حقيقة أم وهم؟!
ما لا تعرفونه عن البراق هذه أنها سيارة ذات إمكانيات خاصة جدًّا، وقدراتها تفوق كلَّ القدرات التكنولوجية المزودة بها السيارات التي تجري على الطرق في كل أنحاء العالم.
فهي تستطيع تخطِّي كلِّ العوائق لتحتفظ بسرعتها حتى تَصِل إلى محطتها الأخيرة في الوقت المحدد لها.
فهد: وما المقصود بمحطتها الأخيرة؟
أحمد: المكان الذي يقصده قائدها!
وعادوا إلى الاستماع إلى التقرير العلمي مرة أخرى؛ حيث قالت المذيعة: إن تلك السيارة هي ثمرة جهد مشترك بين علماء منظمة «س. ك. س» وقد صممَت خصيصًا لمعاونة الفريق العربي المسمَّى بالشياطين اﻟ «١٣».
هذا وسوف نُوافيكم بالجديد من الأنباء عن هذا الموضوع في نشراتنا المتتابعة، شكرًا لكم وإلى اللقاء.
تملَّكَت الشياطين الدهشة.
فها هي أدقُّ أسرار المنظمة تتحول إلى خبر معلوم في نشرة أخبار قناة تليفزيونية.
وها هي أكثر المعلومات سرية عن «البراق» تسرد في تقرير علمي يستمع إليه كلُّ الناس، وكان طبيعيًّا أن تُثار التساؤلات بين الشياطين، وأن تكثر علامات الاستفهام، وقد نظرَت «ريما» في حيرة ﻟ «أحمد» وهي تقول: أتصدق ما سمعت؟
أحمد: حتى الآن لا!
إلهام: لقد سمعناه كلنا يا «أحمد»!
أحمد: أعرفه … ولكن في الأمر خدعة.
عثمان: قد يكون المقصود من الإعلان عن السيارة هو إحباط محاولة مصنع السيارات الألماني من تسويقها تجاريًّا.
قيس: كيف؟
أحمد: يقصد «عثمان» أن الإعلان عنها … يدل على أن مصنعها قد قام بتسجيلها كاختراع وكتصميم، وبذلك لا يحق للآخرين الإعلان عن أو تسويق نفس الموديل بنفس التصميم … والإمكانيات، وإلا …
زبيدة: وإلا ماذا؟
إلهام: وإلا تعرض للمساءلة القانونية، ودفع تعويضات وبالتالي تشويه سمعته دوليًّا!
ريما: ولكن ذلك إفشاء لأسرار المنظمة!
زبيدة: نعم، فنحن لم نَعُد بذلك منظمة أمنية!
أحمد: وهل تصدقون أن قيادة المنظمة بهذه السذاجة … يا قوم ألم يلاحظ أحدكم أن المذيعة التي كانت تقرأ التقرير العلمي، لم تكن معروفة لنا!
ريما: قد تكون مذيعة جديدة؟
إلهام: ولكنها فكرة تستحق الاهتمام.
أحمد: إنها الحقيقة … لأنها تتفق مع المنطق.
قيس: نعم … أنا أتفق مع «أحمد» فيما يقول … وما رأيناه هو نشرة أخبار المنظمة.
عثمان: ولكن المقر ليس به إلا رجال الأمن!
قيس: إنها تبث من «القاهرة»!
أحمد: إذن سأتصل بالمقر لأتأكد.
وعندما كان «أحمد» يتصل بالمقر، قامت مجموعة من الشياطين بإعداد العشاء والشاي الساخن.
في الوقت الذي كانت فيه مجموعة أخرى تُعدُّ قائمة الكمبيوتر الملحقة بمركز المعلومات للعمل.
وفي وقت واحد تقريبًا أتم الجميع أعمالهم … وعادوا للجلوس أمام شاشة التليفزيون ليتناولوا الشاي الساخن مع الكثير من السندويتشات التي تحوي ألذَّ ما في ثلاجة المقر.
وقد كان ما أخبرهم به «أحمد» ألذ وألذ.
فقد أكَّد لهم أن ما رأوه على شاشة التليفزيون كان نشرة أخبار المنظمة، والتي تبثُّ إرسالها من محافظة القاهرة بمنطقة نادي الرماية.
