النائب المقتول!
أذاع التليفزيون المصري في نشرته المسائية أن البوليس عثر على جثة نائب رئيس مجلس إدارة شركات السيد «أدهم» ملقاةً على شاطئ نيل المعادي، في حالة سيئة …
ومن المعاينة المبدئية، اتضح أنه مات مقتولًا برصاصتَين؛ إحداهما بالرأس، والأخرى بالصدر. وأن القتل حدث منذ ما يقرب من خمسة أيام … وقد أثار هذا الحادث اهتمام الشياطين في المقر السري الكبير والصغير جدًّا؛ فتوقيته قريب من حادث مقتل السيد «أدهم»، إن كان هو الذي قُتل …
ورأى «قيس» أن يعقد اجتماعًا عاجلًا لمناقشة مدى علاقة هذا الحادث بقضيتهم، ووافقه الجميع على ذلك.
إلا أن المجموعة التي كانت موجودةً بالمقر السري الكبير، طلبت منه أن يحضروا الاجتماع عبر شبكة الإنترنت.
غير أنه لم يوافق على ذلك … وأصرَّ على أن يغادروا الصحراء الغربية فورًا، ويتوجَّهوا إلى القاهرة.
فطلبوا منه إبلاغ ذلك لقيادة المنظمة.
ولم تمر ساعة إلا وكانت سياراتهم تنطلق في اتجاه القاهرة، بعد أن سمحت لهم قيادة المقر بذلك …
ومن «هايديلبرج» اتصل رقم «صفر» يطلب منه إعداد تقرير عمَّا استجدَّ من أحداث …
وعن رؤاهم لمدى علاقة ذلك … بقضيتهم الأخيرة.
فعرف منه بأمر الاجتماع الذي سيُعقد في صباح اليوم التالي … وطلب منه سرعة التحري عن النائب المقتول … ورغم أن الوقت كان متأخرًا … إلا أن «قيس» غادر المقر السري إلى منزل النائب، وفي جيبه ملف كامل عنه …
وأول ما لفت نظر «قيس» في بياناته الشخصية، أنه كان يسكن في العمارة المجاورة لفيلا السيد «أدهم» … فأبدل ملابسه في الطريق، وارتدى الزي الوطني السعودي (الجلباب والعقال).
وعندما وصل إلى العمارة التي تقع بها الشقة … كان مظهره يبدو كسائح سعودي …
وما إن رآه بواب العمارة يفتح باب سيارته، حتى انتفض واقفًا، مرحِّبًا به بحفاوة بالغة، عارضًا عليه خدماته … فمدَّ يده في جيبه، وأخرج رزمة ريالات ورقية … سحب منها ورقةً بعشرين ريالًا دسَّها في جيبه …
فأخذها الرجل شاكرًا وهو يقول: أي خدمة يا شيخ. اؤمرني …
قيس: كيف حالك يا أخي؟
الرجل: يديك الصحة يا شيخ … اؤمرني.
قيس: أريد سمسارًا.
البواب: أمر يطاع يا شيخ.
قيس: هل أنت سمسار؟
البواب: أيوه يا بيه … اؤمر … شقق مفروشة … تمليك؟
قيس: في نفس المنطقة؟
فقال البواب وهو يشير على العمارة التي يقصدها «قيس».
البواب: في العمارة دي يا بيه …
فرفع رأسه يتفحَّصها والبواب يقول له: أمرك، عمارة فخمة يا بيه، وكل سكانها عرب وأجانب.
قيس: والشقة في أي طابق؟
البواب: نعم …
غادر «قيس» السيارة، في الوقت الذي فتح فيه البواب باب المصعد …
وعندما رآه، أفسح له الطريق وهو يقول: اتفضل يا شيخ؟
قيس: «عبد العزيز»، «عبد العزيز بهادر» …
ثم قال له: وأنت ما اسمك؟
البواب وهو يربت على صدره تعريفًا لنفسه: «فرج» يا شيخ … «فرج».
كان المصعد قد وصل إلى الطابق الثالث، فتوقَّف وانفتح بابه … فغادره بظهره ممسكًا بالباب ﻟ «قيس»، الذي طلب منه التوجُّه إلى الشقة …
أخرج الرجل حلقةً معدنية مكتظة بالمفاتيح، فاختار أحدها.
وفي ثقب مفتاح باب الشقة رقم عشرة … وضعه ثم أداره … وانفتحت الشقة …
وكان الظلام بها حالكًا، فمدَّ البواب يده قبل أن تطأ قدمه … وضغط زر النور، وعم النور المكان، في الوقت الذي سمعوا فيه جلبة، وأقدامًا تجري في اتجاه المطبخ، وصوت أوعية تتناثر هنا وهناك.
وكالصاروخ انطلق «قيس» في أثر الصوت … وهو يسأل البواب إن كان بالمطبخ باب يؤدِّي إلى سلم الخدم. وقبل أن يسمع إجابته سمع صوت أقدام تُهرول على السلم، ورأى بابًا بأقصى المطبخ مفتوحًا …
فجرى في أثره … وحاول اللحاق به، وأخرج مسدسه، وأطلق صوبه عدة أعيرة نارية، ولكنه لم يصبه.
فقذف بوعاء للقُمامة أثناء نزوله … فسقط يتخبَّط على الدرجات محدثًا جلبةً عالية …
وتوقَّف بعد صوت صدمة مكتومة … وتوقَّفت معه الجلبة التي كان يحدثها نزول الرجل …
فعرف «قيس» أن وعاء القُمامة أصابه في رأسه، وأنه فقد وعيه.
ذلك لأنه لم يعد يُسمع له صوت …
فهبط الدرج في سرعة وخفة، ورشاقة وحذر …
ولم يعقه الجلباب عن الاستفادة من مهارته في المطاردة.
ولم يكن يزعجه غير صوت البواب وهو ينادي قائلًا: يا شيخ «عبد العزيز» … يا شيخ «بهادر»، لا تُعرِّض نفسك للخطر … إنه لص.
وقبل أن يقبض «قيس» على اللص، كان قد استعاد وعيه … وأخذ يجاهد لإزاحة وعاء القُمامة عن كتفه … وشعر «قيس» أنه سيضيع منه …
فأخرج مسدسه، وصوَّبه إليه وهو يقول: أرجو ألَّا تتحرَّك.
وأعقب ذلك بإطلاق رصاصة من مسدسه، أصابت وعاء القُمامة، فجعلت الرجل ينتفض تاركا الوعاء، وجلس مكانه بلا حركة …
وأكمل «قيس» هبوط الدرج في حذر … وعيناه كالفهد على ذلك اللص الهارب … وقبل أن يصل إليه بعدة درجات قال له: أبعد عنك ذلك الوعاء …
فامتثل الرجل لأمر «قيس»، ورفع الوعاء بقوة … فاصطدمت به رصاصة خرجت من مسدس «قيس»، وعلا صراخه وهو يقول له: برفق.
انتفض الرجل جزعًا … وجلس مكانه بلا حركة …
فآثر «قيس» أن يرفع الوعاء بنفسه … وكانت الفرصة الذهبية لانطلاق الرجل في طريق هروبه.