محاسن الهدايا
قال: وكتب الناس في الهدايا فأكثروا من الكلام المنثور والشعر المَوزون، وكُلٌّ يكتب ويقول بمِقدار عَقله وعِلمه حتى قالوا: إنها قَرابةٌ وَصِلةٌ كالرَّحِم الماسَّة والقَرابة القريبة وكلَحْمة النَّسب وأكثروا من الشَّفيع لقول رسول الله ﷺ: تَهادوا وتَحابُّوا. وقيل: الهَديَّة تفتح الباب المُصمَتَ وتَسُلُّ سخيمة القلب. ورُوِيَ عن عائشة أنها قالت: اللُّطفة عطفة، وتزرَع في القلوب المحبَّة. قال: كان رسول الله ﷺ يقبَل الهدية، ويُثيب عليها ما هو خَير منها، وقال عليه الصلاة والسلام: لو أُهْدِي إليَّ ذراع لقبلتُ ولو دُعِيت إلى كِراعٍ لأجبت. وقال عليه الصلاة والسلام: الهدية رِزقٌ من الله عزَّ وجل، فمَنْ أُهْدِيَ إليه شيءٌ فلْيَقبلْه. وقال ﷺ: نِعْمَ الشيء الهدية أمام الحاجة. ما أُرضِيَ الغضبان، ولا استُعطِفَ ولا استُميل الهاجِر، ولا تُوُقِّيَ المَحذور بِمِثْل الهدية والبِر. وقال الله — عز وجل: وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ * فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَانَ قَالَ أَتُمِدُّونَنِ بِمَالٍ فَمَا آتَانِيَ اللهُ خَيْرٌ مِمَّا آتَاكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بِهَدِيَّتِكُمْ تَفْرَحُونَ. ورُوِي أنَّ عامِلًا لعَلِيٍّ — رَضِي الله عنه — قدِمَ من بعض الأطراف فأَهْدى إلى الحسَن والحُسين — سلامُ الله عليهما — ولم يُهدِ إلى ابن الحنفية، فقال متمثِّلًا:
فأهدى العامِل إليه كما أهدى إلى أَخَويه. ورُوِيَ عن أمير المؤمنين علي — عليه السلام — أنَّ قومًا من الدَّهاقين أهدَوا إليه جاماتِ فضَّة فيها الأخبِصة، فقال: ما هذا؟ قالوا: يوم نيروز. فقال: يومُ نيروزنا كلَّ يوم. فأكلوا الخَبِيص وأطعم جُلَساءَه، وقسَّم الجاماتِ بين المُسلمين وحَسَبها لهم في خَراجِهم. وقيل: إنَّ جُلَساء المُهدَى إليه شُركاؤه في الهدية، والهدية تجلُب المودَّة وتزرع المَحبَّة وتنفي الضَّغينة، وتركُها يُورِث الوَحْشة ويدعو إلى القطيعة، والهديةُ تُصيِّر البعيد قَريبًا والعدوَّ صديقًا والبَغيضَ وَليًّا والثقيل خفيفًا والعبد حُرًّا والحُرُّ عبدًا. وفيها قول الشاعر:
وقال آخر:
وقد قيل: كُلٌّ يُهْدِي على قدره. وذكروا أن سُليمان بن داود — عليهما السلام — بينا يَسير بالرِّيح إذ أتى على عشِّ قُنبرة فيها فِراخ لها، فأمر الريح فعدلَتْ عن العش، فلَمَّا نزل وافَقَ يَومه ذلك النيروز، فجاءتْ تلك القُنبرة حتى رفرفتْ على رأس سُليمان وألقتْ في حِجره جَرادة. فقيل له في ذلك، فقال: كُلٌّ يُهدي على قَدْره. وكان مِمَّا تُهديه ملوك الأُمَمِ إلى مُلوك فارس طرائف ما في بلدِهم؛ فمن الهند: الفِيَلة والسُّيوف والمِسك والجلود. ومن تِبتِ والصِّين: المِسك والحرير والسكُّ والأواني. ومن السِّند: الطواويس والبَبْغاء. ومن الرُّوم: الدِّيباج والبُسُط. وكان القُوَّاد والمرازبة والأساورة يُهدون النشاب والأعمدة