الدور الثالث (من أول نوفمبر سنة ١٧٨٨ إلى آخر أغسطس سنة ١٧٩٩)
ندخل الآن في الدور الثالث من أحوال الحملة الفرنساوية في مصر، وهو الدور الذي أدرك فيه نابوليون بعد ثورة القاهرة أنه لا يزال غريبًا عن المصريين وبعيدًا عن قلوبهم، فاختار لنفسه السياسة التي يقضي بها ذلك التغير، وهي سياسة الشدة عليهم، والحذر منهم، وعدم الاكتراث بهم، ولذلك كان أول بادرة من أعماله إلغاء الديوان وعدم الاهتمام بالمشايخ، ثم إدارة الأحكام بواسطة رجاله وأعوانه.
- المدة الأولى: من الثورة إلى بدء الحملة السورية «من أول نوفمبر سنة ١٧٩٨ إلى أول فبراير ١٧٩٩».
- المدة الثانية: الحملة السورية «من فبراير إلى يونيو ١٧٩٩».
- المدة الثالثة: من عودة نابوليون من سوريا إلى مغادرة أرض مصر «من يونيو لغاية أغسطس ١٧٩٩».
وغير خافٍ أن سياسة الفرنساويين مع المصريين كانت تأخذ في هذا الدور أشكالًا متنوعة متقاربة ومتباعدة بنسبة هاتيك المدد الثلاث، وما يحيط بها من المؤثرات السياسية، فعلى القارئ أن يلاحظ تلك الظلال المختلفة الألوان في خلال تلك المدد لكي يدرك منها الظروف الخارجية التي قضت بها.
المدة الأولى
١
وأقاموا أيضًا على التل المعروف بتل العقارب بالناصرية، قرب الدار التي اختاروها للمجمع العلمي طوابي وعدة أبراج وثكنات للجنود، وجعلوا جامع الظاهر بيبرس المعروف بالقرب من الحسينية قلعة، وحولوا منارته برجًا ووضعوا على أسواره المدافع واتخذوا باقيه معسكرًا وبنوا في داخله عدة مساكن للجنود، وكان الشعائر الدينية في هذا المسجد قد عطلت منذ زمن طويل، وجاء في الأمر الذي أصدره نابوليون بتاريخ ٢٧ أكتوبر، ومحفوظ نصه بنظارة الحربية في باريس، أنهم هدموا المقياس بالروضة وبنوه بشكل طابية وضعت فيها المدافع وحولوا قناطر السباع التي بناها السلطان صلاح الدين لنقل المياه إلى القلعة، ولا تزال آثارها باقية للآن، إلى طابية أخرى، والخلاصة أنهم اتخذوا كل الاحتياطات الحربية الفنية لإخضاع أي حركة في القاهرة أو ضواحيها، ولمقاومة الجيش المهاجم للمدينة.
نصيحة من كافة علماء الإسلام بمصر المحروسة:
نعوذ بالله من الفتن، ما ظهر منها وما بطن، ونبرأ إلى الله من الطاغين في الأرض بالفساد، ونعرف أهل مصر المحروسة أن طرفًا من الجعيدية وأشرار الناس حركوا الشرور بين الرعية، وبين العساكر الفرنساوية، بعدما كانوا أصحابًا وأحبابًا بالسوية، وترتب على ذلك قتل جملة من المسلمين، ونهبت بعض البيوت ولكن حصلت الطاف الله الخفية وسكنت الفتنة بسبب شفاعتنا عند أمير الجيوش بونابرته، وارتفعت هذه البلية؛ لأنه رجل كامل العقل عنده شفقة ورحمة على المسلمين، ومحبة إلى الفقراء والمساكين، ولولاه لكانت العساكر أحرقت جميع المدينة ونهبت جميع الأموال وقتلوا كامل أهل مصر، فعليكم أن لا تحركوا الفتن ولا تطيعوا أمر المفسدين، ولا تسمعوا كلام المنافقين، ولا تتبعوا الأشرار، ولا تكونوا من الخاسرين سفهاء العقول، الذين لا يقرءون العواقب لأجل أن تحفظوا أوطانكم، وتطمئنوا على عيالكم وأديانكم، فإن الله سبحانه وتعالى يعطي ملكه من يشاء ويحكم ما يريد، ونخبركم أن كل من تسبب في تحريك هذه الفتنة قتلوا عن آخرهم وأراح الله منهم العباد والبلاد، ونصيحتنا لكم أن لا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة واشتغلوا بأسباب معايشكم وأمور دينكم، وادفعوا الخراج الذي عليكم والدين النصيحة والسلام ا.ﻫ.
ثم التفت نابوليون إلى إتمام ما شرع فيه، وأشرنا إليه في الدور الأول من تحسين مدينة القاهرة وتجميلها ليجعل الإقامة فيها للفرنساويين مقبولة محبوبة، فمد الشوارع الواسعة من الأزبكية إلى بولاق، ومن الأزبكية إلى قبة النصر، وردموا الجهات الواقعة حول بركة الأزبكية وجددوا قنطرة المغربي، ومدوا شارعًا آخر بين باب الحديد وباب العدوى عند المكان المعروف بالشيخ شعيب، ومهدوا جسرًا آخر ممتدًا من هناك إلى خارج الحسينية … إلى غير ذلك من أسباب تسهيل المواصلات.
