الكوميديا الإلهية (النشيد الأول): الجحيم
«ألغى دانتي في «الكوميديا» فوارق الزمان والمكان، ومزَج بين الأسطورة والتاريخ، وبين الواقع والخيال. وقدَّم بريشة الفنان صورًا مأخوذة من الحياة الواقعة. ومن ذلك ما نجده في «الجحيم»، موضوع هذه الترجمة، مثل: صُغريات الزهور التي تنحني بصقيع الليل، ثم تقف على سيقانها عندما تُكلِّلها أشعة الشمس، وتساقُط أوراق الشجر في الخريف، ونظرات الحكماء الهادئة، وكلامهم النادر الرقيق.»
تُعَد «الكوميديا الإلهية» معجزةً شِعرية تزداد بريقًا بتقادُم القرون، أراد بها «دانتي» إصلاح الإنسانية، متخذًا من عالم ما بعد الحياة رمزًا لإصلاح النفس البشرية خلال رحلة الحياة؛ فنهَل من الميثولوجيا وحضارة القدماء وتراث المسيحية، ومن الشرق والغرب، ومن إحساسه المُرهَف، ومزَج بين الواقع والخيال، وبين الأسطورة والتاريخ، وألغى فوارق الزمان والمكان، ليقدِّم للبشرية بناءً شاهقًا متناسِق الأجزاء، جاعلًا فيه الإنسان والذات الإلهية والعالَم والدنيا والآخِرة في بؤرة واحدة. يضمُّ هذا الكتاب النشيدَ الأول من ثلاثية «الكوميديا الإلهية»، وعنوانه «الجحيم»، وفيه تبدأ القصة ﺑ «دانتي» تائهًا في غابة مظلِمة، وبعد ليلة من التَّجوال المؤلم يُقابل الشاعر الروماني «فيرجيل»، ويدخلان معًا الجحيم حيث يَريان جموعًا من الأفراد يعانون العذاب، ولكل مجموعة منهم درجة في الجحيم تبعًا لدرجة الخطيئة، وقد استخدم «دانتي» خياله الخصب في تصوير الجحيم بصورة مكثَّفة وبليغة.