(١-١) الولاء والتحالف
لدينا العديد من الأمثلة على أيمان الولاء هذه في
العصور الشرقية القديمة. وهناك أساليب تأكيد الاحترام
التي لا بد من أن فهمها على حالها، وهي عبارات تحمل
معنى التأدب فحسب.
٩ وغالبًا ما يجري إعلان الولاء بين أعضاء
أسرة واحدة، أو بين شركاء في التجارة يعتبرون بمثابة
أقارب: فيتخذ الواحد بسهولة لقب «أب» أو «ابن» أو «عم»
(خال) أو «ابن الأخ» (الأخت)، أو «ابن العم»
(العمة/الخال/الخالة) في العقود وفي المراسلات
التجارية، سواء كانت هناك صلات قرابة ونسب حقيقية أو
كان الاستخدام مجازيًّا.
١٠ وأيًّا كان الأمر فهناك قسم الولاء
والإخلاص يقسمه «الابن» معترفًا بأنه الممتن «الملتزم»
حيال «أبيه». كذلك عبارات المراسلات الدبلوماسية لا تقل
تعبيرًا عن الأخوة: فرمسيس المصري وحاتوسيلي
Hattusili الحيثي بما
هما حليفان وثيقان يعلنان أنهما «أخَوان.»
١١ وهناك اتفاقات أخرى تنعقد بين قائد رجال
وجنوده، أو رئيس دولة وممثليه في الأقاليم، أو بين
الملك ورعيته: فهذا هو إيسارحادون
Esarhaddon ملك آشور
يذكر «مواطني آشور الذين اعترفوا بي ملكًا بالبيعة … في
أثناء احتفال أداء اليمين صاحبه الابتهال إلى الآلهة.»
عندما يقسم قسم الولاء على هذا النحو فإنه يوحد بين رجل
عالي القدر وواحد أو عديدين دونه («عقدت اتفاقًا معه
يجعله في وضع الوالي»)،
١٢ دون أن نستطيع أن نؤكد أن وضع «العبيد»
urdâni الذي كان يعطى
في بعض الفترات لمن يقسمون يمين الولاء مجرد عبارة من
عبارات فن البلاغة الأسلوبية …
١٣ ثم كان الاتفاق المعقود يتحول إلى حِلف أو
عهد مع إله (باللغة الأكادية
adû) بالاستعانة
بطقوس سحرية يرون أنها تمنع الموقعين على الاتفاق من
التملص من التزاماتهم. في مصر كانت شعائر التعريف تقوم
مقام احتفال الولاء في المنظومة التي يترأسها الفرعون.
وعلى الرغم من التكريس الديني فإن هذه الاتفاقات كانت
تحتفظ بطابع دينوي انطلاقًا من أنها تتم بين أشخاص. فهي
تختلف عن نماذجها المفترضة، ألا وهي الارتباطات التي
تعددها الميثات العتيقة بين إله خاص وأرض معينة (قطر أو
جزء من العالم). في العهد القديم من الكتاب المقدس يتخذ
هذا الارتباط شكل الحلف بين يهوى وإسرائيل (بالعبرية
beryt وهي كلمة
مسكوكة على جذر يطابق جذر حرف الجر الأكاي
birît ومعناه «بين»
شخصين يعقدان اتفاقًا أو «بين» مكانين متجاورين أو متعاديين).
١٤
وهدف قسم الولاء هو بث السلام في العلاقات
الاجتماعية، وهو ما يعبر عنه الاسم «السلام» والفعل
يعني «بث السلام» و«أن يتخذ الإنسان موقفًا نفسيًّا
مسالمًا ووديًّا» (في اللغة الأكادية
salâmu وفي اللغة
البابلية
sulummû)،
١٥ وأن يسالم الإنسان ولِيَّه، حتى إذا كان
إلهًا
Is-lim،
١٦ وهذه الدلالات تترجم المقصود على نحو أكثر
مباشرةً من كلمة
adû
«عهد». ويضع المتعاقدان أسلحتهما (أو يستخدمان على
طريقة الفرسانِ أُولِي الشهامة صحف سيوفهم). وتعانقهما
يمثل الالتحام بأيدٍ خالية من السلاح، والمعانقات فرص
للتحقق من المشاعر التي تجيش في نفوس المتعاقدين
والتوجهات التي يتوجهانها. والرباط الوثيق بين الطرفين
المعبرين عن حسن النية والإخلاص السياسي يتولد في
احتفال يقدم لنا تاريخ العالم صياغات متعددة له (منها:
الضم، والمعانقة، والمصافحة، وربع اليد اليمنى).
