طفولة خطرة: «الوعد» واحتمالية الفضيلة
مقدمة
في الفصلين السابقين، بحثنا الأخلاق بطريقتين مختلفتين. أولًا: طرحنا السؤال التالي: «ماذا يدفعنا لالتزام الأخلاق؟» ثم طرحنا هذا السؤال: «ما الذي يجعل الأفعال صائبة أو خاطئة؟» وقد تساءلنا على وجه التحديد عما إذا كانت الأفعال تصبح صائبة أو خاطئة، إذا أوفت بالمبادئ الأخلاقية التي تندرج تحتها أم إذا أدت إلى أفضل العواقب من الناحية الموضوعية. في هذا الفصل، سوف نُلقي نظرة أخرى على الأخلاق لكن من زاوية أخرى؛ فبدلًا من التركيز على أنواع الأفعال والخصائص التي تجعلها صائبة، سوف نركز على الناس، ونتساءل عما يجعل الأفراد صالحين أو فاسدين من المنظور الأخلاقي. وبينما نتولى ذلك، سنتحرى نظرية يُطلق الفلاسفة المعاصرون عليها اسم نظرية الفضيلة.
يواجه إيجور مشكلات بالغة الجدية. هو صبي يبلغ من العمر ١٥ عامًا، ويعمل ميكانيكي سيارات تحت التمرين، لكن عمله الحقيقي هو مساعدة والده، روجر، في نشاطاته الإجرامية الكريهة والمتعددة. (ما يُسفر بالطبع عن فصل إيجور سريعًا من وظيفته كميكانيكي تحت التمرين.) في بداية الفيلم، نراه يسرق حافظة نقود من عميلة، لكنه سيرتكب أفعالًا أفظع مع توالي الأحداث؛ فهو يساعد والده على إدارة ما يشبه نُزلًا للوافدين غير الشرعيين إلى بلجيكا (وهم أُناس سيواجهون خطر الترحيل إذا اكتشفهم مسئولو الهجرة البلجيكيون). يأتي أولئك الأفراد من أماكن متنوعة مثل يوجوسلافيا وكوريا وأيضًا من دولة بوركينا فاسو غرب الأفريقية، التي تلعب دورًا محوريًّا في أحداث الفيلم. يستغل روجر هؤلاء المهاجرين كعمالة رخيصة ويبتز أموالهم. ويبدو أيضًا أنه يدير عمليات التهريب التي تجلب أولئك المهاجرين غير الشرعيين إلى بلجيكا أو ينتفع منها على الأقل. ولكي يتخلص من مضايقة مسئولي الهجرة، يختار بعضًا من ساكني النُّزُل الذي يملكه، ويسمح لشرطة الهجرة باعتقالهم وترحيلهم، ويستعين بإيجور في تنفيذ هذه العملية. يبني روجر منزلًا لأجل ابنه، كما يُخبر المشاهدين في المَشاهد الأخيرة من الفيلم. ويسود موقع البناء اضطراب وفوضى يُشكلان خطرًا على الأفراد؛ فأعمال البناء تنطوي على خطورة، ويتجاهل القائمون عليها تدابير الأمان. وفي أثناء سير العمل، تجتاح الموقعَ شرطةُ التفتيش على العمل، فيندفع العمال باحثين عن أماكن للاختباء، ويسقط أحدهم من على السقالة (إذ لم يكن يرتدي حمالة الأمان). يُدعى هذا الرجل حميدو، وهو من بوركينا فاسو، وقد أتت زوجته (أسيتا) وابنه لتوِّهما من هناك ليعيشا معه في بلجيكا. وبينما يستلقي حميدو على الأرض؛ إذ يعاني من إصابات خطيرة، يدفع إيجور إلى أن يعِدَه بالعناية بأسيتا والطفل. رغم ذلك يسارع إيجور بإخفاء الرجل المصاب، ويساعد أباه في الكذب على المفتشين. وبعد مغادرتهم يحاول نقل حميدو إلى المستشفى لكن أباه يرفض رفضًا قاطعًا. وعليه، يخضع لأوامر أبيه، ويساعده على إخفاء حميدو تحت قطعة من المشمع يعلوها لوح من الخشب (باب خشبي منفصل) ويغطون آثار الدماء بالرمل. يموت حميدو في وقت لاحق خلال اليوم، ويدفنه روجر وإيجور ليلًا في موقع البناء. يركض إيجور، ويترك أباه في خِضم عملية الدفن؛ فالموقف أقوى من قدرته على الاحتمال.
