الخديو إسماعيل
لن نقتصر في دراستنا لعصر إسماعيل على إظهار أوجه الشبه بين حركة الترجمة في هذا العصر وعصر محمد علي باشا، بل سنبين أيضًا الجديد في خطة الحكومة وأغراضها.
(١) بين الوالي والخديو
ذكرنا من قبل أن محمد علي باشا كان يستعمل اللغة التركية دون سواها، وأشرنا إلى حاجته إلى المترجمين والكتب المترجمة، وبالرغم من التدابير التي اتخذها في هذا السبيل فقد شعر بنقص من جراء عدم معرفته اللغات الأوروبية في وقت يسيطر فيه النفوذ الغربي على العالم المتمدن، وحاول إزالة هذا العجز في تربية أحفدته. فعلمهم لغة أوروبية علاوة على اللغتين التركية والعربية، وأرسل بعضهم إلى أوروبا مع أعضاء البعثات؛ ليختلطوا بالغرب، ويألفوا عقلية الغربيين وعاداتهم.
ولما أصيب الخديو إسماعيل في الرابعة عشرة من عمره برمد صديدي أرسل إلى فيينا ليعالج فيها، ويربى في الوقت نفسه تربية أوروبية، وقضى هناك عامين تحسنت صحته فيها فأمر جده بانتقاله إلى المدرسة المصرية بباريس؛ فأتقن إسماعيل هناك اللغة الفرنسية إتقانًا تامًّا.
(٢) الترجمة وتعليم اللغات الأجنبية في المدارس
(٢-١) حالة التعليم في أوائل عصر إسماعيل
لم يكن في سنة ١٢٧٩ (١٨٦٣) في القطر المصري من مدارس سوى مدرسة ابتدائية ومدرسة تجهيزية ومدرسة الطب والصيدلية والولادة والمدرسة الحربية، وكانت جميعًا في حالة سيئة من حيث كيانها ونظامها والتعليم والتربية فيها، وبالإيجاز لم يكن في الفترة ما بين سنة ١٨٤٨ وسنة ١٨٦٣ كثير من المصريين ذوي الكفاية للقيام بأعباء التعليم. مما اضطر إسماعيل طوعًا أو كرهًا إلى الاستعانة برجال العصر القديم. فقد ولاهم المناصب العليا؛ فوكل إلى أدهم باشا وزارة المعارف، وإلى علي باشا مبارك إدارة مدرسة المهندسخانة، أما رفاعة بك فلم يعد إلى رياسة مدرسة الألسن التي انضمت إلى مدرسة الإدارة، ولكنه عين مديرًا لقلم الترجمة بوزارة المعارف، وعضوًا بديوان المدارس.
وليس المجال ذا سعة للتعليق على ما أدخله إسماعيل من تعديل وتوسيع في نظم التعليم، وإننا لنقتصر على بسط الإجراءات التي اتخذت في سبيل نشر العلم، والتي لها صلة مباشرة بحركة الترجمة في هذا العصر (وسنبسط الحديث فيما بعد عن المدارس التي اهتمت بوجه خاص بتعليم اللغات لخدمة الترجمة.)
- (١) أصبح من أهم أغراض التعليم في عصر إسماعيل تدريس اللغات الأوروبية.٢
- (٢) عدل الخديو عن إعادة مدرسة الألسن مدرسة مستقلة فأدمجها في مدرسة الإدارة التي صارت فيما بعد مدرسة الحقوق، ومما هو جدير بالذكر أن إسماعيل لم يصدر أمرًا كتابيًّا بإعادة مدرسة الألسن؛ بل اكتفى بإصدار أمر شفوي كما يتضح من الرسالة المبعوثة إلى كتاب الحسابات بتاريخ ١٣ صفر سنة ١٢٨٤ ٣ ومنطوقها: «إنه بناء على الإرادة الشفهية الصادرة إلينا عن تشكيل مدرسة ألسن وإدارة ملكية مركبة من ثلاثين تلميذًا بمصر.» هذا ولم يتخرج منها ما خرجته مدرسة الألسن في عهد محمد علي من حيث العدد والكفايات.
- (٣)
إن معظم المترجمين الذين استخدمتهم الحكومة في أوائل عهد إسماعيل تخرجوا في مدرسة الألسن التي أنشأها محمد علي باشا.
- (٤) قبل إنشاء مدرسة الألسن والإدارة كان يجري تمرين التلامذة في بعض المدارس العليا على أعمال الترجمة، كما يتضح ذلك من الرسالة المؤرخة ٣ جمادى الثانية سنة ١٢٨٣ إلى الرصدخانة والمهندسخانة٤ «كتب الخوجة الفرنساوي بأن تلامذة الفرقة الثالثة صاروا متقدمين، ومرغوب تمرينهم في التراجم من اللغة المذكورة إلى اللغة العربية، وأن الترجمة تحتاج لاستعمال قواميس. فطلب عشرة قواميس بقطر (إلياس بقطر) وقاموس كازيمرسكي عربي فرنسي.»
- (٥)
لم يقتصر تعليم اللغات في المدارس — إذا استثنينا اللغتين العربية والتركية — على لغة واحدة. فكان الطلبة يتعلمون أحيانًا النمساوية أو الإنجليزية. حتى إن الخديو فكر في تعميم اللغة النمساوية كما شرع في تدريس اللغة الحبشية، وأخذت بعض المدارس الأوروبية تدرس خمس لغات أو ستًّا في برامجها مع الإقلال من الفنون الأخرى.
- (٦)
كانت جميع المدارس الابتدائية والتجهيزية والخصوصية تعلم طلبتها اللغة الفرنسية، وكان تدريس هذه اللغة مقصورًا في بادئ الأمر على مدارس العاصمة. فلم تمض فترة وجيزة حتى عممها الخديو، وجعلها تشمل مدارس الأقاليم، وكان غرضه من ذلك وضع أساس متين يساعد الطالب على فهم ما يدرسه عند الضرورة.
- (٧)
اهتم إسماعيل بتعليم اللغة الفرنسية، وذلك بالنظر إلى أهمية مركز فرنسا الدولي وقتئذ وضعف النفوذ الإنجليزي في مصر، يضاف إلى ذلك إلى أن اللغة الفرنسية كانت منذ عهد محمد علي باشا لغة التخاطب بين الجاليات الأجنبية حتى إن المدارس الأمريكية والإيطالية واليونانية كانت تعلمها لتلاميذها.
- (٨)
كان عدد الأساتذة الإفرنج قليلًا بالنسبة لعدد المدرسين والمدارس، ومن العجب أن الحكومة لم تستغل كفايتهم في معظم الأحوال لتدريس اللغات الأجنبية؛ بل قام بهذه المهمة الدقيقة المدرسون المصريون المتخرجون في مدرسة الألسن في عهد محمد علي باشا. أما الأساتذة الأجانب: فقد استعانت بهم الحكومة في هذا العصر على تدريس الفنون التي أدخلها النظام الجديد، ولم يكن للمصريين خبرة بها.
- (٩) اقتضت الأحوال أحيانًا تعيين معيد أو أكثر لمساعدة المدرسين الإفرنج، ولكن ظل عددهم قليلًا؛ لأن الحكومة لم ترغب في الإكثار منهم. فقد حدث أن شكا المدرس الفرنسي بالمدرسة التجهيزية من عدم معرفة التلاميذ اللغة الفرنسية وعدم معرفته هو اللغة العربية، وطلب تعيين معيد له لتعريف التلاميذ ما يلقيه من الدروس، فلم تعين الحكومة معيدًا خاصًّا؛ بل كتبت للمدارس الحربية تطلب تعيين أحد المصريين الملمين باللغة الفرنسية؛ ليذهب وقت الدرس.٥
- (١٠) وسواء أكان تدريس الفنون باللغة العربية أم بلغة أجنبية فإن الحاجة أصبحت شديدة إلى الكتب المعربة لبطء حركة التأليف. فاقتضت الضرورة إنشاء أقلام للترجمة في بعض المدارس، وهذه رسالة مؤرخة ٢ ذي الحجة سنة ١٢٨١ من ناظر المدارس الحربية «يستعجل فيها موافقة الديوان على تشكيل قلم للترجمة تحت رياسة سليمان فوزي باش مترجم ورئيس التحريرات.»٦
المدارس | اللغات الأجنبية المقررة | عدد المدرسين | عدد الأجانب منهم | المواد التي يعلموها أو صنعتهم |
---|---|---|---|---|
المهندسخانة | الفرنسية والإنجليزية والتركية والألمانية | ١٥ | ٣ | الفنون |
الألسن والإدارة | التركية والفرنسية | ٦ | ١ | المدير |
المساحة والمحاسبة | الفرنسية | ٣ | ||
التجهيزية | الفرنسية والإنجليزية | ٢٤ | ٢ | الرسم |
اللسان المصري القديم | القبطية والحبشية والألمانية | ٣ | ٣ | |
الفنون والصنائع | الفرنسية والإنجليزية | ١٢ | ٥ | الفنون |
الطب والصيدلة | ١٤ | |||
الولادة | ٦ | ١ | الناظرة | |
المدارس الابتدائية | الفرنسية والإنجليزية والألمانية | |||
رأس التين | الفرنسية والإنجليزية | ١٦ | ٢ | الفنون |
(٢-٢) أعمال الترجمة وتدريس اللغات في بعض المدارس الخصوصية
مدرسة الألسن والإدارة
أسست سنة ١٢٨٥ (١٨٦٨) بأمر شفوي كما ذكرنا من قبل، ولم نقف بالضبط على تاريخ إلغائها، ولكن إحصاء المدارس الذي نشره أمين سامي باشا في كتاب التعليم يدل على أن المدرسة ألغيت قبل سنة ١٢٩٢، إذ ورد في هذه السنة اسم «مدرسة الحقوق والإدارة»، وذكر بعض المؤلفين أنه أعيد فتحها في سنة ١٢٩٥ (١٨٧٨)، وسنتكلم عليها بالتفصيل في العهد القادم.
مدرسة الفنون والصنائع
المدارس الحربية
ومن جهة أخرى كان المدرسون الإفرنج في حاجة إلى المعربين؛ لتعريب ما ينطقون به، وما يكتبونه من محاضرات، أو مقالات؛ لنشرها في الصحف الحربية.
ويلوح أن قلم الترجمة بالجهادية لم يستطع القيام بجميع الأعمال التي أسندت إليه (ونقول هنا: إن أكثر الكتب المطبوعة في الفنون العسكرية ظهرت في أيام إسماعيل) فطلب ناظر المدارس الحربية في خلال سنة ١٢٨١ إنشاء قلم ترجمة خاص بمدارسه، ولم نهتد إلى الأمر المتعلق بإنشاء هذا القلم.
مدرسة اللسان المصري القديم
مدرسة الطب
مدرسة البحرية
المدارس الأوروبية
(٣) الترجمة في المصالح والدواوين
(٣-١) وجوب استعمال اللغة العربية
ظلت اللغة التركية حتى أوائل عصر إسماعيل لغة البلاد الرسمية، وقد وطد الخديو عزمه لأغراض اجتماعية وسياسية على إبطال استعمالها في المصالح والدواوين، وإحلال اللغة العربية محلها.
وتلك الأغراض ملموسة، ولو أنها غير مثبتة في الوثائق الرسمية. فقد أراد الخديو إلغاء قيد من القيود التي كانت تربط مصر بالباب العالي، وذلك بالتخلص تدريجًا من خدمة الموظفين الأتراك، كما أنه أراد إفساح مجال العمل لأبناء البلاد المتعلمين، وتكوين طبقة من الموظفين الأهليين ينافسون الأتراك في الوصول إلى المناصب العالية، وكان وجوب استعمال اللغة العربية في مصالح الدولة أمضى سلاح وضعه الخديو في أيدي المصريين.
(٣-٢) الأمر سابق لأوانه
(٣-٣) نفوذ الجاليات الأجنبية وإنشاء أقلام الترجمة
وإذا كان نفوذ الجاليات الأوروبية قد تضاءل في عهد عباس باشا فإنه استشرى في عهدي سعيد وإسماعيل، وبلغ عدد الأجانب سنة ١٨٧٩ مائة ألف نسمة، وساعد فتح قناة السويس ومدُّ السكك الحديدية والأسلاك البرقية وغير ذلك على ازديادهم نشاطًا. فتعاطوا التجارة والصناعة، وأسسوا المصارف والشركات، ودخلوا في خدمة الحكومة مديرين أو فنيين ولا سيما بعد أن اضطربت الحالة المالية، وكثرت الديون، وعجزت خزانة الدولة عن الدفع. فبديه أن يزداد استعمال اللغات الأجنبية في البلاد، والدواوين الحكومية خاصة.
مصلحة البريد وفائدة الأقلام الإفرنجية
ويجب ألا نغض من فائدة الأقلام الإفرنجية فإن أعمال بعض المصالح الحكومية كالبريد والجمرك كانت كلها باللغة الأجنبية، ولكي يتضح ذلك اتضاحًا مقنعًا نذكر كيف أنشئت مصلحة البريد.
قلم الترجمة بالمعية السنية
(٤) الترجمة في المحاكم
(٤-١) المحاكم التجارية المختلطة
سبق أن ألمعنا إلى المحاكم التجارية المختلطة في عهد سعيد باشا، وقلنا: إنها كانت في عصر إسماعيل مقصورة على الإسكندرية والقاهرة، وكانت محكمتا التجارة في القاهرة والإسكندرية مختصين بالنظر في القضايا التجارية بين بعض الأجانب والأهالي، وكان كل من هاتين المحكمتين مؤلفة من رئيس وطني ومن محلفين وطنيين ومحلفين أجنبيين، وكان لدى كل محكمة مترجم.