فالبطلان يتآخيان أمام رجالهما (يصبحان أخوين
akhkhu تربطهما
الأخوة
akhkhûtu
والصداقة
tâbûtu)،
ويتحالفان (يصبحان حليفين
salmi) ويربت أحدهما
على الآخر بدلًا من أن يتقاتلا في منازلة تعبر نتيجتها
عن المعركة التي يتم عن طريقها تحاشي دفع العدد الكبير
من القوات إلى الحرب. ومن هنا جاءت المرونة الدلالية
لإجراءات الموالاة والمسالمة التي تصلح للتطبيق على
العلاقات بين المواطنين فيما بينهم كما تصلح للتطبيق
على العلاقات بين الآلهة، على التحالفات التجارية مثلما
تصلح للتطبيق على المعاهدات بين الغرماء.
الشرق القديم عالم من العقود الثنائية تمتد آثارها
إلى شعوب، وعشائر، وأسر، وإدارات وكتائب الذين يوقعون
عليها. والمتحضرون من البشر يتحاشون الاقتتال، فهم لهذا
يعقدون العقود. وهم إذ يسلكون هذا المسلك، يتبنون، على
نحو يقلب المعنى قلبًا ساخرًا، أسلوب العلاقات الذي
يفضله البرابرة، فإذا هم يتسامون بيمين الولاء الذي
يتخذ صورة صاخبة في العقود التي يعقدها البرابرة. وهكذا
يمكننا أن نميز بسهولة الباطن عن الظاهر، ما ينتمي إلى
القرابة وما ينفلت عنها، الزواج، والحلف، والمعاهدة،
فكلها تهدف إلى الولاء والسلام، والولاء والسلام يحملان
اسمًا واحدًا. في الحالات الثلاث دخول في تحالف سلمي
adû أو
salâmu بل في الاثنين
جميعًا: «ملك عيلام وملك آشور أقاما السلام
salâmu بينهما بناءً
على أمر من ماردوك، وأصبحا طرفي معاهدة
adû». كانت تلك
مشاركة بين طرفين
akhames يشبهان أن
يكونا أخوين akhkhu،
يقر كل منهما لنواياه الخالصة بأن يسمي كل منهما صاحبه
«سيد الصداقة»
bêl-tâbtiya.
(١-٢) قبائل وإتاوات
لما كان بقاء المدن عبر المحن يرتهن بعلاقاتها
«بالبرابرة» الذين يحيطون بها أو يكتنفون الطرق
التجارية، فإن ثقافاتها تفسح مكانًا للولاء بقدر
الأقوام التي تتميز عنها وتحذر منها. ونحن عندما نخدش
القشرة الحضرية اللامعة نتبين تحتها دون مشقة المادة
القبلية التي صنعت منها مجتمعات الشرق القديم. هذه هي
الحال في آشور وفي بابل، بل وفي مصر إبان العديد من
عصور تاريخها.
هذه الحقيقة الواقعة كان الكلدانيون في أسفل الفرات
يعرفونها تمامًا إبان الفترة المتأخرة من النصف الأول
من الألفية الأولى ق.م.
«في نهاية القرن الثامن ق.م. نجد الكلدانيين — وهم
يبقون على بنيتهم القبائلية الأساسية — قد اصطبغوا
بالصبغة البابلية؛ وأصبح عدد منهم يحملون أسماء بابلية،
ويسكنون في مدن وقرى محصنة، ويعكفون على زراعة نخيل
البلح، وعلى تربية الحيوان. فإذا أشار الأفراد الذين
انحدروا من أصل كلداني إلى نسبهم قالوا، في أغلب
الأحوال، وبكل بساطة إنهم «أبناء» رب القبيلة الأول»
١٧
وهذه هي القبائل الكلدانية تحت قيادة رئيسها
ra’is،
١٨ وقد انخرطت انخراطًا لا فكاك منه في
الصراعات الداخلية التي أذكاها الأمراء البابليون أو
الطامحون إلى عرش فرعون، ينتهي أمرها إلى الاستيلاء في
عام ٧٢١ق.م. على السلطة المركزية في شخص ميروداخ —
بالادان
Merodach-baladan
رئيس قبيلة بيت ياكين
Bît-Yakin العظيمة
التي كانت تتحكم في الفرات جنوب شرق بابل.
١٩
وإذا كان صعود جماعة قبلية تدريجيًّا على درب القوة
قد اتخاذ صورة خلابة في حالة الكلدانيين الذين خرج منهم
ملكان بابليان شرعيان كبيران (هما نبوخذنصُّر
Nabuchodonosor٢٠ ونابونيد
Nabonide)، فإنه لم
يكن شيئًا جديدًا بالنسبة إلى بلاد الرافدين. فالكاشيون
Kassites الذين حكموا
بلاد الرافدين ابتداءً من عام ١٥٧٠ق.م. كانوا هم أيضًا
من أصل قَبَلي. وكانت هويتهم لا تزال ظاهرة في الفترة
الممتدة من القرن الرابع عشر إلى القرن التاسع
ق.م.
