الانفجار الرهيب!
ما إن خلَت المنطقة حول «أحمد»، وابتعد الشياطين عنه بمسافة كافية، حتى انطلق يسيرُ على مهل بالسيارة شبيهة البراق.
ولم يعمل حساب أن يكون بقية رجال الأمن في أثره.
فأحاطوا بالسيارة، وعرقلوا سيرَه، وطلبوا منه الخروج منها.
ولو كان يعلم أنهم يريدونها هي فقط … لما تردَّد في النزول.
ولكنه يعلم أنهم يريدون التخلص منه هو أولًا، وبعد ذلك يستولون على السيارة لصالح «سوبتك».
لذلك، ظل يُراوغهم محتميًا بالسيارة، وهو متأكد من أنهم لن يجرؤَ أحدٌ منهم على مسِّها بسوء.
وظل يسير بها، ويُزحزحهم من مكانها، فيزيد حنقهم وثورتهم، ويُخرج أحدُهم مسدسَه ويُلصقه بالزجاج الأمامي في مواجهة رأسه … ويشعر «أحمد» باقتراب الموت منه … ويتابع في قلق ما يدور بينهم من مناقشات … ويقرأ في عيونهم جميعًا رغبةً واحدة … وهي قتله، دون أن يعبئوا بالسيارة.
وفي النهاية، اتفق الجميع على قرار واحد، ثم أشاروا كلهم بما يعني: اضغط على الزناد.
وقام الرجل بسحب أمان المسدس، وتحرَّك إصبعه على زناده … واقتربَت الرصاصةُ من الخروج، واقترب الموت من «أحمد».
لولا صرخةٌ، صاحبَها صوتُ موتور سيارة تأتي مسرعة، يقول صاحبها: ماذا تفعل يا أحمق؟ إنها البراق المعدلة، هل جننتَ؟
ونظر له الرجل، غيرَ عابئ … ولم تتغيَّر ملامح وجهه، ثم نقل بعده مرة أخرى إلى «أحمد»، الذي اندفع فجأةً بالسيارة في قوة، فأسقط الرجل، وسار خلفه، وانطلق يُغادر المكان بين صرخات زملائه، الذين جروا خلفه محاولين اللحاق به.
ومن الاتجاه الآخر، انطلقَت سيارة رجال العصابة في أثره … وشعروا أنهم هذه المرة لن يتركوه.
وقبل أن يكتشفوا مكانه، كان قد غاص في بطن الجبل؛ حيث ترك شبيهة البراق على الطريق، ونزل إلى مغارة سرية، تختبئ فيها البراق الحقيقية.
وبعد أن أخرجها، عاد وأدخل مكانها شبيهة البراق.
وانطلق بالبراق، الذي تم تغييرُ لونها، على طريق القنطرة … إلى جزيرة الموت، وكان يشعر أنه مراقب؛ لذلك، فضَّل ألَّا يستفيد من إمكانياتها، غير أن أطلقَ العنان لمحرِّكِها، محاولًا اللحاقَ بزملائه.
وعلى عجلٍ، قام بإعداد خطة يُنهي بها هذه المهمة … ثم قام بالاتصال ﺑ «عثمان» و«إلهام»، وإخبارهم بأن يحاولوا الاتصال بأفراد العصابة … إذا وصلوا قبله.
وأن يعرضوا عليهم أن يسلموهم البراق المعدلة، على أن يُفرجوا عن زملائهم.
ورأَت «إلهام» أنها تستطيع تنفيذَ الجزء الخاص بها من هذه المهمة بطريقتها الخاصة.
وعندما وصلوا إلى جزيرة «الموت»، أنزلوا القارب المطاطي من حقيبة السيارة، ثم قاموا بملئه بالهواء، وأنزلوه إلى الماء، وركبه كلٌّ من «عثمان» و«إلهام»، وعلى مؤخرته وضعوا موتورًا صغيرًا … ثم قاموا بإدارته.
وما كاد القارب ينطلق، حتى اقترب من الجزيرة … فالمسافة بينها وبين الشاطئ قصيرة.