(٤-٢) تنظيم القضاء وإنشاء المحاكم المختلطة
فكر إسماعيل أول عهده، في إلغاء المحاكم التجارية وإبدالها بمحاكم مختلطة منظمة تنظر قضايا الأجانب جميعًا، ولكن تركيا وفرنسا وقفتا في سبيل هذا المشروع فلم تنته المفاوضات إلا في سنة ١٨٧٥، ولما كانت اللغة الغالبة على قضاة تلك المحاكم هي اللغة الفرنسية أو الإيطالية، جرت المرافعات بهاتين اللغتين، ولا سيما الأولى منهما، وإن كانت اللغة العربية مقررة رسميًّا بمقتضى لائحة الترتيب النظامية. فكان لوجود تلك المحاكم أثر محسوس في نشاط حركة الترجمة في مصر.
(٤-٣) نقل القوانين الحديثة
كانت البلاد مفتقرة أيضًا إلى القوانين. فصار من أهم أعمال المترجمين نقل القوانين الحديثة عن الفرنسية وهي المعروفة ﺑ «كود» نابليون طبعت بمصر سنة ١٢٨٣ (١٨٦٦) في ثلاثة مجلدات منها: القانون المدني نقله رفاعة بك، وعبد الله بك أبو السعود، وأحمد حلمي، وعبد الله أفندي، وقانون المحاكمات وقانون الحدود والجنايات، وترجم رفاعة بك أيضًا قانون التجارة الفرنسي، وهذا هو أساس المنقولات القضائية الجديدة، وكذلك ترجمت في ذلك العهد قوانين المحاكم المختلطة إلى العربية، وطبعت بمصر سنة ١٢٩٣ (١٨٧٦).
(٤-٤) القضاة
(٥) الترجمة في الصحافة
كان عدد الصحف المنتشرة في عصر إسماعيل سبعًا وعشرين، تسع منها باللغة العربية وواحدة باللغتين التركية والعربية، وواحدة باللغة العربية والفرنسية والإيطالية، وبقية الصحف باللغة الفرنسية أو الإيطالية أو اليونانية.
وكانت الوقائع المصرية تطبع باللغة التركية والعربية، وكانت النسخة التركية «روزنامة وقائع مصرية» مطابقة تمام المطابقة للنسخة العربية من حيث الشكل والموضوع معًا.
(٦) أعيان مترجمي هذا العصر وأشهر ما ترجموه
برز في عصر إسماعيل عدد غير قليل من المترجمين، لمعت أسماء بعضهم في مناصب عالية، وظل الآخرون يؤدون عملهم في المدارس والدواوين، وكان أشهرهم قد تخرجوا في مدرسة الألسن بين سنة ١٢٥١ وسنة ١٢٥٨ أي في عهد محمد علي باشا. فأتقنوا لغاتهم، وأدوا عملًا لا يستهان به.
-
رفاعة بك: كان رفاعة بك في هذا العصر رجلًا أدركته الشيخوخة، وأنهكته الأعمال
الكثيرة، واعتراه القنوط. هذا إلى أن ما أصابه من عداوة عباس باشا
وإهمال سعيد باشا كان سببًا في خمود نشاطه، وحاول إسماعيل اعترافًا
بكفايته وخدماته الجليلة أن يعوضه عما أصابه في هذين العهدين؛ فمنحه
هبات مالية، وعينه رئيسًا لقلم الترجمة بديوان المدارس وعضوًا في مجلس
هذا الديوان، وكان يعهد إليه ببعض الترجمات المستعجلة أو
المهمة.
ومن بين ما اطلعنا عليه من الوثائق الأمر الكريم الصادر إلى مدير ديوان المدارس بتاريخ ١٩ ربيع الأول سنة ١٢٨٢٣٢ وهو يتضمن أنه «بناء على التماس حكمدار السودان يكلف رفاعة بك بترجمة الباقي من كتاب ملطبرون (الجغرافي) ويعهد إليه أيضًا أمر ترجمة كتاب الربان (إسبيك) الإنجليزي المرسل نسخة إفرنسية منه، والباحث في شئون سكان وادي النيل من منبعه إلى مصبه؛ ليرسل إليه بعد طبعه ٥٠ نسخة عربية منه لتدريس تلاميذ المدارس السودانية، وتوزيعها على الضباط والموظفين الملكيين.»ولكن رفاعة بك لم يعد قادرًا على أن ينتج في هذا العصر ما كان ينتجه في عصر محمد علي باشا، ومن ترجماته في هذا العهد:
- القانون المدني (الجزء الأول من الكود الفرنسي) بالاشتراك مع عبد الله بك أبو السعود رئيس قلم الترجمة، وأحمد حلمي بك، وعبد السلام أفندي. طبع سنة ١٢٨٣.
- قانون التجارة الفرنسي. طبع سنة ١٢٨٥.
-
السيد صالح مجدي بك (باشا): ولد سنة ١٨٢٧ وتوفي سنة ١٨٨٨. تلقى مبادئ العلم بمدرسة حلوان، ثم
انتقل إلى مدرسة الألسن فأتقن العربية، ودرس الفرنسية، ومهر في الترجمة
على يد أستاذه رفاعة بك، ثم التحق بقلم الترجمة، وكانت كتب التدريس في
العلوم الرياضية يومئذ لا يزال معظمها باللغة الفرنسية، فتخصص في
ترجمتها، ثم أحيل في سنة ١٢٧١ إلى ألاي المهندسين والكبورجية، وتولى
ترجمة ما طلبت ترجمته من الفنون الحربية وتصحيحه، وانتقل في عهد
إسماعيل إلى قلم الترجمة وتولى رياسته، ولما أنشئت المحاكم المختلطة
عين قاضيًا بمحكمة مصر، وشغل هذا المنصب حتى توفي، وكان صالح بك يحسن
الإنشاء وفنون الكتابة، ومن أهم مترجماته:
- كشف رموز السر المصون في تطبيق الهندسة على الفنون (الجزء الثاني فقط) طبع سنة ١٢٦٢.
- الدر المنثور في الظل المنظور. نقله من اللغة الفرنسية (جزآن في مجلد واحد). طبع سنة ١٢٦٩.
- النخبة الحسابية للمدارس العسكرية، طبع سنة ١٢٦٩.
- بغية الطلاب في قطع الأحجار والأخشاب. نقله من اللغة الفرنسية. (مجلدان) الأول: يحتوي على المتن، والثاني: به خمس وعشرون لوحة بها أشكال الكاتب. طبع سنة ١٢٧٠.
- الروضة السندسية في الحسابات المثلثية. طبع سنة ١٢٧٠.
- طوالع الزهر المنيرات في استكشاف الترع والنهيرات. طبع سنة ١٢٧٤.
- ميادين الحصون والقلاع ورمي القنابل باليد. طبع سنة ١٢٧٥.
- تذكير المرسل بتحرير المفصل والمجمل. طبع سنة ١٢٧٦.
- المطالب المنيفة في الاستحكامات الخفيفة. طبع سنة ١٢٢٨.
- استكشافات عمومية.
- الاستحكامات القوية.
- كتاب الطوبوغرافية والجيولوجيا.
- كتاب في الميكانيكا النظرية.
- كتاب في الميكانيكا العملية.
- كتاب في حساب الآلات.
- كتاب في حفر الآبار.
- رسالة في الأرصاد الفلكية من تأليف آراجو.
-
عبد الله أبو السعود بك: أول صحفي سياسي ظهر في تاريخ مصر الحديث، تلقى العلم في مدرسة
البدرشين، ثم انتقل إلى مدرسة الألسن، وتخرج فيها على يد رفاعة بك،
وأتقن اللغات العربية والفرنسية والإيطالية، وارتقى في المناصب حتى صار
في عهد إسماعيل باشا رئيسًا لقلم الترجمة، وعلاوة على ما ألف ترجم
عددًا من الكتب نذكر منها:
- نظم اللآلئ في السلوك في من حكم فرنسا من الملوك. نقله من اللغة الفرنسية، وجعل في آخره جدولًا زمنيًّا يتضمن مقابلة تاريخ الهجرة بتاريخ الميلاد. طبع سنة ١٢٧٥.
- قناصة أهل العصر في خلاصة تاريخ مصر، ويعرف بتاريخ قدماء المصريين. تأليف أوغست مارييت بك. ترجمه من الفرنسية بأمر من نظارة المعارف المصرية، وضم إليه على سبيل الختم ضميمتين، إحداهما: فهرست المسائل التاريخية الواردة به، والثانية: فهرست الأعمال الغريبة الواردة فيه. طبع سنة ١٢٨١.
- ترجمة القانون المدني من الكود الفرنسي بالاشتراك مع رفاعة بك. طبع سنة ١٢٨٣.
- قانون المحاكمات والمخاصمات في المعاملات الأهلية المعتادة. عربه من الكود الفرنسي بالاشتراك مع حسن أفندي فهمي. طبع سنة ١٢٨٣.
- الدرس المختصر المفيد في علم الجغرافية الجديد. تأليف قورتانبير الفرنسي. طبع سنة ١٢٨٦.
- فرجة المتفرج على الأنتيقة خانة الخديوية الكائنة ببولاق مصر المحمية، وهي عبارة عن وصف نخبة الآثار القديمة المصرية الموجودة والفرنسية والإيطالية، وارتقى في المناصب حتى صار في عهد إسماعيل باشا رئيسًا في خزينة المتحف العلمية المصرية. طبع سنة ١٢٨٦.
- باشر ترجمة تاريخ عام مطول واسمه: «الدرس التام في التاريخ العام». طبع منه قسم سنة ١٢٨٩.
- ترقية الجمعية بالكيمياء الزراعية، أو تدفق الجماعة لتطبيق الكيميا على الزراعة. تأليف فيليكس ملجوتي الفرنسي. طبع سنة ١٢٩٠.
- تاريخ الديار المصرية في عهد الدولة المحمدية العلية، وهو القسم الثالث من الكتاب المسمى: «فوائد جغرافية وتاريخية عن الديار المصرية». تأليف برنار الفرنسي. طبع سنة ١٢٩٢.
-
أحمد بك ندى: اشتهر بالصيدلة، وتلقى هذا الفن في قصر العيني، ثم سافر إلى باريس مع
البعثة الخامسة للتفقه فيه، ودرس صناعة الصابون وشمع العسل، وعين بعد
عودته أستاذًا للتاريخ الطبيعي، ثم مترجمًا للدكتور جاستينيل بك
الكيماوي، وما زال عاملًا على التعليم والتأليف والترجمة حتى توفي سنة
١٢٩٤ (١٨٧٧)، ومن مترجماته:
- حسن البراعة في فن الزراعة من تأليف الدكتور فيجري بك، مجلدان يليهما نبذة في المفردات الطبية والاستحضارية الأقرباذينية. طبع سنة ١٢٨٣.
- الحجج البينات في علم الحيوانات، نقله عن الفرنسية. طبع سنة ١٢٨٣.
- نخبة الأذكياء في علم الكيمياء. من تأليف جاستينيل بك. نقله إلى العربية في جزأين صدرا سنة ١٢٨٦ في الكيميا المعدنية وغير المعدنية، وترجم الجزء الثالث في الكيمياء النباتية، والرابع في الكيميا الحيوانية.
- الأزهار البديعة في علم الطبيعة من تأليف جاستينيل بك. ترجمه إلى العربية في جزأين طبعا في سنة ١٢٩١ الأول في الطبيعة، والآخر في الظواهر الجوية.
-
أحمد عبيد بك الطهطاوي: من نوابع خريجي مدرسة الألسن ورئيس قلم الترجمة بوزارة الحربية، وكان
وكيلًا للمحكمة التجارية بالقاهرة، ثم عين قاضيًا بمحكمة الإسكندرية
المختلطة سنة ١٨٧٥، ومن مترجماته:
- الروض الأزهر في تاريخ بطرس الأكبر. تأليف الفيلسوف الشهير بوليتير، ترجمه عن الفرنسية. طبع سنة ١٢٦٦.
- تعليمات البيادة ومناوراتها. ترجمه من الفرنسية. بدون تاريخ.
- تعاليم الخيالة ومناوراتها. ساعده في ترجمته رمضان شكري. طبع سنة ١٢٨٤.
- تعليم السواري. ترجمه بالاشتراك مع مصطفى صفوت وعبد السلام سلمي. طبع سنة ١٢٨٤.
- القانون الخامس، وهو تعليم الأورطة البيادة. طبع سنة ١٢٨٤.
- في تعليم الشرخجية. طبع سنة ١٢٨٥.
-
محمد عثمان جلال بك: واضع أساس القصة الحديثة في الأدب العصري، ولد سنة ١٢٤٥ (١٨٢٩) وتعلم
اللغات في مدرسة الألسن، فهو من تلاميذ رفاعة بك، ثم دخل في سنة ١٨٤٤
في قلم الترجمة، ثم انتدبته الحكومة لأعمال الكتابة في وزاراتها إلى أن
استوزره توفيق باشا.
وكان ميالًا إلى الفن الروائي يجيد ترجمة مؤلفاته مع تمصير ما يترجمه أحيانًا، وكانت تمثل رواياته على المسارح المصرية، وكان بالعامية المصرية مشغوفًا.
وآخر ما تولاه من المناصب منصب القضاء في المحاكم المختلطة في سنة ١٨٨٨، وأحيل إلى المعاش سنة ١٨٩٥، وكانت وفاته سنة ١٨٩٨، وله مؤلفات نقل بعضها من اللغة الفرنسية، وهي:- أمثال لافونتين. نظمها بالشعر ودعاها «العيون اليواقظ في الأمثال والمواعظ».
- التحفة السنية في لغتي العرب والفرنسوية.
- رواية پول وفرجيني.
- رواية «تارتوف» للكاتب الفرنسي موليير عربها بتصرف، وسماها: «الشيخ متلوف» بعد أن أسبغ عليها مسحة مصرية.
- الروايات المفيدة في علم التراجيدة. نظم الروائي الفرنسي راسين، ونقلها إلى اللغة العربية العامية نظمًا.
- الأماني والمنية في حديث قبول وورد جنة.