«في ذلك العصر كانت المجموعات الكاشية
kassite تعرف عادةً
بين الناس ﺑ «بيت فلان …» … وكان الأفراد الذين ينتمون
إلى هذه البيوت يسمون «أبناء» رب القبيلة الأول على
الرغم من عدد الأجيال التي تفصلهم عن مؤسس بيتهم.»
٢١
وكان رب العائلة الكاشية
Kassite الواسعة يسمى
في بابل
bêl bîti
(حرفيًّا سيد البيت)، على رأس تسلسل آبائي، والتسمية
ربما لم تكن بلا علاقة بكلمة باسيليوس
basileus الإغريقية.
٢٢ و«البيت» الكاشي يحكمه تسلسل أنسابي مشهور
بين قبيلة من القبائل: والبيت الكاشي
bît شبه «البيت»
العربي
bayt فيما بعد
في أنه يدل على عائلة واسعة (يتولى رجالها الأرض مشاعًا
تحت سلطة أكبرهم سنًّا، وتنتقل سلطته بعد وفاته إلى
أكبر إخوته الذي يليه) كما يدل على شريحة قبلية أكثر
سعة. وفي القرن السادس عشر ق.م. — عندما كان التنظيم
القبلي للرؤساء الكاشيين يختلف عن أشكال القرابة
الشائعة في الثقافة البابلية القحة — تلقى بعض سادة
البيوت في حياتهم رتبة المتولي (وهو المعنى الذي سيتخذه
مصطلح فيما بعد: أشبه ما يكون بعمدة القصر أو الكاشف)
واعترفت بهم الحكومة المركزية أطرافًا إقليميين في
حديثها. ويغطي اللقب هكذا وظيفة رسمية أنشئت انطلاقًا
من أصل قبلي، بحسب شكل من أشكال التطور لدينا عليه
شواهد تنطبق أيضًا على اللقب المعاصر لملك الآراميين
(كان في البداية يسمى أدا
adda أي «أب» أبو
بلاد أمورُّو
Amurru،
ثم تم تثبيته في كلمة لوجال
Lugal، «ملك» المنطقة
ذاتها، وهي منطقة بين دجلة ووادي ديالا).
٢٣
ونجد تراثًا شبيهًا في عصر ملوك «ماري» الآشوريين،
ومدينة «ماري» تقع على منعطف من منعطفات الفرات حاليًّا
في سوريا. والقبائل الحانية les tribus
hanéennes التي كانت هي كذلك تنقسم
إلى «بيتو» bîtu
(واللفظة تدل على مجموعة اجتماعية كما تدل على أسلوب
الحياة في مخيم، تحت الخيام، بين الأغنام) كانت تعين —
بواسطة شيوخها — ممثليها لدى السلطة المركزية، وهم
السوجاجو
sugâgu.
«وهؤلاء هم أعيان المنطقة الذين يأتون للقاء ممثلي
«ياسماح — أدُّو»
Iasmah-Addu لكي
يوصوه بمرشحٍ وَعَدَ بمنح القصر منجم فضة. والموظف —
الذي لم يتقاعس المرشح المذكور عن أن يكسبه كذلك لقضيته
بنفحة سافرة — يرسل الشخص إلى سيده ناصحًا إيَّاه بأن
يعتمده وبأن يقبل المنحة الموعودة. ومعنى هذا أننا حيال
«سوجاجوم»
sugâgum
اقترحه السكان ونصبه العاهل لتولي مهامه؛ وبالمصطلحات
الحديثة نقول إنه أقرب إلى «المختار»
mokhtar منه إلى
«الشيخ»
cheich.
٢٤
والحانيون
Hanéens،
عندما ينخرطون في الجيوش الملكية التي يقسمون على
الولاء لها (لأنهم جميعًا يخدمونها، لا يخدمونها فرادى
مرتزقة) لا يقومون بأعمال النهب (على عكس حبَّاتو
habbâtu الأجلاف المأجورين).
٢٥ وهم يتجمعون على هيئة عشائر وقبال («جايوم»
gâyûm وهي كلمة أوحت
إلى جان روبير كوبر
Jean-Robert
Kupper بأنها بينها وبين كلمة «قوم»
qauwm بالعربية
قرابة، ومنها جاءت الكلمة الفرنسية
goum التي تدل على
مجموعة من العائلات تخضع بين البدو لسلطة رئيس واحد»).
٢٦
بين بابل (وكان موقعها إلى الجنوب من العاصمة
العراقية الحالية) وعيلام (وكان موقعها في الجزء
الجنوبي من إيران الحالية) عاشت قبائل آرامية وكلدانية
بل وعربية عديدة مستقلة ذاتيًّا في تفاهم طيب مع
جيرانهم الأقوياء. وقامت هذه القبائل في الفترة من
القرن الثامن عشر ق.م. إلى القرن السادس ق.م. بتوزيع
عادل فيما بينها لما كان عليها أن تدفعه من دعم (كانت
بعض العشائر تعلن ولاءها لبابل والبعض الآخر لعيلام) أو
من جزية، بل وصلت القبائل التي كانت تسددها إلى حد
دفعها محسوبة على هيئة نسب مئوية سنوية ثابتة مقدرة على
النمو الطبيعي لحيواناتها، بدلًا من نسب متغيرة من
القطعان كاملة.
