حواشي الشخصيات
-
(١) ليونتيس (Leontes): ملك صقلية، والنص يفترض أنَّها مملكة مستقلة، مثل بوهيميا، في بعض العصور الوثنية الغابرة، وإن كان شيكسبير يستخدم بعض مفاهيم الدين السماوي (المسيحية) في لغة النص، ابتغاء تقريب المفاهيم الدينية إلى أذهان جمهوره. أي إنَّ شيكسبير يفترض استقلال كل من تلك المملكتين الوثنيتين، على عكس الواقع التاريخي في عصره؛ فالواقع أنَّ كِلا منهما كان ولاية تابعة لدولة كبرى آنذاك، فكانت صقلية تابعة لإسبانيا، وبوهيميا تابعة لحكم أسرة هابسبرج النمسوية، ومقر حكمها مدينة براغ. ومع ذلك فالشخوص هنا وهناك يمزجون في كلامهم المفاهيم الوثنية بالمفاهيم الدينية السماوية حتى يتمكَّن شيكسبير من استغلال الصور الكلاسيكية، بكل ما فيها من ثراء أسطوري، في سياق ما يؤمن به العصر، ويتقبَّله جمهوره. وأما اسم ليونتيس نفسه — الذي يُنطَق ليونتيز بالإنجليزية، وإن كنت احتفظت له بصورته الأصلية المشتقة من اللاتينية، حيث يعني (Leo) الأسد ما دام هذا مقصد شيكسبير — فهو يذكِّرنا بشخصيات مماثلة أخرى مثل ليوناتوس الصقلي في مسرحية سيمبلين وليوناتو حاكم مسينا في «ضجة فارغة» (انظر الترجمة العربية، القاهرة ٢٠٠٩م، ص٢٢٢). فالثلاثة آباء توحي أسماؤهم بالوحشية والإقامة في تلك الجزيرة. والمرجح أنَّ المسرحية تقول إنَّه في نحو الثلاثين في الفصول الثلاثة الأولى، وفي السادسة والأربعين في الفصل الخامس.
-
(٢) ماميليوس (Mamillius): وهو اسم مشتق من كلمة (mamilla) اللاتينية بمعنى ثدي المرأة حتى يوحي باعتماده على أمه. والمخرجون المحدثون يجعلونه في العاشرة أو الحادية عشرة من عمره (أو حتى أكبر قليلًا من ذلك) ولكن النص يوحي بأنَّه لا يزيد على سبعة أعوام. وكان أطفال الطبقة الراقية آنذاك — في عصر شيكسبير — يلبسون جميعًا قميصًا طويلًا، لا فرق في هذا بين البنين والبنات، في ذلك العمر الغض، ثم يتميز الصبيان بلبس السراويل بعد ذلك (انظر السطر ١ / ٢ / ١٥٦) إعلانًا باستقلالهم عن أمهم.
-
(٣) كميلو (Camillo): هذه هي الصورة الإيطالية للاسم اللاتيني (Camillus) الذي ارتبط تاريخيًا، حسبما يروي بلوتارخ، بالسياسي ماركوس فوريوس كميلوس الذي عاش في القرن الخامس قبل الميلاد، والذي غفر لمدينة روما نفيه منها، وعاد لينقذها من غزو واحتلال «الغال»، وعلى غرار ذلك يغفر كميلو للأمة نفيه ويعود لإنقاذها.
-
(٤) أنتيجونوس (Antigonus): شخصية من ابتكار شيكسبير، وقد وجد الاسم عند بلوتارخوس الذي يروي قصص عدة قواد وملوك يحملون هذا الاسم (والاسم شديد الارتباط بالإسكندر الأكبر انظر ٥ / ١ / ٤٨). وربما كان الاسم مذكر اسم أنتيجون، الكلمة اليونانية التي تعني «ضد الإنجاب»، وربما كان هذا مرتبطًا بتهديد أنتيجونوس بمنع بناته من الإنجاب (٢ / ١ / ١٤٦-١٤٧).
-
(٥–٦) كليومينيس وديون (Cleomenes & Dion): الاسمان واردان في كتاب بلوتارخوس المشار إليه، وكان الأول اسمًا لثلاثة ملوك في اسبرطة، والثاني حاكمًا على صقلية.
-
(٧) هرميون (Hermione): — تُنطَق في الأصل هِرْمَيُونْ — وأشهر من حملت هذا الاسم ابنة هيلين اليونانية الواردة في قصة غزو طروادة، والتي خانت زوجها منيلاوس مع الأمير باريس (الذي كان يزور اليونان). وكانت ترتبط أيضًا بالرب هيرميس (ميركوري) (Hermes) رسول الآلهة. وربما اشتق شيكسبير الاسم من كلمة يونانية هي herm وجدها في ترجمة السير توماس نورث لكتاب بلوتارخوس ويستخدمها في الصور الشعرية لميركوري. وكانت كلمة Herma تشير إلى تماثيل القديسين، وإن كان من المحتمل أنَّ هذا الاستخدام مقصور على الكاثوليك.
