الثقافة العربية
الثقافة هي العامل المحدد لتصورات العالم، لا ترد إلى الواقع الاجتماعي أو إلى التصور الرياضي، لا إلى المادة الصماء ولا إلى الصورة الجوفاء. الثقافة هي تراكم المعارف عبر الأجيال في أمثال عامية تتكرر جيلًا بعد جيل حتى تصبح جزءًا من حكمة الشعوب تعبِّر عن نفسها في الأغاني الشعبية وفيما يبرِّر سلوك الناس حبًّا أوكرهًا؛ وتتنافس مع النص الديني المقدَّس في الاستشهاد بما يراه الناس بحاجة إلى تبرير، نفيًا أو إثباتًا. وهي الثقافة العربية الإسلامية في آنٍ واحد؛ العربية نسبةً إلى اللغة؛ فالعروبة هي اللسان، والإسلامية نسبةً إلى نسق القيم والتوحيد والعدل. يضم التوحيدُ التنزيهَ والمساواة العامة بين أبناء البشر. ويضم العدلُ العقلَ وحرية الاختيار على ما هو معروف من الأصول الخمسة عند المعتزلة، وهي ليست قيمًا مادية في الغنى والثراء والقوة والجاه كما هو الحال في الغرب والقيم الغربية. وهي لا تحتاج إلى تعريف نظري، بل هي ما يشعر به كلُّ مواطن عربي حين يفهم الخطاب العربي نفسه، ويتذوق الأعمال الفنية العربية نفسها، المسموعة كالأغاني، أو المقروءة كالرواية والقصة، أو المرئية كالسينما وفنون الأرابيسك التي تضم فنون الزخرفة من المغرب غربًا إلى الصين شرقًا.