ما هي الفضيلة؟
منظِّر الفضيلة الأعظم تأثيرًا في تاريخ الفلسفة هو أرسطو (٣٨٤–٣٢٢ قبل الميلاد)، الذي يرى أن الفضائل هي حالات تستحق تقديرًا استثنائيًّا من حالات الشخصية. إنها نوعيات من حالات الشخصية تضفي علينا نبلًا، وتُشكِّل أساس حياة صالحة تستحق العناء. تنطوي الفضائل على ميل نحو التصرف بطرق معينة مناسبة، لكنها لا تقتصر على ذلك؛ فهي تتضمن أيضًا ميلًا نحو الشعور بالمشاعر المناسبة وإدراك المواقف إدراكًا مستبصرًا ومراعاة الحكمة عند التفكر جليًّا في الأمور. الفضائل ليست مجرد عادات سلوكية أو مهارات، بل هي طرق معقدة للاستجابة لمواقف تتعرض لجوانب متعددة من شخصيتنا ومن مزاجنا العاطفي ومن ذكائنا. يقسم أرسطو الفضائل إلى فئتين: فضائل الشخصية (في بعض الأحيان يُطلق عليها «فضائل أخلاقية») وفضائل العقل (في بعض الأحيان يُطلق عليها «فضائل عقلية»). أهم ما تتضمنه فضائل الشخصية هو التحكم في مشاعرنا، في حين تتضمن فضائل العقل مزايا العقل. التفوق في العلوم على سبيل المثال يتطلب التمتع بفضائل عقلية، أما عيش حياة جيدة فيتطلب فضائل أخلاقية. في هذا الفصل، نهتم على وجه التحديد بالفضائل الأخلاقية (رغم أن الفضائل الأخلاقية تتضمن، كما سنعرض لاحقًا، فضيلة عقلية معينة، يُطلق عليها أرسطو «فرونيسيس» وغالبًا ما تُترجم إلى الحكمة العملية).
كيف تُكتسب فضائل الشخصية؟ يجيب أرسطو على ذلك قائلًا إننا نبدأ في اكتسابها منذ الطفولة عبر التعود. على سبيل المثال الأطفال ليسوا كرماء بطبيعتهم، لكن عبر دفعهم إلى التصرف كما لو كانوا كرماء، حتى وإن كرهوا ذلك، سوف يعتادون على فعل الكرم. وفي النهاية قد يكتسب الطفل جوانب نفسية محورية من جوانب الفضيلة؛ أي الاستجابة للمواقف بالمشاعر المناسبة واستمداد المتعة من التصرفات السليمة. إذا رغبنا في أن ينمو الطفل ليصبح شخصًا ناضجًا فاضلًا حقًّا، لا بد أن يكتسب نوع الحكمة العملية أو الذكاء الذي يمكِّنه من الاستجابة للمواقف استجابةً سليمة. وكما ذكرنا بالأعلى، يُطلِق أرسطو على هذا النوع تحديدًا من الفضيلة الفكرية «فرونيسيس»، وامتلاكها أمر لا غنى لنا عنه كي نكتسب فضائل الشخصية كاملةً. على سبيل المثال، لا يهب الشخص الناضج الكريم أمواله ووقته عن طيب خاطر وبكل سرور فحسب، بل يراعي الحكمة في ذلك فيَهَبها عندما يدرك أنها ستُحدث فارقًا بالفعل.
تذكَّر مناقشتنا لشخصية ويسلر في «حياة الآخرين» (الفصل الثاني عشر)، لقد جسَّد صورة لشخص غيَّر من منهجه الأخلاقي الرئيسي في الحياة بينما هو في كامل نضجه. إنها قصة استثنائية، بل مستبعَدة الحدوث، لكنها ليست مستحيلة. وقد التقينا مجددًا بشخصية أخرى من هذا النوع في «أن تحيا» (الفصل العاشر)، شخصية السيد واتانابي. في فيلم «الوعد» نقابل إيجور المراهق، الذي تخطَّى بالفعل مرحلة الطفولة، ورغم ذلك نجده عازمًا على السير في الطريق الذي رسمه لنفسه. تبدأ الشخصيات الثلاث كلها عملية تحوُّل ذاتي أخلاقي نتيجة حدث عرَضي مثل تعرُّف ويسلر الحميمي والمتلصص على دريمان وزيلاند، وتشخيص حالة واتانابي بأنه يعاني سرطانًا لا شفاء منه، والوعد الذي قطعه إيجور لرجل يُحتضَر. والفكرة الباعثة على التأمل في حالة كل منهم هي مدى اعتماد تحوُّلهم على الصدفة. ماذا لو لم يُكلَّف ويسلر قطُّ بالتجسس على الحبيبَين المشتغلَين بالفن؟ ماذا لو لم يعرف واتانابي قطُّ حقيقة تشخيص حالته (لا تنسَ أن الأطباء بذلوا كل ما في وُسعهم لإخفاء الحقيقة عنه)؟ ماذا لو لم يتمكن من استخلاص وعد أخير من إيجور؟ ربما كانت كل شخصية منهم لتستمر في المسارات الموحشة التي اتخذتها حياتهم.
