تمرُّد وعصيان عام!
رأى «أحمد» أن يتخلص من ذلك الرجل؛ فهو يسبب له إزعاجًا شديدًا، ويقيِّد حركته.
غير أنه آثر ألَّا يُثيرَ بقيةَ العاملين في المقر، ولحظة المواجهة لم تَحِن بعد، فغادر السيارة وهو يهدده ويتوعده، و«مرشد» غيرُ مبال حتى بالرد عليه.
وقبل أن يدخل إلى السيارة … أدخل فيها نصفَه العلوي ليتفحصها … ولم يتمالك «أحمد» نفسه وأغلق عليه الباب، وسَمِع وقتَها صوتَ فرقعة عظامه تختلط بأصوات صراخه.
ووجد «أحمد» أنها فرصة لاستجوابه، فسأله قائلًا: مع مَن تعمل؟
مرشد: مع رقم «صفر».
أحمد: أعرف ولكنني أسألك عن الآخرين؟
مرشد: أي آخرين؟
ضغط «أحمد» على الباب أكثر، فعلَا صراخُه وهو يقول: أقسم بالله إني …
أحمد: كاذب.
مرشد: سأقول لك ولكن دعني أنزل.
أحمد: أعطني مسدسك.
فأعطاه المسدس، وقام هو بتجريده من كلِّ ما يحمل من أسلحة … ثم ألقى به خارج السيارة، وقال له: تكلَّم الآن.
مرشد: سوف تدفع ثمن ذلك غاليًا.
فوضع «أحمد» قدمَه على رقبته، وقال له: وثمن ذلك؟
كاد الرجل يختنق، و«أحمد» يضغط بقدمه على رقبته، وعندما شعر بالموت يقترب منه … رفع يدَيه مستسلمًا، فرفع «أحمد» قدمه عن رقبته.
وقال له: سأدفع الثمن غاليًا لمن؟
مرشد: لمن أعمل معهم؟
أحمد: ومَن هم؟
مرشد: الذين يريدون البراق!
أحمد: ألَا تعرف مَن هم؟
مرشد: لا أعرف أكثر من أنهم يسيطرون الآن على المطار، وأن زملاءَك الثلاثة تحت أيديهم.
أحمد: وماذا أيضًا؟
وهنا، دفع الرجل قدمه في ضربة لقدم «أحمد»، أخلَّت توازنه، وكاد يسقط على الأرض.
وما كاد يستعيد توازنه، حتى وجد «مرشد» قد استقام واقفًا، ودار حول مسقط قدمه اليسرى، ودفع اليمنى في ضربة قوية في صدر «أحمد»، فطوحَته بعيدًا، ليصطدمَ بجذع شجرة، ويسقط جالسًا بجوارها.
وعندما ارتمَى عليه … لينتهيَ منه … قابلَته قدمُ «أحمد» صاروخًا موجَّهًا … رفعَته عاليًا.
وقبل أن يسقط، كانت رصاصة تخرج من مسدس «أحمد» لتستقرَّ في صدره … وتُرديه قتيلًا.
فقام بجرِّه ليُداريَه وسط الأشجار، ثم عاد إلى البراق، فركبها وانطلق بها، وفي هذه الأثناء، كان صوت الرصاص قد تردَّد بين جنبات المقر.
فتجمَّع العديد من رجال الأمن، ومثلهم من الشياطين ليستطلعوا الأمر.
فوجدوا «مرشد» ممدَّدًا وسط بركة من الدماء … فخرجت المسدسات سريعًا من أجربتها ووجهَت للشياطين، في حركة تمرد وعصيان كاملتين.
ورأى الشياطين أنه لا مفرَّ من أن يرفعوا أيديَهم مستسلمين؛ فليس لديهم أوامر بالاشتباك معهم، وليس هناك خطرٌ على حياتهم.
وقام رجال المقر بتقييد الشياطين، وإيداعهم الجراج، وإغلاقه عليهم، ولم تمضِ دقائق إلا وكان «أحمد» قد حضر، وهو يركب شبيهة البراق، وانفتحَت له الأبواب عندما اقترب منها، فعبرها على حذر إلى الممر، وقطعه إلى الجراج، فانفتح بابه … وما إن عبره، حتى شاهد الشياطين مقيدين … فخرج من سيارته مهرولًا ليخلصَهم … فوجد أكثر من مسدس يحيطون به، وأمروه بأن يرفع يدَيه.
وبالفعل، قام برفع يدَيه … واقترب منه أحدهم ليجرِّدَه من أسلحته، فانزلق تحته، ضاربًا قدمَيه، فسقط الرجل عليه.
وانطلقَت رصاصة، استقرَّت في ظهر الرجل، في الوقت الذي قلص فيه «أحمد» ساقَيه، ووضع قدمَيه في بطن الرجل القتيل، ثم فردها، فاندفع الرجل ليصطدم بزملائه ليسقط بعضهم … وتطير مسدساتهم في الهواء، فيلتقطها «أحمد».
وتنطلق الرصاصات سيلًا، فتُردي أكثرَهم قتلى.
ولم ينجُ منهم إلا الفارون.
وأسرع بفكِّ قيد زملائه، وطلب منهم استدعاء «رشيد» من فوق سطح المقر، والإسراع بمغادرته؛ فالعاملون يُعدُّون العدة لتفجيره.
وقام الشياطين بجمع حاجياتهم … وأسرعوا بركوب السيارات المتبقية.
وانطلقوا يغادرون المقر، ومن خلفهم «أحمد» يركب شبيهة البراق.
فقابلوا في طريقهم «عثمان» و«إلهام» و«هدى» و«زبيدة» عائدين بعد إتمام مهمتهم في القبض على رجال أمن المقر الذين طاردوهم.
فاستوقفوهم، وشرحوا لهم ما جرى، من مقتل كبير الخائنين «مرشد»، وما حدث بعد ذلك من تمرُّد وعصيان.
ثم ما رآه «أحمد» مما يقوم به رجال الأمن لتفجير المقر.
فقالت له «إلهام»: لن يحدث.
أحمد: لماذا؟
إلهام: لأنهم ليست لديهم أوامر بذلك.
أحمد: إنهم خرجوا على كل الأوامر.
إلهام: إلا مَن يعملون معهم.
عثمان: بالطبع لا تقصدين المنظمة؟
إلهام: لا بالطبع … ولكني أقصد عصابة «سوبتك».
أحمد: سوبر تكنولوجي مرة أخرى.
مصباح: إن «قيس» و«ريما» و«فهد» في خطر.
أحمد: علينا أن نُنقذَهم أولًا.
إلهام: إنهم حولنا الآن يراقبوننا، وأرى أن ننصرف نحن ونتركك وحدك، فأنت بغيتُهم.
أحمد: أنا!
إلهام: أقصد السيارة البراق.
وافق «أحمد» على الفكرة، وودع الشياطين؛ حيث تركوه ينتظر مصيرَه وحده، وانطلقوا هم في اتجاه جزيرة اللحد لإنقاذ زملائهم.