سرقة البراق!
انتشرت شائعةُ سرقة السيارة «البراق» بين العاملين في المقر السري الكبير بالصحراء الغربية بسرعة كبيرة.
ولم يتمكَّن أحدُ قيادات المنظمة من الوصول إلى مصدر هذه الشائعة.
ولم يَعُد أمامهم مفرٌّ من الاتصال برقم «صفر» في المدينة الألمانية «هايدلبرج» والتي لم يغادرها بعدُ … واطِّلاعه على مضمون الشائعة، وسؤاله عما لديه من معلومات عنها، ولكن … ألم يكن من الأجدى الاتصال بالمقر الفرعي بالهرم؟
فالسيارة بحوزة «أحمد»، وإن كانت قد سُرقت فمن المؤكد أن القيادة الأمنية كانت ستعرف ذلك في حينه.
والمثير في الأمر … أن ما كان يدور في المقر الكبير، لم يكن يعلم عنه أحدٌ في المقر الفرعي شيئًا!
وعندما اتصل رقم «صفر» ﺑ «أحمد» ليُبلغَه بميعاد عقد اجتماع عاجل، كان «أحمد» يستقل البراق، ويُجري بها مناورات في صحراء سيناء.
وكان بقية الشياطين يُعسكرون على شاطئ البحر الأبيض المتوسط، في معسكر تدريبي وعند عودته، ولم يجد حول الخيمة الرئيسية سوى «إلهام» و«زبيدة» و«فهد» … وعرَف منهم أن بقيةَ الشياطين على وشك الوصول.
فقام بإعداد أجهزة الكمبيوتر المحمولة الخاصة بهم، وتجهيزها للدخول على الشبكة، وقبل أن يتصل بهم ليستدعيَهم، كانت «إلهام» تُخبره بأنهم ينتظرونه جميعًا … ليتناولوا غداءَهم سويًّا.
وقد كان غداءً رائعًا من السمك الطازج، الذي قام بصيده كلٌّ من «عثمان» و«مصباح» و«قيس»، وقبل أن يسألوه رأيه فيما يأكل … انطلقَت الموسيقى من تليفونه المحمول تُنبهه إلى أن هناك مَن يتصل به.
وعرف أنه رقم «صفر»، فأشار للجميع بالتوقف عن الأكل، والاستعداد لحضور اجتماع طارئ معه.
وتحوَّلت حواسُّ الشياطين عن الطعام، وانتبهَت لتلقِّي ما سيُخبرهم به رقم «صفر» من أخبار، وما سيُكلفهم به من مهام.
وخلف شاشات «البلازما» المزودة بها أجهزة الكمبيوتر الخاصة بهم … جلسوا جميعًا حيث اصطفَّت الخطوط البيانية المتراصة … والتي تدل على وجود رقم «صفر» بينهم … وبدأت تتراقص على الشاشة ارتفاعًا وانخفاضًا، عندما بدأ حديثَه قائلًا: يوم سعيد لكم جميعًا.
ولم ينتظر ليسمع ردَّ تحيته، بل استطرد قائلًا: هناك شائعة سارية في المقر الكبير تقول إن السيارة البراق قد سُرقت!
أحمد: إنها في عهدتي يا سيد «صفر».
رقم «صفر»: أعرف … وأعرف أيضًا مصدر هذه الشائعة.
إلهام: هل هو مركز الإعلام الخاص بالمنظمة؟
رقم «صفر»: لا … بل أنا مصدرها.
أحمد: وهل لهذه علاقة بمهمة جديدة؟
رقم «صفر»: خبر سرقة البراق.
«إلهام»: وهل الخبر صحيح؟
أحمد: صحيح كيف والسيارة تقف أمامك يا «إلهام»؟
رقم «صفر»: بل الخبر صحيح يا «أحمد».
اندهش «أحمد» لما سمعه وكذلك بقية الشياطين … وقبل أن تنهال أسئلتُهم عليه استطرد قائلًا: لقد رأيت بعيني سيارةً تُشبه «البراق» تمامًا، في ساحة الاختبار الخاصة بأحد مصانع السيارات.