نظرية الفضيلة والفعل الصائب
في الفصل السابق، حيَّرتنا حالة ركاب العبَّارتين في فيلم «فارس الظلام»، وتساءلْنا عما يجعل فعلًا ما صائبًا أو خاطئًا، ما دفَعنا إلى التركيز على الأفعال وخصائصها وتحرِّي نوعين من الخصائص: العواقب والمبادئ. حسب النظريات العواقبية يصبح فعلًا ما صائبًا، تقريبًا، إذا تمخَّض عنه ما يُعد أفضل العواقب الممكنة من منظور غير متحيز. أما نظريات أخلاق الواجب، فتدفع بأن الفعل يصبح صائبًا إذا اندرج تحت مبدأ أو قاعدة أخلاقية مناسبة. ما العلاقة بين مناقشة الفصل السابق لمفهوم الفعل الصائب ومناقشتنا الحالية للفضيلة؟ توجد أربعة مواقف فلسفية رئيسية يمكننا تبنِّيها هنا.
أولًا قد نسعى إلى اختزال الحديث عن الفضيلة في الحديث عن الفعل الصائب. والطريقة الأبسط لتحقيق ذلك هي ربط الفضائل بميول وطيدة إلى فعل الصواب في مجموعة متنوعة من المواقف. فلتفترض على سبيل المثال أن الكذب على الآخرين فعل خاطئ من الناحية الأخلاقية في جميع الأحوال. قد نعرِّف بناءً على ذلك فضيلة الصدق بأنها ميل إلى تجنُّب الكذب. وعلى هذا النحو، يُحدَّد تعريف الفضائل في إطار الفعلِ الصائب، والفعلُ الصائب هو المفهوم الأخلاقي الرئيسي هنا. قد لا تتفق بالطبع مع تحليل لفضيلة الصدق يزعم أنها ميل إلى الامتناع عن الكذب. وعليه، ربما نحاول إبداء القليل من الفطنة أو المرونة على الأقل، في توصيفنا للصدق؛ فقد نزعم أن الكذب إثم أخلاقي إلا إذا كنا مجبرين عليه (وبهذا أصبح علينا تقديم عرض لحالات الإجبار على الكذب تُصنف في إطار المبادئ أو القواعد الأخلاقية الأخرى؛ على سبيل المثال القواعد التي تحدد لنا متى يقع على عاتقنا واجب سامٍ بمساعدة الآخرين). يمكننا كذلك إضفاء المزيد من الإثارة على المسألة عن طريق السماح بالحالات التي نُعفى فيها من التزام الصدق نظرًا لسوء تصرُّف الآخرين. فربما يخسر الناس أحيانًا حقهم في سماع الحقيقة (مثلًا، قد يَكذبون أنفسهم علينا أو قد يستخدمون الحقيقة استخدمًا جائرًا في حقنا). وفي ضوء ذلك، يمكننا تعريف فضيلة الصدق على أنها ميل وطيد لتجنُّب الكذب غير المبرر (وتحدَّد مبررات الكذب حسب أسمى الواجبات الملقاة على عاتقنا أو فقدان الآخرين لحق التعامل الصادق).
لقد أصبحت المعضلة الآن هي تحديد ما سيحدث عندما نفكر مليًّا فيما ينبغي لنا فعله في موقف معين. إذا تبنَّينا نظرية من نظريات فعل الصواب، فيمكننا على ما يبدو الاكتفاء بتحرِّي الخصائص التي تجعل من الأفعال المحتملة أفعالًا صائبة كي نحدد أيًّا منها ينبغي لنا تنفيذه. لكن هذه العملية تبدو منطقية فحسب إذا كان لدينا صيغ أو إجراءات جاهزة نستعين بها لتحديد الفعل الصائب. وحسب صورة نظرية الفضيلة التي نتناولها حاليًّا، تلك الصيغ أو العمليات غير موجودة. ماذا سيحدث إذا رفضنا وصف المواقف من منظور الصواب والخطأ (أي من منظور الأفعال الجائزة والواجبة والمحرَّمة أخلاقيًّا)؟ كيف يُفترض بنا تدبُّر ما يواجهنا من المنظور الأخلاقي؟ هل يُفترض بنا تدبُّر أيٍّ من الأفعال هو الأصلح في ظل الظروف التي نواجهها؟ قد يبدو ذلك تكتيكًا منطقيًّا من الوهلة الأولى، لكنه لا يُجدي. فغالبًا الانشغال بفضيلتنا هو عينه الطريقة الخطأ للاستجابة لموقف ما، أو بعبارة أخرى، طريقة رديئة من طرق الاستجابة؛ فالتفكير بهذه الطريقة سيُعدُّ تفكيرًا نرجسيًّا من جانبنا على السياق الأخلاقي، كما لو أن كلَّ ما يهم في الموقف هو أن نخرج منه ونحن نبدو صالحين (أو بالأحرى نكون صالحين). تخيَّل أن يقرر إيجور مساعدة أسيتا، لا لسبب سوى أن يكون صبيًّا صالحًا. ثمة أمر محبِط حيال هذا الدافع الأخلاقي، فما يتسم به من اهتمام نرجسي بالنفس يقوِّض احتمالية الفضيلة الحقيقية. النرجسية ليست من الفضيلة؛ ومن ثم لا يمكن أن نصبح صالحين من خلال التركيز على هدف واحد فقط وهو أن نكون صالحين. ربما لاحظت كذلك أننا إذا فكرنا وفقًا لهذا المنظور فسوف نقترب كثيرًا من قبول الخيار الثالث الاختزالي الذي وصفناه سابقًا. حسب هذا الاقتراح، نكتشف الفعل الصائب عن طريق البحث عن الفعل الفاضل. والطريقة المثلى لاستيعاب هذا هي ببساطة المساواة بين التصرف على نحو فاضل والتصرف على نحو صائب. إذا رغب أحد في الدفاع عن هذه الصيغة الرابعة غير الاختزالية من نظرية الفضيلة، عليه تقديم رؤية للتفكير الأخلاقي الفاضل لا تقتصر على التفكير فيما سيُعد فعلًا فاضلًا، لكنها لا تختزل نفسها كذلك في تطبيق صيغ أخرى للفعل الصائب. وكما قد نتوقع من منظِّري الفضيلة، ستتسم تلك الرؤية على الأرجح بالتعقيد.
خلاصة القول، يوجد أربع طرق لوصف العلاقة بين فعل الصواب والتصرف على نحو يلتزم الفضيلة. (١) التصرف على نحو فاضل هو نفسه فعل الصواب. (٢) التصرف على نحو فاضل ينطوي على ما هو أكثر من فعل الصواب. (٣) التصرف على نحو صائب هو نفسه التصرف على نحو فاضل (أو التصرف مثلما كان الأشخاص الصالحون سيتصرفون في نفس الظروف). (٤) التصرف على نحو فاضل يختلف عن التصرف على نحو صائب (ولا توجد نظرية فلسفية مرضية توضح ماهية التصرف على نحو صائب، ومن الأفضل لنا ألا نعتمد على مفهوم الفعل الصائب كي نطرح أفكارًا فلسفية مهمة). فحتى تصبح واحدًا من منظِّري الفضيلة لا بد أن تدافع عن الطريقة الثانية والثالثة والرابعة وترفض الأولى. لكل صورة من صور نظرية الفضيلة الثلاث مناصروها، ولكل منها ميزة خاصة بها. تبدو الصورة الثالثة الأكثر منطقية؛ إذ لا تتطلب منا سوى تخصيص مكان مميز لدور الفضيلة في النظريات الأخلاقية التي نطرحها، في حين تبدو الصورة الرابعة الأكثر جذرية؛ إذ تتطلب منا التخلص من انجذابنا التلقائي إلى نظريات فعل الصواب مثل تلك التي عرضناها في الفصل السابق. لن نتخذ موقفًا حاسمًا ها هنا؛ فالفيلم لا يساعدنا على التمييز بين تلك الخيارات أيضًا. لكن ما يفعله، رغم ذلك، هو أنه يُقدم دليلًا قويًّا على أن الصيغ الثانية والثالثة والرابعة صحيحة وأن الصورة الأولى خاطئة.
الوعد وتأثيره
فلنرجع إلى الفيلم، حيث يَعِد إيجور حميدو أنه سيعتني بأسيتا وطفلها. في البداية لا يفعل الكثير لأجلهما. هو يساعدها على دق وتد (عمل بطولي حقًّا!) ويُحضر لها موقدًا يعمل بالخشب. هذه ليست المرة الأولى التي يُبدي فيها إيجور اهتمامًا بأسيتا، فمنذ وصولها إلى النُّزُل كان يراقبها. هو مفتون بها وبأسنانها البيضاء الرائعة، ونراه يحاول تبييض أسنانه بطرقه الخاصة (التي تتضمن وضع سائل تصحيح الأخطاء الكتابية الأبيض على أسنانه الأمامية، ما يجعله بالطبع يبدو مثل الإوزة). يُجسِّد الفيلم تقاربًا متناميًا بين الصبي وأسيتا بعدما قطع الوعد لزوجها؛ فيحضر تضحيتها بدجاجة في طقوس روحانية (إذ تريد معرفة مكان زوجها)، ويعطيها مالًا ويلقى جزاء هذا ضربًا مبرحًا من أبيه. يقوى الرباط بين إيجور وأسيتا تدريجيًّا، لكنه كان أكثر منها سعيًا لذلك. صحيح أنها ترحِّب بمساعدته لكنها كذلك متحفظة وعازفة عن تشجيعه؛ هي لا تحمل عاطفه كبيرة تجاه هذا الصبي الأبيض الغريب الذي يُبدي اهتمامًا يتعذر تفسيره بمصلحتها. في الوقت نفسه تضعف العلاقة بين الأب وابنه. لقد هيمن روجر على الصبي؛ فيُلقي إليه بأوامر حادة، ولا يقبل أيَّ نوع من المناقشة أو المعارضة، ويعاقبه بوحشية عندما يتصرف خلافًا لمصالحه. يلجأ روجر إلى طرق متنوعة لمكافأة إيجور عندما يتعاون معه، ويحاول كذلك أن يعوضه عن نوبات غضبه العنيفة بشتى الطرق؛ فيهديه خاتمًا في إحدى المرات، ويساعده في رسم وشم أعلى ذراعه بالمنزل، ويشتركان معًا في الغناء بأحد البارات. لكن شيئًا ما في العلاقة بين الأب والابن انكسر بعدما ترك الأب حميدو يموت.