-
(٨) برديتا (Perdita): مؤنث الصفة اللاتينية (perditus) اسم المفعول من الفعل/المصدر (perdere) وهكذا فهي تعني المفقودة. ويقول معجم أوكسفورد الكبير إنَّ الصفة اللاتينية المشار إليها كانت تعني «اليائس» أو «المنحل» (خُلقيًّا) ويربطها بكلمة إنجليزية لم نعد نستخدمها الآن وهي (perdite) قائلًا إنَّها كانت تعني «المنبوذ» أو المنحل خُلقيًّا، وإن كنا نعرف اليوم كلمة أخرى مشتقة من المصدر اللاتيني نفسه وهي (perdition) التي ترِد في ٤ / ٤ / ٣٨٢، وكذلك في ميلتون مثلًا بمعنى الضياع الكامل أو الخسارة التامة، ومعناها الديني هو فقدان الروح أو النفس أي «اللعن» الذي يُفيد «الهلاك» في الجحيم خصوصًا. ويقول بعض الشراح إنَّ أنتيجونوس يوحي من طرف خفي في اسم «المفقودة» بمعنى «الضياع» ما دامت بنت سِفاح.
-
(٩) بولينا (Paulina): شخصية من اختراع شيكسبير، وقد أخذ الاسم من تاسيتوس (Tacitus) المؤرخ الروماني، وأما بولينا الرومانية فكانت زوجة الفيلسوف سينيكا، وحاولت الانتحار عندما صدر إليه الأمر بالانتحار. ولكن بولينا عند شيكسبير تنظر للموت نظرة أخرى، وهو ما دفع بعض النقَّاد إلى الربط بينها وبين القديس بولس الرسول ما دامت تحذر ليونتيس من أدنى تردد في الإخلاص لذكرى زوجته، وتصر على التحلي بالإيمان ابتغاء إيقاظ الملكة من «رقاد» الموت: (٥ / ١ / ٦٣–٦٧، ٥ / ٣ / ٩٥). وأما تلاقي العناصر الوثنية والمسيحية في بولينا فربما كان يرجع (في نظر البعض) إلى القول بأنَّ سينيكا والقديس بولس كانا يتراسلان.
-
(١٠) إميليا (Emilia): ربما كانت إحدى الوصيفتين اللتين تظهران في ٢ / ١ و٢ / ٢ مع هرميون، وتذهبان معها إلى السجن، وتساعدانها في وضع برديتا.
-
(١١) السَّجان (Gaoler): ليس من الطبقة الأرستقراطية وإن كان من صفوة القوم، ففي أيام شيكسبير كان محافظ برج لندن، وهو المنصب الموازي للسَّجان هنا، يشغله أحد الفرسان الذين يشار إليهم بلقب «سير». وبولينا تخاطبه بالتبجيل اللائق بمنصبه.
-
(١٢) «أحد السادة»: كان «السادة» في نص الفوليو يشار إليهم بالأرقام وحسب، أي «السيد الأول» والثاني والثالث (٥ / ٢). ويدل الحوار على أنَّ روجيرو هو السيد الثاني، وأنَّ القهرمان هو السيد الثالث. وفي ٥ / ١ يشار إلى الشخص الذي يعلن وصول فلوريزيل وبرديتا بلقب «الخادم». ومعظم المحررين يشيرون إليه باسم «أحد السادة» أو «السيد الشاعر» لأنَّه من رجال البلاط وكتب شعرًا يمتدح فيه جمال هرميون (٥ / ١ / ٩٩–١٠٣) لأنَّ لقب «الخادم» لا يمثِّل موقعه في البلاط بالصورة الكافية، ويشار إليه في هذه الطبعة أيضًا باسم «أحد السادة» أو «السيد» (في الإرشادات المسرحية والسطر ٥ / ٨ / ٨٥)، لأنَّ المفهوم من السياق أنَّه نفس الشخص المشار إليه بهذا اللقب في ٥ / ٢.
-
(١٣) روجيرو (Rogero): يشار إليه في طبعة الفوليو باسم «السيد الثاني» في الحوار ( ٥ /٢ / ٢١) وهو اسم مُنَجْلَزٌ — إلى حدٍّ ما — للاسم الإيطالي روجيرو (Ruggiero) وهو الاسم الذي تأخذ به طبعة أوكسفورد، وكان الشائع في المسرح الإنجليزي إطلاق اسم روجر (Roger) على الخدم.