ريما: وأين هذا المصنع؟
رقم «صفر»: في مدينة «شتوتجارت».
أحمد: إنها تتبع نفس الولاية التي تُقيم فيها يا زعيم.
عثمان: ولاية «بادن»، أليس كذلك؟
رقم «صفر»: بل إنها عاصمة ولاية «بادن»، وقلعة صناعة السيارات في «ألمانيا».
قيس: ولكن الأمر لا يزيد على كونه تشابهًا في التصميم الخارجي … أليس كذلك؟
رقم «صفر»: هذا ما ظننته في أول الأمر، ولكن … ولدواعي الأمن، طلبت من أجهزة المخابرات في المنظمة أن تقوم بتحرياتها الخاصة … لمعرفة إمكانياتها … ومدى تشابه تصميمها مع تصميم البراق.
هدى: وهل ترى يا زعيم أن سرقة تصميم البراق أمر خطير؟
رقم «صفر»: بالطبع لعدة أسباب، أولها … أن إمكانيات هذه السيارة تحقِّق لنا المرونة في التحرك والقدرة على المناورة والسرعة في أداء المهام.
والأهم من ذلك كلِّه أنها تحقق لنا عنصر التفوق التكنولوجي، وهو العامل المساعد الأعظم في تحقيق النصر.
أحمد: وثانيًا؟
رقم «صفر»: وثانيًا أن سرقة التصميم الداخلي تعني أن هناك مَن يخوننا.
ريما: ولكن معرفة تصميم سيارة تتحرك على الطريق لا تحتاج لسرقة!
رقم «صفر»: سأترك إجابة هذا الاستفسار ﻟ «أحمد».
أحمد: شكرًا سيادة الزعيم. وردًّا على «ريما» أقول: الأوامر التي صدرَت لي عند تسلمي «البراق».
كانت أولًا: التحرك بها في طرق مفتوحة غير مزدحمة.
ثانيًا: عدم الانتظار بها في الطريق.
ثالثًا: عدم استخدام إمكانياتها في القفز والسرعات العالية … إلا عند خلوِّ الطريق من المارة أو في الظروف الحرجة جدًّا.
وكلها كما ترون اعتبارات أمنية تهدف إلى عدم تمكين أحد على الطريق من تصويرها بكاميرات ضوئية عادية … أو بكاميرات حرارية إلكترونية.
إلهام: ومَن الذي سيهتم بتصويرها أو سرقة تصميمها؟
رقم «صفر»: مخابرات الجهات البحثية التي تعمل في مجال تطوير السيارات … وهي بالطبع تتبع مصانع السيارات الكبيرة.
إلهام: وميزانية هذه الشركات أصبحت كبيرة إلى درجة تمكنها من استخدام طرق ووسائل أكثر تقدُّمًا في التجسس.
رقم «صفر»: مثل ماذا؟
إلهام: الأقمار الصناعية مثلًا.
رقم «صفر»: لم يَغِب هذا الأمر عن بالنا وقد قمنا بسؤال مراكز بحوث القيادة التي توصَّلت إلى تصميم البراق.
أحمد: وماذا كانت النتيجة؟
رقم «صفر»: البراق مجهزة بحيث لا يمكن للأقمار الصناعية أن تصور إلا هيكلها الخارجي!
ريما: ولكن هل رأيت تحركات السيارة شبيهة البراق؟
رقم «صفر»: حتى الآن لم أشاهد إمكانياتها الحقيقية، ولكن وجودها يعني أحد أمرين …
أولهما: أن يكون قد تم تسريب أسرار صناعتها.
وثانيهما: أنهم في الطريق للوصول إليها.
أحمد: كيف؟
رقم «صفر»: إما بالسطو على مركز بحوث المقر، أو بسرقة البراق.
أحمد: والمطلوب؟
رقم «صفر»: إعدادُ تقريرٍ وافٍ عن البراق، وتحركاتها السابقة، وتصوراتكم للخطوة التالية.
هذا من ناحية … ومن الأخرى عليكم بالحذر … فالعاملون في مجال سرقة الأسرار التكنولوجية … لا يتورعون عن القتل.