الحيلة الذكية!
نظر الضابط إلى «قيس» في عدم تصديق … و«قيس» يمثِّل العصبية، وحدة المزاج … ثم نقل عينَيه إلى الرجل وسأله قائلًا: هل تحمل تليفونًا محمولًا؟
فنظر له الرجل في عدم فهم … فصاح فيه ينهره ويأمره بالإجابة عليه … ويتوعَّده إن لم يسرع في ذلك …
فأخبره «قيس» أنه لا يتحدَّث العربية؛ فملامحه توحي بذلك.
فسأله بالإنجليزية … إلا أن الرجل لم يجاوبه.
فقال له «قيس»: دعني أتفاهم معه …
فنظر له الضابط مليَّا، ثم قال له: أيتحدَّث لغةً غير الإنجليزية؟
قيس: سنرى …
الضابط: تحدَّث معه إذن ولكن بسرعة.
ثم أمر السائق بوقف السيارة … حتى لا تعجِّل حركتها بانفجار القنبلة … إن كانت موجودةً حقًّا … وشعر «قيس» أن حيلته بدأت تؤتي ثمارها … فقال له الضابط: لماذا لم تسأله يا سيد «قيس»؟
قيس: لو سمحت لا تصدر لي أمرًا …
في هذه اللحظة … شعر «قيس» أن الضابط وصل إلى ذروة انفعاله، وأنه يسهل التأثير عليه …
وانفجر الضابط في «قيس» قائلًا: سأُلقيك من السيارة وهي سائرة …
قيس: لن تستطيع … فليس من سلطتك ذلك …
فصرخ الضابط في السائق يأمره بالسير بأقصى سرعة …
وبالفعل، انطلق السائق يسابق الريح حتى خرج بها إلى طريق «الأوتوستراد»، ففتح الضابط الباب مهدِّدًا «قيس» بقذفه خارج السيارة.
وقد كانت فرصته؛ فالضابط كان يجلس بجوار الباب، ولم يحتمل دفع «قيس» له بكل قوته …
فطار من السيارة … وسقط يتدحرج على الأرض.
وصرخ «قيس» في السائق قائلًا: الوقت الباقي على انفجار القنبلة قصير، ونريد أن نصل ميدان الرماية بالهرم بأقصى سرعة لإبطال مفعولها …
السائق: ولماذا لا نُلقيها من النافذة.
قيس: إنها مسئولية …
أطلق السائق للسيارة العِنان قبل أن يسأل «قيس» قائلًا: هل سيادتكم ضابط؟
قيس: نعم … ضابط مخابرات.
السائق: ولماذا يعاملك سيادة المقدِّم هكذا؟
قيس: تداخل اختصاصات …
السائق: لقد كان سيُضيِّعنا.
التفت «قيس» يبحث عن سيارة الشرطة التي كانت تسير خلفهم، فلم يجدها، فسأل السائق قائلًا: أين سيارة الشرطة الأخرى؟
السائق: لقد توقَّفوا ليلتقطوا الضابط، في الوقت الذي انطلقنا فيه نحن …
قيس: إذا إلى الهرم.
وهنا تحدَّث الرجل بعربية ركيكة قائلًا: بل إلى المطار …
نظر «قيس» له مندهشًا … فقد ظلَّ صامتًا طول الطريق … وتحيَّن اللحظة المناسبة ليتحدَّث، فقال له: أتفهم اللغة العربية؟
الرجل: شوية …
قيس: وإن لم تذهب بك إلى المطار؟
الرجل: سأُفجِّر السيارة.
فابتسم «قيس» وقال له: إن هذه التمثيلية من اختراعي.
الرجل: لا … ليست تمثيلية … بل حقيقة.
فنظر له «قيس» غير مصدِّق …
فكشف له عن ذراعه، فرأى قنبلةً موقوتة حديثة، ذات جهاز تحكُّم إلكتروني رقمي مثبتة على ذراعه …
فأمر سائق السيارة بالعودة في الطريق المضاد … والسير في اتجاه المطار …
وفي هذه الأثناء كان عقله يعمل بسرعة …
فوصول هذه القنبلة للمطار أمر خطير للغاية …
ولن يمنعه جهاز كشف المفرقعات من المرور … فقد يمر منه جريًا …
ولن يستطيع أحد اصطياده داخل المطار … لأن الرصاصة التي ستُصيبه ستُفجِّر القنبلة … وتؤدِّي إلى عواقب وخيمة.
ومالت السيارة ميلًا شديدًا … والسائق يدور بها من اتجاه الهرم إلى اتجاه المطار. ووجدها «قيس» فرصة … فقد مال معها … فارتمى على الجالس بجواره … ثم مدَّ يده خلسةً ففتح الباب، ودفعه بكل ما أوتي من قوة، وسحب الباب يغلقه، ثم أمر السائق أن يتوقَّف على جانب الطريق.
وأخرج مسدسه من شباك السيارة … وصوَّبه إلى الرجل، وأطلق الرصاصة فلم تُصِبه، والرجل يجري على الأسفلت … يحاول تفادي رصاصات «قيس» التي انطلقت إثر بعضها.
وكلما اقترب من السيارة … يصرخ فيه قائلًا: اخلع هذه القنبلة وألقها بعيدًا. فيجيبه الرجل في صراخ هستيري قائلًا: لا أستطيع … إن العبث بها يدمِّرها! …
قيس: إذن فأنت ميت لا مفر …
الرجل: لا لا … إذا وصلت إلى المطار ومعي هذه الأوراق سيُطلقون سراحي.
قيس: أية أوراق …
الرجل: الأوراق التي أخذتها من مكتب «قاسم».
قيس: نائب السيد «أدهم» الذي قُتل؟
الرجل: نعم …
قيس: إذن أعطِها لي …
الرجل: بهذا سأموت! …
قيس: سأُعيدها لك مرةً أخرى.
الرجل: لا أصدِّق …
فأطلق «قيس» رصاصةً بين قدمَيه … جعلته يصرخ فزعًا، ويقول: لا لا … ستنفجر القنبلة.
قيس: إذن فأنت تعرف أن النتيجة واحدة.
الرجل: وإذا أخذت الأوراق؟
قيس: سأعرف ما بها … وأتركها لك لتنقذ نفسك.
الرجل: لا … لن تتركني أدخل المطار … لأنك لا تثق فيَّ …
قيس: سأدعك تدخل المطار … لا لأني أثق فيك … ولكن لأقبض على من ينتظرونك …
ثم أطلق بين قدمَيه رصاصةً أخرى … لينزلق الرجل على الأسفلت.
فيقول السائق ﻟ «قيس»: قد تنفجر القنبلة هكذا، وقد يلحق بنا سيادة المقدِّم.
قيس: الموقف خطير … ولا مفرَّ منه …
وعندما رآهما الرجل يتباحثان، ظن أنهما يتفقان على أنهما يتخلَّصان منه … فصرخ قائلًا: ها هي الأوراق … ها هي الأوراق …
فطلب «قيس» من السائق التوقف … وأخرج يده من الشباك … وبها المسدس الذي صوَّبه إليه وهو يقول: ضع الأوراق في الشباك الآخر.