الشياطين ينضمون إلى المعسكر
كانت مفكرة صغيرة تلك التي عثر عليها «مصباح»، والتي تمثِّل الهدف الذي من أجله جاءوا إلى الجزيرة، أو جعلوها محطتهم الأولى.
أخذ «أحمد» يقلِّب المفكرة … كانت بعض صفحاتها تحمل بعض الأرقام، وفي آخرها وجد برنامج كمبيوتر. أخذ «أحمد» ينظر إليه لحظة، ثم قال: إنه برنامج لأحد أجهزة الكمبيوتر.
صمت لحظة … كان الشياطين ينظرون إلى بعضهم، لكن «أحمد» قطع لحظة الصمت قائلًا: نحن في حاجة إلى حلِّ الرموز الشفرية لهذا البرنامج، فربما يكون هو البرنامج الذي جئنا من أجله.
قال «مصباح» بسرعة: علينا أن نُرسلَ إلى رقم «صفر»؛ فمركز الأبحاث قادرٌ على حلِّ رموزه.
أضاف «فهد»: والوقت لا يزال أمامنا، فسوف لا نطير إلا في الليل.
بسرعة أخرج «أحمد» جهاز الإرسال، ثم أرسل رسالة شفرية إلى رقم «صفر» … وقال في نهايتها: «نحتاج إلى السرعة؛ فربما تغيَّر البرنامج، أو تغيَّرَت الشفرة.» نظر «أحمد» إلى الشياطين ثم قال: إن الوقت لا يزال طويلًا أمامنا، ولا بدَّ أن نجد وسيلة لإخفاء الطائرة؛ فمجموعة الحراسة التي تخلَّصنا منها سوف تكون الطريق إلينا مرة أخرى، فسوف يكتشفون غيابها. ويبدو أن قائد المعسكر من بينهم، وهو الذي كان يحمل المفكرة، فهذه مسألة سرية.
نظر الشياطين حولهم … كانت هناك مجموعة من الحشائش المائية المرتفعة تظهر على الساحل في كل مكان، قال «فهد»: نستطيع أن نُخفيَها بين هذه الحشائش … المسألة فقط تحتاج إلى سرعة.
مرَّت نصف ساعة، كان الشياطين خلالها قد جمعوا كومة عالية من الحشائش … أخذوا ينقلونها ويغطون بها الطائرة حتى اختفَت تمامًا.
فقال «قيس»: ينبغي أن نختفيَ نحن أيضًا.
وقبل أن يتحركوا، كانت مجموعة من الطلقات تدوِّي في الفضاء، فقال «أحمد»: يجب أن نهرب بعيدًا عن الطائرة حتى لا نلفت النظر إليها! وبسرعة كانوا يقفزون إلى الشاطئ مندفعين إلى أقرب مرتفع. في نفس الوقت الذي كانت طلقات الرصاص تُتابعهم، وعندما اختفوا توقفتِ الطلقات.
قال «قيس»: يبدو أن مهمتنا أن نحارب مَن في المعسكر جميعًا، وهذا هو الحل الوحيد.
ردَّ «أحمد» بسرعة: لهذا ينبغي أن نتجه إلى المعسكر، حتى لا نُعطيَهم فرصة. في نفس الوقت يمكن أن نجد ما ينفعنا إذا حدث شيء للطائرة.
أخذوا يزحفون في اتجاه المعسكر، الذي كان يبدو بعيدًا. فجأة دوَّى صوتُ نفير، فعرفوا أن هذه دعوة لجميع مَن بالجزيرة للانضمام إلى المعسكر … فجأة قال «أحمد»: لقد أضعنا الفرصة.
همس «مصباح»: أية فرصة تعني؟
ردَّ «أحمد»: ملابس الرجال، إنها ستنفعنا، ونستطيع أن ندخل المعسكر بها، أو بعضنا على الأقل!
سأل «فهد»: وما العمل الآن؟
ردَّ «قيس»: نستطيع أن نعود عن طريق الشاطئ مرة أخرى، خصوصًا وأن الحشائش عالية، ويمكننا أن نختفيَ داخلها.
