امتحانات تربوية!
نحن في قرن يصِحُّ أن يسمَّى عصر الشهادات، فقد كثر عشَّاقها الذين يجمعونها كما تُجمعُ طوابع البريد.
ولَّى الزمان الذي كان يقال فيه: جرِّبوني، عند الامتحان يُكرمُ المرء أو يُهان.
أمَّا اليوم فكأن موقف العرض قد أصبح على الأرض، فعليك أن تحمل شهادتك بيمينك … وأمَّا ما تعلَّمت وما اغترفت من غدران العلم؛ فله بحث آخر.
إذن، فلا بدَّ من الشهادة كيفما دارت بها وبنا الحال، وإذا كان الأمر كذلك فلتؤخذ بحقِّها.
يقول علماء التربية الحديثة: «العلم وسيلة للتربية.» وبناء على هذا القول سمَّوا وزارة المعارف: وزارة التربية الوطنية. فعلينا إذن إمَّا أن نربي تربية وطنية، وإما أن نقول وزارة التربية «حاف».
- الموضوع الأول: «قال الشاعر العربي:
وغلى الدم العربي فيَّ فواجبيتضميخ مجدي بالدمِ المهراقِهَبْ أن رحمة آسري ستفكُّنيأولستُ أحمل منَّة الإطلاقِوأشَدُّ من أسري عليَّ بأن أرىيد آسري يومًا تفكُّ وَثاقي
حلِّل هذا اللون من العاطفة الوطنية، وبيِّن أثره في حياة الشعوب الحرة.»
- والموضوع الثاني: «لو خُيِّرت بين الانتساب إلى الكلية العسكرية لتصبح
جنديًّا يذود عن الوطن شَرَّ الأعداء، وبين الانتساب
إلى دار المعلمين لتغدوَ معلِّمًا يكافح الجهل والمرض؛
فأي الأمرين تختار؟
بيِّن أسباب اختيارك.»
- والثالث: «اكتب كتابًا إلى صديق لك تُعزِّيه بأخٍ له استُشهِدَ في ميدان الشَّرفِ دفاعًا عن الوطن، وتُبين فيه واجب المواطن الحربي وفضيلة الجهاد.»
- الأول: «نحن في هذه الحياة أشبه بالزورق الصغير السابح فوق
أمواج البحر، إذا لم تكن هناك شواخص وأعلام تهديه
طريقه؛ ضلَّ السَّبيلَ وابتلعه البحر.»
ما هي هذه الشواخص والأعلام؟ وما المراد بهذا القول؟
- والثاني: قال جبران: «الأمُّ هي كل شيء في هذه الحياة؛ هي التَّعزيةُ في الحزن، والرجاء في اليأس، والقوة في الضعف، فالذي يفقد أمه يفقد صدرًا يسند إليه رأسه، ويدًا تباركه، وعينًا تحرسه.» اشرح هذا القول.
إنَّ الخيال والعواطف والنظريات لا تُنشئ وحدها وطنًا، ولا توطِّد استقلالًا.
كانوا — يوم كُنَّا طلابًا — يُعطون الأول والثاني الجوائز في كل موضوع، ثمَّ يقولون: واستحق الذكر فلان وفلان حتَّى الرابع. تُرى ألا يستحق لبنان الذكر في هذه الامتحانات التربوية؟
فلنعمل — على الأقل — بقول ابن الرومي لصاحب تلك اللحية التي شبَّهها بالمخلاة: