الخاتمة
مهما كان أصل النظام الشمسي ومهما كانت الطريقة التي تكوَّن بها فلا شبهة في أن الشمس والسيَّارات كانت وقتًا ما شديدة الحمو، الشمس أشدها حموًّا والسيَّارات أكبرها أشدها حموًّا ويتلوه ما بعده جِرْمًا إلى آخرها، ثم جعلت هذه الأجرام تشعُّ حرارتها وتبرد أصغرها يبرد قبل أكبرها، والمرجَّح أنه لمَّا بردت الكرة الأرضية حتى جمدت قشرتها كانت الشمس لا تزال في حالة شبيهة بالسديم فقد كانت أولًا مثل نجم من نجوم الهاليوم الضارب بياضها إلى الزُّرْقة يحيط السديم بها كما يحيط بنجوم الثريَّا، ثم تدرَّجت فصارت مثل النجوم التي من النوع الشِّعْرى ودامت في هذه الحالة زمانًا أطول من الزمان الأول؛ لأن النجوم التي من هذا النوع أكثر عددًا من نجوم النوع الأول، واستمرَّ الإشعاع منها إلى أن بلغت حالتها الحاضرة بنورها الأصفر الذهبي فصارت مثل النجوم التي من نوع السماك الرامح، وستستمرُّ على الإشعاع إلى أن يصير لونها أحمر قانئًا كقلب العقرب، أمَّا كم مرَّ من الدهور عليها حتى تدرَّجت من الحالة الأولى إلى الثانية؟ فلا يُحْتَمل أن يصل علم الناس إليه فقد حسب السر جورج دارون أنه مضي على القمر من حين انفصل عن الأرض إلى الآن نحو ٥٧ مليون سنة، وانفصاله حديث جدًّا في جنب الدهور الطوال التي مرَّت على تكوُّن الشمس واشتقاق السيَّارات منها.
وكلَّما فكَّرنا في أقدار الشموس وأبعادها يتنازعنا عاملان متضادَّان عامل استصغار الإنسان في جنب غيره من الكائنات حتى يصير كالعدم وعامل استكبار عقله الذي بلغ أعماق الكون وقاس السموات بالشبر وعَرَفَ عناصر الكواكب وأقدارها وأبعادها.