طبق فول بالطحينة
قال القبطان والسفينة تتَّجه إلى المحيط: إلى أين تريد أن تذهب؟
أحمد: بعد نصف ساعة سأقول لك على اتجاهنا … ولكني أولًا أريد أن أبحث معك موضوعين … الأول هو كيف تمَّ الاستيلاء على السفينة؟
القبطان وهو يَرشُف من قدح الشاي الضخم في يده: كان لنا موعد محدد حسب التعليمات لنتجه إلى جزيرة «بربادوس» … وبالفعل كنت متجهًا إليها … فجأة شاهدت قاربًا مسلَّحًا يقترب من السفينة … ثم يتحدث إلينا على أنه قارب لخفر السواحل … وبالطبع امتثلنا للأوامر … كان لا بدَّ أن نَنتظِره … وصعد إلى ظهر السفينة ستة رجال يلبسون ملابس خفر السواحل … وتظاهروا بتفتيش السفينة … وقال أحدهم: إن سفينتك تحمل شحنة أسلحة، وهذا ممنوع إلا بتصريحٍ خاصٍّ من سلطات الميناء …
وسكت الكابتن لحظات ثم قال: وقبل أن أناقشه في هذا الحديث فوجئت به يخرج مسدسًا ثم يقول لي: أنت مقبوض عليك … وكذلك رجالك.
ولم يكن معنا إلا بعض الأسلحة الخفيفة، وخشينا إذا نحن اشتبكنا معهم في معركة أن تنفجر السفينة بما فيها من أسلحة ومتفجِّرات … وهكذا استسلمنا لهم … فوضعونا في السجن وقاموا هم بتسيير السفينة إلى حيث وجدتها.
أحمد: ولكنهم طبعًا ليسوا من رجال خفر السواحل!
الكابتن: طبعًا، فلو كانوا فعلًا منهم لأخذونا إلى أقرب ميناء، فنحن نعرف أن شحنة الأسلحة التي نحملها قانونية.
أحمد: وأين الزَّورق المسلح؟
الكابتن: لا أدري … ولكن هناك طائرة «هليكوبتر» بحرية تأتي في مثل هذا الموعد كل ليلة وتهبط بجوار الكهف … وقد دعونا مرة لمقابلة شخصٍ واستجوبني.
أحمد: هل سمعت اسم «روكو» يتردَّد في أحاديثهم؟
الكابتن: أظنني سمعت مرة أو مرتين … ولكن مَن أنتم بالضبط؟
أحمد: إنَّنا نُمثِّل أصحاب شحنة الأسلحة.
الكابتن: أنتم عرب؟
أحمد: نعم.
الكابتن: ولكن كيف؟
وقبل أن يُتمَّ جُملته، سمعوا صوت هدير محرك طائرة وقال الكابتن: إنها الطائرة الهليكوبتر.
أدرك «أحمد» أنهم في مأزق … فإن الطائرة يُمكنها أن تصطادهم بسهولة إذا كان بها أي نوع من القنابل … وأسرع يسأل الكابتن: هل في شحنة الأسلحة مدافع مضادة للطائرات؟
الكابتن: حسب الكشف توجد في صناديق موجودة على السطح.
قفز «أحمد» مسرعًا … وخلفه «زبيدة» و«إلهام» إلى الناحية التي أشار إليها الكابتن … واستعاروا بلطةً من غرفة الكابتن، ثم فتحوا أحد الصناديق وأخرجوا مدفعًا وتعاونوا جميعًا على وضعه في وسط السفينة …
اقتربت الطائرة الهليكوبتر من السفينة، وأخذت تحوم حولها لحظات ثم ابتعدت … كان الشياطين الأربعة قد أعدوا المدفع للإطلاق، وقال «أحمد»: أخرجوا مدفعًا آخر.
ووقف «أحمد» خلف المدفع بينما قام «عثمان» و«زبيدة» و«إلهام» بمساعدة بعض البحارة في إخراج مدفعَين آخرين … ومرة أخرى ظهرت أضواء الطائرة مُقبلة من بعيدٍ … وعندما اقتربت من السفينة أخذت ترتفع تدريجيًّا، ثم دارت دورة واسعة، ثم هبطت منقضَّة على السفينة … بينما انطلقت المدافع الثلاثة في ومضات سريعة … وحاولت الطائرة أن تبتعد عن مجال الإطلاق … ولكن المدافع الثلاثة حاصرتها …
وأخيرًا أصابت إحدى القنابل الطائرة إصابة مباشرة فانفجرت في الجو وتناثرَت مُشتعلة، وسقطت في مياه المحيط السوداء بين تهليل البحارة وهتافهم …
طلب «أحمد» من الكابتن أن يضع الأسرى النائمين في السجن حتى يتلقَّى التعليمات الخاصة بهم من مقر رئاسته.
دخل «أحمد» إلى غرفة اللاسلكي في السفينة، واتَّصل بمجموعة «نيويورك»، وأملى الرسالة: «من رقم «١» إلى رقم «٥» … نجحت المهمَّة … نحن نُسيطِر الآن على السفينة «ميلوس» في عرض البحر … البضاعة موجودة … اتصل برقم «صفر» واطلب تعليماته لنا … اتصل بنا على الموجة التالية … ثم أَمْلَى طول الموجة والذبذبة الخاصة بها كما أخذها من ضابط اللاسلكي …»
جلس «أحمد» ليأخذ قسطًا من الراحة، ومعه الشياطين الثلاثة على ظهر السفينة … لقد انتهى الجزء الأول من مهمتهم … ولكن ماذا بشأن «روكو»؟
من رقم «٥» إلى رقم «١»
أُرسلُ إليك تهنئة رقم «صفر» وتهنئة الشياطين … لقد أنجزتم عملًا رائعًا … حَدِّدْ لنا مكان السفينة «ميلوس» بالضبط، وستصلُكُم سفينة عربية لنقل الشحنة … إنها موجودة الآن في «كاراكاسي» فاتجهوا إليها … ويُمكنكم الاتصال بها على هذه الموجة.
أعطى «أحمد» تعليماته إلى الكابتن ليتصل بالسفينة العربية «الصقر» … وتمَّ الاتصال سريعًا والاتفاق على نقطة اللقاء …
من رقم «٥» إلى رقم «١»
حسب تعليمات رقم «صفر» عليكم الاتجاه فورًا إلى «نيويورك»، لقد عثرنا على أثر «روكو»، والقضية معقدة جدًّا … رقم «صفر» يطلب التخلُّص من الأسرى إذا كانوا أحياء … ضَعْهُم في أي جزيرة تجدها في الطريق … أو في قوارب الإنقاذ، وأبعِدْهم عن السفينة «ميلوس».
من رقم «١» إلى رقم «٥» …
سنُنفِّذ التعليمات … نتوقع أن نصل إلى «نيويورك» بعد ٤٨ ساعة … أرجو إعداد طبقٍ من الفول المدمس وسلطة الطحينة، فإنني أكادُ أموتُ جوعًا …
وضحك «أحمد» وهو يرسل رسالته …
ثم اسْتَلْقَى على ظهر السفينة وهو يَبتسِم للشياطين الثلاثة …