الفتاة التي تصنع الرجال
ترددتُ قليلًا قبل أن أقدم على سرد هذه القصة، ولكن الآن لا بأس من قَصها ولا ضرر، نعم … لقد كنت مجرمًا، ولن تجد بين معاشر المجرمين خلقًا كثيرًا يرفضون الاعتراف، أو يحدثون الناس بقصة حياتهم، ولكني اليوم قد عدت رجلًا شريفًا، ولعل في إقدامي على التحدث عن الماضي حافزًا لغيري من المكدودين إلى التماس عيش الفضيلة، ومعينًا لهم على تنكب طريق الجريمة …
نشأت نشأة شيطانية، ونبتُ أسوأ منبت، ودرجتُ ونمَوْت وشببت عن الطوق، في أحقر أكواخ الفاقة والبأساء، في بلد عامر آهل، اشتهر بأنه شر ما في العالم من مدائن، فلا عجب إذا أنا من بكرة العمر قد سَرقتُ، وكانت سرقاتي الأولى من عجلات اليد والباعة الجائلين بسلعهم على صغار المركبات، وكان ذلك أمرًا طبيعيًّا؛ إذ لم يكن لي عمل آخر أعمله، أو صنعة أسلك نفسي فيها، وإذ رأيت اللدات من الأيفاع والمراهقين يفعلون ذلك، ويتضاحكون له، ويتنافسون فيه.
ولما بلغت السادسة عشرة، اتفق الصحاب جميعًا وتضافر رأيهم على أن لي مستقبلًا زاهرًا في عالم السرقة والسراق؛ فقد استطعت في ليلة من الليالي أن أنشل خمسين جنيهًا من جيب رجل جلس مع الشرب في بعض المواخير.
وبذلك المال مضيت فاقتنيت أبدع ثوب في السوق وجدته، وابتعت للثوب ما يتسق له من زينة، ويقتضيه من مظاهر النعمة، وغضارة الحال، وذهبتُ من غدي فدخلت على جمع من ناشئة اللصوص يؤلفون عصابة للنشل والسلب، وكانوا يتوافون إلى حان تنتظمهم فيه موائد الميسر حلقات، فقبلوني في زمرتهم ومضيت من ذلك الحين أعرف فيهم بصاحبنا «تاجر القماش» وهي كنية أطلقوها علي لحسن بزتي وجدة ثيابي.
ومضت بي الحال كذلك أربعة أعوام، نشالًا أوضع في السرقة وتمادى في الجريمة، وسدر في غلواء الشر والإثم، وكانت العصابة التي أنا منها تدعو نفسها «جماعة أبناء الشوارع» وقد أخذت وشيكًا تشتهر في المدينة، ويتسامع الناس بأفانين سرقاتها.
ولم نكن إلى ذلك العهد قد أتينا عملًا كبيرًا من أعمال السرقة؛ إذ كان شعارنا «الصيد السهل والفرار المضمون»، وكانت حلقات الميسر منتجعنا، وأندية القمار المرتاد الذي نروح إليه ونغدو.
وكان لنا نادٍ يضم أفرادنا، وهو حجرة استأجرناها فوق حانوت بدال، نتلاقى عندها ونتواعد إليها، لنختط الخطط، ونقرأ من الكتب وأسفار الأدب وقصص أبطال اللصوص ونوابغهم.
وكان منا فتية اشتهروا بتعاطي العقاقير، وأدمنوا الشميم، ذلك السم الذي اصطلح بغاته والمولعون به على تسميته «الجليد الأبيض»، ففي جلسة لنا وقد طاف الشميم، قال قوم منا إنهم قد علموا أن حلقة من لاعبي البوكر ستنتظم في ذلك المساء بالذات، في إحدى قاعات فندق كبير في المدينة، وسيحتدم اللعب ويشتد الجزاف بالرميات الضخمة؛ لأن القوم جميعًا من الأغنياء والسادات. فاقترح الجمع أن نذهب إلى ذلك الفندق، ونتغفل اللاعبين حتى تواتينا الفرصة فنشهر عليهم المسدسات ونختطف ما بين أيديهم من ركام الأموال، ونلوذ بأذيال الفرار آمنين.
ومضينا نرسم الخطة، وندبر التدابير، واتفقنا على أن يكون لقاؤنا إذا انتصف الليل، بمكان قريب من الفندق، فإذا توافينا افترقنا، ودخلنا وحدانا من باب الخدم، بواسطة مفتاح مصطنع. ولقد كانت هذه الخطة فكرتي المبتكرة الرائعة، ولا فخر، وقد نجحت هي وأخفقت أنا واقتُنصت؛ إذ بينما كنت مسرعًا في الطريق وقد ألممت على المكان الذي ضربناه للملتقى، داخل الريب أحد الشرطة فمشى نحوي وأوقفني عن المضي في طريقي حتى يفتشني، وكنت أحمل مسدسي، فزاده ذلك ريبة بأمري واستاقني إلى المخفر. وخرجت العصابة من تلك الغارة موفقة، ولما كان الشرطي قد قبضني وأنا قريب من الفندق، وقد حملت سلاحًا دسسته بين أثوابي، راح الشرطة والمحققون يجمعون من ذلك ما شاء لهم من القرائن والبينات، ودفعوني إلى القاضي فحكم علي بالسجن عامين.
وقضيت المدة في عذاب وألم، وحاولت العصابة مساعدتي على التماس الهرب، ولكني لم أجد له سبيلًا. وزادني عذاب المحبس على الدنيا نقمة، ورأى أصحاب السجن بوادر التمرد مني والثورة … فشددوا على الرقابة، حتى أتممت المدة كلها غير منقوصة شيئًا لحسن السلوك.
ولما رأيتني بعد ذلك حرًّا طليق سراح، شعرت كأن حجرًا ثقيلًا قد أزيح عن صدري. ولكني كنت على الإنسانية ساخطًا، فأقسمت لأثأرن لنفسي من المجتمع، وأرين العالم كيف تكون ترتي وشري وضري …
عامان … ذلك والله دهر طوال، ولكنه في غيابة السجن هو الأبد وقد عرتني منه في أول مقامي به نوبات سآمة وغضب، ثم ما لبث أن أخذت في قراءة الكتب، وانتهى بي هذا التلهي إلى حبه وإلى الشغف بالمطالعة. ومنذ ذلك الحين، جعلت أقضي ساعات الفراغ في السجن قارئًا مكبًّا على الكتب، ووجدتني تعلمت الشيء الكثير، وأصبت قسطًا من العلم، فأخذت في بعض الأحيان أسائل نفسي: ألم يجد عليَّ هذان العامان أحسن الجدوى، ويردَّا عليَّ خير مرد، وقد نفعني السجن من حيث لم أحتسب ولم أرتقب؟ ولكني كنت لا ألبث أن أنفي هذا الخاطر من ذهني، وأنقي هذه الفكرة جانبًا، فلا عجب بعد ذلك إذا أنا رحت بعد إطلاق سراحي، أنتجع نجعاتي الماضية، وأعود إلى الصنعة القديمة!
وكانت العصابة قد تغيرت وتحولت، وأصبح أفرادها في ذلك العهد ضحايا المخدرات، وفرائس لذلك الشميم الأبيض، وأمعنتْ في البغي والعدوان، وأضحت لا تتورع من القتل في سبيل السرقة، وكان لهم محام يجزلون له العطاء في سبيل المرافعة عنهم أمام القضاء، وأحسبه كان بتلك الأموال التي راحوا يغدقونها عليه خليقًا حريًّا، لأنه لم يدع أحدًا يذهب إلى السجن بقوة خطابته، وغريب دفاعه. وهو عالم عالم بأمرهم، لا تخفى عليه خافيتهم.