المُصمتة من الذهب والفضة، والوزراء والكُتَّاب والخاصَّة من قَراباتهم جاماتِ الذهب والفضة المُرصَّعة بالجوهر وجامات الفضة الملوحة بالذهب، والعظماء والأشراف البُزاة والعُقبان والصقور والشَّواهين والفهود والسُّروج وآلاتهم. وربما أُهْدِيَ الرجل الشريف سَوطًا فقبله. وكانت الحُكماء يُهدون الحِكمة والشُّعراء الشعر، وأصحاب الجوهر الجوهر، وأصحاب نتاج الدَّوابِّ الفَرَس الفارِهَ والشَّهري النادِر والحمار المِصريَّ والبِغال الهَمالِيج، والظُّرفاء قِربَ الحرير الصِّيني مملوءةً ماورد، والمُقاتِلة القِسيَّ والرِّماحَ والنشاب، والصَّياقِلة والزرادون نُصول السُّيوف والدُّروع والجواشن والبَيض والأسِنَّة. وكانت نِسوَةُ الملك تُهْدِي إحداهنَّ الجارية الناهِدة والوَصيفة الرائقة، والأُخرى الدُّرَّة النفيسة والجوهرة المُثمَّنة وفصَّ خاتَمٍ وما لَطُف وخفَّ، وأصحابُ البزِّ الثوبَ المُرتفِع من الخزِّ والوَشْي والدِّيباج وغَير ذلك، والصَّيارِفة نقر الذهب والفضة وجاماتٍ مملوءة دَنانير، وأوساط الناس دنانير ودراهم من ضرب سَنَتِهم مُودَعة أترجَّة أو سفَرْجَلة أو تفاحة، والكاتب واقِفٌ يكتُب كلَّ مُهدٍ وجائزة مَنْ يُجيزه الملك على هدِيَّته ليُودِع ذلك ديوان النيروز.
ومن الهدايا التي لم يَسْمَع السامِعون بمثلها: هدية أبرويز إلى ملك الرُّوم بعَقِبِ مُحاربة بهرام جوبين، وقد شارف الرُّوم فأنفذ رسولًا يَستنجِده وبعث إليه مائة غُلام من أبناء الأتراك مُختارين في صُورِهم ونُفوسهم، في آذانِهم أقْرِطة الذَّهب مُعلَّق فيها حَبُّ الدُّرِّ على مَراكِب بِسُروج الذهب مُنظَّمة باليواقيت والزُّمرُّد، وبعث معه مائدة من عنْبرٍ فتحها ثلاثة أذرع مُكلَّلة المُستدار بالدُّرِّ لها ثلاث قوائم من ذهب: إحداها ساعِدُ أسَدٍ مع كفِّه، والأخرى ساقُ وَعلٍ مع ظلفِه، والثالثة كفُّ عُقاب. في كفِّ الأسد ياقوتة خضراء، وبين ظلْفَي الوَعل ياقوتة حمراء، وفي كفِّ العُقاب قبجة من اللازورد عيناها ياقُوتَتان حمراوان تتوقَّدان حُمرة، وفي وسط المائدة جامٌ من جزعٍ يَماني فاخِر فتحه شبر في شبر مملوء يَواقِيت حُمر وسفَط ذهب فيه: مائة دُرَّة كلُّ دُرَّة مِثقال، ومائة لؤلؤة كلُّ لؤلؤةٍ مثقال، ومائة خاتَمٍ من ذهبٍ مُرصَّعٍ بالجوهر مُشبَّك الأعلى، حَشْوُه مِسك وعنبر. ووصل رُسل أبرويز إلى ملك الرُّوم بهذه الهدية، فأنجدَه وأرسل إليه عشرين ألف فارسٍ بالسِّلاح الشاك وبعث إليه بألفَي ألف دِينار لأرزاق جُنده، وألف ثوبٍ منسوج وعشرين جارية من بنات مُلوك الصَّقالبة بأقبِيَة الدِّيباج المَطير في آذانهنَّ أقرِطة الذهب المُزينة بالدُّر والياقوت، وعلى رءوسهنَّ أكِلَّة الجوهر. وأنفذَ إليه عِشرين مركبًا على كلِّ مركب صليب تحت كلِّ صليب ألف فارس وألف برذون وألف شهري وألف بغلة وألف نجيبٍ بسُروج مُذهبة وأكفٍّ مُذهبة ولُجُم من ذهب مصبوب وبرادع مُذهبة وجلال وبراقِع وديباج منسوج بالذهب واللؤلؤ وأوقُر