٢٧
وعلى الرغم من أصولها البدوية فإن الاتحادات
التعاقدية
confédérations
الآرامية لم تكن لهذا السبب أقل تنظيمًا في المدن
والقرى، وكثيرًا ما نجدها تحمل أسماء ساميَّة: ومنذ
نهاية القرن الثامن ق.م. توزع ثمانية عشر ألف عضو أكبر
اتحاد آرامي على ست تقسيمات إقليمية كان الاتحاد يتولى
فيها ٤٤ مركزًا حصينًا والعديد من القرى (يقوم عليها
رؤساء يسمون راب خالصي
râb
khalsê). وكان لزعيمهم (وهو
nasîku «ناسيكو» أي
شخصية مهمة في سلم الرتب الرافديني) القدرة على أن يدفع
جزءًا من المفروض عليه فضةً، وتلك علامة على الرخاء
وعلى العلاقات مع الخارج البعيد، وهي أمور كان وضعه على
رأس قبيلته يرتهن بها (مثل الناسيكو
nasîku الآراميين
السبعة الآخرين بالنسبة إلى الأربعين قبيلة).
٢٨ ولكن إنشاء دولته الخاصة الموحدة المستقلة
ظل شيئًا بعيد المنال.
٢٩
وكانت هناك قبائل أخرى تجمعت في اتحادات كبيرة
تجتاز السَّهب السوري الحالي، وهي منطقة بين حوض نهر
العاصي والجزء الشمالي الغربي من الفرات، وهي تضم علاوة
على واحة بامير —
٣٠ تَدمُر — أرض حران التي كانت محطة حط فيها
إبراهيم. وجبل بشرى الذي ألمت به القبائل المنشقة. ونجد
في المبدأ الرئيسي لتصنيفها إلى جنوبية (بني يمينية
Benjaminites)
وشمالية (بني شمال
Benê-Shimaâl) وهو
مبدأ التصنيف الثنائي الذي عرف فيما بعد في تقسيم
الشعوب العربية إلى «يماني» و«شمالي». والتعارض له من
التحديد ما يجعل أبرز الشيوخ من الفرعين يوصفون ﺑ
«الملوك»
sharrânu في
النصوص المارية على الرغم من سمة المبالغة في عظمتهم.
إلا أن أولئك الذين كانوا يحظون آنذاك بالاحترام كانوا
يسوقون أتباعهم إلى الحرب أو إلى السلام، ويتفاوضون
لمبادلة الأسرى أو القطعان المستولى عليها، ويتعاملون
معاملة الند للند مع ملك «ماري»
Mari زمري ليم
Zimri-Lim. وهم شركاء
كانت لهم هيبتهم وكانت لهم حمية لا يستهان بها، ولهذا
كان من الضروري إقناعهم واحدًا واحدًا بأن يتحالفوا مع
المملكة بدلًا من أن يدفعوا الجزية إلى «البيت» الذي
تكون له القوة الكبرى في تلك اللحظة.
٣١ ولقد ظل هذا الوضع قائمًا بعد ألف سنة
عندما بدا «الربط» بين «المنظومة القبلية» وبين
«المنظومة البيروقراطية» كأنه تحقق بالفعل. وإذا صدقنا
محفوظات «الشانداباكو»
shandabakku القائم
على إدارة مدينة نيبور (وهي مدينة بابلية في الجنوب)
وجدنا أن هذا «الشانداباكو» كان «يقيم مع شيوخ بيت
أنونكاني
Bit-Anunkani
وبيت داكوري
Bit-Dakuri
علاقات أكثر حميمية من علاقاته بملك بابل» الذي كان
تابعًا له. ونقرأ أنه «صنع تحالفًا دفاعيًّا مع العرب
الذين كانوا يترددون على عمق منطقته»، ويذكر على نحو
خاص الرئيس «رانو»
Raanu وأصله من واحة
تيماء
Taima في الصحراء
العربية، وقد اقترح عليه رانو بحماس أن يقوم بدلًا منه
بحملة بوليسية.