وشكل التجار الأوروبيون الموجودون في القاهرة شركة تجارية رأس مالها ٣٠٠٠٠٠ فرنك، وجعل ثمن السهم فيها ثلاثة آلاف فرنك ومدتها ثلاث سنوات، واشترك الجيش الفرنساوي في عشرة أسهم منها بناء على أمر أصدره نابوليون إلى بوسيلج مدير الأمور المالية، وهذا الأمر محفوظ في أوراق نابوليون بباريس نمرة ٣٦١٩ وتاريخه ١٤ نوفمبر سنة ١٧٩٨.
٢
إن الفرنساويين أباد الله ملكهم، ونكس أعلامهم، قوم كفار ملاعين، لا يؤمنون بالله واليوم الآخر، ولا يعتقدون في رسالة محمد ﷺ ويسخرون من جميع الأديان، وينكرون البعث والنشور، وما كتب لعباده تعالى من الثواب والعقاب في الدار الآخرة، ويعتقدون أن المصادفة العمياء هي التي أوجدت هذا الكون وهي المتسلطة في الحياة والموت، وأن الإنسان متى وضع في التراب انحل جسمه ولا يعود إلى حياة ثانية يعاقب فيها، أو يثاب على عمله في الحياة الدنيا، ولهذا السبب هدموا كنائسهم، وخربوا معابدهم، وكسروا صلبانهم، وطردوا قساوسهم ورهبانهم، وعندهم أن كتب الأنبياء والمرسلين ليست إلا أكاذيب وخرافات ملفَّقة، وأن القرآن والتوراة والإنجيل، ليست إلا أساطير الأولين، ويعتقدون أن الأنبياء كموسى وعيسي ومحمد ليسوا إلا أفرادًا امتازوا عن غيرهم قليلًا ما، بمعنى أن الله سبحانه وتعالى لم يبعثهم برسالة، ولم يختصهم بنبوة، ولا يعتقد فيهم غير ذلك سوى الأغبياء والمفتونين، ومن رأيهم أن الناس قد خلقوا سواء ولهذا يجب أن يكونوا متساوين في الحرية، يعتقد الواحد منهم ما يشاء فيما يشاء.
وعلى أساس هذه المعتقدات الفاسدة، وضعوا لهم نظامًا جديدًا وشرائع شيطانية بها هدموا أساس المعتقدات الدينية، وأحلُّوا ما حرَّم الله وفتحوا للشهوات البشرية أبواب الفساد، فصاروا بذلك أمَّة همجية بعيدة عن الإنسانية لا تعرف غير الدعارة والشرور.
ومن مبادئ أولئك القوم الضالين إيقاع النفرة، وغرس بذور الخلاف بين الملوك والأمم، وخلق الأسباب للمشاكل والقلاقل بين العباد، ويوهمون الناس بأنهم أنصار الحرية، ويفهمونهم أنهم إخوان، وأنهم يعتقدون مثل ما يعتقدون، ويدخلون بذلك في صدور عباد الله أوهامًا باطلة، ومطامع سافلة، وبذلك سقطوا في بحر لا ساحل له من الفضايح والقبائح، ولم تعد لهم ضمائر رادعة، ولا نفوس زاجرة، فالحيلة عندهم مهارة، والسلب شطارة، وسفك الدماء مهارة وجسارة، والكذب فصاحة ونباهة، ولقد ذبحوا وقتلوا وأهلكوا من قومهم من لا يدين بدينهم.
ولقد اهتزت جوانب أوروبا لهذه الطغمة الشريرة التي انتشرت كالذئاب الجائعة، تهاجم الأمم المطمئنة لهدم قواعد الحكومات؛ وإبادة الأديان، واختطاف النساء والأطفال، فسالت من جراء ذلك الدماء أنهارًا، وفازوا في إخضاع الأمم التي رضخت لشرهم وخنعت لأمرهم!
فما أنتم فاعلون يا حماة الإسلام وأنصار الدين الحنيف؟ يا من تؤمنون برسالة محمد بن عبد الله! إن ألئك القوم الضالين قد ساء فألهم فظنوا المسلمين كأولئك الكفار المنافقين الذين صدقوهم واتبعوا مبادئهم الفاسدة، وغاب عنهم أن الإسلام محفور على صفحات قلوبنا، وأنه يجري مجرى الدم في عروقنا، فهل يمكن أن نترك ديننا الطاهر الحنيف، بعد أن أنار الله قلوبنا بنوره، وهدانا إلى الصراط المستقيم؟ كلا ثم كلا! إن الله سبحانه وتعالى لا يرضى لعباده المؤمنين أن يزعزع إيمانهم، وقد قال سبحانه وتعالى في كتابه العزيز إِن يَنصُرْكُمُ اللهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ.