كانت فكرةً طيبة، فأسرعوا بتنفيذها … نزلوا إلى الشاطئ، وبدءوا يتقدمون داخل الحشائش، فجأة سمعوا صوتًا ما يقول: كيف نزل هؤلاء إلى الجزيرة؟
ردَّ آخر: ربما عن طريق المحيط.
سأل الأول: كيف؟
ردَّ الثاني: ربما أنزلهم لنش، ثم أكملوا المسافة سباحة.
قال ثالث: لا أظن، إن اللنش صوتُه مسموع والأجهزة التي لدينا قادرة على ذلك تمامًا.
سأل رابع: أين اختفوا؟ لقد كانوا أمامنا!
أجاب الأول: ربما يكونون داخل الحشائش الآن!
مرَّت لحظة صمت … كان الشياطين قد توقَّفوا، فقال واحد: نُشعل نارًا في الحشائش … نظر الشياطين إلى بعضهم. في نفس اللحظة شعر «أحمد» بدفء جهاز الاستقبال، فعرف أنه يسجِّل رسالة رقم «صفر» … بدءوا يتحدثون بالإشارة، حتى لا يسمعَهم أحد، وانتهوا إلى أنهم يجب أن يشتبكوا معهم قبل أن يفكروا في إشعال النار …
قال «أحمد» عن طريق الإشارة: انتظروا، وسوف أرى ماذا هناك؟! وفي هدوء شديد أخذ يتقدَّم ناحية الأصوات التي كانت لا تزال تتحدث … أفسح مساحة صغيرة أمامه، ومن بين الحشائش ألقى نظرة، كان خمسة من الرجال الأشداء يقفون معًا، وفي أيديهم أسلحتهم. فكر لحظة: إن كرات الغاز يمكن أن تكون فرصة طيبة، حتى لو كان تأثيرُها ليس قويًّا.
انتظر لحظة يفكر كيف يمكن أن يستدعيَ الشياطين … مرت دقيقة، ثم أصدر صوتًا كزقزقة العصفور، كرَّره مرة، وثانية، ولم تمرَّ دقيقة حتى رأى الشياطين يقتربون منه في هدوء … أخرج عددًا من كرات الغاز، ثم ألقى بها الواحدة بعد الأخرى؛ ولم تمضِ دقائق حتى سمع أحدهم يقول: إنني أشمُّ رائحة غير طبيعية!
ثم فجأةً بدأ يَسعُل … نظر «أحمد» إلى الشياطين، وهمس: هذه فرصتنا! تقدَّموا في هدوء … كان صوت الرجل قد بدأ يعلو، وعندما أصبحت المسافة بينهم قليلة، أشار «أحمد» إشارة فاندفعوا جميعًا … كان «أحمد» قد ألقى كميةً مضاعفة من الكرات؛ فأثرت تأثيرًا من طرف واحد … قيدوا الرجال بالحبال واستولوا على أسلحتهم وملابسهم، وبسرعة كان كلُّ واحد فيهم قد لبس ملابس رجال الجزيرة. نظر الشياطين إلى بعضهم وابتسموا، وقال «أحمد»: إننا نستطيع أن نسيطر على الجزيرة، وبعدها فإن فرصة السيطرة على جزيرة «شون كوماكي» لن تكون صعبة.
فجأةً تذكَّر رسالة رقم «صفر» … أخرج جهاز اللاسلكي، وبدأ يقرأ الرسالة … فكانت كما توقَّع تمامًا، فهي الشفرة التي يتخاطب بها «شون كوماكي» مع رجاله في نفس الوقت، برنامج الكمبيوتر، هو برنامج الحراسة نفسه. نقل الرسالة إلى الشياطين، فقال «فهد» مبتسمًا: إذن لقد وقع «شون كوماكي».
