أوروبا. وقد كان الأستاذ أحمد حسين رئيس جمعية مصر الفتاة وكيلًا لجمعية المصري للمصري في كلية الحقوق حين كان طالبًا بها. فلما كافحنا إسماعيل صدقي باشا، وقتل من مجلاتنا التي كانت تنشر دعوتنا أكثر من عشر مجلات ووقفنا مضطرين عن الحركة، عمد أحمد حسين إلى إحيائها أو بعثها ولكن بصورة قد يستنكرها البعض. والحق أنه كان فيها كثير مما يُستنكر مثل الهجوم على الحانات، أو مداعبة الآراء الفاشية، ومدح موسوليني أو هتلر، ونحو ذلك.
ولا بد أن أذكر أنه كان هناك لاستقلال الهند مكانة كبيرة في تفكيري السياسي. وعندي أن مشكلة الهند — بل مشكلة أي مستعمرة في العالم — هي أيضًا مشكلة لمصر؛ لأن استقلالنا يقتضي مكافحة الاستعمار أينما وُجِدَ. ولذلك ألفت كتابي عن «غاندي والحركة الهندية». وأعجبني من غاندي أنه كان ولا يزال يكافح في جبهتين هما الإنجليز المستعمرون والتقاليد الهندية التي فسدت وتقيَّحت في جسم الأمة الهندية المريضة. كما أنه بعث نشاطًا اقتصاديًّا بتعميمه المغزل بين الريفيين. ولقد أرسلت إليه في ١٩٣١ خطابًا أطلب منه المؤلفات الخاصة بحركة الغزل والنسيج التي يقوم بها الفلاحين الهنود وأيضًا بعض أدوات الغزل التي تستعمل في الهند. فأرسلها كلها إليَّ. ولكننا بعد الدرس لموضوع الغزل لم نجد أننا قادرون على إيجاد مثل هذه الحركة في مصر. ذلك أن المغزل اليدوي قليل الإنتاج لا يغل للغازل عيشًا كافيًا في مصر. وإن كان يغل هذا العيش الكافي للفلاحين الهنود لأن مستواهم الاقتصادي دون مستوى فلاحينا. ولكن وزارة التجارة والصناعة تحاول الآن في ١٩٤٧ أن تجد مغزلًا ريفيًّا يستحق عناية فلاحينا ويشغل فراغهم في بعض أشهُر الشتاء.
وهذا النشاط الاقتصادي أو الوطنية الاقتصادية التي قمنا بها في ١٩٣١ قد بعثت روحًا جديدًا من اليقظة والإحساس الوطني. حتى لأذكر أن ضابطًا من البوليس حضر لتفتيش مكتبي في إحدى الهجمات التي كانت تتوالى علينا لضبط مجلاتنا ومصادرتها. فلما شرع يقرأ الخطابات الواردة إلينا من أنحاء القطر بشأن الصناعة والتجارة المصرية تغير موقفه فصار يدعو لنا بالنجاح ويمزق بنفسه الأوراق الخطرة.
وهنا يجب أن أذكر شخصية نبيلة قد فارقتنا للأسف منذ أربع سنوات هي المرحوم محمد عبد الصمد مدير مدارس رقي المعارف في شبرا. فإنه كان وكيل جمعية المصري للمصري حين كنت أنا رئيسًا لها. وكنت قد كتبت مقالًا أدعو فيه إلى إنشاء متجر في شارع فؤاد لا يبيع غير المصنوعات المصرية. وكانت البضائع المصرية لا تُباع إلا في الأزقة النائية في السكة الجديدة في أطراف شارع الموسكي. ولما قرأ المرحوم طلعت حرب هذا المقال بعث إليَّ وأخذ يناقشني في هذا الموضوع، وخرجت من عنده قاصدًا إلى المرحوم محمد عبد الصمد حيث اتفقنا على أن يعرض ألف جنيه يساهم بها في هذا المشروع. ونشرت هذا العرض مع صورة الشيك في الصفحة الأولى من إحدى المجلات التي كنت أنشرها. وكان هذا العرض بذرة المتجر القائم الآن باسم «شركة مصر لبيع المصنوعات المصرية» في شارع فؤاد.
ويجب ألا أنسى هنا أني في كفاحي السياسي ألتفت إلى موضوعين: أحدهما هو بعث النخوة الوطنية عن سبيل الإكبار من شأن الفراعنة. وقد وجدت ما يزيدني تأييدًا لهذه الدعوة بما استفاض في أوروبا عامة وبريطانيا خاصة من أن مصر هي التي بعثت الموجات الأولى من الحضارة القديمة إلى أنحاء العالم وأخرجت الإنسان من العصر الحجري إلى عصر الزراعة. وكتابي «مصر أصل الحضارة» يقوم على هذه المعاني ويشرحها. أما الموضوع الثاني فهو الإكبار من شأن عرابي. فقد نشأنا على أن هذا الوطني العظيم كان خائنًا لمصر وأنه هو السبب لاحتلال الإنجليز لوطننا. والحقيقة أن من يقرأ تاريخ هذه الشخصية المصرية المقدسة يتعجب للخسة التي بعثت خصومه على سبه والحط من شأنه. وليس في تاريخ مصر منذ أكثر من ألفي سنة من خدمها بروح الشرف والوطنية والنزاهة مثل عرابي. وقد كانت ترجمة كتاب بلنت «التاريخ السري للاحتلال البريطاني لمصر» من الجهود السارة التي قمت بها لجريدة «البلاغ»؛ لأن المؤلف كان صديقًا لعرابي وكان واقفًا على أهدافه الوطنية السامية.
وكذلك لا أنسى أني في سبيل الكفاح السياسي ألَّفت كتابين أحدهما «حرية الفكر وتاريخ أبطالها» في ١٩٢٧ سردت فيه أطوار الكفاح التاريخي من أجل الحرية سواء عند الأمم العربية أم في أوروبا. ثم عدت في ١٩٤٦ فأخرجت كتيبًا بعنوان «حرية العقل في مصر» طلبت فيه إلغاء قوانين المطبوعات التي تحد من حرية الكتابة والصحافة وإلغاء إدارة المطبوعات التي تطلب استخراج «رخصة» عندما يرغب أحدنا في إصدار مجلة أو جريدة. والغريب أنه في نفس هذه السنة ١٩٤٦ عاد حكم إسماعيل صدقي باشا المشئوم. فأصدر مشروع قانون لزيادة الحد من حرية الصحافة التي لم يكن يطيقها هذا الرجل. وتقدم وزير سابق هو الأستاذ فؤاد سراج الدين باشا لطلب امتياز أي رخصة لجريدة يومية فرفض طلبه. ومثل هذه الجرأة ليس لها نظير في أية أمة متمدِّنة على هذا الكوكب. أعني جرأة رجل مثل إسماعيل صدقي باشا على أن يفكر في زيادة القيود للصحافة المصرية وعلى أن يمنع وزيرًا سابقًا من أن يصدر صحيفة.
وكلما فكرت في كفاحنا السياسي أُحِسُّ ألمًا للعقم الذي لازمه إلا القليل من الثمر الذي حاول المستبدون والمستعمرون إفساده. فقد أثمر هذا الكفاح دستورًا غيَّره المستبدون مرة ثم عطلوه مرة ثم ألغوه واستبدلوا به آخر مرة. ونجحوا في أن جعلوا ديمقراطيتنا كاريكاتورية. ولكن ممَّا يبعث السرور إلى نفسي أني لم أتضعضع ولم أترك المعسكر الوطني لمكافحة المستبدِّين والمستعمرين كما فعل كثير من الأدباء ممَّن طمسوا النور الذي كان في قلوبهم وأطفَئوا وهج نفوسهم كي يصلوا إلى حياة أو مال فانخاروا إلى الاستعمار الأجنبي أو الاستبداد الوطني.