- محمد قدري باشا: ولد سنة ١٨٢١ من أب أناضولي وأم مصرية، وتلقى التعليم الأولي بمكتب ملوي، ثم التحق بمدرسة الألسن على عهد رفاعة بك. فظهر نبوغه وميله إلى العلم والترجمة، وبعد أن تخرج فيها جعل مترجمًا مساعدًا بها، واتجه ميله إلى دراسة علوم الفقه ومقابلة الشريعة الإسلامية بالقوانين الأوروبية، وظل يشغل منصب الترجمة في الحكومة إلى أن قربه الخديو إسماعيل، واختاره مربيًا للأمير محمد توفيق. ثم عين بالمعية في المحكمة التجارية بالإسكندرية. ثم كان رئيسًا لقلم الترجمة بوزارة الخارجية، واشترك في ترجمة الكود؛ فترجم قانون الحدود والجنايات، واختص كذلك بترجمة قوانين المحاكم المختلطة تمهيدًا لوضع قوانين المحاكم الأهلية الجديدة، وجعل مستشارًا بمحكمة الاستئناف المختلطة، وتولى وزارة الحقانية في وزارة شريف باشا سنة ١٨٨١، وتوفي سنة ١٨٨٦.
- محمود حمدي باشا الفلكي: (١٨٠٥–١٨٨٥) تعلم في مدرسة الإسكندرية، وانتقل منها إلى غيرها من المدارس الأميرية، وكان يميل إلى الرياضيات. فأرسلته الحكومة إلى أوروبا سنة ١٨٥١ للاستزادة منها، ونال عليا الشهادات الدراسية، وتولى بعد ذلك التدريس في المهندسخانة، ولم يتخذ الترجمة حرفة، ولكن مؤلفاته كان بعضها يظهر باللغة الفرنسية وبعضها باللغة العربية. فكان عند علماء الإفرنج أثيرًا، ومما ترجمه: «حسن التفاضل والتكامل» من تأليف شفيق منصور يكن بك. طبع سنة ١٣٠٠.
- إسماعيل مصطفى باشا الفلكي: كان مولعًا بالرياضيات، وقد أرسلته الحكومة إلى باريس لإتقان تعلمها، وهو يعد من مشهوري علماء هذا العصر، وترجم كتاب «التحفة المرضية في المقاييس والموازين المترية» وشاركه في ترجمتها صادق بك شنن، وله تقاويم فلكية كان ينشرها كل عام باللغتين العربية والفرنسية.
- حسن بك عبد الرحمن: تخرج في مدرسة الطب بقصر العيني، ثم تولى تدريس التشريح فيها، ونبغ في هذا الفن وترجم كتاب: «القول الصحيح في علم التشريح» طبع سنة ١٢٨٣ بإرشاد محمد علي باشا البقلي الذي كان ناظرًا لمدرسة الطب، وتوفي سنة ١٢٩٢ (١٨٧٥).
-
عبد الرحمن علي بك: توفي سنة ١٣٠٦ ومما ترجمه:
- تذكار الشجعان في إصابة النيشان. طبع سنة ١٢٨٩.
- غنيمة العسكرية في بعض قواعد حربية. طبع سنة ١٢٨٩.
- الأزهار الرياضية في الأعمال الطوبوغرافية. طبع سنة ١٢٩١.
- خليفة محمود أفندي: من خريجي مدرسة الألسن، ومن أنبغ تلاميذ رفاعة بك. التحق بقلم الترجمة، وصار رئيسًا للقسم الخاص بترجمة التاريخ والأدب، وله مترجمات كثيرة في علم التاريخ منها: «إتحاف الملوك الألبا بتقدم الجمعيات في بلاد أوروبا، وهو مقدمة لتاريخ الإمبراطور شارلكان إمبراطور ألمانيا وملك إسبانيا لروبيرتسون وليم المؤرخ الإنجليزي.» طبع سنة ١٢٥٨ وأعيد طبعه سنة ١٢٦٦ بعنوان «إتحاف ملوك الزمان بتاريخ الإمبراطور شارلكان» وألف كتاب: «قلائد الجمان في فوائد الترجمان» وهو كتاب لتعليم كل من اللغات العربية والتركية والفرنسية. طبع سنة ١٢٦٦.
- حسين حسني باشا: من خريجي مدرسة المهندسخانة بالقاهرة. تولى تدريس العلوم الرياضية بها، ثم انتقل إلى مطبعة بولاق سنة ١٢٦٨ كاتبًا ومصححًا بالوقائع المصرية، وارتقى في وظائف مطبعة بولاق حتى أصبح ناظرًا لها، ولم يعد من المترجمين إلا أنه ترجم من اللغة التركية إلى اللغة العربية كتاب «الدر النثير في النصيحة والتحذير» طبع سنة ١٢٩١، وهو يشمل حكايات حكمية على لسان الحيوانات.
- حسن محمود باشا: (١٨٤٨–١٩٠٦) تلقى علومه بالمدرسة الحربية. ثم أوفدته الحكومة سنة ١٨٦٢ في بعثة مدرسية إلى ألمانيا لدراسة الطب، وعاد سنة ١٨٧٠ فعين أستاذًا للتشريح في مدرسة قصر العيني إلى أن صار ناظرًا لها، وله مؤلفات أبحاث قيمة، وهو الذي ترجم «كتاب في الرمد الصديدي» تأليف الدكتور روثيريو الكحال. طبع سنة ١٢٩٥ وأعيد طبعه سنة ١٣٠٨.
- أحمد بك: من تلاميذ البعثة الأولى. تخصص في فرنسة لدراسة الفنون الحربية، وترجم كتاب: «النخبة السنية في الأصول الهندسية» لصادق بك شنن. طبع سنة ١٢٩٩ وأعيد طبعه سنة ١٣٠٣.
- جليلة تمرهان: وهي حبشية الجنس. دخلت والدتها مدرسة القوابل لتلقي فن القبالة فيها، ولما ماتت خلفتها ابنتها جليلة هذه، وألفت في هذا الفن كتابًا اسمه: «محكم الدلالة في أعمال القبالة» طبع سنة ١٨٢١، وهو منقول عن كتاب إفرنجي، ونشرته في مجلة اليعسوب.
- محمد أحمد بن عبد الرازق: أحد مدرسي اللغة الفرنسية في المدارس الملكية المصرية توفي سنة ١٢٩٠. ترجم كتاب: «غاية الأرب في خلاصة تاريخ العرب» من تأليف المؤرخ الفرنسي سيديللو. طبع سنة ١٢٨٩.
- محمود فهمي أفندي: لا أدري أهو محمود فهمي باشا الذي صار فيما بعد قائدًا عسكريًّا وأحد أقطاب الثورة العرابية؟ فقد ذكر على ظهر المجلد الذي ترجمه من الفرنسية سنة ١٢٧٥، وهو «جامع المبادئ والغايات في فنِّ أخذ المساحات» أنه أحد خوجات مدرسة المهندسخانة السعيدية، وإذا كان قد ولد سنة ١٢٥٥ فلعله نال شهاداته العليا في سِن العشرين، وعين على الفور مدرسًا للهندسة، ومعلوم أن علم الهندسة ولا سيما في ذلك العصر كان وثيق العلاقة بالفنون العسكرية.
هؤلاء هم الذين برزوا في هذا العصر في فن الترجمة، وقد عرفنا أسماء مترجمين آخرين إلا أننا لم نقف على سيرتهم، وهم:
- علي أفندي عزت: مدرس رياضة بالمهندسخانة له ترجمة كتاب «حسن الصيغة في علم الطبيعة» (مجلدان) طبعا سنة ١٢٧٠.
- زيور أفندي: «بالمعية السنية رسالة في المقاييس والمكاييل العملية بالديار المصرية» وضعها محمود حمدي باشا الفلكي باللغة الفرنسية. طبع سنة ١٢٩٠.
- أحمد زكي: أحد معلمي الرياضة واللغة الفرنسية بالمدارس الحربية له ترجمة كتاب: «اللآلئ السنية في تعليم قراءة الخرط الطوبوغرافية». طبع سنة ١٢٩٠.
- بشارة شديد: ترجم «رواية الكونت دي مونتي كريستو» تاليف اسكندر دوماس (أتى بعباراتٍ بسيطة؛ ليكون ذلك سهلًا على عامة الناس.) طبع سنة ١٢٨٨.
- إبراهيم مصطفى «البياع الصغير»: ترجم كتاب سياحة الهند تأليف أوبيرثولد، وهو مختصر جمع غرائب الآثار الهندية القديمة وعادات أهلها. طبع سنة ١٢٦٥.
- حنين نعمة الله الخوري: ترجم كتاب: «التحفة الأدبية في تاريخ تمدن الممالك الأوروبية». تأليف «جيزه» طبع سنة ١٢٩٤.
- حسن عاصم: ترجم خطبة رينان التي جعل موضوعها «الدين الإسلامي والأمة العربية» (ولم نقف على هذه الخطبة.)
- أحمد نجيب: له كتاب «العقد النظيم في مآخذ جميع الحروف من اللسان القديم» هو ترجمة كتاب المسيو بروكش ناظر مدرسة اللسان القديم. طبع سنة ١٢٨٩.
- سليمان رؤوف أفندي: له المجلد الأول من كتاب ترجمة تعليمنا مه. عساكر بيا دكان. من اللغة العربية إلى اللغة التركية.
- نخلة صالح: له كتاب «الدرة الحقيقية البهية أو خروج الإسرائيليين من مصر والآثار المصرية وما أورده عنها هنري بروكش بك وكيل المدارس المجانية بمدينة مصر» (مطبوعة ومعها النص الفرنسي.) طبع سنة ١٨٧٤.
- مراد مختار أفندي: ناظر الكتبخانة الخديوية سابقًا له: «قصة أبي علي بن سينا وشقيقه أبي الحارث، وما حصل منهما من نوادر العجائب وشوارد الغرائب». ترجم من التركية. طبع سنة ١٢٩٧، وأعيد طبعه سنة ١٣٠٥.
- عيسى ندور وسعيد البستاني: المترجمان بقلم الإحصاء لهما ترجمة «مبادئ فيما يتعلق بالديار المصرية من الإحصاء من سنة ١٨٧٢ إلى سنة ١٨٧٧. محررة بمعرفة قلم الإحصاء بنظارة الداخلية» طبع سنة ١٢٩٦ (جزآن في مجلد).
- جرجس بن هليا: له كتاب: «الفلاحة الروسية اليونانية». تأليف قسطوس لوقا الرومي نقله من اللغة اليونانية. طبع سنة ١٢٩٣.
- محمد سليمان: مدرس اللغة الإنجليزية له ترجمة: «قوانين وترقيات تتعلق بالسكة الحديدية». طبع سنة ١٢٨٦.
- سلميان سليمان: له ترجمة: «كتاب تعليم السواري الإنجليزي» طبع سنة ١٢٧٥.
- حسن مظهر: له ترجمة: «كتاب تعليم مدفع عيار ٤ ششخانة» طبع سنة ١٢٨٤.
- أحمد حمدي: أحد مدرسي المدرسة الحربية له ترجمة: «كتاب النبذة السنية في تعبئة الجيوش العصرية» تأليف أدمون هورفلير. طبع سنة ١٢٨٨.
-
محمد عثمان: له ترجمة كتاب: «حكم ونصائح في فن العسكرية».
«قانون الحرب». حرره رئيس عموم أركان حرب الجيش المصري ستون باشا سنة ١٨٧٢.
- محمد أفندي بن أحمد بن صدقي: له كتاب: «ملجأ الطباخين» ترجم من اللغة التركية. طبع سنة ١٣٠٤.
- كجاردو بك: ترجم قانون المسيو منولي الأفوكاتو الفرنسي. طبع سنة مترجم بنظارة الحقانية ١٢٩٠.
- نجيب بحري أفندي: ترجم كتاب: «الأسلوب الوجيز في لغة الإنجليز» جمع المستر بورك مدرس اللغة الإنجليزية بالمدارس الحربية المصرية. طبع سنة ١٢٩٥.
- محمد خلوصي: معيد إنجليزي.
- محمد ثابت: مدرس ومترجم.
- إسكندر أفندي: رئيس قلم الترجمة بنظارة الخارجية.
- محمد ترابي: مدرس اللغة الإنجليزية.
- حمد الله أمين: مترجم بقلم الترجمة ثم معيد إنجليزي.
- خليل زكي: مدرس اللغة الإنجليزية.
- إبراهيم عارف: معيد نمسوي.
- محمد مختار: مدرس فرنساوي.
- إبراهيم زين الدين: مدرس ثم كاتب بالدواوين، ثم مترجم لمفتش المدارس الملكية.
- محمد وصفي: مترجم ومتخرج في مدرسة اللسان المصري القديم.
- أحمد فخري: شرحه.
- أحمد حسن: شرحه.
- حسين زكي: شرحه.
- إبراهيم متى: شرحه.
•••
أما المستشرقون الذين عاشو في مصر في هذه الفترة فلم نقف منهم إلا على اثنين: البارون دي كريمر، والمسيو كازيمرسكي.
-
كريمر Baron De Kremmer: ولد في ڨينا في مايو سنة ١٨٢٨، وتوفي في ديسمبر سنة ١٨٨٩، ودرس أولًا
الفلسفة، ودرس بعد ذلك العلوم الشرقية، ولما بلغ العشرين من عمره جال
في الشام ومصر، وعين قنصلًا في الشرق مدة طويلة جمع خلالها مجموعة
كبيرة من المخطوطات الشرقية (وهي الآن مودعة في لندن) ترجم الجزء
الأكبر منها، وتولى طبعه ونشره.