ردَّ «أحمد»: هذا إذا ظلت الشفرة كما هي، ولم يحدث لها أيُّ تغيير، كذلك إذا ظلت «برمجة الروبوت» كما هي أيضًا، وإن كنت أظن أن «شون كوماكي» يُجري تعديلات كلَّ فترة، وأتمنى ألَّا يكون الآن!
ثم أضاف: المهم الآن أن نسيطر على المعسكر، وأظن أننا أجهزنا على الجانب الأكبر من قوة المعسكر.
تحرَّك الشياطين بسرعة الآن؛ فلم يكونوا يخشَون شيئًا بعد أن اختفَوا داخل ملابس جنود الحراسة، أخذوا يقتربون وهم حذرون تمامًا. في نفس الوقت رأوا قوة المعسكر بكاملها تقف في شبه مستطيل. لم تكن القوة كبيرة، فالباقون لا يتجاوزون عشرين رجلًا.
قال «أحمد»: إنها ليست قوة كبيرة.
ثم ابتسم وأضاف: إنَّ نصيبَ كلٍّ منَّا أربعة فقط.
قال «قيس»: إننا نستطيع أن نُسقطَ عشرة منهم، وسوف ينشغل الباقون بمن سقطوا لتكون هذه فرصتنا!
ابتسم «فهد» وقال: تقصد الإبر المخدرة؟!
قال «أحمد»: إنها فكرة طيبة، نستطيع عندما نقترب تمامًا أن نكون خلف أحد أكشاك المعسكر، فنضرب ضربتنا، ثم ننضم إليهم.
دار الشياطين في اتجاهٍ مختلفٍ؛ حيث توجد أكشاك الإقامة، وعندما وصلوا إلى أقرب كشك، سمعوا أحدهم يقول: إن الذين خرجوا للاستكشاف لم يعودوا، وقد أجريتُ اتصالًا بالقائد «جراند» فلم يُجِب.
ظهرَت الدهشة على وجه الشياطين؛ ذلك لأنهم تركوا «جراند» في الميناء، بعد أن تعرَّف عليه «خالد» … لا بدَّ أنه شيطان هو الآخر!
جهَّزوا مسدساتهم، وثبَّتوا فيها الإبر المخدرة … أعطى «أحمد» إشارة الاستعداد، ثم أعطى إشارة الإطلاق؛ فانطلقت عشر إبر … ولم تمضِ دقيقة حتى كان عشرةٌ منهم قد سقطوا، وأسرع الباقون إليهم.
في نفس اللحظة، كان الشياطين يقتربون في عجلٍ، وكأنهم من بين أفراد المعسكر … هتف الرجل يخاطب الشياطين: أسرعوا، يبدو أن مرضًا خبيثًا قد ظهر في الجزيرة.
وكان الشياطين أكثر سرعة؛ فقد انضموا إليهم، لكن في لحظة واحدة كانوا يطيرون في الهواء، وكأنهم طيور متوحشة. في نفس اللحظة التي صرخوا فيها صرخة واحدة، جعلَت الجنود يفزعون، ولم تمضِ عشر دقائق حتى كان بقية الرجال قد سقطوا على الأرض بلا حَراك. في الوقت الذي كان الشياطين يقفون، وقد ظهرت عليهم فرحةُ الانتصار.
قال «أحمد»: الآن سيطرنا على الجزيرة وبقيَت قفزتُنا الثانية إلى «شون كوماكي»!
وبسرعة، أوثقوا الرجال المخدَّرين، وأرسل «أحمد» رسالة إلى رقم «صفر» يشرح له فيها ما حدث. وبعد أن نقلوا الرجال إلى سجن المعسكر، كان رقم «صفر» قد أرسل إليهم ردًّا يقول فيه: أهنِّئكم على خطوتكم الأولى …
وأرسل «أحمد» رسالة أخرى تقول: الليلة سوف تكون خطوتنا الأخيرة.
جلس الشياطين يشربون الشاي الذي أعدَّه «مصباح» وهو يقول: اشربوا في نخب انتصارنا. ورفع بقيةُ الشياطين أكواب الشاي وهم يضحكون.