-
(١٤) القهرمان (Steward): يقابل «السيد الثالث» في طبعة الفوليو، انظر الحاشية ١٢ أعلاه، وهو يشار إليه باعتباره قهرمان بولينا. وكانت وظيفته الإشراف والإدارة في المنزل والضيعة كذلك، مثل مالفوليو في «الليلة الثانية عشرة» (انظر الترجمة العربية، القاهرة، ٢٠٠٦م).
-
(١٥) ضباط: معنى الكلمة في الحقيقة «موظفون» ولكنني ترجمت officers هنا بضباط لأنَّ أحدهم كان «مراقب النظام» في المحكمة، وكان يحمل السلاح، ويشار إليه بتعبير sergeant-at-arms إلى جانب كونه الحارس الشخصي للملك أو الملكة، ومكلفًا بحراسة الخونة المقبوض عليهم، وهو المنصوص عليه مثلًا في الإرشاد المسرحي ٣ / ٢ / ١٢، فهو أولًا حارس، ولكن السطر من الحوار يُنسب للموظف! ولذلك اخترت كلمة «ضابط» لأنَّها يمكن أن تُطلَق على من «يضبط» النظام، ويقوم بمهمة «ضابط» المحكمة أو «المدعي العسكري» معًا في هذه المحاكمة التي يمكن اعتبارها محاكمة عسكرية ما دامت التهمة هي «الخيانة» للدولة.
-
(١٦) بوهيميا (Bohemia): انظر الحاشية (١) أعلاه، والجدير بالذكر أنَّ اللفظ كان يُطلق على المملكة وعلى ملكها، كما هو الحال بالنسبة لصقلية. وكان هذا شائعًا، بل العرف في زمن شيكسبير، وهو موروث من العهد الإقطاعي، ولا يزال يتجلى في الألقاب الرفيعة في بريطانيا؛ إذ تعني كلمة «لورد» صاحب أو «مالك» التي يوصف بها الحاكم، أو «الملك».
-
(١٧) بوليكسنيس (Polixenes): سبق ورود الاسم في «طرويلوس وكريسيدا» (٥ / ٥ / ١١) (انظر الترجمة العربية، القاهرة، ٢٠١٠م) بالهجاء العربي الحالي، وأنا أحتفظ بصوت السين الأخيرة، على الرغم من نطقها «زايًا» بالإنجليزية، لأنَّ الاسم مشتق من (Polyximus) الذي كان أميرًا يونانيًّا أثناء حصار طروادة، ويذكره هوميروس في «الإلياذة». ويقول بعض النقَّاد إنَّه صورة من صور الكلمة اليونانية (Polixenos) التي تعني «الكريم» أو «المضياف».
-
(١٨) فلوريزيل (Florizel): ويرد في النص للمرة الأولى في (٤ / ١ / ٢٢) وهو مشتق من اللاتينية (flos) بمعنى زهرة، كما يقول معجم أوكسفورد الكبير إنَّه قد يكون مشتقًّا من الفعل (florise) بمعنى «يزدهر»، أو «يحيا». وأما الاسم المستعار الذي يتخذه في ٤ / ٤ أي دوريكليس (Doricles) ويرد للمرة الأولى في ٤ / ٤ / ١٤٦ من النص المسرحي فربما كان صنوًا لاسم الأمير الطروادي (Doryclus) الذي ورد في «الإلياذة» وفي «الإنيادة». والجذر doric مشتق من كلمة يونانية تعني «العريق» في صيغة أفعل التفضيل أو تعني «الصريح» في الصيغة نفسها.
-
(١٩) راعي الغنم: في الثالثة والثمانين في الفصلين الرابع والخامس (انظر ٤ / ٤ / ٤٥٨)، أي إنَّه أكبر سنًّا حتى من الملك لير.
-
(٢٠) المهرج (clown): كان المعنى القديم للكلمة في عصر حكم أسرة تيودور في إنجلترا (١٤٨٥–١٦٠٣م) هو الريفي أو الفلاح، وكثيرًا ما كان يفيد الفظاظة والغلظة، ولكن ما إن حلَّ عام ١٦٠٠م حتى أضيفت إلى هذا المعنى الدلالة على شخصية الأبله في المسرح أو المُضحِك المحترف في البلاط الملكي أو عند كبار العائلات (مثل فسته في «الليلة الثانية عشرة»). وأمَّا أتوليكوس فيُشار إليه في النص بتعبير «صاحبي المهرج» (٤ / ٤ / ٦٠٩) وهو الذي كان إما يافعًا لم يبلغ العشرين من عمره أو تخطاها بقليل (وهو الموحى به في ٣ / ٣ / ٥٨–٦٤) وجميع الطبعات التي عندي تحتفظ بهذا الوصف له باستثناء طبعة فولجر التي تُشير إليه باسم «ابن الراعي» (١٩٩٨–٢٠٠٥م) قائلة إنَّ «المهرج» يُقصَد به «الريفي الأبله» والممثل الفكاهي للدور.