وكان مقتدرًا على التأليف في علوم الشعوب الإسلامية؛ لاتصاله المطرد بعلماء القبط والعرب، وعلم اللغة العربية فترة من الزمن في مدرسة المهندسخانة بڨينا، وعين سنة ١٨٥٨ وكيل قنصل، وفي السنة التالية عين قنصلًا في مصر، وبرح الديار المصرية سنة ١٨٦١، ولكنه عاد إليها في سنة ١٨٧٥ قوميسيرًا نمساويًّا لصندوق الدين، وفي فبراير سنة ١٨٨١ ترك خدمة الحكومة، وأتقن دراسة العلوم الشرقية، ونشر بين حين وحين مقالات في الجرائد معظمها عن أحوال مصر، وترأس سنة ١٨٨٦ مؤتمر المستشرقين في ڨينا، ومن أهم ما ترجم:
- مقالات في شعر عبد الغني النابلسي.
- ترجمة ديوان أبي نواس.
- كتاب المغازي للواقدي.
- القصيدة الحميرية لنشوان بن سعيد.
- مقالات في شعر أبي العلاء المعري.
- الأحكام السلطانية للماوردي.٣٣
-
كازيمرسكي Kazimirski: ولد في بولندا، وأقام في فرنسة ونشر فيها مطبوعات شرقية مفيدة، وقد
نقل القرآن الكريم إلى اللغة الفرنسية، وترجمته معروفة بدقتها
وسلالتها، ومن مترجماته:
- كتاب اللغتين العربية والفرنسية، وهو معجم عربي وفرنساوي. طبع بباريس سنة ١٨٤٥، وأعيد طبعه بمصر سنة ١٨٧٥ في أربع مجلدات بعد أن راجعه وصححه عبيد جلاب.
- حكاية أنيس الجليس منتخبة من كتاب ألف ليلة وليلة، ومعها ترجمة فرنسية طبع بباريس سنة ١٨٤٦.
ومن المترجمات الرسمية في هذا العصر:- ترجمة مقالة جليلة حضرت خديو أفخمي في بيان لائحة الانتخاب لأعضاء نواب مجلس شورى النواب وحدود نظاماتها، الصادرة في ١٧ رجب سنة ١٢٨٣ (الوقائع المصرية).
- ترجمة معالي جليلة حضرت خديوي أفخمي في بيان لائحة انتخاب أعضاء نواب شورى ونظاماتهم ١٢٨٣.
- لائحة حدود ونظام نامه مجلس شورى النواب. طبع سنة ١٢٨٣.
- خلاصة تقرير المستر قاوان المتعلقة بسكة الحديد السوداني. طبع سنة ١٢٩٠.
(٧) بين سنة ١٨٨٠ و١٨٩٩
ترددنا كثيرًا قبل أن نشرع في تأريخ حركة الترجمة في العشرين سنة الأخيرة في القرن التاسع عشر.
فإن الفترة بين سنة ١٨٨٠ وسنة ١٨٩٩ ليست إلا شطرًا من عهد الاحتلال الذي يمتد إلى سنة ١٩٢٢، وهو التاريخ الذي اعترفت فيه الدولة المحتلة باستقلال مصر، فغادر معظم الموظفين الأجانب مناصب الحكومة، وابتدأت اللغة العربية تستعيد مكانتها حتى صارت من جديد لغة التعليم والعمل. فنحن أمام أمرين: إما إغفال هذه الفترة بأكملها، وإما دراستها بأكلمها.
على أننا أخيرًا آثرنا بعد أن تعمقنا في دراسة حركة الترجمة في السنوات الثمانين من هذا القرن أن نلم بالفترة الباقية مع التنويه بأشهر المترجمين، وما تركوه من آثار.
•••
ازدهرت الترجمة في العشرين سنة الأخيرة من هذا القرن ازدهارًا لم يكن له مثيل في العصور السابقة، وقد تناولت جميع نواحي الحياة العلمية والاجتماعية والاقتصادية والسياسية والأدبية، وإذا كنا نرى الحكومة في هذه الفترة تستمر في تشجيع المترجمين للانتفاع بقدرتهم على ترجمة الكتب المدرسية، والمراسلات الرسمية، فإننا نجدها مع ذلك لم تتبع سياسة مستقرة في تعليم اللغات، أو إنشاء مدارس الترجمة لإعداد الطلبة، أو إنشاء أقلام الترجمة في المصالح والدواوين، ويلوح أن أهم ما أثر في الحياة العلمية هذا الأثر هو تلك الحالة السياسية المضطربة التي نشأت من تدخل الدول الأجنبية في شئون مصر المالية. ثم تدخل الإنجليز في شئونها السياسية فاحتلالهم لها عسكريًّا إثر ثورة عرابي باشا.
(٧-١) الترجمة وتعليم اللغات في المدارس
قال جرجي زيدان في الجزء الرابع من كتاب تاريخ أدب اللغة العربية: «لما احتل الإنجليز مصر سنة ١٨٨٢ كانت قاعدة التعليم في هذه المدارس اللغة العربية، ومن أراد إتقان اللغات الأجنبية دخل مدرسة الألسن، ومن هذه المدرسة يخرج المترجمون. ثم أخذت الحكومة بعد الاحتلال في تنظيم المدارس على نسق جديد، وأهم ما حدث فيها إقفال مدرسة الألسن، وإغفال البعثات إلى أوروبا، وإبطال التعليم المجاني، وجعل قاعدة التعليم بإحدى اللغتين الإنجليزية والفرنسية، وقلت العناية باللغة العربية رويدًا رويدًا. فبعد أن كانت معظم ساحات التدريس عائدة إلى إتقانها أخذت تتحول إلى اللغات الأخرى تدريجًا حتى صارت ساعات التدريس للعربية أقل من ساعات التدريس لسواها. فضعف شأن اللغة العربية.»
(٧-٢) تقرير علي باشا إبراهيم والترجمة
في شهر مايو سنة ١٨٨٠ قدم المرحوم علي باشا إبراهيم ناظر المعارف تقريرًا إلى رياسة مجلس النظار يشمل عدة اقتراحات؛ لنشر التعليم، وتوسيع دائرته، والنهوض بمدارس نظارة المعارف. فرفعه رياض باشا رئيس مجلس النظار إلى الحضرة الفخيمة الخديوية مقترحًا تشكيل قومسيون (لجنة) لبحثه ورسم الخطة المثلى.
وإذا تعمقنا في بحث هذا التقرير وجدناه منصرفًا بوجهٍ خاص إلى إتقان تعليم اللغات الأجنبية في المدارس الثانوية والخصوصية لإعداد تلاميذ المدارس الأميرية لمزاحمة إخوانهم المتخرجين في المدارس الأوروبية من مصريين ومتمصرين وأوروبيين في الوظائف الحكومية، واقترح علي باشا إبراهيم لرفع مستوى المدرسين إنشاء مدرسة تسمى «دار العلوم التوفيقية» إلى جانب مدرسة دار العلوم القائمة منذ عهد إسماعيل لتقوية المدرسين في اللغة العربية، وغرضها تقوية الأساتذة في اللغات الأوروبية وسائر العلوم الغربية، كما اقترح لتحسين الكتب المدرسية إنشاء مجلس للتعليم يقيم في الديوان نفسه، ويكون من بين اختصاصاته تنظيم البرامج المدرسية وبحثها، واختيار الكتب اللازمة وإقرارها، والأمر بتأليف أو ترجمة كتب أخرى، ولتحقيق هذا الغرض أوصى بوضع قلم الترجمة تحت إشراف الديوان.
وعلق المستر «هيورث دن» على هذا الاقتراح الأخير فقال: «إن المؤلفين — أو بالأحرى المترجمين — يكتفون بالترجمة والنقل والجمع من مؤلفات الأوروبيين، فيعرضونها على المجلس كأنها من وضعهم.»
(٧-٣) تقرير اللورد Dufferin «دوفيرين»
وإذا فرغنا من بسط محتويات هذين التقريرين فيما يتعلق بالترجمة ننظر الآن في شئون الترجمة في بعض المدارس.
(٧-٤) مدرسة الألسن وقلم الترجمة
وقال المسيو شونسكي: إن فيدال بك كان يوصي بإنشاء مدرسة للإدارة تستمد منها الحكومة المحاسبين والمترجمين والمحررين للدواوين.
ولما لم تنشر حتى الآن جل الوثائق التاريخية الخاصة بعهد توفيق باشا. فقد اعتمدنا على ما ورد في الكتب، وخاصة كتاب أمين سامي باشا عن «التعليم في مصر» لبحث التطورات المختلفة التي أدخلت على مدرسة الألسن، ولذلك تعتبر معلوماتنا في هذه الفترة غير مستوفاة، أو أنها على شيء من الإبهام والغموض.
ظلت مدرسة الألسن التي أنشئت في سنة ١٨٧٨ مفتوحة إلى سنة ١٨٨٥، وفي هذه الأثناء (١٨٨١) تقرر إنشاء مكتب للترجمة والتحرير تولى إدارته أديب إسحق أفندي، ثم مصطفى رضوان أفندي، وظل هذا المكتب حتى سنة ١٨٩٩.
ومن أول نوفمبر سنة ١٨٨٩ تحول هذا المكتب إلى مدرسة للمعلمين سميت بالمعلمين الخديوية (وسيأتي ذكرها فيما بعد) لتقوم على المنهج الذي قامت عليه مدرسة المعلمين التوفيقية، وعين لإدارتها المرحوم أحمد بك ناظم، وكان الغرض من إنشائها تخريج مدرسين مصريين لتعليم اللغة الإنجليزية بالمدارس الابتدائية، وكان بها ٢٩ طالبًا.
(٧-٥) مدرسة العلوم التوفيقية
وفي أثناء قيام لجنة تنظيم المعارف بعملها وقبل تقديم تقريرها كانت الحكومة تتبع سير أعمالها، وتطلع على المهم من قراراتها، وتنفذ ما ترى تنفيذه؛ لأنها كانت راغبة في الاستجابة للضروري منها، وكان من القرارات التي نفذتها إنشاء مدرسة المعلمين التوفيقية، وغرضها: «تخريج مدرسين مصريي الجنس للتعليم في المدارس الابتدائية التي تحت نظارة المعارف العمومية، وهي تعتبر من المدارس العليا المصرية»، وتكونت هذه المدرسة من تلاميذ مبتدئين وتلاميذ كانوا يشتغلون فيما قبل بالتعليم الثانوي، كون منهم القسم الخاص المسمى بقسم المعلمين، وجعلت هذه المدرسة ومدرسة دار العلوم في مكان واحد بدرب الجنينة، وكان لكل منهما ناظر، ووفقًا للمسطر بمنهج التعليم المطبوع في سنة ١٨٨٧، سبق هذا المنهج منهج خاص بالقسم الابتدائي التابع لهذه المدرسة، ويمتاز هذا المنهج عن منهج المدرسة الابتدائية على وجه عام، حيث يقضي بتدريس اللغة الفرنسية للسنتين الأولى والثانية وتعليم الخط الإفرنجي بها، والمنهج الثانوي يقرب من مناهج المدارس الثانوية، وكانت جميع المواد تدرس باللغة الفرنسية.
(٧-٦) مدرسة دار العلوم الخديوية
الغرض من إنشاء هذه المدرسة، يتبين من قرار نظارة المعارف العمومية المرقوم ٤٣١ «إنما هو تخريج مدرسين مصريي الجنس للتعليم في المدارس الابتدائية التي تحت نظارة المعارف العمومية»، وتعتبر هذه المدرسة من المدارس العليا المصرية، وكانت جميع المواد تدرس فيها باللغة الإنجليزية.
(٧-٧) مدرسة الإدارة والحقوق
لما أنشئت المحاكم الأهلية كانت البلاد في حاجة إلى القضاة والمحضرين والمترجمين وغيرهم لأقلام الكتاب. فاتجهت أنظار الحكومة إلى مدرسة الإدارة والحقوق بقصد رفع مستوى الدراسة فيها. فصدر قرار من نظارة المعارف في ٢٠ يوليو سنة ١٨٨٦ بناء على قرار لمجلس النظار في ١٢ يوليو سنة ١٨٨٦ موقع عليه من المرحوم عبد الرحمن رشدي باشا ناظر المعارف، جاء فيه: أن مدرسة الحقوق تنقسم إلى قسمين: ابتدائي وعال. فالقسم الابتدائي: معد لتحضير المحضرين والمترجمين، وما يلزم من المستخدمين لأقلام الكتاب والنيابة بجميع المحاكم، وكذلك أقلام قضايا الحكومة والنظارات، وسائر المصالح التي تحتاج لأشخاص لهم معلومات قانونية، وخريجو القسم العالي: يرشحون لوظائف الكتاب من الدرجة الأولى والثانية والنواب حتى يكونوا أهلًا لتولي الوظائف التي تستدعي معرفة تامة بجميع فروع القوانين بالمحاكم والنظارات وغيرها من سائر المصالح الأميرية.
(٧-٨) مدرسة الطب
كان التعليم في المدرسة الطبية باللغة العربية. يتخرج فيها الأطباء والعلماء فيعلمون بالعربية ويؤلفون بالعربية أو يترجمون إلى العربية، وهم نخبة رجال هذه النهضة، وعليهم كان المعول في نقل العلوم الحديثة بالترجمة أو التأليف أو التلخيص، ظلوا على ذلك نحو سبعين سنة. ثم رأت الحكومة سنة ١٨٩٨ أن تغير برامج هذه المدرسة. فأدخلت فيها إصلاحات كثيرة من حيث إتقان المعدات والأدوات وإدخال المواد الحديثة، ولكنها جعلت صبغتها إنجليزية. ثم استقدمت الحكومة مديرًا من كبار مديري المدارس الطبية في لندن، وطلبت إليه أن يرفع تقريرًا في إصلاح هذه المدرسة. فأشار بضم المستشفى إلى المدرسة وإنشاء إدارة واحدة لهما، وذكر إصلاحات تتعلق بالدروس والأساتذة ولغة التدريس وغير ذلك، وفي سنة ١٨٩٨ جعلوا التعليم فيها باللغة الإنجليزية، وضمت المدرسة إلى المستشفى، وجعل نظامها يشبه نظام مدرسة الطب بجامعة لندن. فلم تحتج مدرسة الطب من هذا الوقت إلى أعمال الترجمة، بل اشترط في كل من يريد الالتحاق بها إجادة اللغة الإنجليزية؛ إذ صارت جميع الكتب فيها إنجليزية، كما أصبح جل المدرسين وكثير من المديرين من الإنجليز، وصارت المحاضرات تلقى باللغة الإنجليزية دون سواها.