يتجلى ذلك في تعبيرات إيجور بقدر ما يتجلى في أفعاله. في بداية الفيلم، يستجيب إيجور لأوامر روجر بينما يعلو وجهه تعبير عن الرضا والإحساس بالأهمية. فعندما يتلقى أمرًا بمغادرة مكان عمله في ورشة إصلاح السيارات والعودة إلى المنزل (لمساعده أبيه في التعامل مع مفتشي العمل) لا يُظهر أي شيء يدل على أسفه للمغادرة. وعندما ينذره رئيسه في العمل، ويخيره بين تحدي أوامر أبيه أو خسارة وظيفته التدريبية، ينحاز إيجور إلى أبيه دون أدنى تردد أو قلق؛ فمساعدته مطلوبة في شئون أخرى أهم من إصلاح السيارات وضخ الوقود (الدقيقة ٢٢ في الفيلم). عندما يستعين روجر بمساعدة إيجور في مَهمة خداع أربعة من ساكني النُّزُل وإرشادهم إلى شرطة الهجرة، يؤدي إيجور مَهمته بينما تعلو وجهه مظاهر اللامبالاة والفتور (الدقيقة ١٦). مع توالي أحداث الفيلم، تلين تعبيرات إيجور، فيزداد عبوسه، ويبدو أكثر انشغالًا وهشاشةً واضطرابًا. على سبيل المثال، قارن التعبير على وجه إيجور في مشهد الخداع (الدقيقة ١٦) ورد فعله في مشهد الهجوم على أسيتا (الدقيقة ٤٥). في مشهد لاحق، يرتب روجر حادث اعتداء جنسي مفتعل على أسيتا في محاولة لإقناعها بالعودة إلى وطنها، بينما نتابع نحن التعبيرات على وجه إيجور؛ إذ يُنصت إلى الصخب الناتج عن الهجوم، ومن رد فعله ندرك أنه كان على علم بترتيبات أبيه (لكنه لا يُهرع لمساعدتها، ويستمر في تحميل حجارة الرصف). رغم ذلك يحكي وجه إيجور قصة مختلفة تمامًا عما بدا عليه في مشهد الخداع؛ فهو يبدو مكروبًا ومستاءً، كما لو كانت ألاعيب أبيه تثير اضطرابًا وسأمًا في نفسه. (لا يؤدي هذا إلى تأثير بالغ الوضوح؛ فنطاق التعبيرات الذي يستخدمه جيريمي رينييه في تجسيد دور إيجور محدود؛ والتبدلات التي تبدو عليه ضئيلة وتكاد لا تُلاحظ، لكنها رغم ذلك ظاهرة للجمهور. وبما أنها ردود فعل طبيعية فليس على الممثل سوى بذل جهد ضئيل للإشارة إلى هذا التغير في المواقف، وهو ما يقوم به جيريمي بالفعل.)
إن انتقال إيجور من الاستغلال الطائش للآخرين والطاعة العمياء لأوامر أبيه إلى تكوين هُوية أخلاقية قوية يُجسده الفيلم في صورة تطوُّر في رد فعله العاطفي تجاه الآخرين. وهو اختيار يبدو صائبًا حقًّا. فتوجد ثلاثة محفزات محتملة تدفع إيجور إلى العناية بأسيتا. أولًا: وعده لحميدو المحتضَر، والشعور بالالتزام الذي زرعه هذا الوعد في نفسه. ثانيًا: تأنيب الضمير — وهو إحساس بمسئوليته عما حدث، ممتزجًا بشعوره بالذنب والندم — الذي انتابه على الأرجح لدوره في مصرع حميدو. ثالثًا: التجاوب العاطفي العميق الذي يبديه إيجور ناحية أسيتا، والذي ذكرناه سابقًا. تلعب المحفزات الثلاث كلها على الأرجح دورًا في تحريك أفعال إيجور، لكن الفيلم ينطوي على أدلة واضحة تدعم المحفز الأخير دون باقي المحفزات. إن الوعد الذي يقطعه إيجور في الفيلم يقتصر دوره في المقام الأول على إشعال شرارة اهتمامه العميق بأسيتا، وتجاوبه العاطفي معها ومع احتياجاتها. وبينما يحاول إنقاذها من روجر، لا يبدو أن الوعد هو محور اهتمامه الرئيسي بل أسيتا وطفلها.