-
(٢١) أتوليكوس (Autolycus): انظر الصفحات الأخيرة من القسم ٣ في «المقدمة».
-
(٢٢) أرخيداموس (Archidamus): شخصية من ابتكار شيكسبير، والاسم مأخوذ من كتاب بلوتارخوس، ولا يظهر في المسرحية إلا في ١ / ١.
-
(٢٣) موبسا (Mopsa): شخصية من ابتكار شيكسبير مثل دوركاس. ويقول معجم أوكسفورد الكبير إنَّ Mopsy كان اسمًا للتدليل يُطلَق على بنات الطبقة الدنيا في الريف (المعنى الأول).
-
(٢٤) دوركاس (Dorcas): شخصية من ابتكار شيكسبير أيضًا، ويشار إليها في الحوار مرة واحدة في ٤ / ٤ / ٧٢، والاسم من الكتاب المقدس، أعمال الرسل ٩ / ٣٦–٤٢، حيث نقرأ عن فتاة اسمها «طابيثا»، الذي يقابل الاسم اليوناني «دوركاس»، (وكل من الصورتين يعني غزالة)، «وكان يشغلها دائمًا فعل الخير» وأعادها القديس بطرس إلى الحياة. ويقول بعض النقَّاد إنَّ هذا قد يتضمن إلماحًا إلى عودة هرميون في ٥ / ٣، ويضيف أحدهم إنَّ أول ذكر لها يرد في سياق اعتناق القديس بولس «للإيمان» وهو الذي يشير أحدهم إلى احتمال ارتباطه ببولينا (انظر الحاشية ٩).
-
(٢٥) «الزمن» يقول الشراح إنَّ شيكسبير ربما تأثر بالعنوان الفرعي لرواية «باندوستو» لروبرت جرين، وهو «انتصار الزمن» ويردف جرين هذا العنوان بشرحٍ يقول فيه: «والرواية توضح أنَّ الحظ السيئ قد يخفي الحقيقة … ولكن الزمن … يكشف عنها بوضوحٍ وجلاء … فالحقيقة بنت الزمن» وهو يكتب العبارة الأخيرة باللاتينية هكذا:
Temporis filia veritasوأما تمثيله للجوقة أو إظهاره في صورة «الزمن الوالد الهرم» فالمقدمة تشرحه.
-
(٢٦) «الساتير … الاثنا عشر» (انظر ٤ / ٤ / ١٢٩–١٣١، والإرشاد المسرحي في ٤ / ٤ / ٣٤٨) والمعروف أنَّ الساتير (satyrs) في الأساطير الكلاسيكية كانوا يجمعون بين أجساد البشر وأجساد الماعز، بمعنى أنَّ النصف العلوي بشري والنصف السفلي ماعز، وكانت تلك الرقصة جزءًا من ماصك قدمته الفرقة الملكية (فرقة شيكسبير نفسها) بعنوان «أوبرون، أمير الجن» يوم أول يناير ١٦١١م تكريمًا لهنري، ابن الملك جيمز، الذي كان قد عُيِّن أميرًا لويلز، أي وليًّا للعهد. ويقول النقَّاد إنَّ شيكسبير افتُتِن بهذه الرقصة فنقلها إلى «حكاية الشتاء»، هنا، مثلما عاد إلى تقديم عروض الماصك في «العاصفة» وفي «سيمبلين». وبعض النقَّاد يتوسعون في الدلالات التاريخية لكل من الماصك هنا وعند جونسون.
-
(٢٧) الدُّب: نص الفوليو يقول (في ٣ / ٣ / ٥٧–٥٩) إنَّ دُبًّا يدخل إلى المسرح ويراه أنتيجونوس فيخرج والدب يَجِدُّ في أثره. ويقول النقَّاد إنَّ دور الدب كان يقوم به في العروض الأولى ممثل يرتدي حلة تنكرية تمثل الدب، وربما كان لونها أبيض. ويقولون إنَّ شيكسبير اقتبس هذه الفكرة المسرحية من عرض مسرحي لمؤلف مجهول كان قد قُدِّم قبل نحو عشرين عامًا، وكان مشهد الدب فيه فكاهيًّا. ويضيف بعضهم إنَّ هذا يفسر «نغمة» الهزل التي يقدم بها هذا المشهد في «حكاية الشتاء» والتي يروي بها المهرج التهام الدب لأنتيجوس، ولكن «النغمة» المذكورة تجمع في الواقع بين الجد والهزل. ويقول ناقدان مرموقان إنَّ دور الدب كان يُسند إلى دب «حقيقي» ولكن المحدثين يعارضون ذلك بشدة مبينين أنَّ تلك الحيوانات الضارية أخطر من أن تُقدَّم على المسرح في أدوار تمثيلية.