تحديث النسخة المنقَّحة
صدِّق أو لا تصدق، لا أزال أنا وآني متزوجَين حتى بعد أن قضينا شهر عسل اشتمل على زيارة لمصنع ملابس. ربما يتساءل البعض عما إذا كان شريك الحياة هو «الشخص المناسب» له أم لا. ولطالما يُذكرني أعضاء من نادي السيدات للقراءة، والطلاب الجامعيُّون من الجنسين الذين التقيت بهم أثناء إلقاء كلمة بالجامعات، وأصدقاء آني، والقراء عمومًا بأن آني هي «الشخص الوحيد المناسب» الذي يُمكنه تحملي. لست متيقنًا من الطريقة التي أتلقى بها هذه الحقيقة؛ ومِن ثم أرد بقولي: «شكرًا.»
أرى أن الارتباك الذي حدث في شهر العسل هو شهادة على صدق حبِّنا. إننا نضحك ونتندَّر على هذا الموقف من حينٍ لآخر، ثم تُذكِّرني آني بعد ذلك بأنني مدين لها بشهر عسل حقيقي.
ستحتل قرية بيري الواقعة في نيويورك — مقر شركة أمريكان كلاسيك أوتفيترز — دومًا مكانةً في حكايات ونوادر أسرتنا. بالتأكيد لم تكن هذه أفضل طريقة لبدء الحياة الزوجية، ولكنها كانت طريقة رائعة لإنهاء الكتاب: قصة بلدة انهارت إثر خسارة مصنع شركة تشامبيون والتفَّت حول شركة أمريكان كلاسيك أوتفيترز. قد تتلاشى البلدات الصغيرة التي تَفقد قاعدتها الصناعية هذه الأيام، لكن قرية بيري صامدة؛ فهي تَنفض الغبار وتواصل المسيرة.
أتمنى لو أن الأمر كان لا يزال قائمًا.
ففي نوفمبر ٢٠٠٩، أرسل إليَّ أخي، كايل، رسالة بريد إلكتروني بها رابط وتعليق: «أليس هذا المصنع الذي كتبت عنه؟»
كان ذلك خبرًا رئيسيًّا في صحيفة «نيويورك تايمز» حول الكيفية التي سحبَت بها شركة أديداس تعاقُدَها مع شركة أمريكان كلاسيك أوتفيترز، ولأول مرة في تاريخ الرابطة الوطنية لكرة السلة صُنع الزي الرسمي خارج الولايات المتحدة. وكانت بعض اللوازم الجديدة واردة من آسيا؛ ومن ثم نقلوا الإنتاج إلى نقطة أقرب من المصدر.
قال السيناتور الأمريكي تشاك شومر: «ارتكبت شركة أديداس خطأً واضحًا حين نقلت إنتاج القمصان التي يَرتديها لاعبو الرابطة الوطنية لكرة السلة خارج الولايات المتحدة، بينما توجد شركات أمريكية أنجزت هذا العمل بجودة بالغة ولفترة طويلة جدًّا من الوقت.» وأضاف مُشكِّكًا في دفاع الشركة: «القيام بذلك في ظلِّ المناخ الاقتصادي الحالي يزيد الطين بلة.»
عندما كنا في شركة أمريكان كلاسيك أوتفيترز أثناء شهر العسل، كان مارك ودونا وديبي وماكسين والآخرون مُتحمِّسين للتعاقُد الجديد مع شركة أديداس. وكانت شركة أمريكان كلاسيك أوتفيترز مُلزَمة باستثمار مليون دولار في التحديثات والمُعدات الجديدة وبالإنتاج حصريًّا لصالح شركة أديداس. ولكن شركة أديداس الألمانية لم تفِ بوعدها للمصنع الأمريكي.
علقت دونا قائلة: «أظن أن هذا أمر بالغ السوء. ينبغي أن ترتدي الفِرَق الأمريكية ملابس أمريكية مصنوعة في الولايات المتحدة.»
وخفَّضت شركة أمريكان كلاسيك أوتفيترز على الفور عدد ساعات عمل موظفيها بنسبة ٢٠ بالمائة. وباع سام، صاحب متجر الأثاث، الشركة لشركة آر جيه لايبي، وهي شركة مُتخصِّصة في طباعة أسماء الفِرَق الرياضية ومقرها سانت لويس، وقد تعاونت مع شركة أمريكان كلاسيك أوتفيترز لسنوات.
على مدار بضعة أيام من شهر نوفمبر ٢٠٠٩، تصدرت أخبار أديداس وتخلِّي الرابطة الوطنية لكرة السلة عن التعامل مع شركة أمريكان كلاسيك أوتفيترز العناوين الرئيسية بالصحف الإقليمية والمحلية. ثم ساد الصمت. وتوقَّف أعضاء مجلس الشيوخ والصحفيون عن الحديث. لم يعد أحد يُزعج ديفيد ستيرن، رئيس الرابطة الوطنية لكرة السلة أو شركة أديداس. توقَّفت العناوين الرئيسية بالصحف، وساد الأمر الواقع.