لا يبدو أن شعور إيجور بالذنب نتيجة مصرع حميدو هو السبب الرئيسي الذي يدفعه في النهاية إلى تحدي والده وإنقاذ أسيتا (ولا ينبغي لنا توقع ذلك)، بل يبدو أن ما يدفعه في المقام الأول هو خوفه من المصير الذي يخفيه أبوه في جَعبته لأسيتا. ما الذي يدفعنا إلى التفكير على هذا النحو؟ ففي نهاية المطاف، نحن نشاهد فيلمًا لا يكشف عن المشاعر الداخلية لشخصياته إلا من خلال أفعالهم والتعبيرات الانفعالية على وجوههم. إن روجر وإيجور كليهما لا يتمتعان بالقدرة على الإفصاح عن أفكارهما ومشاعرهما، والحالات التي يعبران فيها عما يدور بخَلَدهما نادرة، إن لم تكن منعدمة. وكلاهما يستخدم اللغة كأداة لإنجاز المهام، ونادرًا ما يستخدمانها كوسيلة للتعبير والتواصل.
إذا كان تفسيرنا صحيحًا، تصبح شخصية إيجور أكثر ثراءً من شخصية تسعى فحسبُ إلى الوفاء بوعد على مدار الفيلم. لم يَفِ إيجور بوعده مدفوعًا فحسبُ بحقيقة أنه قطعه على نفسه، أو لأنه يرى أن الوفاء بالوعد هو الصواب، بل يكتسب في خِضَم ذلك فضائل قوية، وتتألف تلك الفضائل مما هو أعظم بكثير من الميل إلى التصرف كما ينبغي. تكمن الفضائل بقدر كبير في داخلنا مثلما توجد خارجنا. يوضح الفيلم هذا؛ وبذلك يطرح دعمًا قويًّا لصورة أو أخرى من صور نظرية الفضيلة الثلاث التي حددناها في الفقرات السابقة. تذكَّر أن أحد الخيارات المعارضة لنظرية الفضيلة (الخيار الأول) التي ناقشناها ساوت الفضائل بالميل إلى فعل الصواب. لا ينبع تحول إيجور الأخلاقي من دافع كهذا فحسب. وإذا كان ينبع منه، لم نكن لنستجيب له على النحو الإيجابي نفسه. وهكذا يوضح الفيلم أن الخيار الأول زائف، وأن الفضيلة تجمعها علاقة وثيقة بالقدرة على التجاوب العاطفي. تذكَّر أننا ذكرنا أثناء مناقشتنا لمفهوم الفضيلة عند أرسطو أن الفضائل هي حالات تستحق تقديرًا استثنائيًّا من حالات الشخصية؛ إنها أشكال تُضفي علينا نبلًا وتُجسِّد أساس حياة صالحة تستحق العناء. في فيلم «الوعد» نشهد تحوُّل إيجور من طفل يعيش حياة مهينة وبلا قيمة تقريبًا، إلى شخص ناضج يستحوذ على إعجابنا بشدة. إن التحول الذي تشهده شخصية إيجور تحوُّل جميل يحرك مشاعرنا. لكن من الواضح أيضًا أن هذا التحول يرتبط ارتباطًا وثيقًا بطريقة شعوره وتفكيره وإدراكه، وحكمه على ما حوله، وكيفية تصرفه في ضوء هذا كله. تخيَّل شخصًا يفي بوعد مثل الذي قطعه إيجور على نفسه لكن دون أيِّ تحوُّل مصاحب في شخصيته؛ من المستبعد أن يؤثر فينا هذا النموذج كثيرًا. نستنتج من هذا أمرًا ذا مغزًى فلسفي؛ وهو أن الهُوية الأخلاقية مسألة معقدة، ولا يمكن اختزالها في أداء الواجب الأخلاقي؛ فالفضائل مكونات لا غنًى عنها في حياتنا الأخلاقية، تتجاوز أداء الواجب الأخلاقي. لا يهتم الفيلم بالتفريق بين تنويعات نظرية الفضيلة الثلاثة التي ناقشناها في الفقرات السابقة — الخيارات (٢) و(٣) و(٤) — لكنه يفنِّد الخيار (١) بكل حسم.