وما كادت تنفرط عشرة أيام على يوم سراحي، حتى ركبنا سيارة ضخمة نقصد بها إلى بلدة صغيرة على مسيرة ثلاثين ميلًا من المدينة، وبدأنا السير في الحادية عشرة منتوين أن نبلغ البلدة ظهرًا، ونحن معتزمون أن نهاجم مصرفًا هناك فنسلب أمواله.
وهنا كان مدار الطريق، ومفرق السبيلين: سبيل الشر وسبيل الخير … نعم في هذه المرحلة كان خلاصي من عيشي الماضي، وتطليقي حياة الجريمة والآثام.
وإليكم كيف كانت الأعجوبة: وإنا سائرون بسرعة ثلاثين ميلًا في الساعة، وقد قطعنا نصف الطريق إلى الواجهة المقصودة؛ إذ أخذ صاحبنا الذي يتولى عمل السائق، يخفف سرعة السيارة فجأة، وصاح بنا قائلًا: «على الطريق ظبية مليحة، فما قولكم في اقتناصها».
فنظرنا فإذا على قيد خطوات منا فتاة فاتنة المحيا قادمة صوبنا، وأصاب اقتراح «السائق» كل القبول من الجماعة ورقصوا له طربًا ومجانة … وما كادت السيارة تدلف بنا جانب الطريق أمام كوخ مهجور حتى وثب منا فتيان إلى الأرض فتقدما نحوها، فانزوت الفتاة منهما خوفًا ورعبًا، فصاح أحد الزملاء من السيارة قائلًا: ألقيا بها في السيارة، فليس لدينا من الوقت فسحة لهذا العبث.
وسمعت الفتاة كلمته تلك فارتد محياها في صفرة وجوه الموتى، وقبل أن يضع الفتيان أيديهما عليها مضت في عويل ونحيب …
•••
في تلك اللحظة لست أدري ماذا حدث لي، وما الذي اختلج في صدري، وسرى في أطواء نفسي، ففي خطف البرق نزلتُ من المركبة والمسدس في يميني، فلم يكد الفتيان يرياني على هذه الصورة حتى تراجعا مسندين ظهريهما إلى السيارة، رافعين أذرعهما في الفضاء، ووقفت حيال الجميع أصيح بهم: يا عصابة السوء وجماعة الشر واللؤم، هذا فراق بيني وبينكم، البدار إلى الرجوع من حيث أتيتم، ولا تحاولوا خطة أنا مدبرها، لأنني الساعة عليكم مفسدها ومنبئ أهل المصرف المالي بنبئها.
ووقفت حيال السيارة وألقيت إلى السائق الأمر بالدوران، وجمدت في موقفي حتى رأيتها قد دارت عائدة من الطريق التي منها أقبلتْ، وتلقيت من الجمع بضع نظرات شريرة كظيمة، ولكنهم كانوا بي عالمين، وكنت أنا بجبانتهم وخوفهم جانبي أعلم وأعرف.
ورأيت في عيني الفتاة بريق الفرح بالنجاة يسطع، ووجهها المليح يسترد ورده، ويشرق بعد اكفهرار ويلتمع، فكان ذلك خير الجزاء، وكان أبدع مستعاض عن تلك النظرات الشنيعة النكراء.
وانثنت تقول في رفق: شكرًا … ولم تزد، ووقفت تتبع السيارة بعينها في صمت.
وانتبهتُ بعد ذلك من غشية الموقف المباغت، فوجدتني مقتعدًا الأرض والفتاة تمد إلي يدها لتنهض بي.
قالت: أخف ما بك.
قلت في ضعف وتخاذل: نعم، وما كان بي من أولئك الأدنياء غير ألم الاشمئزاز ساد مشاعري وذهب لحظة ببعض قوتي.
