الدين والثورة في مصر ١٩٥٢–١٩٨١م (الجزء الثالث): الدين والنضال الوطني
«يرى عبد الناصر أن مجرد ذكر فلسطين يعيد إلى ذهن كل عربي وإلى ذهن كل إنسان أكبرَ جريمةٍ ارتُكبت في تاريخ الإنسانية كلها. لقد شهد التاريخ من حين إلى حين توسُّع دولة أو انتقاص أراضيها. ولكن لم يشهد التاريخ مثل هذه المحاولة لإحلال شعب بأكمله محلَّ شعب آخر، وإقصاء قومية بأكملها وزرْع قومية أخرى بديلة عنها، وطرد وتشريد جنس ووضْع جنس آخر مكانه.»
كان الصراع العربي الإسرائيلي خلال خمسينيات القرن المنصرم وستينياته وسبعينياته جزءًا أساسيًّا من تاريخنا القومي، وكان النضال الوطني عقيدةً راسخةً في أذهان المصريين؛ ومن ثَم راح «حسن حنفي» في كتابه يُسلِّط الضوء على الموقف المصري في هذا الصراع؛ فبعد سرده التاريخَ الطويل للغزو الثقافي اليهودي في حضارات العالم القديم في العراق والشام، ثم التأثيرات التوراتية على العقيدة المسيحية، ثم المحاولات اليهودية المستمرة للدخول في صُلب العقيدة الإسلامية بغرض إحداث تصدُّع في عقيدة التوحيد، ثم أوضاع اليهود في أوروبا في القرن التاسع عشر، التي أدت إلى قيام دولة إسرائيل على أرض فلسطين والترويج للأيديولوجية اليهودية حول شعب الله المختار وأرض الميعاد؛ يُفصِّل «حنفي» النضال الوطني ضد إسرائيل، مُركِّزًا على دور الدين في هذا الصراع باعتباره أهمَّ مكوِّنٍ في نفوس المصريين، والدافع الرئيسي في النضال الوطني، وهو ما نلمسه في الاستراتيجيات التي اعتمدها «جمال عبد الناصر» في هذا الصراع.