قدرة الفيلم على الإقناع الفلسفي تكمن في الطريقة العفْوية غير العاطفية التي يُجسِّد بها الانتصار الأخلاقي الصغير الذي يحققه إيجور. ربما كان السبيل الأمثل لتناول هذه المسألة هو النظر إلى الفيلم باعتباره دليلًا فلسفيًّا على ما هو ممكن من منظور نظري يرتبط بالفضيلة. من الممكن تشكيل شخصية أخلاقية قوية حتى في ظل ظروف غاية في الصعوبة مثل هيمنة أب مستبد خسيس، وإحساس بالمسئولية والذنب، وهشاشة اجتماعية، وخوف من القانون. ربما لا تكون ردة فعل أبناء الخامسة عشرة في أغلب الأحيان إزاء التحديات التي يواجهها إيجور على النحو الذي كانت عليه ردة فعله إزاءها. لكنهم قادرون على ذلك. وعندما تصدر ردة الفعل هذه عنهم، يتضح دون شك أنهم حققوا أمرًا بالغ القيمة؛ ومن ثم يستدعي الفيلم أفكارًا بديهية حول قيمة الفضائل الأخلاقية المكتسبة، وهي أفكار في غاية القوة (إذ تفرض علينا تأثيرًا قويًّا) ومفعمة بالحيوية (من الصعب تخيُّل شخص عاقل لا يتأثر بالفيلم على النحو الذي تأثرنا به). يحقق الفيلم هذا دون أن يُسرف في استخدام سرد يتلاعب بالمشاهدين أو تقنيات سينمائية مؤثرة. إن التعاطف الذي نشعر به أثناء مشاهدة الفيلم واضح، ولم يفتعله صناع الفيلم بجعلهم شخصية إيجور شخصية ذات جاذبية أو سحر خاص، أو جعل شخصية أسيتا امرأة ودودة ومحبوبة إلى حدٍّ استثنائي. لا يركز الفيلم على المظاهر الخارجية لتحول إيجور باستخدام أي علامات مرئية أو موسيقية، وينجح في تحقيق غرضه لأنه يعرض عرضًا واضحًا وبسيطًا إلى حد كبير كيفية تحوُّل أحد الأشخاص. إن الاكتفاء بوصف الفضائل الأخلاقية وتأثيراتها الإيجابية في الدراسات الفلسفية لا يمكن أن يحقق ما حققه فيلم «الوعد»، فلا يمكن أن يقدم دفاعًا مقنعًا عن قيمة وجمال الانحياز للصواب بنفس التأثير البديهي الذي يحققه هذا الفيلم الفطن البعيد عن العاطفية.
فضائل إيجور
ينمو إيجور أخلاقيًّا على مدار الفيلم، لكن كيف تأتَّى له هذا؟ لقد أصبح شخصًا يتمتع بمزيد من الفضائل، لكن أي فضائل تحديدًا اكتسبها؟ لدينا ثلاث فضائل رئيسية: الشجاعة والكرم والنزاهة. من المهم ملاحظة أن المسار الذي سلكه إيجور مسار صعب. أولًا: كان عليه تحدي أبيه المتنمر. كان عليه التعامل مع تهديداته ومع توسلاته له على الهاتف فيما بعد (الدقيقة ٦ من الساعة الثانية). واضطُر إلى مواجهته جسديًّا، وكان ليتعرض لضرب مبَرِّح لولا تدخل أسيتا في الوقت المناسب. يتطلب هذا شجاعة ملحوظة من فتًى لا حول له ولا قوة، في الخامسة عشرة من عمره، يدرك مدى التهور الذي أضحى عليه أبوه، وما يقدر على فعله. الصعوبة الثانية التي واجهها إيجور هي تحديد علاقته مع أسيتا، فهي تُصعِّب الأمور عليه، ولا تستجيب استجابة ودية لما يبذله من محاولات لمساعدتها. فعندما يغادر ويصحبها معه في شاحنة أبيه، تهدده بشفرة (الدقيقة ٥٧)، وتزجره بحسم عندما يحاول فيما بعد عناقها بينما تنهمر الدموع من عينيه (الدقيقة ٤ من الساعة الثانية). (بالتأكيد تساءلتْ متعجبة عما اعترى هذا الطفل الغريب.) لقد أصبح طفلها مريضًا وتفاقم مرضه؛ ما يدفعها إلى مهاجمة إيجور وقذفه بالحجارة (حجارة صغيرة في الواقع، مجرد حصًى) واتهامه بأنه نقل إلى طفلها عدوى المرض متعمدًا (الدقيقة ٨ من الساعة الثانية). (يستمر تعاطف الجمهور مع أسيتا دون تراجع لأنه قائم على تفهُّم مدى خطورة وشدة موقفها، والهشاشة التي يفرضها عليها، وقائم كذلك على الإعجاب بسعة حيلتها وإصرارها ومرونتها (وهي سمات أقل ما توصف به أنها مذهلة). في بداية اليوم الذي يشهد هذه الأحداث يرى المشاهدون (في حدث لا يراه إيجور) بلطجيًّا بلجيكيًّا يتبول عليها من أعلى جسر (الدقيقة الأولى من الساعة الثانية)؛ لا بد أنها بلغت أقصى حدود التحمل.) لا يدع إيجور هجوم أسيتا عليه يَعُوق تركيزه على ضرورة مساعدتها ومساعدة طفلها؛ فالشخص الكريم هو من يركز انتباهه بحكمة على حاجات الآخرين. فاحتياجات الآخرين هي محور تركيزه، وهو قادر على الاحتفاظ بهذا التركيز رغمًا عما يواجه من الإلهاءات. ليس الشخص الكريم من يساعد الآخرين عندما تكون مساعدتهم سهلة ومجزية، بل هو من يساعد وقتما تصعبُ المساعدة، ويسهُل على المرء أن يتشوش ذهنيًّا، ويشعر بالاستياء، ويتهرب متحججًا بعذر.