وسكتُّ هنيهة ثم عدت بدافع غريب تولاني أقول: فهل ترينني أشبه أولئك السفلة في شيء، وهل في وجهي ما في وجوههم، وعليه من السمات سماتهم؟
فانثنت تجيب في شيء من الاحتجاج، والغضب الحلو البديع: كلا! ما أنت منهم ولا هم منك في قليل ولا كثير، ولا يخفى هذا على من به مسكة من العقل، وعين تنظر وتتبين، وأكبر ظني أنك عن خطأ وجهل بهم ركبت مركبهم، واحتواك عن غير بصيرة مجلسهم، ولقد كان هذا الخطأ من حظي، وبفضل هذا الجهل بهم كانت نجاتي من شرهم.
قلت: لم أركب مركبهم عن جهل، ولا كانت رفقتي لهم عن غير بصيرة.
ورحت أقص عليها قصتي، ووجدت في الاعتراف راحة، وشعرت من مكاشفتها بتاريخ الماضي بسرور لا يوصف.
فلما سمعت قصتي، هزت رأسها في إطراقة المعتبر المتأثر، وأنشأت تقول: لقد أحسنتَ صنعًا بهذا الفراق الذي آذنتهم به، واليوم أنت مستطيع أن تبدأ الحياة من جديد متناسيًا ما كان من ماضيك كأن لم يغن بالأمس.
وسكتت لحظة ثم عادت تقول: وخير ما تفعله الساعة أن تجيء معي إلى البيت لنتناول الطعام ونقضي ساعة من الزمن تفكر وتقطع فيما أنت معتزم من أمر مستقبلك.
وقبل أن أجيب، تناولتْ ذراعي واجتذبتني إلى الطريق سائرة بي صوب دارها.
•••
وكنت قبل ذلك العهد لم أَخبر النساء ولم يكن لي بهن شأن، ولكني في تلك اللحظة لم أستطع أن أمنع نفسي النظر إلى هذه الحواء الصغيرة، وتأمُّل وجهها المليح، على رغم أنها لم تكن تعدو شأن الطفلات الغريرات.
وقدرت أنها في الربيع الثامن عشر، ورأيت لها شعرًا أسود جثلًا أثيثًا كثير الأمواج، وعينين سوداوين تنمان عن فرط إحساس، شفافتي الزجاجة، ملتمعتي النظرات، وأنفًا دقيقًا حسن التركيب، وفمًا حارًّا لم يخلق لغير القبل.
ورحت أتصور كم كان يكون هنائي لو أنني لقيت فتاة كهذه قبل عهدي هذا ببضع سنين، وأي خير كان سيرده علي لقائي بها، وأي فضل علي أستمده من حبها والبناء بها.
ومضت على الشقة البعيدة إلى دار أهلها، مسرة ميل وبعض ميل … تقص عليَّ الكثير من شأنها، وتحكي لي عن نفسها، فإذا هي تعيش مع أخ لها في أكناف جدة لهما كفلتهما منذ سنتين، عقب وفاة أبويهما في مطاح أحد الأوبئة. وأدركتُ من خلال حديثها أنهم في فاقة ورقة حال، وإن لم تذكر ذلك ولم تجهر به، فقد كانت الفتاة فخورًا مزهوة شماء.
وعلمت أيضًا أن لتلك الجدة أرضًا ورثتها عن زوجها، فهم يعيشون جميعًا من غلة تلك الأرض وحصادها، وأن أخاها حدثٌ في طراءة العمر، لا يستطيع العمل في المزرعة، ولم يؤت علم الزرع والحرث، وأن جدته وأخته تلتهفان على بعثه إلى المدرسة ليتلقى شيئًا من العلم يجدي عليه في مستقبل أيامه، ويهذب من حواشيه، ولكنهما لم تفعلَا وتخشيان ألا تفعلَا؛ لأنهما تحتاجان إليه في رعاية شؤون الحقل جهد المقل.
•••
وقدمتني إلى جدتها ونبأتها بما جرى على الطريق ولم تذكر من قصتي شيئًا، فشكرتني العجوز أوفر الشكر، وكانت تلوح بمعارف وجهها المشرق وفروعها البيضاء في الستين، ولم تفعل السنون شيئًا في طلعتها الناضرة.
