ثقافة الطبقة الوسطى في مصر العثمانية (ق١٦م–ق١٨م)
«كان كثير من أفراد الطبقة الوسطى يقرءون ويكتبون، وأقبَلوا على اقتناء الكُتب، ولهم تراث أدبي مُهم وَرِثوه عن أسلافهم، غير أن موضوع اهتمامنا هنا هو تَبيُّن الكيفية التي اختلفت بها علاقاتهم بالثقافة الشفاهية والمكتوبة عن علاقة مجتمَع العلماء بها؛ أولئك العلماء الذين طَغَت مؤلَّفاتهم الضخمة على الساحة الثقافية.»
نبتَت فكرة هذا الكتاب من خلال مخطوط موجود بالمكتبة الوطنية بباريس، يرجع إلى شخص يُسمى «حسن أبو ذاكر» عاش في مصر في القرن الثامن عشر، دوَّن فيه يومياته الخاصة وآراءه حول الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والسياسية آنذاك، بلغة تجمع بين الفصحى البسيطة والمفردات العامية. ولوضع هذا المخطوط في سياق اجتماعي وثقافي أوسع، عكفت المؤرِّخة «نللي حَنَّا» على المخطوطات التي كُتِبت في تلك الفترة، فوجدَت أن محتوى المخطوط ورؤيته لهما ما يُقابلهما في مخطوطات أخرى كثيرة، وكلها كتابات تَنمُّ عن مستوًى من الحداثة لم نلاحظه من قبل، كما أنها كتابات لا هي نُخْبوية ككتابات علماء الأزهر، ولا جماهيرية شعبية ككتابات العوام، بل هي تَعبير عن طبقة مُعيَّنة وليدةِ سياقٍ اقتصادي واجتماعي عاشَته مصر في تلك الفترة؛ هي الطبقة الوسطى.