فكونوا يا عباد الله على حذر منهم ولا تقعوا في أشراكهم وحبائلهم، ولا ترهبنكم كثرتهم ولا تدهشنكم هيئتهم، فالأسد لا يرهب الثعالب مهما كثر عددها، والنسر لا يخاف البغات مهما استنسر، وستصلكم الجيوش الجرارة على الصافنات من الجياد لتقضي على عدو الله وعدوكم، وتقذف به إلى النار وبئس القرار، فلا تيأسوا من روح الله فإنه تعالى حارسكم ومؤيدكم وناصركم، فبعونه تعالى وحول رسوله الكريم ستمحق جيوشنا أولئك الكفرة الضالين، والساعة آتية لا ريب فيها، نصر الله جيوش الموحدين وأعز سلطان المسلمين ا.ﻫ.
ليس في المصادر الفرنسية إشارة إلى التاريخ الذي وصل فيه هذا المنشور إلى القاهرة، ولكن ورد في الجبرتي، كما سبقت لنا الإشارة، أنه في ليلة السبت ٢٤ جمادى الأولى حضر هجان من ناحية الشام وعلى يده مكاتبات، وهي صورة فرمان وعليه طرة ومكتوب من أحمد باشا الجزار وآخر من بكر باشا إلى كتخدائية مصطفى بك، ومكتوب من إبراهيم بك خطابًا للمشايخ، أما خطاب بكر باشا وإبراهيم بك فلا نظن أنهما نشرا أبدًا، وأما فرمان أحمد باشا الجزار فهو لا شك هذا المنشور، وفيه بلا مرية روح السرسدني سميث في طعنه على مبادئ الثورة الفرنسية؛ إذ هي نفس المطاعن التي يوجهها الإنكليز للفرنساويين في ذلك الزمن، مثل كارليل الكاتب المشهور والمستر برايتون الخطيب البرلمان الكبير، وكان السرسدني سميث في ذلك الوقت كثير التردد على عكا، وله من هذا النوع منشور بعث به في حرب الشام لنصارى سوريا ويحذرهم، كما في هذا المنشور، من أن الفرنساويين مسيحيون، بل هم كما وصفهم في هذا المنشور قوم لا دين لهم ولا عقيدة، وأنهم هدموا أركان الدين المسيحي.
ومن التاريخ المذكور لوصول هذاالمنشور يتضح جليًّا أن لا صحة لدعوى المعلم نقولا الترك، ومن نقل عنه من أمثال الشيخ الدحداح، إن العلماء وزعوا ذلك المنشور على أهالي القاهرة ليحضوهم على الثورة السالفة الذكر، ونقول: إن عبارة هذا المنشور، من حيث معتقدات الفرنساويين، تطابق ما وصفهم به الشيخ عبد الله الشرقاوي في رسالته الذي وضعها للصدر الأعظم يوسف باشا بعد الاتفاق على خروج الفرنساويين من مصر وسماها «تحفة الناظرين فيمن ولي مصر من الولاة والسلاطين» إذ قال فيها: «وحقيقة رجال الفرنساوية أنهم فرقة من الفلاسفة إباحية طبائعية يقال لهم: نصارى قاتوليقية، يتبعون عيسى عليه السلام ظاهرًا وينكرون البعث والدار الآخرة، وبعثة الأنبياء والمرسلين، ويقولون إن الله واحد، ولكن بطريق التعليل ويحكمون العقل ويجعلون منهم مديرون يدبرون الأحكام يضعونها بعقولهم ويسمونها شرائع، ويزعمون أن الرسل محمدًا وعيسى وموسى كانوا جماعة عقلاء، وأن الشرائع المنسوبة إليهم كناية عن قوانين وضعوها بعقولهم تناسب أهل زمانهم.»
ولنعد إلى منشور الجزار فنقول إن من السهل كثيرًا تصنيف مثل هاتيك المنشورات، والدعوة إلى الجهاد ضد الكفار مألوفة، وطريقة من الطرق التي يلجأ إليها، ولكن ما فائدتها في ذلك الزمن، وفي أي زمن سواه، هل يمكن أنها حركت أمة أو حررت شعبًا أو أدت إلى نتيجة مرضية حيث يكون القابض على نواصي الأمة قويًّا قادرًا على قمع أية ثورة في إبانها، وإخماد أي فتنة في مكانها؟ اللﻫم لا فائدة لهذه الأعمال إلا إيقاع النفرة وغرس بذور الأحقاد، وتحريك الضغائن والأضرار بالذين يراد الخير لهم، والأولى بالذين يريدون امتلاك البلاد أو نصرة أهلها — إن كان هذا صحيحًا — أن يستعيضوا عن الأقوال بالأفعال، ورحم الله من قال: «السيف أصدق أنباء من الكتب»!
ولا شك في أن هذا المنشور قد أزعج نابوليون ورجاله؛ لأنه دب على المواضع الحساسة في نفوسهم ووجه إليهم من المطاعن ما هو مؤلم، ولأنه نقض أساس دعواه للمصريين بأنهم مسلمون، أو أنهم يحترمون الدين الإسلامي، أو أنهم أصدقاء أمير المؤمنين وخليفة المسلمين.