٣٢
والحق أن العرب قد عرفوا كيف يندمجون هم أيضًا في
شبكة عهود الولاء والمراكز الإدارية الرافدينية. في
حوليات عام ٧٠٣ق.م. التي خص بها كتَّاب سيناشيريب
sennacherib
وآشوربانيبال
Assurbanipal حربهما
ضد بابل نجد «العرب»
A-ri-bi يجيء ذكرهم
ضمن حلفاء بابل. وما جاء عام ٨٥٣ق.م. حتى دخل العرب
التاريخ؛ ففي سياق نقش، يشيد فيه سالمانازار الثالث
Salmanazar III
بانتصاره على تحالف شرقي في قرقر
Qarqar على البدو
العرب، ذكر النص قبيلة «جينديبو»
Gindibu ورجاله الذين
يعدون بالمئات وهم من راكبي الجمال «يروحون ويجيئون»
وحركتهم يثْبتها الجِذر
e-ru-bu. ولعلهم
كانوا مبعثرين حول وادي سِرحان، أي بعيدًا عن دمشق،
ولذلك لم يكن لديهم سبب يدعوهم. لمحاربة جيش لم يؤت بعد
قدرة على تهديدهم تهديدًا مباشرًا، إلا أن يكون قصدهم
الحفاظ على طرق اتصالهم تجاه سوريا وفلسطين، وعدم دفع
رسوم عبور قوافلهم.
٣٣
ولقد كان المسئولون السياسيون البدو في علاقاتهم مع
الآشوريين يقصدون دائمًا هذا المقصد. و«زبيبة»
Zabibe، أول ملكة
عربية
sharrat Aribi
معروفة، آثرت أن تدفع جزية إلى الملك الآشوري تيجلاث
فالازار الثالث
Teglath-Phalazar
III في عام ٧٣٨ق.م. دون أن تكون
مضطرة لدفعها (كانت إمارات الأردن وجنوب فلسطين
المستقلة حتى ذلك الحين تؤدي دور المناطق الحاجزة)
وإنما فعلت ذلك لأن حلفاءها على طريق دمشق وصور انضووا
تحت النفوذ الآشوري. وهذه هي «سمسي»
Samsi، الملكة
العربية الثانية، أقسمت للملك الكبير يمين الولاء الذي
أخلَّ به على ما يبدو في عام ٧٣٣ق.م. بعد مَلِكَي
عسقلان ودمشق، مينتيتي
Mintiti وريزين
Rezin. وكلفها هجومها
هذا على الآشوريين ١٠٠٠٠ من القتلى وخسرت ٣٠٠٠٠ من
الجمال و٢٠٠٠٠ من الغنم، مما يدل على أن قوتها لم تكن
تكفي لقهر الآشوريين، ولكنها كانت كافية معتبرة للحفاظ
على السلطة تحت رقابة رقيب أو «قيبو»
qêpu بعثه إليها
تيجلاث فالازار
Teglath-Phalazar.
٣٤
والملكة العربية الثالثة التي ورد ذكرها هي
«ياتِية» Iatiée أخت
رئيس عربي (باللهجة المحلية
ar-ba-a-a) أسرته
جيوش سيناشيريب
Sennacherib في أثناء
تقدمها نحو بابل. في هذه المنطقة كانت هناك قبائل عربية
(مثل دور أبي-ياتا Dur
Abi-iataa) استقرت في بلاد الرافدين
في كفور محصنة مثل تلك التي سكنها الآراميون
والكلدانيون، ولكنها كانت من ناحية البادية أكثر مما
كانت ناحية الخليج (وهناك رسالة تذكر هجمة من هجماتهم
على إقليم سيبار
Sippar). ونجد بعد
اثنتي عشرة سنة أو نحوها ملكة عربية رابعة هي «تيلحونو»
Teelhunu نقرأ أن
الآشوريين هاجموها في مضرب خيامها وهي منطقة قريبة من
وادي سِرحان (ومن ملتقى القوافل الكبير في دومة الجندل
Dumat al-Djandal) ثم
أسروها وأخذوها إلى نينوى. وكانت لها أخت تربَّت في
مدينة نينوى هي «تابوا»
Tabua ردها سيناشيريب
إلى وطنها، وقد اختارها لتكون ملكة، فكانت خامسة
الملكات العربيات المذكورات في السجلات الرسمية.
التطور الذي حدث على مدى قرنين من الزمان تطور
ملموس. فهناك رئيسة عربية تشتري تعاطف الآشوريين، وأخرى
تتصدى لهم بلا جدوى؛ والآشوريون يأسرون أخا الملكة
الثالثة، ثم يأسرون الرابعة، قبل أن يختاروا هم
الخامسة. ولكن القبائل العربية احتفظت على الرغم من ذلك
باستقلالها. فالملك «هازايل»
Hazzael ثم ابنه
«ياوتآ»
Yautaa من بعده
ذهبا إلى آشور بحريتهما ليفاوضا آشور على استرداد
أصنامهما التي كان سيناشيريب قد حملها إلى عاصمته.
