مَا فَعَلَتْهُ بِي مَدِينَةُ الْيَمَامِ
أحكي لكِ حكايتي يا عَليا؟
المدينةُ الهادئةُ التي تعرفين
أخذَتْ كلَّ أبجديتي
كنتُ أضعُ الكلمةَ الصاخبةَ بين يديها
لتعيدَها إليَّ غيرَ قابلةٍ للنطق
المدينةُ الهادئةُ أخذتْ لساني يا عَليا
وأعطَتْني صوتَ اليمام
ﻻ أسمعُ هديلَهُ إلا
رأيتُ وجهَ أمي
المضيء، كشمسِ المدينة
الخالي، كصحرائِها
المحيِّر، كاتجاهاتِ الريحِ فيها
تُمِيلُ أُمِّي رأسَها بحنان
طربًا لوَجيبِ اليمام
اليمام الذي كانَ يحبُّ أمي
وكانتِ المدينةُ الهادئةُ على الحياد
وكنتُ أنا بلا صوت
فالمدينةُ — كما تعلمين — أخذتْ صوتي
وأخذتُ صمتَها، وأُمِّي، وغادَرْت
الحكايةُ يا عَليا …
الحكايةُ لم تعِشْ لنهارٍ واحدٍ خارجَ المدينةِ الهادئة
لم يهدِلِ اليمامُ في الصباحِ التالي
وأبَتِ المدينةُ إلَّا أن تُتمَّ لي صمتي، حتى …
حتى، أخذتْ أُمِّي في نهايةِ الحكاية
ربما لشِدَّةِ ما أحبَّتها يا عَليا
في النهاية، المدينةُ لم تكنْ محايدةً تمامًا
المدينةُ — على ما يبدو — أحبَّتْ أُمِّي
وهي وإنْ تخلَّتْ عن جسدِها
لمدينةٍ صحراويةٍ أخرى
فقدِ احتفظَتْ بأذنَيْها لليمام
وبصوتي
لصرخةٍ لن أصرخَها أبدًا