الكتب الإلكترونية، هِبة العصر
في عام ١٩٧٠م بدأَت الأفكارُ العامة لكتابي الأول «مغامرة العقل الأولى» تَتشكَّل في ذهني، وعندما بذلتُ المُحاوَلات الأولى لكتابتها، شعرتُ بحاجةٍ إلى مَراجِع أكثر من المَراجِع القليلة التي في حَوزتي، فرُحتُ أبحث في منافذ بيع الكتب، وفي المراكز الثقافية التابعة لوزارة الثقافة السورية، وفي مكتبة جامعة دمشق؛ عن مَراجِع باللغة الإنجليزية فلم أجِد ضالَّتي، فتأكدَت لي استحالة إتمام المشروع وتوقفتُ عن الكتابة.
وفي عام ١٩٧١م قمت برحلةٍ طويلة إلى أوروبا والولايات المتحدة دامت ستة أشهر، رُحتُ خلالها أشتري ما يلزمني من مَراجِع وأشحنها بالبريد البحري إلى سوريا، وعندما عدتُ شرعت في الكتابة وأنجزت الكتابَ في نحو سنة ونصف. بعد ذلك رُحتُ أستعين بأصدقائي المُقِيمين في الخارج لإمدادي بما يلزمني من مَراجِع، وكانت مهمةً شاقة وطويلة تستنفد المالَ والجهد، وكان عمل الباحث في تلك الأيام وفي مثل تلك الظروف عملًا بطوليًّا، إن لم يكن مهمةً مستحيلة.
بعد ذلك ظهر الحاسوب الشخصي في أوائل الثمانينيات، ثم تأسَّسَت شبكةُ الإنترنت التي لعبَت دورًا مُهمًّا في وضع الثقافة في مُتناوَل الجميع، ووفَّرَت للباحثين ما يلزمهم من مَراجِع من خلال الكتب الإلكترونية المجانية أو المدفوعة الثمن، فأزاحَت همَّ تأمينِ المَراجِع عن الكاتب الذي يعيش في الدول النامية، ووصَّلَته بالثقافة العالَمية من خلال كبسةِ زرٍّ على حاسوبه الشخصي.
لقد صار حاسوبي اليومَ قطعةً من يدي لا أَقدر على الكتابة من دونه، مع إبقائي استخدام القلم في الكتابة، لا برنامج الوورد. ولرد الجميل للإنترنت، أردتُ لطبعةِ الأعمال الكاملة لمُؤلَّفاتي التي صدرت في ٢٠ مجلدًا، أن تُوضَع على الشبكة تحت تصرُّفِ عامةِ القُراء والباحثين، واخترتُ «مؤسسة هنداوي» لحملِ هذه المهمة؛ لأنها مؤسسةٌ رائدة في النشر الإلكتروني، سواءٌ من جهةِ جودةِ الإخراج أو من حيث المواضيع المتنوِّعة التي تُثرِي الثقافة العربية.
جزيل الشكر ﻟ «مؤسسة هنداوي»، وقراءة ممتعة أرجوها للجميع!