رأي حضرة صاحب الفضيلة مفتي الديار المصرية في هذا الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا محمد رسول الرحمة، وناشر لواء الحكمة وقائد الخلق إلى الحق، وعلى آله وصحبه ومن ثبتهم الله على الهداية بقوله الثابت إلى يوم الدين، فلا يضرهم من ضل ما داموا من أهل العزم والبصيرة واليقين.
وبعد، فإن الباطل ما برح يحارب الحقيقة الإسلامية بسيوفه المفلولة وشبهاته الضئيلة، ثم يرجع خائبًا بغير جدوى. وقد عاد اليوم من جولة يدفعه إليها نفر من المتأثرين بكتب الداعين إلى معاداة دين سيد المرسلين، سقطوا على ما فيها من تضليل فالتقطوا منه ما راق لهم، وظلوا يعرضونه على أنظار قرائنا وأسماع الطلاب من أبنائنا، زاعمين أنه بضاعة جديدة هي ثمرات قرائحهم ونتائج أفكارهم، محاولين بذلك تقويض بناء قامت فضائله الشامخة على أساس متين من الحقائق الراسخة، فاستاء من عملهم هذا أهل العلم الصحيح والأدب الصريح. ومن هذه الكتب رسالة عنوانها «في الشعر الجاهلي» عُرف صاحبها بالتعصب لكل ما فيه كيد للإسلام وحط من جلاله وفضائل عظمائه وآله. وقد احتوت هذه الرسالة على مزاعم وأباطيل يجمعها كلها وصف واحد هو الاستخفاف بالحقائق والتعصب لعقيدة خاصة افتتن مؤلف الرسالة بها. فانبرى له حضرة العالم المحقق والفهامة المدقق (السيد محمد الخضر حسين التونسي من علماء الجامع الأزهر بمصر وجامع الزيتونة بتونس) فحلل هذه الرسالة تحليلًا علميًّا نزيهًا، رد فيه ما انتحله إلى أهله، وعاد به إلى أصله، ودحض الأباطيل بالأدلة الواضحة، ونبه إلى مغامز الكتاب المردود عليه، ودل على المرامي التي يرمي إليها، وأبان عن موطن ضعفه ومكامن سخفه. ولعمري إنه قد خدم بهذا العمل الجليل العلم المتين والأدب الرفيع خدمة تحول بها شر الكتاب المردود عليه إلى خير. جزاه الله عن الدين والعلم والحق أفضل ما يجزي به عباده الصالحين المخلصين. وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.