وعندما فرغ الجميع من العشاء، شعروا بالنوم يداعب جفونهم … فانتفضوا يقفون لينفضوا عنهم الكسل … إلا أن ما قاموا به خلال اليوم جعلهم يتخذون قرارًا جماعيًّا بالاتجاه إلى غُرَف النوم.
وفي غرفة نوم «أحمد» كان الهواء يرتع بحريَّة، فيرفع الستائر ويخفضها … فقد كان زجاج النافذة مفتوحًا؛ ولأن الليلة كانت من ليالي شهر ديسمبر.
فقد شعر بالبرد يتسلَّل إلى عظامه …
فأغلق زجاج النافذة، وساد الغرفةَ هدوءٌ شديد أثار انتباهَه إلى تأثيرها.
فقام لفتحه مرة أخرى، فسمع صوت هدير أمواج البحر يُشعره وكأنه يقف في قمرة لسفينة مسافرة.
ولولا خوفه من سطوة البرد، لنام تاركًا النافذة مفتوحة.
ولم يكن هذا فقط دافعه لغلقها، بل اتصال «إلهام» به، وطلبها ذلك منه أيضًا.
وخيَّم على المقر هدوءٌ شديد، أما خارج المقر … فقد كانت الرياح تصفر … وأمواج البحر الأبيض تهدر … والسحب تملأ سماء المنطقة … وتُنذر بليلة ممطرة.
ولم يشعر أحدٌ من النائمين بخيوط الماء المتساقطة من السماء إلا عندما هزَّت جدران المقر زمجرة الرعد … فجعلَتهم يتململون في رقادهم … وعيونهم نصف مفتوحة ما بين النوم واليقظة.
إلا أن شعاع برق أضاء غُرَفَهم جميعًا، أيقظ حواسَّهم … فاعتدلوا جالسين على الأسرَّة تحت الأغطية، يتابعون ومضات البرق المتلاحقة في سرعة وقوة … وكأن سماء العريش تحتفل بوجودهم تحتها.
ومن بين قطرات الماء المتدحرجة على زجاج النوافذ، لمحوا في دهشة أجسامًا صغيرة وكبيرة تقفز في الهواء … ثم تهوي وتختفي.
ولم تتمالك «ريما» نفسها مما رأته، فنفضَت عنها غطاءها وهرولَت تلصق جبهتها بزجاج النافذة رغم برودته لتشاهد هذا المهرجان الجميل عن قرب.
وعندما اتضحَت لها الرؤية، ندت عنها آهة دهشة … فقد كانت تلك الأجسام الطائرة لأنواع شتى من الأسماك، وكأنما ضوء البرق قد أيقظها كما أيقظهم.
وفي غرفتها، لم تكن «إلهام» بعيدة عن النافذة، كانت أيضًا تُتابع عن قرب مهرجان الماء والأضواء والأسماك الطائرة، وتستمتع رغم برودة الجو … ببرد الزجاج على جبهتها.
وكذلك كانت «هدى» و«زبيدة» وبقية الشياطين إلا واحدًا فقط هو «عثمان» الذي لم يرضَ بمجرد المشاهدة من خلف الزجاج … بل آثر الاقتراب من الأحداث … والتفاعل مع صوت الرعد وضوء البرق وسيل المطر … فارتقى السلالم إلى أعلى مبنى المقر غير عابئ بما قد يُصيبه من عواقب كل ذلك.
وتحت السماء رفع يدَيه لأعلى مناديًا المطر أن يهطل ويهطل … ولا يتوقف، فهو يُشعره بالخير الذي يجري في نهر النيل رابطًا «السودان» بمصر.
وابتلَّ شعرُه وملابسُه وهو لا يشعر؛ فزمجرةُ الرعد تُحركه، تُحرك كل الطاقات الكامنة في أوصاله وخلاياه.
وكذلك ومضات البرق وتلك الأسماك التي تتقافز فوق سطح البحر فتبدو وكأنها تهطل من السماء.
ووسط ذلك كلِّه رأى جسمًا فضيًّا كبيرًا يخترق الضباب … ويحلِّق بالقرب من الأرض مبتعدًا عن المكان …
وحين أمعن النظر فيه صاح بأعلى صوته: «البراق» … إنه البراق. البراق سُرق!