الحنين الباكي
كثيرًا ما يُراودك الشوق إلى أشخاص يُخيَّل إليك أنهم ما زالوا على عهدهم القديم، ترفع سماعة الهاتف كي تسمع صوتهم، فلا تجد إلا جمودًا وبرودًا وسلامًا لا يحمل أي معنًى للحياة، وقتها تغرق في اللاوعي؛ هل أنت السبب، أم الزمن، أم هي طبائع الناس، ويتبقى سؤال: لماذا ظلوا بقلبي رغم ابتعادهم؟ ولماذا لم أُطبق أنا هذا القانون؟!
أبحث في فلك الوهم، أشتاق ولم أجد من يشتاق يومًا إلي، وكأنني فراغ! كأنني طيف، لا، لا، بل أنا سراب لا يُرى إلا في صحاري العمر الضائع!
إحساس مرير أن تصبح رغم وجودك في الحياة من الأموات، تُرى هل سأنال شهادة ميلاد تُثبت أني من الأحياء قبل أن يستقيم خط نبضات القلب ويكفَّ عن تعرجاته، وقتها هل ربما يُقال عني: «كان طيب الله يرحمه.» وربما قد يُقال: «مين فلان؟ مانعرفوش.»
والآن أمَا آن لك أيها القلب البائس، أن تضع الناس في نِصابهم الصحيح، لا تنتظر منهم أكثر من اللازم، ولا تنتظر منهم أن يُثنوا عليك ولو بالقليل، فالبخل حتى بالمشاعر أصبح هو السائدَ في زمان غلبَت عليه المصالح، وما دمت بعيدًا عن دائرة المصالح، فأنت بعيد عن قضاء حوائجهم، فلن يتذكروك ولن يحتاجوا سماع صوتك ولا حتى مصادفة، فلتكفَّ عن النحيب … انتهى!