الذات واللذات
«والآن أتركك، أيها القارئ الكريم، مع سطور هذا الكتاب؛ لتَعرف المزيدَ عمَّا بهذه الدنيا من لذَّات ومَلذَّات؛ لعلك تخرج منها بعِظةٍ تنفعك، أو تجد فيه لذَّاتٍ كنت تُفرِّط فيها عن جهلٍ وبلا إدراكٍ لمَغبَّتها ومَساوئها عليك في الدنيا وفي الآخرة. وأغلب الظن أنك واجدٌ في هذه اللذَّات فوائدَ جمَّة لذهنك اللهيف إلى كلِّ لذَّةٍ فكريةٍ نافعة ومُجدية ومُشبعة.»
«اللذَّة» كلمةٌ غير واضحة المعالم، ولا حدود لها؛ فهي كلمةٌ مُترامية الأطراف، ذاتُ معانٍ كثيرة؛ فمدلولها يختلف باختلاف ذواتنا ومُيولنا ورغباتنا ونَزواتنا، كلٌّ منَّا يراها برؤيةٍ مختلفة. وحينما نُمعِن النظر في الكون نجده مليئًا باللَّذات؛ فهناك لذَّات في الأرض وهي لذَّات الدنيا، وهناك لذَّات في السماء وهي لذَّات الآخرة. كذلك الحياة جميعها لذَّات؛ فهناك لذَّات شهوانية ولذَّات رُوحانية، لذَّات معنوية ولذَّات حسية، حتى السكونُ والثبات لذَّات، والأفعالُ والحركات لذَّات؛ فكلُّ شيءٍ يترك أثرًا ومَذاقًا جميلًا في أنفسنا فهو لذَّة. وفي هذا الكتاب أراد كاتبُنا «أمين سلامة» مُعالَجة موضوع اللذَّة من منظوره الخاص، وإلقاء الضوء على مقاصد اللذَّة ومواقعها، ومكنوناتها ومدلولاتها، وذلك من خلال مجموعةٍ من الخواطر التي نَبعَت من رُؤاه الذاتية لِلذَّة، وصاغها بأسلوبٍ واضح وبسيط، بعيدًا عن التكلف والتعقيد.