فكلما ابنه إيساروحادون
Esarhaddon،
٣٥ ثم كلما حفيده آشوربانيبال
Assurbanipal، اللذين
أعادا إليهما الأصنام واحدًا واحدًا سالكيْن سلوك
مصالحةٍ غير مسبوق.
٣٦ بل إن إيسارحادون سيقلد سابقه فيغفر لرئيس
عربي آخر اسمه «ليالي»
Layâlê ثورته عليه،
وسيعيد إليه آلهته في مقابل ثنائه على آشور. ويسمح
الاتفاق بفرض جزية على اتحاد شبه بدوي يعيش في موضع ما
في أرض تكسوها الرمال، كان بعيدًا عن نينوى بعدًا
شديدًا يحول دون أن تكون سلطة الملك هناك حقيقية، ولكنه
كان صحراويًّا إلى درجة تتيح تدبير عدد كافٍ من الجمال
في عام ٦٧١ق.م. يكفي للقيام بحملة في سيناء.
٣٧ ولقد اتبع آشوربانيبال نفس السياسة مع
نوحورو ابن ناتنو
Nuhuru ibn
Natnu من قبيلة نيبايوث
Nebaioth الذي نصب
ملكًا بعد أبيه المهزوم.
٣٨
في أثناء الحقبة الآشورية المحدثة كان عدد من
الرؤساء العرب يلعبون دورًا في النظام الإداري الآشوري
ويحملون فيه لقب ملك
sharru أو ملكة
sharratu، أو حتى لقب
ناسيكو
nasîku مثل هذا
الشيخ البدوي في سيناء — الذي تذكره حوليات سرجون
الثاني — الذي كان يعمل انطلاقًا من مدينة لابان
Laban (قرب العريش
الحالية، أي على مشارف مصر).
٣٩ ويبدو أن الناسيكو
nasîku القبليين كانت
لهم وظيفة رسمية أنيطت بهم هي مراقبة العلاقات بالقوى المجاورة.
٤٠ فهم مكلفون بشئون محطات القوافل
kâru، وحواجز الطرق
المتقاطعة، والحصون الصغيرة، بل إن بعضهم أنيطت بهم
قيادة صغيرة
râb kisir.
٤١ حرص الآشوريون والبابليون حرصًا كبيرًا على
رعاية علاقاتهم بشيوخ القبائل المحنكين والجفولين،
وصنفوا بعناية مفرطة توشك أن تكون مَرَضية القبائل
الصديقة والقبائل العدائية،
٤٢ مسجلين في نصوصهم الخاصة أنهم يخصون أنفسهم
بخيرات «الإتاوات» التي كان شركاؤهم هم أنفسهم
يعتبرونها «هدايا» أو «عطايا»
(
tâmartu أو
nâmurtu، وكان منهم
من يأتون من بلاد بعيدة بُعد مملكة سبأ العربية الجنوبية).
٤٣ ولم تكن هذه العطايا تُحدث إخلاصًا دائمًا،
فقد كان الشيوخ العرب يتحللون على الفور من التزاماتهم
حيال هؤلاء كلما غشت قوتهم غمامة، وربما بلغت بهم
الصلافة أن ينهبوا القوافل المتجهة إلى آشور أو بابل
ليبيعوا ما غنموه في الأسواق الملكية دون حساب لعقاب أو ردع
٤٤ أو ليرفضوا بعناد أي عناد أن يؤدوا الأشياء
إلى أصحابها «ردوا إليَّ ناسي وحيواني!» هذه رسالة
وجهها ملك بابل إلى قبيلة إتيرو
Eteru.
٤٥ وتسجل الحوليات أن نبوخذنصر
٤٦ كان عليه أن يقهر تحالفًا عربيًّا
عبرانيًّا بأن قاد بنفسه حملة إلى واحة تيماء التي
سيتخذها نابونيد
Nabonide فيما بعد
قاعدة لعمليات ضد قبائل عربية تقيم في يثرب (يثرب
Ia-at-ri-bu التي
أصبحت فيما بعد «المدينة = المدينة المنورة»).
٤٧
في مصر عُرفت
القبائل الليبية منذ بداية الألفية الثالثة ق.م. (هناك
وثيقة من عصر سنيفرو
Snefrou٤٨ تذكر «رؤساء الليبيين الحدوديين.»
٤٩ وأصبح ضغطهم يمثل تهديدًا بالغًا في زمن
الدولة الحديثة مما حدا بابن رمسيس الثاني إلى التصدي
لهم وردهم على أعقابهم. وبنى خَلَفُه قلعة في «الحبة»
El-Hibeh (في مواجهة
«قلعة مشويش
Mechouech
الكبيرة») ليحتوي اندفاعهم نحو الجنوب. فلما تمصرت
القبائل الليبية محتفظةً ببنيتها القبلية واستقرت في
«إقطاعات» منحها إياهم رئيسهم الأكبر الذي أصبح في هذه
الأثناء فرعونًا، سارعت بإلصاق أسماء مصرية بأسمائها،
ورفع كبيرهم ريشة نعام فوق البرُّوكة الفرعونية.