نصيحة من علماء الإسلام بمصر المحروسة
نخبركم يا أهل المدائن والأمصار من المؤمنين، ويا سكان الأرياف من العربان والفلاحين، أن إبراهيم بك ومراد بك وبقية دولة المماليك أرسلوا عدة مكاتبات ومخاطبات إلى سائر الأقاليم المصرية لأجل تحريك الفتنة بين المخلوقات، وادعوا أنهم من حضرة مولانا السلطان، ومن بعض وزرائه بالكذب والبهتان، وبسبب ذلك حصل لهم شدة الغم والكرب الزائد واغتاظوا غيظًا شديدًا من علماء مصر ورعاياها حيث لم يوافقوهم على الخروج معهم ويتركوا عيالهم وأوطانهم، فأرادوا أن يوقعوا الفتنة والشر بين الرعية والعسكر الفرنساوية لأجل خراب البلاد وهلاك كامل الرعية، وذلك لشدة ما حصل لهم من الكرب الزائد بذهاب دولتهم وحرمانهم من مملكة مصر المحمية، ولو كانوا في هذه الأوراق صادقين، بأنها من حضرة سلطان السلاطين، لأرسلوها جهارًا مع أغوات معينين، ونخبركم أن الطائفة الفرنساوية بالخصوص عن بقية الطوائف الإفرنجية دائمًا يحبون المسلمين وملتهم، ويبغضون المشركين وطبيعتهم، أحباب لمولانا السلطان وقائمون بنصرته، وأصدقاء له ملازمون لمودته وعشرته ومعونته، يحبون من والاه، ويبغضون من عاداه، ولذلك بين الفرنساوية والموسكوف غاية العداوة الشديدة، من أجل عداوة المسكوف القبيحة الرديئة، والطائفة الفرنساوية، يعاونون حضرة السلطان على أخذ بلادهم إن شاء الله تعالى ولا يبقون منهم بقية، فننصحكم يا أهل الأقاليم المصرية، أنكم لا تحركوا الفتن والشرور بين البرية، ولا تعارضوا العساكر الفرنساوية، بشيء من أنواع الأذية، فيحصل لكم الضرر والهلاك، ولا تسمعوا كلام المفسدين، ولا تطيعوا أمر المسرفين الذين يفسدون في الأرض ولا يصلحون، فتصبحوا على ما فعلتم نادمين، وإنما عليكم دفع الخراج المطلوب منكم لكامل الملتزمين، لتكونوا بأوطانكم سالمين، وعلى أموالكم وعيالكم آمنين مطمئنين؛ لأن حضرة صاري عسكر الكبير أمير الجيوش بونابرته اتفق معنا على أن لا ينازع أحدًا في دين الإسلام، ولا يعارضنا فيما شرعه الله من الأحكام، ويرفع عن الرعية سائر المظالم ويقتصر على أخذ الخراج، ويزيل ما أحدثه الظالمة من المغارم فلا تعلقوا آمالكم بإبراهيم ومراد، وارجعوا إلى مولاكم مالك الملك وخالق العباد، فقد قال نبيه ورسوله الأكرم، «الفتنة نائمة لعن الله من أيقظها بين الأمم» — عليه أفضل الصلاة والسلام.
٣
ولا شك أن نابوليون قد أدرك من منشور الدولة العثمانية لأهل مصر أن الحرب مع الأتراك آتية لا ريب فيها، وأن من مقتضى السياسة أن يزيد في التودد إلى المصريين، ويعيد إنشاء الديوان الذي ألغاه بعد ثورة القاهرة، ولكن على طريقة جديدة بعد الذي اكتسبه من الخبرة، وعرفه من مكانة الأفراد ومنزلتهم عند الشعب، وبعد ما عرف من عرف من الموالين له من المصريين والسوريين والأجانب في مصر، لذلك ارتأى أن يشكل الديوان على نظام مختلط من المشايخ والتجار والأجانب فأصدر أمره في ١٦ رجب «٢٥ ديسمبر» بإنشاء ديوان مؤلف من ستين عضوًا، وسماه الديوان العمومي، وقرر أن ينتخب من هؤلاء أربعة عشر عضوًا يتألف منهم ديوان سماه «الديوان الخصوصي» وكأني باللورد دوفرين، بعد أربعة وثمانين سنة من هذا التاريخ، استعار هذا النظام «البونابارتي»، مع بعض التحوير، عند وضعه نظام مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية عقب الاحتلال البريطاني سنة ١٨٨٢.
وقرر أن الديوان العمومي لا يجتمع إلا عند الضرورة، أما الخصوصي فيجتمع كل يوم للنظر في الأمور المختلفة ولوضع إمضاءات أعضائه «!» على منشورات نابوليون وبلاغاته المطولة عن حرب الشام كما سيرى القراء ذلك.
