مستقبل الوسطية في الثقافة العربية الإسلامية
«لا يُمكِن الوصول إلى الوسطية إلا بالتعدُّدية الفكرية التي تقضي على أحادية الطرف والتطرُّف، والتشدُّد في التمسُّك بالرأي الواحد الذي لا رأيَ يقابله لكي يُمكِن إيجاد الوسط بينهما.»
يُمثِّل «حسن حنفي» تيارَ الوسطية في الفكر العربي المعاصر؛ فلا هو جنَح إلى العلمانية بتفسيراتها المادية المجردة، ولا إلى التيار الديني بحُكمه الثيوقراطي، بل اتخذ موقفَ الوسط بين الحفاظ على الهُوِية العربية والإسلامية من ناحية، وأولويةِ العلم والعقل من ناحيةٍ أخرى، ليُشكِّل بذلك تيارًا وسطًا له فلسفتُه الخاصة ومشروعُه الفكري الذي يُفسِح المجالَ للتعدُّدية الفكرية، وراح يُنظِّر هذا التيارَ في كتُبه ومقالاته ولقاءاته التليفزيونية ومحاضراته. وهذا الكتاب عبارة عن سلسلة من المحاضَرات ألقاها المفكِّر الكبير سنة ٢٠١٤م، ركَّز فيها على الوسطية بوصفها مفهومًا له جذورُه التاريخية بدْءًا من الفلسفة اليونانية القديمة، مرورًا بالفكر الإسلامي، وحتى الفكر الحديث والمعاصر، وبيَّن كيف تأثَّرت بعضُ التيارات الدينية المعاصرة بالوسطية، مع إبراز مفهومها الاجتماعي، وأفكار التيار الذي سمَّاه «التيار الإسلامي العلماني» أو «التيار الإسلامي الحداثي».