البغال من السُّندس والإستبرَق والذهب واللؤلؤ، وبعث إليه مساحة جريب أرض من ذهب فيه نَخل من ذهب سعَفُه الزُّمرُّد وطلعُه اللؤلؤ وشماريخُه الياقوت الأحمر وكربه الجزع، وبعثَ إليه ألف ألف لؤلؤة، كلُّ لؤلؤة بألفِ دِينار، وبعث إليه ألف ألف دِرهم مَثاقيله ألف ألف دينار خسرواني، وأتى به واعتذَر إليه من التقصير، فقابله ملك الرُّوم عامَه المُقبل يوم النيروز بفارسٍ من ذهبٍ على شهري من فضَّة عينا الشهري جزع أبيض مُحدَّق بسوادٍ وناصيتُه وعُرفه وذَنَبه شَعر أسود، بيد الفارس صَولجان من ذهب، وإلى جانبه مَيدان من فضَّة، في وسط المَيدان كُرة عقيق أحمر، يحمِل المَيدان ثَوران من فضَّة، والشهري يبول الماء، فإذا بال انحطَّ الصولجان على الكُرة فمرَّ بها إلى أقصى المَيدان، فتحرَّك بحركتها الثَّوران والمَيدان، ويركُض الفارس على عجلٍ تحت حوافر الشهري. فأمَّا أهل الإسلام فلم يُسمَع بمثل هدية حسَّان النبطي إلى هشام بن عبد الملك، فإنه أهدى إليه وإلى أمَّهات أولاده هديةً كثيرة من الكِساء والعطر والجوهر وغيرها، فاستكثرها هِشام وقال: بيت المال أحقُّ بهذا، ثمَّ أمر فنُودي عليها فبلغتْ مائة ألف دينار، فبعثَ حسَّان أثمانها وقال: يا أمير المؤمنين، قد طابت الآن، هذه مائة ألف دينار تُحْمَل إلى بيتِ المال فاقبل هدِيَّتي فقَبِلَها، ونادى على مُناديه حسَّان سيِّد موالي أمير المؤمنين: قد طابت الآن هذه، واستملَحَ المأمون من أبي سَلَمة ذِكر هدية لطيفة. قال: أُهْدِي إلى أمير المؤمنين خوانًا من جزع مِيلًا في ميل. فقال المأمون: أوَقبضتَ الهدية؟ قيل: نعم. قال: أهي في داري أم داري فيها؟ قال: بل هي في منديل. فدعا بهديَّتِه فإذا خوان من جزع عليه ميل من ذهب، قد صُنع من مائة مِثقال بطول الخُوان وعرْضه، فاستملَحه وقَبِلَه. وأهدتْ أسماء بنتُ داود إلى أسماء بنتِ المنصور مائة مركنٍ من فضَّةٍ فيها أنواع اللَّخالِخ والرَّيحان المُطيَّب، ومائة جَفْنة مُطيَّبة، وأنواع من الأطعمة والأشربة، وعشرًا من الوصائف في قدٍّ واحد، فقومت هديتها فبلغتْ خمسين ألف دينار. وبعثَ الحسَن بن وهْب إلى المُتوكِّل بِجامٍ من ذهب فيه ألفا مِثقال من العَنْبر، وكتب إليه:
قال خالد المُهلَّبي: أهديتُ إلى المتوكِّل في يومِ نيروز ثَوب وَشْي منسوج بالذَّهَب ومَشمَّة عنبرٍ عليها فصُوص جَوهر مُشبَّك بالذهب ودرعًا مُضاعفةً، وخشبة بخور نحو القامة وثَوبًا بَغداديًّا فأعجبه حُسنه، ثمَّ دعا به فلبِسَه، وقال: يا مُهلَّبي، إنما لبِستُه لأَسُرَّك به. فقلت: يا أمير المؤمنين، لو كنتَ سُوقةً لوَجَب على الفِتيان تَعلُّم الفتوة منك، فكيف وأنت سيِّد الناس؟! وأحسنُ من جميع ما تقدَّم ذِكره قول عبد الله العبَّاسي والي الحرمين، فإنه قال: هذا يَوم يُهْدَى فيه إلى السَّادة والعُظماء والواجِب أن أُهدي إلى سيِّدي الأكبر، ثمَّ دعا بعشرة آلاف دِينار فقسَّمَها على أهل الحرَمَين، فكانت فِكرتُه في هذا أحسنَ من فعله.