(٧-٩) المدارس الابتدائية والثانوية
كانت اللجنة (القومسيون) قد اهتمت بوجهٍ خاص بضعف الطلبة في اللغة العربية؛ إذ لاحظت أنه بعد أن يقضي التلميذ سنوات متوالية في المدرسة لا يتمكن من تحرير كتاب أو وضع تقرير عربي الصيغة عند التحاقه بإحدى الوظائف الحكومية، وأوصت بتأليف لجنة خاصة لحل هذه المشكلة.
وكذلك أوصت بجعل اللغة التركية لغة اختيارية في المدارس الابتدائية والتجهيزية وفي المدارس الإقليمية، ووجدت أن تعليم اللغة الفرنسية غير مرضٍ، وكانت اللغة الإنجليزية لم تدرس وقتئذ إلا في عددٍ قليل من المدارس، ولم يكن لتدريس اللغتين الإيطالية والألمانية خطر يذكر.
- (١)
لاشتمال هذه العلوم على التمرينات التي تقوى بها التلاميذ في اللغة.
- (٢) لزيادة الزمن المعين لتعليم اللغات الأجنبية بجعله ساعتين في اليوم، بعد أن كان ساعدة واحدة.»٣٨
وأدخلت أيضًا بعد ذلك حصص للترجمة.
(٧-١٠) المنافسة بين اللغتين الفرنسية والإنجليزية في المدارس
ظلت اللغة الفرنسية بعد أن حلت محل اللغة الإيطالية لغة الاتصال بين الجاليات الأجنبية والمصالح الحكومية، وكانت مصر تستمد من فرنسة المدرسين والكتب المدرسية لترجمتها إلى اللغة العربية، ولم تنافسها في هذه السيادة لغة أجنبية أخرى، ولكن الحالة تغيرت بعد احتلال الإنجليز البلاد وازدياد النفوذ البريطاني في الشرق الأدنى. قال أحد الكتاب الإنجليز في هذا الشأن: «كانت اللغة الفرنسية تدرس في المدارس الابتدائية، ولكن حلت محلها اللغة الإنجليزية» ثم أضاف: «إن استبدال اللغة الإنجليزية باللغة الفرنسية في المدارس الابتدائية يرجع إلى أسباب سياسية. فبعد أزمة فاشودة أدرك الأهالي أن النفوذ البريطاني سيأخذ في الازدياد على حين يضمحل النفوذ الفرنسي، وكانت نتيجة ذلك أن الأقسام الخاصة بالتعليم الفرنسي فقدت تلاميذها تدريجًا، وفي سنة ١٩٠٢ ألغي القسم الفرنسي في المدارس الأميرية، ولم تعلم في المدارس الابتدائية إلا لغة أوروبية واحدة وهي اللغة الإنجليزية، ومع ذلك لم تفقد اللغة الفرنسية في مصر مركزها؛ إذ إن معظم المدارس الأوروبية الدينية تدرس هذه اللغة وتخرج كل سنة عددًا غير قليل من التلاميذ المصريين والأوروبيين يتقنون الكتابة والكلام باللغة الفرنسية، فساعدوا على أن يبقى العمل في بعض الدواوين باللغة الفرنسية دون الإنجليزية.»
(٨) الترجمة في المحاكم الأهلية
تكلمنا عن المحاكم المختلطة في عصر إسماعيل باعتبارها إحدى منشآته، ونذكر أن النظام القضائي الأهلي كان مختلًّا إلى أن أنشئت المحاكم الأهلية الجديدة في سنة ١٨٨٣، أي في عهد توفيق، وقد ترتب على إنشاء تلك المحاكم إدخال تغييرات جوهرية في أنظمتها فاضطرت الحكومة إلى تعديل نظام تعيين القضاة، وشرعت في تعديل القوانين المستعملة أو تنقيحها، كما قررت إعداد هيئة خاصة من الموظفين لأعمال المحاكم.
- (١)
ترجمة القوانين من اللغات الأجنبية إلى اللغة العربية، ولا نعني بذلك ترجمة الكود والقوانين المختلطة التي تكلمنا عنها في عهد إسماعيل، ولكننا نقصد القوانين التي صدرت في مصر باللغة التركية. إذ كانت القوانين توضع وتنشر بأصلها التركي، ثم تترجم إلى العربية ليفهمها المصريون. إلا أن نقلها من أصلها التركي إلى اللغة العربية كان مشوهًا إلى درجة توجد اللبس، وكانت اللغة التركية هي اللغة السائدة في المحاكم، بيد أنهم كانوا يطلبون من رئيس كتاب المجلس معرفة اللغة العربية إلى جانب اللغة التركية.
- (٢)
توحيد القوانين وجمع الأحكام الأهلية، وكان بعضها بالتركية وبعضها بالعربية.
- (٣)
جهود الحكومة في حمل تلاميذ الحقوق على دراسة القوانين الفرنسية والشريعة الإسلامية في آنٍ واحد.
وقد قام المترجمون بنصيبٍ كبير في تأدية هذه الأعمال.
فأصبح وجود المترجمين ضروريًّا لوجود القضاة الأجانب في المحاكم الأهلية، وكانت مهمتهم مزدوجة؛ إذ كان عليهم ترجمة المرافعات والأقوال في الجلسات. ثم ترجمة المذكرات وسائر الأوراق، كي يتسنى للقاضي الأجنبي الاطلاع على محتوياتها قبل الحكم في القضايا.
(٩) الترجمة في الدواوين
كان لاشتغال الأجانب في المصالح والدواوين، واحتلالهم بعض المناصب العالية الفنية، واشتغال المحاكم المختلطة باللغات الإفرنجية أثر محسوس في استعمال اللغات الأجنبية في المكاتبات الرسمية وتحرير التقريرات، وكانت بطبيعة الحال تترجم إلى الجهات المختلطة، واستوجبت هذه الحالة إعادة إنشاء مدرسة الألسن وتوظيف التلاميذ المتخرجين فيها كل سنة في أقلام الترجمة.
وليس في وسعنا حصر جميع الوظائف المخصصة للمترجمين في الوزارات والمصالح، ولكننا نستطيع أن نقول: إنها كانت غير قليلة.
(١٠) الترجمة غير الرسمية
وإذا كانت الحكومة المصرية استمرت في عهد احتلال تشجع المترجمين الرسميين لأغراضٍ تتعلق بشئون المدارس والمصالح فإن شدة العناية بتعليم اللغات الأوروبية في المدارس المصرية أدت إلى ازدياد عدد من أتقنوا فهم الكتب الإفرنجية، فقام فريق من رجال الأدب البارزين بترجمة المؤلفات النفسية والإنفاق على طبعها دون أن يعولوا على إعانة حكومية، ووجدوا من القراء إقبالًا شجعهم على مواصلة عملهم وتوسيع دائرته حتى أصبحت الترجمة تشمل خلال هذه الفترة جميع العلوم والفنون من اجتماعية وسياسية إلى قضائية واقتصادية، ولا شك في أن ازدياد الكتب العربية، وجعلها في متناول القراء، وتزويد المكتبات المصرية بخلاصات الفكر الحديث — ساعد على تثقيف طبقات الشعب المتعلمة.
وقد قلنا: إن الترجمة شملت جميع الفنون والعلوم غير أننا نقول: إن المؤلفات التي ترجمت في كل علم وفن كانت قليلة إلا فيما يختص بالروايات التي أخذ عددها يزداد لإقبال الجمهور عليها وشغفه بها.
(١٠-١) أشهر المترجمين ومترجماتهم
-
أحمد زكي باشا: ولد بالإسكندرية في شهر المحرم سنة ١٢٨٤ﻫ، ودرس فيها، ثم انتقل
إلى القاهرة حيث تلقى علومه في مدرسة القربية، ثم في مدرسة درب
الجماميز، فمدرسة الإدارة والحقوق، وفي أثناء دراسته — وكان يبلغ
العشرين من عمره — تقدم إلى مسابقة لوظيفة مترجم بمحافظة
الإسماعيلية، وفي أكتوبر سنة ١٨٨٨م عين مترجمًا من الدرجة الأولى
في مكتب الصحافة بوزارة الداخلية. فتولى أعمال التحرير والترجمة في
الوقائع المصرية، وكان هذا عاملًا أول في توسيع معارفه؛ فأتقن
اللغتين العربية والفرنسية، وفي أول ديسمبر سنة ١٨٨٩ فاز بالمسابقة
في منصب مترجم بمجلس الوزراء، وبعد قليل أنعم عليه برتبة البيكوية
وعهد إليه في تدريس الترجمة بالمدرسة الخديوية بدرب الجماميز حيث
قضى سنتين هناك، ثم عاد إلى مجلس الوزراء سكرتيرًا ثانيًا له، وفي
سنة ١٩١١ رقي إلى درجة السكرتير الأول، وأنعم عليه بالباشوية في
سنة ١٩١٦، ثم أحيل إلى المعاش في سنة ١٩٢١، ولكنه واصل أبحاثه
التاريخية والأدبية، واتصل به رجال الأدب والصحافة في مصر والبلاد
العربية، وكانت داره بالجيزة كعبة القصاد حتى لقد سموها دار
العروبة كما سموا صاحبها — رحمه الله — شيخ العروبة، ومن مؤلفاته:
- رسالة في المعارف العمومية بالديار المصرية وبيان ما يلزم إدخاله فيها من الإصلاحات الضرورية، ألفها محمد سعيد باللغة الفرنسية، طبع سنة ١٣٠٥.
- الرق في الإسلام لأحمد شفيق بك، وأضاف إليها ملحوظات وشروحًا.
- مصر والجغرافيا تأليف فريديريك بونولا بك.
- التعليم في مصر تأليف Vercamer (فيركامير).
- تاريخ الشعوب الشرقية من تأليف ماسبيرو. ترجمه بأمرٍ من وزارة المعارف. طبع سنة ١٣٠٤.
- أربعة عشر يومًا سعداء في خلافة الأمير عبد الرحمن الأندلسي — ترجمها من اللغة الفرنسية. طبع سنة ١٨٨٩.
- آثار بلاد المشرق. جمع المستشرق ماسبيرو.
- وله أيضًا معجم خصصه لتحرير الأعلام الجغرافية وردها إلى أصولها المعتبرة المعروفة عند أهلها.
- محمد كمال باشا (١٨٥٠–١٩٢٣): تلقى دروسًا في فن الآثار في مدرسة اللسان القديم، ودرس اللغات العربية والفرنسية والألمانية والقبطية والحبشية، وعين مساعدًا ومترجمًا في نظارة المعارف العمومية، ثم أستاذًا للغة الألمانية في المدارس الأميرية، فمترجمًا في مصلحة وابورات البوستة وديوان البحرية، ولكنه كان يشتغل دائمًا بفن الآثار، ويسعى للالتحاق بالمتحف المصري فقاومه مدير المتحف مقاومة عنيفة، ولكنه استطاع بفضل نفوذ رياض باشا أن يشغل منصب سكرتير ومترجم في المتحف وأستاذ للغة القديمة. ثم عين أمينًا مساعدًا للمتحف، ونشر في العالم الغربي نتيجة أبحاثه العلمية الدقيقة، وله مؤلفات بالفرنسية والعربية ومعجم خاص بالآثار، وترجم دليل متحف القاهرة والإسكندرية.
-
شفيق منصور بك (١٨٥٦–١٨٩٠): ابن الأمير الجليل منصور باشا يكن. تعلم في المدارس المصرية
اللغات العربية والتركية والفرنسية، وأتقنها على أيدي أساتذة
اختصوا بتعليمه إياها. ثم سافر إلى باريس سنة ١٨٦٩ ولما عاد منها
اتصل بالقضاء، وترجم كتاب «رياض المختار» وكتاب «إصلاح التقويم» من
التركية إلى العربية، وكلاهما لصاحب الدولة الغازي مختار باشا،
واشترك أيضًا في ترجمة تاريخ الجبرتي من العربية إلى
الفرنسية.
ونذكر في هذه المناسبة أن كتاب الجبرتي ترجم إلى الفرنسية مرتين: الأولى: بقلم المسيو Pardieu «بارديو» مترجم القنصلية الفرنسية الذي توفي سنة ١٨٣٨ وهذه الترجمة مقصورة على الجزء الخاص بالحملة الفرنسية، وهي تحوي أغلاطًا كثيرة، وطبعت سنة ١٨٣٨. أما الترجمة الصحيحة الوافية: فهي التي قام بها نخبة من أدباء مصر برياسة المرحوم شفيق بك منصور يكن، وقد ظهرت في تسعة أجزاء من ١٨٨٨ إلى سنة ١٨٩٦.
-
فتحي زغلول باشا (توفي سنة ١٩١٤): ولد بمصر وتفقه في مدارسها، وتخصص في دراسة الحقوق، وانتظم في
سلك القضاء، وارتقى في مدارجه، ثم عين مساعدًا بقلم قضايا
الداخلية، ثم وكيلًا لنظارة الحقانية، وصفه المنفلوطي٤١ بأنه «نابغة الأمة العربية علمًا وفضلًا ونادرتها ذكاء
وفهمًا، وأقدر كتابها على الترجمة الصحيحة التي لا يضيع فيها معنى
ولا يضطرب فيها لفظ، وما انتفعت هذه الأمة (الأمة المصرية) في
عصرها الحاضر بعلم أحدٍ من علمائها انتفاعها بمؤلفاته ومترجماته،
ويمتاز في كتابته بالبيان والإيضاح والدقة في وضع الألفاظ بإزاء
معانيها فلا يتجوز إلا قليلًا ولا يتخيل إلا نادرًا ولا يغرب ولا
يتندر بحالٍ من الأحوال، وكان عاملًا نشيطًا في التأليف فخلف
آثارًا هامة في القضاء والاجتماع نذكر منها:
- الإسلام، خواطر وسوانح. ترجمه عن تأليف الكونت «هنري دي كاستري» وقدم له مقدمة ضمنها الآراء السديدة والنصائح المفيدة. طبع سنة ١٣٠٥.
- روح الاجتماع تأليف جوستاف ليبون.
- تطور الأمم تأليف جوستان ليبون.
- روح الشرائع تأليف بنتام الفيلسوف (عربه وكان عمره ٢٥ سنة). طبع سنة ١٨٨٨.
- سر تقدم الإنجليز الساكسونيين تأليف أدمون دومولان.
- من أمير إلى سلطان. كتاب أرسله الأمير مصطفى فاضل إلى السلطان عبد العزيز سنة ١٨٦٦ بشأن إصلاح الدولة.
- أصول النواميس والشرائع. من تأليف بنتام.
- عبد الله باشا فكري المصري (توفي سنة ١٨٩٩): هو من نوابع المصريين في الأدب والشعر؛ تعلم اللغة التركية، وسافر بمعية الخديو إسماعيل إلى الآستانة، ثم كلفه مراقبة تعليم أنجاله، وعين أخيرًّا وكيلًا لنظارة المعارف سنة ١٨٧٨، وندبته الحكومة في سنة ١٨٨٨ لرياسة الوفد المصري في المؤتمر الشرقي الذي عقد في استكهلم، ونقل من التركية كتاب «المملكة الباطنية» (طبع سنة ١٢٩٠) إلى طائفة جليلة من الشعر والمقالات.
-
الشيخ نجيب الحداد اللبناني (توفي سنة ١٨٨٩): ولد سنة ١٨٦٧ وقد عالج القريض قبل أن يبلغ الحلم، وكان مع ذلك
منشئًا بليغًا مَالَ إلى الصحافة؛ فحرر في جريدة الأهرام إلى سنة
١٨٩٤ ثم اعتزلها وأنشأ جريدة «لسان العرب» بالإسكندرية، وامتاز عن
أكثر معاصريه من الأدباء بترجمة الروايات التمثيلية أو تأليفها،
وهاك أشهر آثاره:
- رواية صلاح الدين. تأليف ولتر سكوت.
- رواية Cid (السيد) من مؤلفات Corneille (كورنيل) نقلها إلى اللسان العربي وسماها «غرام وانتقام».
- رواية حمدان نقلها من رواية هوجو Hernani هيرناني.
- شهداء الغرام ترجمها عن رواية روميو وجولييت لشكسبير.
- رواية البخيل نقلها عن Moliére «موليير».
- رواية الفرسان الثلاثة لإسكندر دوماس أربعة أجزاء، طبعت سنة ١٨٨٨، ولها طبعة ثانية في ثلاثة مجلدات، ولها طبعة ثالثة في أربعة مجلدات سنة ١٩١٣.
- جورجي زيدان (توفي سنة ١٩١٤): ولد في سنة ١٨٦١ وألجأته ملابسات حياته على أن يترك المدرسة صغيرًا. لقن الإنجليزية في مدرسة ليلية، وفي سنة ١٨٨١ اعتزم دراسة الطب إلا أن طول المدة اللازمة لنيل إجازته صرفه عن متابعة الدراسة، فتابع البحث والاطلاع الحر، وتولى تحرير جريدة «الزمان» وقد رافق الحملة النيلية إلى السودان سنة ١٨٨٤ مترجمًا بقلم المخابرات، وله — علاوة على ما ألفه من الكتب القيمة — عدة مترجمات نشرها في الصحف والمجلات.
- نجيب إبراهيم طراد (توفي سنة ١٩١١): هو من أسرة بيروتية. أتقن لغات كثيرة ولا سيما الألمانية، وحرر عدة جرائد في بيروت والإسكندرية والقاهرة، وترجم جملة من الروايات، وعلم في مدارس مختلفة، ثم التحق بالحكومة موظفًا.
- محمد النجاري المصري (توفي سنة ١٩١٤): ولد في مصر وارتقى في مناصب حكومتها إلى القضاء في المحاكم المختلطة، وألف في ساعات الفراغ معجمًا مطولًا بالفرنسية والعربية في خمسة مجلدات حوى كثيرًا من مصطلحات القانون وسائر العلوم والفنون.
- أديب إسحق الدمشقي (١٨٥٦–١٨٨٥): بدأ في تأليف الروايات التمثيلية أو ترجمتها مع صديقه سليم نقاش، ورحل إلى مصر في زمن الخديوي إسماعيل، وأصدر جريدة «مصر» ولما عطلت الحكومة جريدته سافر إلى باريس. ثم عاد إلى مصر سنة ١٨٨١ حيث تولى إدارة مكتب الترجمة والتحرير.
- فيليب جلاد بك (١٨٥٧–١٩١٤): لم يكن من المترجمين المحترفين برغم أنه اشتغل في بادئ الأمر مترجمًا أول لمحافظة القناة، ودرس القانون والتحق بقلم قضايا الحكومة، ثم بوزارة الحقانية حيث تولى تحرير «المجلة الرسمية للمحاكم الأهلية» ثم ترك خدمة الحكومة واشتغل بالمحاماة والتأليف، وألف «قاموس الإدارة والقضاء» الذي صدر في ستة مجلدات باللغتين العربية والفرنسية، وهو يشمل قوانين الحكومة المصرية وغيرها، وقد ترجم الكثير منها إلى اللغة العربية، (طبع بين سنة ١٨٩٩ وسنة ١٩٠٢).
أما سائر المترجمين فهم:
-
نجيب غرغور: له:
- حديقة الأدب وهو يشمل ستة تآليف: التعساء لهوغو وتاريخ مصر ومنيرة وانتقام المزارع والقاتلة والطائف في ربى الطوائف. طبع سنة ١٨٨٨ في خمسة أجزاء.
- عفريت النسوان (جزآن). طبع سنة ١٨٨٧.
- غرائب التدوين. طبع سنة ١٨٨٢.
- محمود زهري: له: «غاية الآمال في فن الحرب والقتال» تأليف موري بك قائمقام أركان حرب. ترجمه بإشراف مؤلفه. طبع سنة ١٢٩٣.
- صمويل يني: له: «استراتونكي» طبع سنة ١٨٩٤.
- نسيب بدر: له: «بوليس لندن» تأليف كوتن دويل. طبع سنة ١٩٠٠.
- خالد حمصي: له: «بيبيتا الحسناء، أو ذات اليد الحمراء» تأليف ليون سازي طبع مرتين، ثانيتهما سنة ١٢٩١.
- السيدة فريدة عطية: لها: «الروضة النضيرة في أيام بمباي الأخيرة» تأليف اللورد ليتن. طبع سنة ١٨٩٩.
- ميشيل جورجي عورا: له: «عجائب البخت في قصة الأحد عشر وزيرًا وابن الملك إزاربخت». ترجمها عن السريانية. طبعت سنة ١٨٨٦.
- تادرس وهبى: مدرس فن الإنشاء والعلوم العربية واللغة الفرنسية بمدرسة حارة السقايين القبطية، له: «العقد الأنفس في ملخص التاريخ المقدس» نقله من كتاب تاريخ الأمة الإسرائيلية لفكتور دروي. طبع سنة ١٢٩٨ وأعيد طبعه سنة ١٣١٤.
- حسين زكي أفندي: له: «مختصر تاريخ الأمم الشرقية القديم» استخرجه من اللغة الفرنسية (المقتطف سنة ١٨٩٣م.)
- مصطفى نصر: له: «المنحة في تدبير الصحة». طبع سنة ١٣٠٦ﻫ (كتاب ترجمه من اللغة الفرنسية).
- سعيد عمون: له: «الأحكام المرعية في شأن الأراضي المصرية» تأليف يعقوب أرتين باشا. ترجم بمساعدة المؤلف. طبع سنة ١٣٠٧ﻫ.
- محمد لطفي: تلغرافجي المعية السنية له: «تحفة المريد في زواج أودت بفريد» (ترجمه من اللغة الإنجليزية.)
- رفلة جرجس: له: «أصول الاقتصاد السياسي». طبع بمصر سنة ١٨٨٩ (اقتطفه من كتب غربية، وبسط عباراته، وسهل مأخذه.)
- حافظ إبراهيم وخليل مطران: لهما «الموجز في علم الاقتصاد» في خمسة أجزاء تأليف Paul Leroy-Beaulieu «بولين ليروي بوليو» تقدم إليهما بترجمته بأمر حشمت باشا ناظر المعارف.
- عزيز خانكي بك: له: «الطعن في الأحكام بطريق النقض والإبرام». طبع سنة ١٩٠٠.
- يحيى إبراهيم: له: «الروض الزاهر، في علم مسك الدفاتر». طبع سنة ١٨٨٥ (ترجمه من اللغة الفرنسية.)
- جرجس مالطي: أحد مدرسي اللغة الإنجليزية بالمدارس الأميرية له: «ري القطر المصري» تأليف ولكوكس.
- محمد أنسي: له: «القواعد العومية التي يجب على التعليمجي إجراؤها وقت التعليم». تأليف بولار بك.
- محمد دياب: المدرس بالمدرسة التوفيقية له: «مسائل تطبيقية على الهندسة العادية». طبع سنة ١٣٠٣.
- يحيى قدري بك ونخلة قلفاط: لهما: «كتاب حقوق الدول» تأليف حسن فهمي باشا العثماني، ترجم من اللغة التركية. طبع سنة ١٨٩٤.
- نجيب بن يوحنا إبكاريوس: له: «تاريخ الحوادث في السودان من سنة ١٨٨١ إلى سنة ١٨٨٩» تأليف القائمقام السير ونجت المقيم الإنجليزي بالديار المصرية سابقًا. طبع سنة ١٨٩١.
- محمد لبيب البتانوني: له: «تاريخ كلوت بك» وهو الدكتور أنطون برتيليمي الإيطالي الأصل (كذا) المعروف بكلوت بك. نقله من الفرنسية بأمر الدكتور محمد بك الدري، وهو يتضمن تاريخ حياته وأعماله بمصر في عصر ساكن الجنان محمد علي باشا. طبع سنة ١٣٠٨.
- مراد مختار: مدير دار الكتب سابقًا له: «قصة أبي علي الحيسن بن عبد الله بن سينا المعروف بالشيخ الرئيس، مع شقيقه أبي الحارث» ترجمها من اللغة التركية. طبعت سنة ١٢٩٧ (أعيد طبعها سنة ١٣٠٥.)
- عزيز يوسف: له: «مر الفراق وحلو التلاق» انتقاها من روايات هونمان (طبعت سنة ١٨٩١.)
- يوسف تادرس: له: «النجاة من الغرق». طبع سنة ١٨٩٣ (كتاب نقله من اللغة الإنجليزية) وإلى جانب آثار هؤلاء المترجمين نذكر ما قامت به مجلتا الهلال والمقتطف في الترجمة، إذ كان رجالها يقومون، فضلًا عن ترجمة الأبحاث والمقالات الأجنبية بترجمة روايات لتهدى إلى المشتركين.
(١١) الترجمة الرسمية
-
تقارير مرفوعة للأعتاب الخديوية عن الإصلاحات في حالة التعليم الجارية بالمدارس المصرية في سني ١٨٨٥ و١٨٨٦ و١٨٨٨ و١٨٨٩. طبع بين ١٣٠٣ و١٣٠٨.
-
ترجمة تقرير مرفوع إلى الحضرة الفخيمة الخديوية من نظارة المعارف العمومية عن حالة الكتبخانة الخديوية في سنة ١٨٨٦ ومعه أصله باللغة الفرنسية. طبع سنة ١٨٨٧.
-
قانون تأسيس الكتبخانة العمومية بالعربية والتركية. طبع سنة ١٢٩٨.
-
تقرير عن حالة الكتبخانة سنة ١٨٨٧. طبع سنة ١٨٨٨.
-
تقرير مترجم للحضرة الخديوية من قومسيون الأراضي الميرية مع حسابات إيرادات ومصروفات سنة ١٨٨١. طبع سنة ١٨٨٢.
-
تقرير من نظارة الأشغال عن ري القطر المصري. طبع سنة ١٣٠٠.
-
تقرير جناب السير أفلين بارنغ قنصل جنرال لدولة الإنكليز بمصر فيما يتعلق بمنع الكرباج. طبع سنة ١٣٠٢.
-
محاضر وتقارير لجنة حفظ الآثار العربية القديمة سنة ١٨٨٤.
-
مرشد لأودة المتفرجين على الكتبخانة الخديوية باللغة العربية واللغة الفرنسية طبع سنة ١٣٠٤.
(١٢) أسلوب الترجمة في مراحل القرن التاسع عشر
أوضحنا في سوالف الفصول مبلغ اهتمام ولاة الأمور بكل ما يتعلق بأعمال الترجمة، وما بذلوه من عظيم المجهود لتوسيع نطاقها والأغراض التي كانوا يقصدون إليها من وراء ما بذلوا. فهل نغلوا الآن إذا شبهنا عصر الأسرة العلوية الكريمة بالعصر العباسي الأول من حيث القدرة على الإنتاج والإتقان في العمل.
حقًّا كانت الأغراض من الترجمة متغايرة بين العصرين، فالخلفاء العباسيون إنما سعوا إلى نقل تراث اليونانيين العلمي والأدبي؛ لتزويد الأذهان بمعلومات جديدة تنشط الحركة الفكرية والعلمية بين العرب. أما رجال القرن التاسع عشر في مصر فلم يقصدوا في بادئ الأمر من ترجمة كتب الإفرنج العلمية والمدرسية إلا تثقيف شعب غير مثقف؛ ليستطيع فيما بعد القيام بالمهام الخطيرة التي تسند إليه. هذا إلى الأثر العميق الذي تركته أعمال الترجمة في تطور اللغة العربية بعد التنافس الشديد بين اللغتين التركية والعربية في هذا العصر، وسنتكلم بالتفصيل على هذه التطورات بأنواعها، وسنذكر أيضًا بالإجمال مميزات الترجمة في كل طور معززين كلًّا منهما بالأمثلة والنماذج المستقاة من الوثائق والمطبوعات.
وهو إلى جانب ذلك شرع في ترجمة وصايا لقمان، وطبعها في كتيب علق عليه بنفسه في مجلة «لاديكاد» قائلًا: «ألحقت ترجمة فرنسية بالطبعة العربية؛ لأني أردت قبل كل شيء أن أترجم النص العربي ترجمة حرفية بقدر المستطاع مغفلًا أناقة الأسلوب حتى لا أخالف النص العربي، وقد سلكت هذا المسلك في الترجمة؛ لاعتقادي بأن عملي هذا قد يعود بالفائدة على بعض الأشخاص الذين يرغبون في دراسة اللغة العربية، ولم يأنسوا حتى الآن ما يعينهم على تحقيق تلك الرغبة؛ إذ لم يجدوا نصوصًا عربية ترافقها ترجمة حرفية.»
الحمد لله ذي العظمة والسلطان، والطول والامتنان، والفضل والإنعام، والآلاء الجسام الذي قدر فحكم، ورأف (رزق) فأنعم، وقضى فأبرم، ودبر فأتقن، وذرأ وبرأ فأحسن ما صور فاتصلت بالعقول معرفته، وقامت في النفوس حجته، ووضع للعيون برهانه، وقهر الألباب قدرته وسلطانه.
وأول ما أبتدئ به من ذلك الكلام على صورة الأرض المسماة بالجغرافية كما سماها بطليموس ووصفها به، ومن الله نستمد المعرفة والتوفيق والتسديد في كل منهج وطريق، فهو جلت قدرته بذلك جدير وعليه قدير.
اقتبسنا هذه النماذج من أعمال غير الرسمية، ولنا أن نتساءل الآن: هل أتقن هؤلاء المستشرقون ترجمة الوثائق الإدارية كما أتقنوا فيما بعد الترجمة الأدبية؟ ولا بد قبل الإجابة عن هذا السؤال من أن نعترف بأن بونابارت عهد إليهم بعمل موفق، فإذا أرادوا الإتقان في ترجمة كل وثيقة تعرض عليهم (والوثائق ترجمة بلا شك) ضاق بهم الزمن، ولم يستطيعوا إنجاز العمل بالرغم من المجهود الجبار الذي كانوا يبذلونه، ولا سيما وقد اتضح لنا أن هؤلاء المستشرقين كانوا غير متمكنين من اللغة العربية. قال عنهم جرجي زيدان: «وظاهر أن هؤلاء التراجمة كان بعضهم من غير أبناء هذه اللغة، فإذا ترجموا عبارة صاغوها في قالب أعجمي، وما لم يجدوا له لفظًا عربيًّا تركوه على لفظه الإفرنجي أو وضعوا له لفظًا عاميًّا.»
يعرف أهالي مصر جميعهم أنه من زمن مديد الصناجق الذين يتسلطون في البلاد المصرية يتعاملون بالذل والاحتقار في حق الملة الفرنساوية، ويظلمون تجارها بأنواع الإيذاء والتعدي، فحضر الآن ساعة عقوبتهم، وأخرنا من مدة طويلة هذه الزمرة المماليك المجلوبين من بلاد الأبازة والجراكسة يفسدون في الإقليم الحسن الأحسن الذي يوجد في كرة الأرض كلها، فأما رب العالمين القادر على كل شيء فإنه قد حكم على انقضاء دولتهم. يا أيها المصريون، قد قيل لكم: إنني ما نزلت بهذا القطر إلا بقصد إزالة دينكم فذلك كذب صريح فلا تصدقوه، وقولوا للمفترين: إنني ما قدمت إليكم إلا لأخلص حقكم من يد الظالمين، وإنني أكثر من المماليك أعبد الله سبحانه وتعالى وأحترم فيه القرآن العظيم.
هذا هو الأمر، ويخيل إلينا أنه نص تركي بحروف عربية، وهو مسجل بدفتر تركي مع سائر الأوامر التركية؛ لأن لغة البلاد الرسمية كانت وقتئذ اللغة التركية، وكانت البلاد مفتقرة إلى محررين متضلعين في اللغة العربية؛ لذلك يستحسن ألا نعتمد على ترجمة الدواوين لنقيس بها قيمة الترجمة الأدبية في هذه الفترة. فلنرجع حينئذ إلى الترجمة العلمية، أو على الأصح إلى ترجمة الكتب المدرسية، وهي التي ستبين لنا بوضوح قيمة المجهود الذي بذله رجال العلم لرفع مستوى اللغة مع إتقان فن الترجمة.
ولا نستطيع بطبيعة الحال أن نبدي رأيًا إجماليًّا في هذا الموضوع، فإن قيمة الترجمة تختلف باختلاف نبوغ المترجم والعناية التي يبذلها لتحقيق الغرض المنشود منها.
إنه لقد يعتاد في غالب الأوقات أولئك الذين يرغبون نعمت عند الأمير أن يتقدموا له بتلك الأشياء التي فيما بين ما يمتلكونه أعز ما عندهم أو التي يرون أنها تسره أكثر من غيرها، ومن ثم فقد يشاهد مرارًا كثيرة أنها تتقدم بخيل وأسلحة وأقمشة من المقصبات ومن الأحجار الثمينة، وما دنا هي ذلك مما للزينة تنتاحلها عظمة أولئك، أعني الأمراء، وإذ ذاك إذ كنت أرغب أنا أن أقدم ذاتي لعظمتكم مع بعض ما من الشواهد لخدمتي نحوها فما وجدت ما بين أمتعتي شيئًا مما عندي من الأعزِّ، أو مما أعتبره بهذا المقدار بقدر ما هي خبرة أفعال الرجال المعظمين تلك التي قد تعلمتها بتجربة مستطيلة في الأشياء المستجدة، وبمطالعة متصلة في الأمور القديمة.
ونختص بالذكر الشيخ رفاعة بك رافع الذي بذل مجهودًا جبارًا في ترجمة الكتب المدرسية، وتصحيح معظم أعمال المترجمين في قلم الترجمة علاوة على إشرافه على تعليم التلاميذ في مدرسة الألسن.
فأجابها تليماك بقوله: أيتها الملكة، ارفقي بحالة ولد يبحث عن أبيه عرضة للأخطار والأمواج والعواصف التي كسرت سفينته على شواطئ جزيرتك بعد أن قاسى ما قاسى من الأهوال، وقذفته المقادير إلى أمام حضرتك.
Art. 150
بند ١٥٠
إذا كان كل من الأبوين ميتًا أو تعذر علم رضاه، ناب عنهما الجد والجدة فإذا حصل اختلاف بين الجد والجدة المتحدي الجبهة كفى رضا الجد، فإذا تعذرت الجبهة غلب جانب الرضا.
Art. 454
بند ٤٥٤
عند افتتاح أي وصايا كانت بالتصرف ما عدا ولاية الأبوين يجب أن يحرر مجلس العائلة مقايسة إجمالية بالمبلغ الذي ينصرف في نفقة القاصر كل سنة، وبتقدير المبلغ الذي ينصرف لإدارة أملاكه ومصلحته.
وفي صلب المقايسة ينبه على ما يلزم لإدارة مصلحة القاصر للوصي من المعاونين إن كان يجوز الحال ذلك، وبيان ماهيتهم بشرط أن تكون مسئولية إدارة من ذكر واجبة على الوصي.
ونريد قبل البدء في الحديث عن عصر إسماعيل أن نعلق على ما ورد في بعض كتب آداب وخصوصًا كتاب الأستاذ محمود مصطفى، إذ قال: «ويلاحظ أن الترجمة إلى عهد إسماعيل كانت خاصة بكتب العلم فلم تر بينها كتابًا أدبيًّا من نحو قصة أو شعر أو وصف للشعوب أو نحو ذلك؛ لأن نقل مثل هذه الآداب يحتاج إلى مقدرة على التعبير واستطاعة للتصوير، فأما نقل العلم فإن أبسط العبارات يكفي في نقل المعنى لا يحتاج إلى زخرف أو تطلية، وإنما صعوبته في التوفق إلى ترجمة المصطلح. فإذا تغلب عليها المترجم فليس بعد ذلك من عسر.»
كانت كثرة الأعمال الإدارية والعلمية صارفة للمترجمين عن الإقبال على الكتب الأدبية يترجمونها، فلم يكن إهمالها لعجز أو افتقار، فإن مقدرة رفاعة بك وبعض أعوانه لا يتطرق إليها الشك، بدليل أنه لما فرغ من ترجمة الكتب المدرسية (بعد وفاة محمد علي باشا) باشر ترجمة الكتب المصبوغة بصبغة أدبية كالتيليماك وكتاب عدل مونتيسكيو حين سمح له وقته بالتفرغ لها.
•••
ذكر المؤرخون أن مصر محدودة من جهة الشمال بالبحر الأبيض المتوسط، ومن جهة الجنوب بشلال أسوان، ولم يلتفتوا في التحديد على هذا الوجه؛ لما يظهر من الدلالات المتخذة من علم الجغرافية، ولا من النظر في مقابلة أحوال أنواع العالم بعضهم مع بعض، فإنه من علم الجغرافية يعلم أنه يوجد على الشمال الشرقي من قارة أفريقيا فيما بين البحر المالح إلى دائرة خط الاستواء منطقة متسعة من الأرض متكونة كمصر من نهر النيل تكتسب خصوبتها منه، لا من سبب آخر مثلها، وبالنظر في مقابلة أحوال أنواع العالم بعضهم مع بعض يرى أن على شواطئ النهر من تلك الجهات أقوامًا متنوعين متوحشين. لا قدرة لهم على سياسة أنفسهم بأنفسهم، مع أن بهذه الجبهة من دائرة الانقلاب أمة متمدنة، تعجب النظر وتسر الخاطر بما حوته من الفخر، واكتسبته من أنواع الصنائع، وسائر أسباب التمدن والتنافس الذي اشتملت عليه. وحينئذ فكان يقتضي المؤرخين في تحديد مصر أن يقولوا: إنها عبارة عما يرويه النيل من الأرض، فهي تستحق الاستيلاء على سائر الأراضي التي يسقيها هذا النهر من جهة الجنوب، ولا بلغت ما بلغت من تلك الجهة.
النص الفرنسي
ترجمة أحمد أفندي عبد الرازق
قد أمكن الدولة العلية أن توسع حكمها حتى شمل مصر وإيالات طرابلس وتونس والجزائر غير أنها كانت نجحت في قمع عصيان سكانها إلا أنها لم تغير شيئًا من طباع القبائل العربية التي قد بقيت من ابتداء شواطئ النيل إلى المحيط الأتلنطيقي على ما كانت عليه أيام الفتوحات الأولية أعني ملازمة فضائلها ومثاليها البدوية، ومتأهبة دائمًا إلى أن تدفع الخرجات السلطانية بشرط أن تبقى على ما جلبت عليه من العيشة الاستقلالية، ولقد شاهدنا في أغلب الأحيان عند المصريين المتأخرين ما كانت تمتاز به قدماء العرب كل الامتياز من العقل المذعن للقضاء والقدير والكثير الاشتغال والتأمل في الكائنات، وفهمنا أن محمدًا عليًّا «كذا» باشا كان يريد بعد انتصاره على الوهابية أن يظاهر الدولة العلية بدولته المستجدة المتنشطة الهمة باكتساب التمدن الأوروبي، ويدل على مقاصده العلية، وشدة رغبته الكلية في إحياء الفضائل والتمدن والتقدم عند الأمم المنقادة لأحكامه استكثاره من ترجمة كتبنا الفرنساوية العلمية إلى اللغة العربية، ومن طبع كتب عديدة في مطبعة بولاق معدة؛ لأن تنشر في جميع الجهات معلومات علماء هذا العصر.
ترجمة علي باشا مبارك
شمل حكم الدولة العلية إيالات مصر وطرابلس وتونس والجزائر، ولم تغير شيئًا من طبع القبائل العربية من شواطئ النيل إلى المحيط الأتلنطيقي فإنها إذ ذاك باقية على ما كانت عليه أيام الفتوحات الدولية من ملازمة الفضائل والمثالب اليدوية، والتأهب لتأدية الخراج السلطاني بشرط بقائهم على ما جبلوا على حين من المعيشة الاستقلالية، وقد شاهدنا ما امتازت به قدماء العرب كل الامتياز من العقل المذعن للقضاء والقدر، والكثير التأمل في المصنوعات لدى المصريين المتأخرين المنجدين لنا أن محمد علي باشا لما أراد بعد نصرته على الوهابية أن يظاهر الدولة العلية بدولته المتنشطة باكتساب تمدن أوروبا، رغب في إحياء الفضائل والتمدن لدى المنقادين لحكمه، فأكثر من ترجمة الكتب الفرنسية العلمية إلى اللغة العربية وطبع عدة كتب في مطبعة بولاق.
•••
أما بعد؛ فإن الله جلت قدرته أراد ولا مانع لما أعطى ولا راد أن تكون حكومة مصر بملحقاتها المعلومة فيَّ وفي نسلي وهذا من فضل ربي لا من فضلي، فأعتقد أن العدل بين الناس وهو لمباني الحكم خير أساس. فلذا التزمت الرفق والعدل والإحسان وحسن المعاملة مع الجميع باللطف والمجاملة، فنسأل الله أن يرزقنا الفلاح، ويوفقنا لما فيه الخير والإصلاح.