الصعوبة الثالثة التي يواجهها إيجور تتعلق بالحقيقة، وهنا تلعب فضيلة النزاهة دورًا؛ لقد كذب إيجور على أسيتا حول مصير زوجها، وأخبرها مرارًا وتكرارًا أن حميدو هرب إلى مكان لا يعرفه. وحتى المشهد الأخير من الفيلم، كان إيجور يساعد أسيتا تحت ستار كذبته؛ فقد مكنته هذه الكذبة من مساعدتها. ولو قرر إخبارها بالحقيقة، فربما رفضت مساعدته، لكن من المستبعد أن يكون ذلك هو الدافع الوحيد وراء كذبته. على الأرجح ثمة دافع آخر وهو التهرب من ردة فعلها، أو بعبارة أخرى من غضبها وازدرائها واحتقارها المحتمل. تثير المواجهة الجسدية بين إيجور وأبيه هذا السؤال المتعلق بإخبار أسيتا بالحقيقة. في البداية يخبر أباه: «علينا إخبارها بالحقيقة. تعالَ معي، سوف أخبرها بنفسي» (الدقيقة ٢١ من الساعة الثانية). لكن ردة فعل روجر هي مطاردته وطرحه أرضًا والشروع في ضربه، وهي اللحظة التي تتدخل فيها أسيتا، وتضرب روجر على رأسه. يقيد إيجور أباه الذي فقد الوعي، وعندما يستعيد وعيه يحاول إغواء ابنه، فيعرض عليه أن يمنح أسيتا مالًا وحرية الذهاب لأي مكان ترغب فيه (ما دامت، كما نفهم ضمنًا، لم تُخبر بحقيقة ما حدث لحميدو). فيما يلي الحوار الذي دار بعد ذلك بين الأب وابنه:
أسئلة
-
واتانابي (الفصل العاشر)، ويسلر (الفصل الثاني عشر)، وإيجور (الفصل الرابع عشر) جميعهم يمرون بتحوُّل أخلاقي عميق. ما أوجه الاختلاف بينهم؟ من كانت مَهمته أصعب؟ ومن كان انتصاره الأبرز؟ (هل ثمة طريقة معقولة للإجابة عن هذه الأسئلة؟)
-
هل الأسلوب البسيط لفيلم «الوعد» يخدم الأغراض التي انصبَّ تركيزنا عليها في هذا الفصل؟
-
أشرنا في هذا الفصل إلى أن قائمة الفضائل التي وضعها أرسطو ناقصة حقًّا. هل لديك قائمة أفضل؟ ما هي؟ ما الذي يجعل بعض الفضائل في قائمتك أساسية أو محورية؟ لماذا تحمل تلك الفضائل أهمية؟
-
في هذا الفصل، حددنا أربع طرق مختلفة للتفاعل بين نظرية الفضيلة ونظريات فعل الصواب. وقد ركزنا على تفنيد واحدة من تلك الطرق، وهي الطريقة الأولى. ما الطريقة الأكثر معقولية من الطرق الثلاث الأخرى؟ وأي هذه الطرق يُعد الأقل معقولية؟
-
هل اختزال فعل الصواب في الفعل الفاضل يؤدي إلى نرجسية أخلاقية غير مقبولة؟ هل يوجد خطأ جذري في الاعتقاد بأن فعلًا ما يصبح صوابًا لا لسبب سوى كونه فعلًا يلتزم بالفضيلة؟
-
هل نحن على صواب في زعمنا أن الفيلم يُثبت بما لا يدع مجالًا للشك أن التمتع بالفضيلة ينطوي على ما هو أكثر من مجرد فعل الصواب (وفعله لأنك ترى أنه الصواب)؟ كيف استطاع الفيلم إثبات ذلك؟ لقد تناولنا فيلمًا واحدًا فحسب، هل يجدر بنا التعميم بناءً على نموذج إيجور؟
-
هل كان يُفترض بإيجور الاستمرار في الكذب على أسيتا حول زوجها حتى اللحظة الأخيرة (قبل أن تستقل القطار المتجه إلى إيطاليا)؟ هل السبب وراء كذب إيجور (الذي لا يسعنا معرفته عن يقين) مهم لحكمنا على الوضع الذي يُجسِّده الفيلم؟