«التلطُّف في الهدايا»: كتبَ سعيد بن حميد إلى بعضهم: النفسُ لك والمال منك، غير أني كرهتُ أن أُخلي هذا اليوم من سُنَّة، فأكون من المُقصرين أو أدعي أنَّ في ملكي ما يَفي بحقِّك فأكون من الكاذبين، وقد وجَّهتُ إليك بالسَّفَرْجل لجلالتِه والسُّكَّر لحلاوته والدِّرهم لنَفاقه والدِّينار لعِزِّه. فلا زلتَ جليلًا في العُيون مَهيبًا في القلوب حُلوًا لإخوانك كحلاوة السُّكَّر عزيزًا عند الملوك، لا تَحسُن أفنيتهم إلَّا بك، ولا زلتَ نافقًا كنفاق الدِّرهم. وأهدى أحمد بن يوسف إلى إبراهيم بن المَهدي، وكتَب إليه: الأمراء أعزَّك الله تُسهِّل سبيل المُلاطفة في البِر، فأهديتُ هدية مَنْ لا يحتشِم إلى مَنْ لا يغتنِم مالًا، فلا أكثرَه تبجُّحًا ولا أقلَّه ترفُّعًا.
«هدايا النيروز»: قال: كتب الحسَن بن وهْب إلى المتوكِّل في يوم نيروز بهذه الرُّقعة: أسعدَك الله يا أمير المؤمنين، بكر الدُّهور وتكامُل السُّرور، وبارك الله في إقبال الزَّمان، وبسَط بِيُمن خِلافتك الآمال وخصَّك بالمزيد وأبهجك بكلِّ عيد، وشدَّ بك أزْرَ التَّوحيد، ووصَلَ لكَ بشاشة أزهار الربيع المُونِق بطيب أيَّام الخريف المُغدِق، وقرَّب لك التَّمتُّع بالمهرجان والنيروز بدَوام بهجة أيلول وتموز، وبمواقع تمكين لا يُجاوزه الأمَل وغِبطة إليها نهاية ضارب المثل، وعمَّر ببلائك الإسلام، وفسَّح لك في القُدرة والمُدَّة، وأمتَعَ برأفَتِكَ وعدْلِكَ الأُمَّة، وسرْبَلَك العافية ورَدَّاك السلامة، ودرَّعك العزَّ والكرامة، وجعل الشهور لك بالإقبال مُتصدِّية والأزمنة إليك راغبة مُتشوِّقة، والقلوب نحوك سامية تلاحِظك عشقًا وترفرِفُ نَحوك طربًا وشوقًا. وكتبَ في آخره:
وكتب آخر:
وكتب آخر:
وقيل للمازني: أيُّ هؤلاء أظرفُ في شِعره الذي يقول:
أم الذي يقول:
أم الذي يقول:
فقال أشعَرُهم جمِيعُهم وأظرفُهم الذي يقول:
وبعث سعيد بن حميد إلى أحمد بن أبي طاهر قارورة ماورد، وكتب إليه:
وعن إسحاق بن إبراهيم المَوصلي قال: دارَ كلام بين الأمين وبين إبراهيم بن المَهدي، قال: فوَجَد عليه الأمين فهَجَره، فوجَّه إليه إبراهيم بِوصيفةٍ مُغنِّية مع عبدٍ هندي، فأبى الأمين أن يَقْبَلَهما، فكتب إليه:
فرَضِيَ عنه ودعاه للمُنادمة:
«هدايا الفصد»: قال ابن حمدون النديم: افتَصَد المأمون، فأهدى إليه إبراهيم بن المَهدي جارية معها عُود ورُقعة فيها:
فقال المأمون: خَرفَ الشيخ، يومَ مثَّل هذا بذِكر الثواب والآخرة، فلم يَقبَلِ الوَصيفة واغتمَّ إبراهيم، وكتب إليه مع الوصيفة:
فقال المأمون: نعم الآن أقبلها، فقبِلها. قال أبو القاسم بن أبي داود: كنتُ عند أحمدِ بنِ مُحمَّد العلوي، وقد افتصَدَ فخرج بعض الخدَم ومعه طبَقٌ من فضَّة عليه تفَّاح طيِّبٌ مكتوب حواليه بالذهب:
