المنطق وفلسفة العلوم
«فإذا أردنا فهمَ المذهب العقلي، وجَب علينا أن ندرك أن العقل يبدأ في أداء وظيفته منذ مرحلة الإدراك الحسي. لكن ينبغي أيضًا ألا نتصوَّر العقل على أنه مجردُ وظيفةٍ تأمُّلية؛ بل على أنه نشاطٌ فعَّال عامل، يَبني عندما يَدفع الإنسانَ بأكمله — بجسمه، وروحه، وذهنه، وعضلاته — إلى العمل، ولا ينطبق ذلك على الإنسان الفردي وحده، بل أيضًا على الإنسان الجماعي الذي يحيا في مجتمع.»
بنظرة فلسفية متكاملة يناقش الفيلسوف الفرنسي «بول موي» العلومَ بشتَّى تصنيفاتها، وخاصةً تصنيفَي «أوجست كونت» و«فرنسيس بيكون»، وأهمية التصنيف من حيث إنه يُضفي دِقة على المصطلحات الفنية في العلوم، راصدًا مناهجَ العلماء والخيطَ الفكري الذي يسيرون عليه، ومؤكدًا على الروح العلمية التي يجب أن يتحلَّى بها العالِم؛ كالثقافة الأخلاقية، والدهشة، وحب الاستطلاع، والنزاهة، والصبر، والزهد، والشجاعة. كما يتناول المؤلِّف العلاقةَ الجدلية بين المنطق وعلم النفس، موضِّحًا الاختلاف والتشابه بينهما، ومدى ترابطهما معًا، وكذلك العلاقة بين المنطق والحقيقة، آخذًا في الاعتبار أن الحقيقة ليس لها معيار، لكن المنطق هو المنهج التحليلي الذي إذا اتَّخذ من الحقيقة المُعطاة نقطةَ بدءٍ له، فإنه يرتقي منها إلى الشروط التي جعلت هذه الحقيقة ممكِنة؛ فالمنطق هو علمُ البرهان والتحقُّق من الصدق.