وتنافست هذه القبائل فيما بينها، وفيما بينها وبين
الأسرات الكبيرة في الجنوب للاستيلاء على العرش، فلم
تستطع الإبقاء عليه مدة طويلة نظرًا لآليات نشوء
الشرائح ونشوء التشرذمات الاجتماعية التي ظلت مستمرة
عشرات من السنين بعد الاندماج: نتيجة لأنماط التوريث
التراثية (فقد كان الابن الأكبر لشيخ القبيلة يحصل على
إقطاعية يخصه بها أبوه)،
٥٠ ولذلك كانت الصراعات الداخلية شرسة، ويعد
المؤرخون نحو خمسة «فراعنة» في مصر حول عام ٧٢٥ق.م. في
الوقت الذي كان الغزاة الآشوريون فيه ينصبون أسرة أخرى
من أصل بدوي هي أسرة السايسيين.
٥١ ولقد ظلت الأسرات الليبية (من الثانية
والعشرين إلى الرابعة والعشرين) نحو ثلاثة قرون من
٩٤٥ق.م. إلى ٦٦٤ق.م. ولا نغفلنَّ عن ذكر رجلين من رجال
الدولة من ذوي علاقات النسب القبلية كان لهما وجودهما
في موقع السلطة هما: حريحور
Herihor، كاهن آمنون
الأعظم بين عامي ١٠٨٠ق.م. و١٠٧٤ق.م.، وكانت زوجته
«نجمت»
Nedjmet وأولاده
يحملون أسماء ليبية، والفرعون أوسركون القديم
Osorkon l’Ancien
الذي حكم من عام ٩٨٤ق.م. إلى عام ٩٧٨ق.م. وكان من أصل
مشويشي. ولقد كان «الرؤساء الكبار» القائمون على المدن
المصرية الرئيسية ورثة مباشرين ﻟ «كبار رؤساء مشويش»
وكانوا يسمون على سبيل الاختصار والتبسيط «رؤساء (ما)
Ma» كما تبين لائحة
الألقاب والمناصب في عصر شيشونق الأول
٥٢ (في مصر السفلى)؛ أو نذكر «كبار رؤساء
الليبيين» (في غرب الدلتا وبخاصة في سايسن — صان الحجر)
الذين تأخر تمصيرهم، وأقدمهم ظهروا في عصر شيشونق
الثالث، ولسوف يصبح أحدهم بدوره فرعونًا حمل اسم
تيفناخت
Tefnakht، وهو
مؤسس الأسرة الرابعة والعشرين.
٥٣ ولقد كانوا مخلصين في تعلقهم بأنسابهم
فكانوا أحيانًا في تتبع ماضيهم يرجعون إلى خمسة أجيال
خلت حتى يقيموا الدليل الشرعي على انتمائهم، على مثال
باسينحور
Pasenhor، وهو
رجل «من الطبقة المتوسطة» تعدد لوحة قربانه في
السيرابيوم من كان في عائلته من محافظي أقاليم عظماء.
٥٤ ولنا أن نفهم أنهم ظلوا يحملون بالفخار
ألقابهم القبلية إلى أن أصبح ذكرها مزعجًا.
٥٥
وقدَّمت القبائل الليبية في وادي النيل على هذا
النحو إلى الفراعنة، مثلما فعلت نظيراتها الرافدينية
والعربية، مندوبين مفاوضين انتهى أمرهم إلى حيث شغلوا
مكانًا رفيعًا في سلم الوظائف الإدارية. ولقد ظل
الرؤساء الليبيون، بعد أن خسر المشويش عرش مصر، حينًا
في إمارات مستقلة، زاد استقلالها أو قَلَّ، أو تابعة
للأسرات التالية (وبخاصة الأسرة الرابعة والعشرين التي
كانت هي الأخرى سايسية الأصل، أي ذات أصل ليبي بعيد).
وأصبحت مهمة «رئيس (ما)» عندئذٍ وظيفة رسمية، مثل مهمة
«رئيس الكلدانيين» التي تحولت تدريجيًّا إلى وظيفة في
المنطقة السفلى من الرافدين.
وحدث نفس الشيء بالنسبة إلى الأدا
adda والناسيكو
nasîku والبيلبيتي
bêlbîti أو
الرابخالسي
râb khalsê
البابليين، والشارانو
sharranû الماريين،
والرابكيسير
râb kisir
أو الشاراتو
sharratu
الآشوريين، وقد تحدثنا عنهم في هذه الدراسة آنفًا. نصب
كل واحد منهم على رأس إقليم أو على رأس جيش في «محيط»
المملكة التي كان يعيش فيها، حيث أصبحت تسميته القبلية
تدريجيًّا لقبًا بيروقراطيًّا.