بعد مرور عام، أُشيد بالزي الرسمي الجديد للرابطة الوطنية لكرة السلة — قمصان الرابطة الوطنية لكرة السلة خط إنتاج ريفيلوشن ٣٠ — إشادة عظيمة. ووفقًا للبيان الصحفي المشترك للرابطة الوطنية لكرة السلة وشركة أديداس، لم يعد الزي مجرد زيٍّ رسميٍّ، وإنما كان «منظومة للزي الرسمي الخاص بلعبة كرة السلة» حيث كان الزي الرسمي أخف بنسبة ٣٠ بالمائة ويجفُّ سريعًا بمقدار الضعف. وساعد هذا الزي اللاعبين في أخذ خطوة أسرع وقفز بوصة أعلى. (لو أنني ارتديت هذا الزي أثناء ما كنت ألعب لعبة كرة السلة في المرحلة الثانوية، لكان بإمكاني أن أضاعف عدد قفزاتي الرأسية!) وكان من شأن جميع الفرق الثلاثين المدرجة في الرابطة الوطنية لكرة السلة أن ترتدي الزي الجديد.
وبالعودة إلى قرية بيري، كانت دونا وديبي تَحتفظان بوظائفهن، ولكن ١٠٠ عامل آخر لم يحتفظوا بوظائفهم. كانت ماكسين، التي بدأت خياطة بشركة تشامبيون ثم ترقَّت في الوظائف الإدارية بشركة أمريكان كلاسيك أوتفيترز، واحدة من هؤلاء العمال. وفي يوم الاثنين الذي تلا الكريسماس، جاهدت جان — التي عملت معها ماكسين نحو ٢٠ عامًا — أن تُوصِّل لها ولمارتي، وهو موظَّف آخر قديم، الأخبار المهمة.
وصفت ماكسين اليوم لي عبر الهاتف قائلة: «كان الأمر مُفزعًا. لقد عملت في الوظيفة نفسها مدة ٤٠ عامًا. كنت مثل الغريق في المحيط. لم يكن بإمكاني تصديق أنني فقدتُ وظيفتي … ظننتُ أن حياتي انتهت. لم أكن أعرف كيف أعود إلى المنزل نظرًا لأنني كنتُ في حالة ذهول تام.»
خطَّطت ماكسين، التي كانت تبلغ من العمر ٦٢ عامًا آنذاك، أن تعمل لمدة أربع سنوات أخرى لتَتقاعد في سن ٦٦ عامًا.
«حاولتُ ألا أفكر في المكان لأن هذا يجعلني أحزن بشدة. كنتُ أظن أنني سأتقاعد من شركة تشامبيون ولكن في عيد ميلادي الخمسين أعلنوا إغلاق الشركة. ثم ظننتُ أنني سأتقاعد من شركة أمريكان كلاسيك أوتفيترز ولكنَّهم سلبوا ذلك أيضًا … لقد قضيت ٤٠ عامًا من حياتي في ذلك المجال ثم قالوا لي: «نراكِ لاحقًا! مع السلامة!» كنتُ داخل المبنى في الساعة الثالثة والنصف، وفي الساعة الرابعة كنتُ في طريقي إلى المنزل.»
بَحَثَتْ عن عمل آخر، ولكنها لم تستطع أن تجد شيئًا. «كنتُ بحاجة إلى وظيفة. لحسن الحظ، من خلال تأميناتي الاجتماعية وحالة البطالة، كان بإمكاني أن أتطوَّع.» وبالفعل تطوَّعتُ للعمل بالمدرسة الابتدائية المحلية. «كنتُ مثل البطل حين تطوَّعت بالمدرسة … لطالما كان العمل مع الأطفال أكبر متعة في حياتي.»
لم يكن بإمكانها تصديق عدد الأطفال، حتى من منهم في مرحلة رياض الأطفال، المُعرَّضين للخطر بالفعل. لم يكن الأمر كذلك حين كانت ابنتها في المدرسة. وكانت تعزو ذلك إلى استقرار الحياة الأسرية.
سألتها: «هل تظنِّين أن الاقتصاد له علاقة بذلك؟»
«أجل، أظن ذلك؛ لدينا برنامج في المدرسة يَصنعون خلاله حقائب ظهر للأطفال، وفي مساء يوم الجمعة في نهاية اليوم يَذهبون ويختارون حقائب الظهر خاصتهم، وربما تحتوي على رغيف خبز أو علبة حبوب الإفطار. كم مِن المُحزن ذلك؟»
بعض الأطفال يُنادونها باسم السيدة فلينت وآخرون يُنادونها بماكس. «إنك تخرج من المكان وأنتَ تشعر بارتياح بالغ، يملؤك اليقين بأنك قدَّمت المساعدة.»
تذكرتْ زيارتنا في عام ٢٠٠٧ وسألتْني عن شهر عسلنا.
قلت لها: «لم أزل أدين لآني بشهر عسل نظرًا لأنَّنا زرنا مصنع ملابس وذهبنا إلى شلالات نياجرا، وهو مكان سخيف لقضاء شهر العسل به.»
قالت ماكسين: «يا إلهي، هذا المكان ذهبتُ إليه أنا وزوجي.»
قلت وأنا أضع يدي على جبهتي، بعد أن قلت ما ندمتُ عليه كالعادة: «حسنًا، ربما كان المكان أكثر جاذبية آنذاك. أُراهن أنه كان يوجد عدد أقل من متاحف الشمع آنذاك؛ لأنه صار سيئًا الآن فعلًا.»
طمأنتني قائلة: «كان هذا قبل ٤٠ عامًا. كانت الأمور مختلفة للغاية عما هي عليه اليوم.»
كانت ماكسين محقةً. لقد اختلفَت أشياء كثيرة جدًّا.