أما أعضاء الديوان الخصوصي فلم يذكر الجبرتي إلا ثلاثة عشر منهم حتى إن مصححي المطبعة الأميرية، الذين أحسنوا تصحيح الطبعة الأولى من كتاب الجبرتي، وهي التي طبعت في زمن الخديو توفيق باشا سنة ١٢٩٧ هجرية — أي: بعد موت الجبرتي بإحدى وستين سنة — لاحظوا في هامش الكتاب أنه لم يذكر إلا ثلاثة عشر عضوًا، والمعلم نقولا الترك لم يشر إلى تأسيس هذا الديوان، ولم يأت على المنشور الخاص به، ولكنه عند ذكره سفر نابوليون من مصر جاء بمنشور نائبه على لسان أعضاء الديوان وعليه ستة عشر إمضاءة، وهي تخالف الأسماء الواردة في الجبرتي، وكلاهما — على أي حال — متفق على الأسماء الآتية:
الشيخ عبد الله الشرقاوي، الشيخ محمد المهدي، الشيخ مصطفى الصاوي، السيد خليل البكري، الشيخ سليمان الفيومي، السيد أحمد المحروقي، لطف الله المصري، يوسف فرحات.
والخلاف في الخمسة الآتية أسماؤهم:
فالجبرتي ذكرها كالآتي: حسين بن محرم، كحيل رواحه الإنكليزي، بودني موسى كافر الفرنساوي.
ونقولا الترك ذكرها هكذا: علي كتخدا مجرلي، يوسف باش جاويش، جبران سكروج، لومار بودوف، ذو الفقار كتخدا، وأسقط حسن بن محرم.
وجارى زيدان الجبرتي حرفًا بحرف مكتفيًا بثلاثة عشر، ولم يذكر رواحه الإنكليزي، بل قال: «وواحد إنكليزي وآخر يُدعى أباديف.»
- من العلماء: المشايخ عبد الله الشرقاوي، محمد المهدي، مصطفى الصاوي، السيد خليل البكري، سليمان الفيومي.
- من التجار: السيد أحمد المحروقي، حسن بن محرم.
- من الأقباط: المعلم لطف الله المصري، المعلم إبراهيم جر العايط.
- من السوريين: يوسف فرحات، مخائيل كحيل.
- من الأجانب: ولمار «وهو طبيب سويدي من السويد» وفرنسوا بودوف، وكاف٢(Caffe & Beaudeuf) وهما تاجران فرنسيان من أهالي مرسيليا.
بسم الله الرحمن الرحيم
من أمير الجيوش الفرنساوية إلى كافة أهل مصر الخاص والعام! نعلمكم أن بعض الناس الضالين العقول، الخالين من المعرفة وإدراك العواقب، سابقًا أوقعوا الفتنة والشرور بين القاطنين بمصر فأهلكهم الله بسبب فعلهم ونيتهم القبيحة، والباري سبحانه وتعالى أمرني بالشفقة والرحمة على العباد فامتثلت أمره وصرت رحيمًا بكم عفوًّا عنكم، ولكن حصل عندي غيظ وهم شديد بسبب تحريك تلك الفتنة بينكم، ولأجل ذلك أبطلت الديوان الذي كنت رتبته لنظام البلد وإصلاح أحوالكم من مدة شهرين، والآن توجه خاطرنا إلى ترتيب الديوان كما كان؛ لأن حسن معاملتكم وأحوالكم في المدة المذكورة أنسانا ذنوب الأشرار وأهل الفتنة التي وقعت سابقًا، أيها العلماء والأشراف أعلموا أمتكم ومعاشر رعيتكم بأن الذي يعاديني ويخاصمني إنما خصامه من ضلال عقله وفساد فكره فلا يجد ملجأ ولا مخلصًا ينجيه مني في هذا العالم، ولا ينجو من بين يد الله لمعارضته لمقادير الله سبحانه وتعالى، والعاقل يعرف أن ما فعلناه بتقدير الله تعالى، وإرادته وقضائه، ومن يشك في ذلك فهو أحمق وأعمى البصيرة، واعلموا أيضًا أمتكم أن الله قدر في الأزل هلاك أعداء الإسلام وتكسير الصلبان على يدي، وقدر في الأزل أني أجيء من الغرب إلى أرض مصر لهلاك الذين ظلموا فيها وإجراء الأمر الذي أمرت به، ولا يشك العاقل أن هذا كله بتقدير الله وإرادته وقضائه، واعلموا أيضًا أمتكم أن القرآن العزيز صرح في آيات كثيرة بوقوع الذي حصل، وأشار في آيات أخرى إلى أمور تقع في المستقبل وكلام الله في كتابه صدق وحق لا يتخلف.
إذا تقرر هذا وثبتت هذه المقالات في آذانكم فلترجع أمتكم جميعًا إلى صفاء النية، وإخلاص الطوية، فإن منهم من يمتنع عن الغي وإظهار عداوتي خوفًا من سلاحي وشدة سطوتي، ولم يعلموا أن الله مطلع على السرائر يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور، والذي يفعل ذلك يكون معارضًا لأحكام الله ومنافق، وعليه اللعنة والنقمة من الله علام الغيوب، واعلموا أيضًا أني أقدر على إظهار ما في أنفس كل واحد منكم؛ لأنني أعرف أحوال الشخص وما انطوى عليه بمجرد ما أراه، وإن كنت لا أتكلم ولا أنطق بالذي عنده، ولكن يأتي وقت ويوم يظهر لكم بالمعاينة أن كل ما فعلته وحكمت به فهو حكم إلهي لا يُرد، وأن اجتهاد الإنسان غاية جهده لا يمنعه عن قضاء الله الذي قدره وأجراه على يدي! فطوبى للذين يسارعون في اتحادهم وهمتهم مع صفاء النية وإخلاص السرايرة والسلام. ا.ﻫ.
كتب نابوليون هذا المنشور الغريب في ٢١ ديسمبر وهو يوافق يوم الجمعة ١٣ رجب، ولكنه لم ينشر في القاهرة إلا يوم ١٦ رجب؛ أي: بعد ثلاثة أيام قضاها المترجمون في تعريب وتحوير عبارة نابوليون الأصلية التي ادعى فيها لنفسه منزلة النبوة إن لم نقل الإلوهية، وهذا ما يقصده الشيخ الجبرتي بقوله: «التسلق على دعوى الخواص من البشر.» كالأنبياء المرسلين وأولياء الله الصالحين مثلًا، ولو عرف الشيخ الجبرتي أن نابوليون يقول في الأصل الفرنسي: «إن الذين يبلغ بهم الاستخفاف إلى معاداتي لا يجدون ملجأ لأنفسهم لا في هذا العالم ولا في عالم الآخرة.» لما اكتفى بوصف نابوليون بالتسلق على دعوى الخواص من البشر، بل لرماه بالإغراق والتسلق على مقام الله سبحانه وتعالى.
وغريب أن نابوليون الذي ما صح له اعتقاد بوجود الخالق كما أثبت ذلك كل المحققين من كتاب تاريخه، يدعى أن الله عز وجل أمره أو أوحى إليه بالشفقة والرحمة على العباد!! ومن رأى اللورد «روزبري» في كتابه الجليل عن نابوليون في سانت هيلانة، ذلك الكتاب الذي حلل فيه أخلاق نابوليون ومعتقداته تحليلًا فلسفيًّا علميًّا، معتمدًا فيه على أقوال نابوليون وشهادة الذين عاشروه ونقلوا عنه، أن نابوليون كان من الوجهة الدينية، رجلًا ماديًّا لا يعتقد بوجود الخالق، ولا يصدق بالأنبياء ولا بالبعث والنشور، ولنا في هذا الموضوع كلمة سنأتي بشيء من البيان والتحقيق في فصل سنعقده لما كان يقال، ولا يزال يعتقد لدى بعضهم، من أن نابوليون اعتنق الإسلام أو ادعاه.
وكيفما كان معتقد نابوليون وهو يكتب ذلك المنشور، فلا نزاع في أنه أراد به التمويه على العقول وإرهاب المسلمين وتحذيرهم من الانقلاب عليه وعلى جنوده إذا أقبل العثمانيون لخلاص مصر من أيدي الفرنساويين، وفاته أن للمسلمين اعتقادات ثابتة، ودينًا قائمًا على أسس راسخة رسوخ الجبال، قد فصل فيه كل أمر تفصيلًا، فهم لا يؤخذون بمثل هذه التمويهات، وهم لا يثقون بالمسلم إلا إذا حسن إسلامه واتبع أوامر الدين الحنيف واجتنب نواهيه، وفاته أيضًا أن فكرة الخلافة الإسلامية متأصلة في نفوس المسلمين، وأنهم ما داموا يعتقدون أن الخلافة في بني عثمان، فمهما جاءهم نابوليون بالمعجزات، ومهما صور لهم من أمثال تلك العبارات، فإنهم يعتقدون أن نصرة آل عثمان على المسلمين فرض مقدس عليهم؛ أخطأ المسلمون المصريون وغير المصريين في ذلك أم أصابوا، فإن ذلك لا يغير الحقيقة التي شرحناها في هذا المقام، والمعنا إليها في كثير من مواطن الكلام.
٤
فكان احتلال السويس ضروريًّا لوصول التجارة القادمة من البحر الأحمر، ولتأمين الحجاج، ولقطع المواصلات مع إبراهيم بك ومن معه في سوريا، فلذلك انتخب نابوليون فئة من العلماء وأوفد الجنرال «بون» بفرقته ليكون في مقدمة الحملة على السويس وأصدر له أمرًا مطولًا بالتعليمات التي يتبعها، وهي محفوظة في مكاتبات نابوليون نمرة ٣٦٩٧ وكلها تعليمات عسكرية لا نرى ضرورة لتعريبها، وفي يوم ٢٤ ديسمبر عسكر نابوليون ومن معه من الجنود والقواد والعلماء في بركة الحج، ثم وصل بلده «اجرود» بعد ظهر اليوم التالي وسار منها إلى السويس فوصلها في الليل وبات في خيمة.
وكانت السويس في ذلك الزمن فرضة صغيرة يقيم فيها بضع مئات من الناس في غير موسم الحج، وكان الماء ينقل إليها على ظهور الجمال من عيون موسى وليس فيها من الصهاريج التي تحفظ فيها المياه إلا عددًا قليلًا قد تخرب أكثره، وكان يصل عدد سكانها إلى نحو الألفين أو ثلاثة آلاف في أيام موسم الحج وحركة التجارة، ولما وصلها نابوليون في ٢٧ ديسمبر أصدر أمره بإقامة المعاقل والحصون وعزم على زيارة عيون موسى، وهذا البيان ملخص من بيان طويل أملاه نابوليون وطبع في كتاب «حروب مصر وسوريا للجنرال براتران».
والجبرتي يقول في حوادث ١٦ رجب: «إن ساري عسكر بونابرته سافر إلى السويس وأخذ صحبته السيد أحمد المحروقي وإبراهيم أفندي كاتب البهار «ديوان البن والبضائع التي ترد من البحر الأحمر» وأخذ معه بعض المديرين والمهندسين والمصورين وجرجس الجوهري وأنطون أبو طاقية وغيرهم، وعدة كثيرة من عساكر الخيالة والمشاة وبعض مدافع وعربات وتختروان، وعدة جمال لحمل الذخيرة والماء والقومانية «المأكولات».
وروى أيضًا أنه لما عاد السيد أحمد المحروقي ومن معه من السويس حكوا أن أهل السويس لما بلغهم مجيء الفرنساوية «أي: الفرقة التي ذهبت مع الجنرال بون لاحتلال الثغر قبل وصول نابوليون» هربوا وأخلوا البلدة فذهب بعضهم إلى الطور وبعضهم إلى عرب البادية، فنهب الفرنساويون ما وجدوه في البندر من البن والمتاجر والأمتعة وهدموا الدور وكسروا الأخشاب وخوابي المياه.» ثم قال: «فلما حضر كبيرهم وكان متأخرًا عنهم كلمه التجار الذاهبون معه، وأعلموه أن هذا الفعل غير صالح فاسترد من العسكر بعض الذي أخذوه ووعدهم باسترجاع الباقي أو دفع ثمنه بمصر.» وقال الجبرتي أيضًا: «إن نابوليون في مدة إقامته بالسويس سار يركب ويتأمل النواحي وجهات ساحل البحر ليلًا ونهارًا.»
كأني بنابوليون وقد أفاق من غيبوبة كهذه فقال لمن معه من العلماء والمفكرين: «هلموا نعبر البحر حيث عبره موسى وبنو إسرائيل»!
وليس هذا من قبيل الخيال فإن نابوليون صمم حقيقة على قطع البحر الأحمر عند النقطة التي عبر منها موسى وقومه؛ ولذلك أصدر أمره إلى الجنرال «برتية» في يوم ٢٧ ديسمبر بأن ينبه على الكونتر أميرال «غانتوم» أن يذهب مع نحو ستين رجلًا من الأدلاء إلى جهة عيون موسى، وأعلنه بأنه سيركب مع الخيالة في الساعة الثالثة من صباح اليوم التالي، وليكن مع المشاة والأدلاء ما يلزمهم من المؤنة لمدة ثلاثة أيام.
وفعلًا ركب نابوليون ومعه الجنرالان كفريللي رئيس المهندسين والجنرال دومرتين قومندان الطوبجية مع عدد من الفرسان وعبر البحر عند نقطة المعدية، في الوقت الذي تنسحب فيه المياه بالجزر، وكان ذلك في الساعة الثالثة من صباح يوم ٢٩ ديسمبر، والمسافة بين السويس وعيون موسى تبلغ نحو ثلاثة فراسخ، وكان الكونتراميرال غاننوم قد سافر بسفينة مسلحة مع عدد كبير من البحار والمهندسين، وكثير من العلماء عن طريق البحر، وقد روى نابوليون فيما أملاه على «برثران» أنهم وجدوا عند عيون موسى آثار مبانٍ كان أقامها الفينيسيون «البندقيون» في القرن الخامس عشر حينما أرادوا مقاومة البرتغاليين في طريقهم إلى الهند.
وفي أثناء وجود نابوليون جهة الطور حضر إليه رهبان دير طور سيناء وطلبوا منه أن يشملهم برعايته، كما أعطاهم النبي محمد عهد الأمان، وكما فعل صلاح الدين والسلطان سليم؛ فأعطاهم عهدًا بأن لا يعتدي عليهم أحد من الفرنساويين، وصورة عهد نابوليون لهم محفوظة بنمرة ٣٧٨٢ في مجموعة مكاتباته.
كان نابوليون موفقًا في جميع أموره، ولطالما عرض نفسه للأخطار، ففي «أركولا» بإيطاليا كاد يصعق تحت سنابك الخيل، وأنقذ بمعجزة من معجزات الزمان، وهاهو يخلص من سيل البحر ومده ويعلو على الأمواج وارتفاعها، وكأني به وهو يقول: «أجئنا لنغرق كما غرق فرعون.» يسمع هاتفًا يهتف في تلك الليلة الليلاء، وفي ذلك المكان المملوء بالذكريات الرهيبة:
«لا تخف! إن الله حارسك وحافظك، فإن المهمة التي خلقت لأجلها لم تتم بعد! جئت إلى هذه الديار فقطعت دابر فئة ظلمت العباد وسفكت الدماء، وخرجت عن حدود الإنسانية حتى ضجت منها الأرض والسماء، فجاء الله بك جلادًا لتنفيذ عدله الإلهي، وسنذهب بك إلى الشام فنفعل فيها في الضالين الظالمين مثلما فعلت في أولئك المماليك في مصر، والنمساويين في إيطاليا، ثم تعود إلى فرنسا فتشعل نار الحرب في أوروبا، وتتسم ذروة المجد الشاهقة، وتأخذ في غزو الأمم وإذلال العباد، وإهراق الدماء، وتبقى كالسيف المعلق على الرقاب، تنظف أوروبا كما ينظف الخادم دار مولاه! حتى إذا انقضت مهمتك سقطت من ذلك المكان العالي، سقوط الشهاب الثاقب، لتعيش بعد ذلك ستة أعوام متوالية يتقطع فيها نياط قلبك، كما تقطع أوتار الآلة الموسيقية، فيسمع لها رنين غريب، قد بقي دويه إلى اليوم، يرن في آذاننا، وآذان من يأتي من بعدنا، إلى يوم الساعة! وما كنت في الأولى، ولا في الثانية، إلا آلة في كف القضاء، وألعوبة في يد الأقدار، وكل ميسر لما خُلق له»!