ومن حيث المعلوم لجنابكم السامي ومقامكم الرفيع النامي أن حكومتنا الخديوية وحكومتكم البهية تجمعنا جميعًا كلمة التوحيد فلهذا يكون الأمر السديد ازدياد حسن العلاقة والوداد وأحكام الألفة والاتحاد. سيما وحضرتكم الجار الأكرم، فالأولى أن يكون لنا من ودكم النصيب الأعظم؛ إذ جل مقصودنا استمرار هذه العلاقة على أحسن أسلوب فوق المأمور والمطلوب، بحيث لا يعتريها نقص ولا إخلال بحالٍ من الأحوال.
وقد استعمل المترجمون العبارات السهلة، وفي بعض الأحيان كانوا يستعملون اللغة العامية حتى لا يجشموا القارئ مشقة البحث عن المعاني، ولما كانت الروايات المترجمة من أصل فرنسي أو إنجليزي، فقد حاول مترجموها أن يضعوها أحيانًا في قالب كما فعل عثمان جلال برواية «ترتوف» الذي سماها بعد تعديلها «رواية الشيخ متلوف». أما أمثال لافونتين الشعرية فقد نظمها بالشعر العربي ودعاها: «العيون اليواقظ في الأمثال والمواعظ»، ودونك مثالًا منها وهو «البخيل والدجاجة.»
La Poule aux oeufs D’or
ومن عيوب الروايات المترجمة أن ترجمتها لم تكن حرفية، ولا سيما إذ كانت الرواية طويلة «كالفرسان الثلاثة» لاسكندر دوماس التي ترجمها الشيخ نجيب الحداد. فالمترجم قد أهمل بعض الفقرات التي أمكنه أن يهملها دون أن يشوه المعنى، ولهذا اضطر أحيانًا إلى زيادة بعض العبارات من عنده؛ لتوضيح بعض ما حذفه في الترجمة.
وكان الليل عاصفًا، والسحاب متكاثفًا، والظلام شديدًا. إذا مد الإنسان يده لم يكد يراها، وكان القمر لا يشرق إلا عند منتصف الليل، فجعل القوم يسيرون في ذلك الظلام، ولا ينظرون الطريق إلا إذا لمع البرق.
ومن ناحية أخرى لم يباشر محمد بن أحمد عبد الرازق أفندي ترجمة كتاب: «نهاية الأرب في تاريخ العرب» إلا بأمر علي باشا مبارك الذي أراد نشره لنفاسته، ولولا عنايته واهتمامه بتاريخ العرب لما ترجم هذا الكتاب القيم؛ إذ إنه عندما تخلى عن نظارة ديوان المعارف، وقف الطبع. فلما عاد إليه سنة ١٣٠٥ استخرج النسخة المخطوطة من دار الكتب حيث كانت محفوظة هناك وأعاد النظر فيها، وكلف أحد علماء الأزهر الشريف أن يصوغها عربية الديباجة فصيحة اللفظ، وصدر الكتاب في سنة ١٣٠٩.
•••
ثم جاء عهد توفيق وعهد الاحتلال. فلما استقرت الحالة السياسية نشطت حركة الترجمة أيضًا؛ إذ أخذ عدد المتخرجين من المدارس العليا يزداد سنة بعد أخرى، ولجأ إلى مصر عدد من السوريين المثقفين، فتوافرت بذلك الأيدي العاملة، وهذا في الوقت الذي سما فيه المتعلمون إلى مطالعة الكتب الأدبية، ومع ذلك بقي إقبال الجمهور متجهًا إلى الروايات الأدبية. فاقتصر مجهود الأدباء الخارجين عن خدمة الحكومة على ترجمة أحسن الروايات الفرنسية والإنجليزية.
وقد تذمر من هذه الحالة أحمد فتحي زغلول باشا، وحمل عليها في سنة ١٨٩٩ في مقدمة «سر تقدم الإنجليز السكسونيين»، إذ قال: «من المقرر أن ميلنا إلى مطالعة المؤلفات التي من هذا القبيل (أي المؤلفات العلمية) ضعيف حتى في هذه الأيام، وأن المشتغلين بنشرها أشقى العاملين. لكن الذي لا يأخذ الأمور بظواهرها يعلم أن انزواء رغبة الناس عن مطالعة المؤلفات المفيدة، ومللهم من العلم بما يجري في الوجود من تقدم الأمم بترقي المعارف، واتساع نطاق التربية والتعليم لم يكن ناشئًا عن بغضهم للعلم أو نفورهم من القائمين بنشره، وإنما هو مسبب عن طول زمن الترك الناشئ عن الضعف العام الذي ألم بروح الشرقي منذ أجيال طويلة حتى أمات ملكة حب الاستطلاع. هذا هو السبب في الإقبال على مطالعة القصص والخرافات والتهافت على اقتناء التافه من المؤلفات والتسابق إلى حفظ كتب المجون والروايات.»
والواقع أننا إذا استثنينا الكتب القضائية، وبعض الكتب المتعلقة بالاقتصاد السياسي والنزر اليسير من العلوم الأخرى، لم نجد حتى أواخر القرن التاسع عشر من الكتب المفيدة غير ما ترجمه أحمد فتحي زغلول باشا، وإذا عرضنا له فلا يسعنا إلا أن نشيد بسعة اطلاعه وبراعته في الترجمة من الفرنسية إلى العربية ودقته وعنايته بمطابقة النص العربي للنص الفرنسي، وقد نعده بحق إمام الترجمة في القرن التاسع عشر والقرن العشرين معًا.
LE FRANÇAIS ET L’ANGLO-SAXON DANS L’ECOLE
(١٢-١) الفرنساويون والإنجليز السكسونيين في المدرسة
يظهر الفرق بين إنجلترا والأمم الغربية الأخرى منذ عهد المدرسة، وهو فرق كبير إذا عرفناه سهلت علينا معرفة السبب في أفضلية الإنكليز الساكسونيين.
كل أمة تنظم التربية على حسب طبيعتها، وعلى مقتضى أخلاقها وعوائدها، ثم التربية نفسها تؤثر في الهيئة الاجتماعية، وسيقف القارئ على بيان ذلك بما نقدمه من الشرح على التربية في فرنسا وألمانيا وإنجلترا، وبعد ذلك نخصص مطلبًا رابعًا نبين فيه تغيير الأحوال في هذه الأيام، ونأتي على ذكر الطريقة التي يجب أن نتبعها في تربية أبنائنا حتى يكونوا على درجة من الاستعداد تناسب الأزمان الحاضرة، التي أصبحت تخالف الأزمان القديمة من جميع الوجوه.
(١٢-٢) تأثير الترجمة في الأسلوب العربي
اتفق الأدباء على أن الترجمة في مصر في القرن التاسع عشر كان لها أقوى تأثير في الأسلوب العربي، ونورد هنا بعض آرائهم.
إدخال الأساليب الأعجيمة في أسلوب اللغة العربية
قال جرجي زيدان: «إن أسلوب الإنشاء العصري تطرق إليه تراكيب أعجمية اقتبسها الكتاب من اللغات التي ينقلون عنها أو يطالعونها وهم لا يشعرون، ولكن أساتذة اللغة يرفضون ذكرها، وبلغاء الكتاب يتجنبون الوقوع فيها.»
«ليس بين أدبائنا كبير نزاع في أمر قبول الأساليب الأعجمية وعدم قبولها، وجل ما اشترطوه في قبول هذه الأساليب ألا تكون مخالفة في تراكيبها لقواعد اللغة العربية، وألا تكون نابية عن الذوق السليم، ولم يشترطوا قط في إدخالها إلى أساليبنا (الغرورة) كما اشترط المجمع الملكي في تعريب الكلمات مذ قال: «ومجمع اللغة العربية الملكي يجيز تعريب الكلمات عند الضرورة.»
فالباب مفتوح للأساليب الأعجمية تدخله بسلام؛ إذ ليس في هذه الأساليب كلمة أعجمية ولا تركيب أعجمي، وإنما هي كلمات عربية محضة ركبت تركيبًا عربيًّا خالصًا. لكنها تفيد معنى لم يسبق لأهل اللسان أن أفادوه بتلك الكلمات.
على أن كلًّا من «تعريب الأساليب» و«تعريب الكلمات» أمر طبيعي في لغات البشر يتعذر تجنبه والاحتذار منه.
ودخول الأساليب الأعجمية في اللغة العربية قديم يتصل بالعهد الجاهلي، ثم نشط في العهد الإسلامي منذ حمل راية الكتابة من عبد الحميد الكاتب. ثم تكاثر ونما في العصر العباسي، وحامل راية التعريب فيه ابن المقفع حتى كانت نهضتنا الحديثة، فرجح ميزانه وطغى طوفانه.
أساليب تسربت إلى لغتنا في العهد الأخير، وكان الظاهر من حالها أنها أعجمية لا يعرفها العرب.»
وهناك عدا ما ذكرنا أساليب عدة يكثر النزاع حول اعتبارها عربية أو أعجمية، ويمكن أن يقال بوجه الإجمال: إنها عربية، ولكن الفصحاء لم يستعملوها استغناء عنها بغيرها أو استعملوها بقلة حتى نهض أبطال الترجمة في القرن الماضي فاضطروا إلى استعمالها توفية لحق الترجمة الحرفية، ولا سيما أن تلك الأساليب بكثرة مملة في الكتابات الإفرنجية، ومن يومئذ شاعت تلك الأساليب على ألسنة كتابنا وفي لغة صحافتنا ولغة التخاطب بيننا.
قلنا في صدر المقال: إن بعض الفضلاء اشترط في استعمال الأساليب الإفرنجية أن تكون مما يلائم الذوق العربي السليم، وقلنا: إن في هذا الشرط عسرًا بينًا لاختلاف الأذواق وتباين المشارب والثقافات. فما رآه هذا في ذوقه بشعًا قبيحًا عدَّه الآخر مقبولًا حسنًا، ومن أجل ذلك لا يمكننا البت في تعيين الأساليب المستهجنة؛ بل لا يمكن وضع قاعدة يرجع إليها في ذلك.
فلا جرم أن يكون تحكيم الذوق الخاص في اختيار الأساليب الدخيلة غير ممكن التطبيق؛ إذ لكل كاتب ذوق، وكل كاتب وذوقه والنقد من وراء الأذواق بالمرصاد؛ إذ لا ينبغي التشاؤم بهذه الأساليب الجديدة، فلا يحسن إيصاد الباب في وجهها ما دام النقد كالحاجب على الباب يأذن ويصد ويقبل ويرد.
بدت هذه الفكرة عندما اشتدت حركة الترجمة أيام المأمون العباسي، فإنه جعل يومًا في الأسبوع يلتقي فيه علماء اللغة بالمترجمين فيعرض هؤلاء على أولئك عملهم، وتجري المناقشة فيه، ثم يقر الرأي على ما يقتنع به المجمع. فعمل المأمون لا يحتمل الشك في أنه أول من فكر في أهل العربية فيما نسميه الآن مجمعًا لغويًّا.
تأثير الترجمة في الشعر
قال جرجي زيدان: «تأثر الأدب العربي بالمؤلفات الأوروبية، ويغلب النزوح إلى الأساليب العصرية في المطلعين على الشعر الإفرنجي والآداب الإفرنجية، وربما اقتبسوا شيئًا من أساليبها ومعانيها، ولا يقلل ذلك شيئًا من شاعرية القوم، وفي مصر اليوم طبقة من الشعراء لا يشق لهم غبار، ولم يكن في مصر أشعر منهم في دور من أدوراها. لكن الطريقة العصرية التي نحن في صددها لم يتم نضجها بعد.»
(١٢-٣) أثر الترجمة في الفكر العربي
ولا تنس مع هذا عاملًا خطيرًا كان له أثره البعيد في تطور الأدب العربي عامة وفي النشر خاصة، وذلك أن ظهور المتعلمين على الأدب الغربي في لغاته أو مترجمًا إلى اللغة العربية، وإمعانهم في قراءته، وتقليب الذهن فيه كان له في أقلام الكاتبين أثر بعيد ظهر واضحًا في صرف أجل العناية إلى المعاني لا إلى تحسين اللفظ وتبهيجه، وفي القصد في الألفاظ فلا يطلق منها إلا بقدر المعاني القائمة في النفس والتجرد من المبالغات الممجوجة، والتحليق في أخيلته السخيفة والانصراف عن التمهيد بالمقدمات الطويلة التي كثيرًا ما تستهلك جهد الكاتب والقارئ جميعًا دون بلوغ الغرض الذي سيق له الكلام.
وكان من أثر هذا أيضًا تغير طريقة الكتابة طوعًا لتغير طريقة التفكير، وتقصير الجمل، وفصل العبارات وحبس كل واحدة منها على أداء معنى واحد، واعتماد لون طريف في ترتيب الكلام وتبويبه، وسوق المقال في الغالب لأداء فكرة واحدة، واستحداث صيغ جديدة لأداء معانٍ جديدة، والتجوز بكثيرٍ من المفردات لإصابة ما لا تطوله بأصل الوضع اللغوي
- (١)
سلاسة العبارة وسهولتها بحيث لا يتكلف القارئ أعمال الفكرة في تفهمها.
- (٢)
تجنب الألفاظ المهجورة والعبارات المسجعة إلا ما يجيء عفوًا، ولا يثقل على السمع.
- (٣)
تقصير العبارة وتجريدها من التنميق والحشو حتى يكون اللفظ على قدر المعنى.
- (٤)
ترتيب الموضوع ترتيبًا منطقيًّا.
- (٥)
تقسيم المواضيع إلى أبواب وفصول.
- (٦)
تذييل الكتب بفهارس أبجدية.
- (٧)
تسمية الكتب باسم يدل على موضوعها.
- (٨)
تنويع أشكال الحروف على مقتضى أهمية الكلام، فيجعلون للمتن حرفًا وللشرح حرفًا وللرءوس حرفًا.
- (٩)
إذا أرادوا إسناد الكلام إلى كاتب أشاروا إلى ذلك في ذيل الصحيفة.
- (١٠)
فصل الجمل بنقطٍ وعلامات.