وعندما اقترب منها، انفجر القارب، فعرفَا أن هناك مَن أطلق عليه رصاصة من مسدس كاتم للصوت.
وقد سرُّوا كثيرًا لذلك؛ فقد قصر عليهم الطريق للاتصال بقيادة العصابة، وما إن خطَت أقدامُهم أرضَ الجزيرة، حتى التفَّ حولهم مجموعةٌ من الرجال، واقتادوهم إلى أعلى نقطة فيها … حيث رأوا كوخًا على الطراز الأوروبي، دفعهم إليه الرجالُ دفعًا.
وفي داخله، وجدوا مجموعة من المقاعد المنفوخة بالهواء … فعرفوا أنهم في هذه الجزيرة لمهمة محددة وعادلة.
وعلى أحد هذه المقاعد كان يجلس رجل أبيض الشعر، لا يرون غير ظهره.
وما إن شعر بهم، حتى التفتَ إليهم مبتسمًا، فنظر لهم مليًّا، وقال بإنجليزية بارعة: أوَّه، شبابٌ رائع، مرحبًا بكم.
إلهام: أهلًا بكم.
الرجل: أنا أعرفكم جيدًا.
عثمان: ونحن لا نعرفك، ولكن نعرف ماذا تريد.
الرجل: عظيم … أنت شابٌّ عاقل جدًّا، وأنا سأُفرج عن زملائكم وعن سيارتكم.
إلهام: سيارتنا؟
الرجل: نعم، فما لديكم سيارة شبيهة بها، من صنعنا، وليس لها إمكانيات سيارتكم.
عثمان: ولماذا ستُعطيها لنا؟
الرجل: لأنكم ستعطونني النسخة الأصلية، التي كانت في مقر العريش.
شعرَت «إلهام» أن الرجل يعرف كلَّ شيء، إلا شيئًا واحدًا … هو أن السيارة التي كانت في المقر نموذجٌ مزيفٌ.
ولكن هذا يعني أن السيارة التي في حوزة «أحمد» نسخة مقلدة أيضًا، ورأَت أن تُجاريَه، فطلبَت منه أن يُعدَّها إذا ما أسلمَته السيارة ألَّا يفتح ملف قدراتها الخارقة … لأن هناك قمرًا صناعيًّا يراقبها ليحميَها.
ووافق الرجل، واصطحبها إلى حيث قابلَا «قيس» و«ريما» و«فهد»، وقد تم الإفراج عنهم، في مقابل احتفاظه ﺑ «إلهام» و«عثمان»، حتى تتمَّ الصفقة.
ولكي تكونَ الصفقة متكافئة، اصطحبهم الرجلُ في البراق الأصلية، على أن يسلِّمَها لهم عندما يستلم النسخة التي يعتقد أنها أصلية … وفي العريين، نزل «عثمان» وحده إلى باطن الرجل، فأخرج السيارة التي أشعلَت حماس الرجل، فقفز يغادر البراق ويجري عليها.
وفي نفس الوقت، عاد «عثمان» سريعًا إلى البراق، فوجد «إلهام» وقد أدارَتها، وقبل أن يتحرك الرجل، انطلقَت هي تدور حوله بالبراق، وعندما أدار محرِّكَها، أفسحَت له الطريق، وتمنَّت له نهاية سعيدة، وفي منتصف الطريق إلى القنطرة، خان الرجلُ العهد، وضغط زرَّ ملف القدرات الخارقة … فانفجرَت السيارة، في الوقت الذي انفجر فيه المقرُّ السري على الشاطئ الأبيض، فاحترق عن آخره، واحترقَت معه كلُّ ملفات العملية.
لكن الانفجار الأكبر كان في جزيرة الموت؛ فقد أحاطها الشياطين بكمية كبيرة من الألغام … ووسط كل ذلك، كان «أحمد» يُرسل لرقم «صفر» على البريد الإلكتروني، يقول له فيها: «تمَّت العملية بنجاح».