وكانت الساعة قد اقتربت من الواحدة، فقالت الفتاة: أين أخي يا جدة، لقد وجب الطعام وتهيأ، فأين تراه ذهب وغاب هذه الغيبة؟
فانتشر على وجه العجوز قلق وخوف، وأجابت قائلة: لقد ذهب يا غاليتي إلى المرعى لإقامة السور حوله ولما يعد، وقد ركب الجواد وأخشى أن يكون قد أصيب بسوء.
فانتظرنا لحظة أخرى ولما يعد بعد، وأوجست الجدة وحفيدتها من غيبته خيفة عليه، تطوعت إلى الخروج لافتقاده.
فانطلقت ألتمس الحقل، وكان يترامى خلف البيت، وفي طريقي تبينت أن الزراعة لم تكن في حال حسنة على فرط اجتهاد اليد المشرفة عليها، فقد كان شيء يتراءى نظيفًا، يشعرك السلام والسكون اللذين تعرف أثرهما في جو الدار، وتحسهما يملأن أفقها.
وما كدت أسير غير بعيد حتى سمعت صيحة الفتى وكان قد كبا به جواده فرض إحدى قدميه.
فاحتملته إلى البيت، وكان غلامًا لم يدرك الحلم بعد، وقد نبأني وأنا محتمله أنه في الثانية عشرة، ولكنه كان شجاعًا جلدًا ثابت الجنان، فلما سقط سقطته تلك لم يرفع بالصياح عقيرته، ولم يملأ الجو بعويل أو يستصرخ لينادي الناس إليه، وإنما بقي في موضعه ساعتين صابرًا يرتقب أحدًا من السابلة، فلما أهللت ناداني إليه.
وخشيتُ إذ دخلت به البيت أن تسقط جدته من فرط التأثر والخوف عليه، ولكني رأيتها قد استجمعت بقية جَلدها، فصبرت لمشهده وتجلدت، وألفيت أخته ترتعش وترتجف من خيفة عليه، وكان الغلام رجلهما الذي يُعولان في الحياة عليه، ويركنان في طلب العيش إلى قوته.
•••
وجاء الطبيب وذهب، وجلسنا إلى الطعام على الأصيل، وكانت جلستي إليه، أهنأ ما جلست في الحياة إلى طعام، وكانت الوجبة أشهى وأعذب ما وقع لي من مأكل على مائدة.
وأدركت حاجتهما إلى النصير وافتقارهما إلى الولي المعين، فعرضت عليهما البقاء للعمل في أرضهما، وكانت الزراعة في أشد الحاجة إلى الرعاية في ذلك الموسم، وقد كنت فيما عرضت من أمر البقاء مطاوعًا حاسة جديدة سرت كهرباؤها في النفس وهي لا تدري، وكانت تلك الحاسة ببوادرها، تلك الغامضة الخفية قد تكشفت لي بعد ذلك ببضعة أشهر، فإذا هي … الحب!
وقالت فتاتي وهي تبتسم ابتسامة الشاكر للصنيع: جميل منك هذا الذي تعرض وكريم محمود، ونحن نقدره قدره ولكننا لا مال لدينا نوفيك منه حقك وأجر عملك.
قلت: لست أحسبني أستحق كبير أجر، على أن لي فضلة من مال أستعين بها على ما أريد إلى أوان الحصاد فأنال يومئذ أجري.
وكذلك رضيت مني بالبقاء، إذ رأت في البقاء نفعي ونفعهم.
•••
والآن لا يزال فخار الفتى ببراعة زوج أخته في الزراعة وحسن القيام على الحقل، وتحدثه في المجالس عن طيب الثمر، وازدهار الحصاد، البقية الباقية التي تذكرني بالماضي وأحداثه، ولكني لا ألبث أن أعود فأطرد الذكرى بالنظر إلى وليدي الصغير الفاحم الشعر، وإلى عيني أمه السوداوين الفاتنتين.
حقًّا لقد أتى الحب بالمعجزة، حباني من السعادة نعمة هي أجزل نعم الله على أهل الأرض.