مقدمة
بسم الله الحي الأزلي
حمدًا لمن رقَّى مدارك الإنسان، ترقية أفضت إلى تقدم العمران، فولَّد عقله الاكتشافات الجديدة، والاختراعات المفيدة، والعلوم الزاهرة النافعة، والفلسفة الحقيقية الساطعة، فسنَّ النواميس والشرائع، ووضع كل مفيد نافع؛ لكي يرقِّي الناس قمة الكمال الأثيل، فيبلغوا ميناء سواء السبيل، ويخلعوا عن أعناقهم نير الجهالة الثقيل، فسيقًا لمن يدرك الفلسفة الحقيقية ويسير تحت أعلامها، وتعسًا لمن يغترُّ بالسفسطة ويرضخ لأحكامها.
ومعلوم أن الجرائد والمجلات العربية كتبت المقالات الطويلة في هذا الشأن، وكلها عرَّبت أقوال تولستوي عن الجرائد الإفرنسية والإنكليزية، وكان لتلك الأقوال وقع عظيم في نفوس قارئيها. فلما رأيتُ تلك الحركة العجيبة هزتني خدمة العلم لتأليف هذا الكتاب وتعريبه عن اللغة الروسية، وهو يحتوي على مختصر تاريخ حياة هذا الرجل العظيم، ووصف معيشته وآدابه وفلسفته وآرائه الدينية وردود رجال الدين عليها، وقد عزمت بعون الله على ترجمة كتبه ورواياته خدمة لأبناء اللغة العربية، وشرعت الآن بترجمة رواية «الحب والزواج»، فأرجو من جماعة المتأدبين، وأهل الفطنة والذكاء، أن يغضوا الطرف عما يرونه من الزلل؛ فإن العصمة لله وحده.
ولا بدَّ لي في الختام من تقديم مزيد الشكر لحضرة خادم العلم والأدب إبراهيم أفندي فارس صاحب المكتبة الشرقية في القاهرة؛ لتفضله بطبع هذا الكتاب على نفقته، أدامه الله بدرًا ساطعًا في سماء المكارم والفضل.