فقال للخادِم: أخْرِجها إلى الستارة، فخرجتْ وخلا ليلتَه بها. وقيل: افتَصَدَ المُعتصم، فأهدت إليه شمائل صِينيَّة عقيقٍ عليها قدَح، أُسْبِلَ عليهما منديل مُطيَّبٌ مكتوبٌ عليه بالعنبر في كلِّ ربعٍ منه بيتُ شِعر:
فلمَّا قرأه أمَرَ بإحضار إسحاق بن إبراهيم المَوصلي، وأمره أن يجعل له لحْنًا وأمر مسرورًا بإخراجها من وراء الستارة، ثمَّ لم يزلْ إسحاق يُردِّد هذه الأبيات حتى أحكمَتْها شمائل، وغنَّت فكأنَّ سفط الدُّرِّ يتناثَرُ من فيها. وأمر لإسحاق بمالٍ وللجارية بخمسِ وصائف وخمسة آلاف دينار. المُبرِّد قال: أهدى اليَزيدي إلى الرشيد يوم فُصِدَ جام بلُّور وشماماتِ غالية، وكتب إليه: يا أمير المؤمنين، تفاءلتُ في الشُّرب في الجام بجمام النفس ودَوام الأُنس والغالِية للغُلوِّ في السُّرور والازدياد في الخَير والحُبور، وقلت:
قال اليزيدي: افتصَدَ المأمون، فأهدت إليه رَباح أترجَّة عنبرٍ عليها مكتوب بماء الذهب:
فقال المأمون لليزيدي: وَيْحك، ما تقول فيمن كتَبَ هذَين البَيتَين؟ قال: يُكافأ بالدُّنيا وما استدقَّ منها. فأمَرَ لها بمالٍ كثيرٍ ووصلَني ببعضِه. قال: وافتَصَدَ عبد الله بن طاهر، فأهدى له أبو دلفٍ جميع ما أصاب في السُّوق من الورد، وكتب إليه:
قال عمرو بن بانة: اعتلَّ المُعتصِم، فأشار إليه بختيشوع بالفَصْد وأنا عِنده، فأخرجتْ إليه هدايا الفَصْد، وكان فيما أُخرِجَ طبقُ صندلٍ مكتوب عليه بجزع كما يدُور عليه شمَّامات مِسك وعنبر، فأمر بِقراءةِ ما عليه، فإذا هو:
فقال: يا عمرو، مَنْ يلومُني على حبِّ هذه الجارية؟ والله ما أراها إلَّا تزايدتْ في عَيني، وخليق أن تُنجِب؛ فإنَّ لها هِمَّة. فولدَتْ له غُلامًا، وكانت آثَرُ جواريه عِنده وأحْظاهنَّ لديه. وأخبرَنا إبراهيم القارئ قال: كنتُ عند المأمون، فاحتاج إلى الفصد فقال له الأطباء: البلد بادر. فقال: لا بدَّ لي منه. ففصَدُوه، فلمَّا كان وقت الظهر حضروا فرامُوا فجْر العِرق فإذا هو قد التَحَم فشدُّوا الرِّباط وفيهم مِيخايل، فما ظهَرَ الدَّم. فقال لهم المأمون: عقَرتُموني، فحلُّوا الرِّباط. وعلى رأسه بختيشوع وابن ماسويه، فقال: ما تقولون؟ قالوا: ما نَدري ما نقول. قال: فأشاروا هناك أنَّ جلالة الخليفة ربَّما أدهشتِ الحاذِق بالصِّناعة والمُتقدِّم في الرياسة. فاعتزلوا ناحيةً وأبطئوا عليه، فقال لأسْوَدٍ كان على رأسه: إذن، فَمُصَّ الجرح ففعَلَ فثار الدَّم، فقال: ادعُ هؤلاء الحاكة. فجاءوا وشَهِدوا خُروج الدم. قال: أين كنتم؟ قال ابن ماسويه: لو فعل جالينوس ما زاد عليه. قال: وافتَصَد أحمد بن عيسى بالري — وهو أميرها — فكتب إليه جعفر الشَّيباني:
وفي مثله:
قال: وكتب الحَمدوني إلى الفضْل بن جعفر، وقد افتصد:
وقال آخر:
وقال آخر:
وقال آخر:
وقال آخر:
وقال آخر: