الدين والظمأ الأنطولوجي
«يَنشد الدِّين إضفاءَ دلالات متماسكة على العالَم، تُشعِر الكائنَ البشري بالانتماء إليه، وتُخلِّصه من الاغتراب الوجودي. الإنسان يبحث عمَّا يتجاوز الوقوف عند سطوح الأشياء، والاكتفاء بظواهرها، ومفهوم أغراضها الحسية، هو يفتِّش على الدوام عمَّا هو أبعدُ من المعنى البسيط. إنه في تَوقٍ لاكتشاف معنى المعنى.»
يرى الدكتور «عبد الجبار الرفاعي» أن الدِّين يعيش مأزقًا تاريخيًّا ناجمًا عن ترحيله من مجاله الأُنطولوجي إلى المجال الأيديولوجي، وعن ازدرائه من قِبَل بعض النُّخَب؛ ولهذا نرى «الرفاعي» في هذا الكتاب يُغرِّد خارج السِّرب عازفًا لحنه الخاص، وعابرًا إلى جوهر الدِّين، ومؤكِّدًا على الحاجة الأبدية إليه بوصفه حياةً في أُفق المعنى، تَفرضها حاجة الإنسان الوجودية إلى إنتاجِ معنًى روحي وأخلاقي وجمالي لحياته الفردية والمجتمعية. ويُعالج «الرفاعي» الظمأ الأُنطولوجي عبر مداخل متعدِّدة تنطلق جميعها من ملازَمة الظمأ المقدَّس للإنسان، مُخاطبًا الروحَ والقلب والضمير عبر العقل، ويقدِّم أيضًا رؤية نقدية للصياغة الأيديولوجية للدِّين؛ إذ يرى أنها تُخفض طاقته الروحية، وتجفِّف مَنابع المعنى الذي يفتِّش عنه الإنسان في الدِّين، ولا تكترث بعمقه الميتافيزيقي.