وفي الثالث من شهر يناير سار نابوليون ومعه بعض القواد والجنود في اتجاه وادي الطمبلات، وهناك أبصر برجل يسير على هجين يحمل رسالة، ولما رأى الرجل الجنود الفرنسية حاول الاختفاء والابتعاد، وكانت الرسائل التي معه من إبراهيم بك والجزار باشا إلى مصر معلنة بابتداء المعارك على حدود سوريا وبأن جيش الجزار دخل الأراضي المصرية، وأن مقدمة هذا الجيش احتلت قلعة العريش، وهي تعمل في تحصين القلعة لتكون قادرة على الدفاع.
وفي هذه الأثناء وصلت مراكب من جدة إلى السويس حاملة مقدارًا عظيمًا من البن وبضائع الهند فاجتاز بونابرت الصحراء وعاد إلى السويس، وكانت حملة هذه المراكب تبلغ نحو أربعمائة أو خمسمائة طن، وجاءت أيضًا قافلة من القاهرة وأصبحت مدينة السويس كمدينة هندية وقابل بونابرت التجار الذين عادوا من الهند، وبعد ذلك سار من السويس إلى الصالحية، وأخذ في إقامة الاستحكامات فيها استعدادًا للحملة على سوريا.
هوامش
- مشايخ وعلماء: السيد البكري، الدمرداش، السيد حسين الرفاعي، عبد الله الشرقاوي، محمدالمهدي، مصطفى العلوي، موسى السرسي، محمد الأمير، سليمان الفيومي، أحمد العريشي، إبراهيم بن المفتي، صالح الحنبلي، محمد الدواخلي، مصطفى الدمنهوري.
- وجاقلية: من رجال العسكرية أو بقايا المماليك: محمد أغا شريجي، علي كيخيا المجدلي خليل أغا شوربجي، أحمد ذو الفقار، يوسف شوربجي، باش عاويش توزكيخيان، يوسف شوربجي باش شاويش جمليان، مصطفى أفندي شراكسة، إبراهيم شرابي.
- عرب: مصطفى أفندي العالي، مصطفى كيخيا باش اختيار، حسن شوربجي بركاوي.
- تجار الغورية: الحاج محمد الأشربي شيخ الغروبة، الحاج محمد أبو النصر، الحاج سيد شيخ المغاربة.
- تجار البهار: الحاج أحمد محرم، الحاج أحمد المحروقي، إبراهيم أفندي كاتب البهار، الحاج حسين جاد إبراهيم، المعلم ميخائيل، المعلم يوسف فرحاتن، الحاج أحمد حسين.
- تجار البضائع التزكية: سيد أحمد العقاد المحروقي، الحاج مصطفى شيخ العقادين، الحاج أحمد الفازاني.
- تجار العطورات: السيد مصطفى الصباح، الحاج حسين النحاس، ومن صياغ وجواهرجية الحاج سالم الجواهرجي: محمد البغدادي، ومن تجار الورق: علي بن الحاج خليل الوراق، ومن تجار الأقمشة: الحاج إبراهيم المصري وعلى الصلانحي، ومن تجار الصابون: سيد أحمد الزرو وسيد يوسف فخر الدين، ومن تجار الدخان: أحمد نظام، ومن مشايخ الأقسام: شيخ جزارين الحسينية وشيخ العطوف.
- أقباط: المعلم لطف الله المصري، المعلم إبراهيم بحر الظايط، شيخ إبراهيم مقار، شيخ إبراهيم كاتب الضرة.
- الأجانب: ولمارة وكاف، وبودوف.
Nerions-nous venus ici pour périr comme pharaon? Ca sera un beau texte pour les prédicateurs de Rome!
لو هلكت غرقًا كفرعون لجعل الواعظون المسيحيون غرقي موضعًا حسنًا للوعظ ضدي.
والعبارة إشارة إلى إلحاد الفرنسيين عقب الثورة وتغيظ البابوية في روما من ذلك.
وقد قرأت في مذكرات «دوجرو» وصفًا شيقًا لما حصل لنابوليون في تلك الرحلة، وكان «دوجرو» من الذين أشرفوا على الغرق فترك جواده وسبح في الماء حتى وصل إلى البر صحيفة ١٠٨. Journal de l’Expédition d’Egypte.