٥٦
كانت عملية
تطويع القبائل الأجنبية بدمجها في مؤسسات الدولة عملية
تطابق الآلية المنطقية لتحويل القبائل القومية إلى
دوائر إدارية وإلى فرق عمل أو مقصورات دينية. وفي مصر
نجد أقدم مصورات تمثل مواكب عسكرية أو بحرية تغص
بالرموز emblèmes
القبلية (ريش نعام أو ريش صقور، رأس بعض الكواسر أو
الوحوش، تمساح، إلخ) ونجد أحدث المصورات تظهر حملات
عسكرية كبيرة يتوزع المحاربون فيها على فيالق يتسيد كل
فيلق منها إله من الآلهة الرئيسية في مصر. وعندما رسمت
الأقاليم (المديريات) — الأنومات
nomes — بغية تحديث
الإدارة تسمَّت بنفس التسميات الطوطمية التي كانت سائدة
من قبل في أراضيها. ولدينا ثلاث لوحات حجرية يرجع
زمانها إلى العصر الجرزي
gerzéenne أو العصر
السابق على الأسرات تبين أصل المنظومة العسكرية
والإدارية المصرية. في لوحة الملك الجنوبي الملقب ﺑ
«اسكوربيون» العقرب
Scorpion نرى الطيور
الطوطمية لقبائل الشمال معلقة في رموز
emblèmes قبائل
الجنوب. وفي لوحة نارمر نرى على مقرعته قوات فرعون في
مسيرة استعراض بعد النصر خلف أربعة من حملة الألوية:
ونتبين طائرين (أبو قردان وصقر)، ابن آوى، ومشيمة
بحبلها السري.
وفي اللوحة
الحجرية المسماة «الليبية» نجد تجمعات ما زال النقاش
يدور حولها: هل هي معسكرات لفيالق حَمْلةٍ في أرض
معادية أم مدائن جرى الاستيلاء عليها في سياق توحيد
البلاد؟ وفيها نمطان من الرموز جُمعا معًا. في داخل
حيطان السور حيث عُلِّمَ عدد الشاغلين بمربعات مجموعة،
نجد رسمًا هيروغليفيًّا سحيق القِدمِ (جعران، أبو
قردان، قردوح، بردي، وبصفة خاصة: «كا») يمكن أن يكون
مستهل اسم مصري أطلق على كل تقسيم. وهناك تحت التحصينات
طوطم يبدو أكثر قدمًا يمكن أن يكون شارة الفيلق (طوقان
٥٧ أو صقر أو صيَّاد أو ببغاء تسلية فوق
مرتكزه أو عقرب أو أسد). وفي رسوم زخرفية ومصورات أخرى
وجد الباحثون: ثعبانًا، وقناعًا أفريقيًّا، وريش نعام،
وغريفون
griffon برأس
صقر، وجبالًا معلَّمة في الأفق، والعاصفة والبروق، إلخ.
٥٨
ومن الممكن أن تكون التقسيمات المؤسسية في جزء منها
منقولة نقلًا مطابقًا عن تقسيمات قَبَلِيَّة سابقة. ومن
المحتمل أيضًا أن يكون إصلاحٌ على طريقة كليئسثينيس
Kleisthenês٥٩ قد أحدث تغييرًا عميقًا في خريطة التقسيمات
الأنسابية والطوطمية وفي معناها.
٦٠ هكذا انخفض عدد الرموز القَبَلِيَّة لفرق
العمال في ساحات العمل إبان حكم الأسرة الثانية عشرة من
١٢ إلى ٤، كما حلت أرقام محل الكتابة التبيينية —
الإديوجرامات
idéogrammes — لكي
تواري الأصول القبلية.
٦١ أيًّا كان الأمر فقد أقام المصريون القدماء
على استخدام مستمر لكلمة (تقابلها بالفرنسية
clan، ننقلها إلى
العربية عشيرة أو عصبية)، وهي كلمة من حقبة امتدت من
الأسرة الثانية عشرة إلى العصر القبطي. وكانوا يعبرون
بذلك عن التسلسل الأنسابي الآبائي التراتبي للقبائل
الليبية أو الفلسطينية أو قبائلهم الخاصة.
٦٢ ويعتبر الإبقاء على منظومة قَبَلِية أصيلة
موازية لمنظومة مؤسسية أكثر حداثة فرضية أقرب إلى
التصديق. أيًّا كان الأمر فقد بقيت التقسيمات
القَبَلِية جزئيًّا حتى بعد تلاشى المنظومة التي شهدت
نشأتها، وتلك علامة دالة على أن الشعب الذي شهد هذا
التطورات شعب لم يكن يفكر — هو وينظم العالَم، مؤمنًا
بأنه أكثر الشعوب تحضرًا — في أنه قد تخلص من أصوله
البربرية.