الأنشودة الأولى١
أفاق دانتي في منتصف طريق حياته فوجد نفسه في غابة مظلمة ضالًّا سواء السبيل، حيث قضى ليلة في عذاب شديد، ومع ذلك اعتزم أن يقص علينا ما لقيه فيها من خير وشر. تقدم دانتي فرأى جبلًا أضاءت الشمس قمته، فاتجه نحوه محاولًا أن يرتقيه، ولكن اعترض طريقَه ثلاثةُ وحوش، رمز الخطايا التي تَحيد بالبشر عن الطريق القويم، فتولاه رعب شديد، وأوشك أن يرجع القهقرى. وفي لحظة يأسه ظهر أمامه شبح بدا من طول صمته أبحَّ الصوت، وكان ذلك شبح فرجيليو شاعر اللاتين. علا وجهَ دانتي الحياءُ، عندما أدرك أنه أمام ذلك الروح العظيم. عطف فرجيليو على دانتي وأزال مخاوفه، وأوضح له أن من المتعذر عليه سلوك الطريق الذي أراده لارتقاء ذلك الجبل، ما دامت هذه الوحوش واقفة له بالمرصاد، ولم تظهر بعدُ القوة التي سوف تقضي عليها، وتنقذ إيطاليا المَهيضة. وأشار إلى أنه لا بد من اتباع طريق آخر، حتى يرى في الجحيم نفوس الآثمين يلقَون صنوف العذاب، ويدرك أصل الشقاء في الدنيا، ويشهد في المطهر عذاب النفوس التائبة التي تأمل بلوغ الفردوس بعد تطهرها، وقال إنه بعد اجتياز الجحيم، والجانب الأكبر من المطهر، سيتركه في رعاية من هو أجدر منه بالصعود إلى مدارج الفردوس. وتقدم فرجيليو إلى الأمام، وسار دانتي من ورائه.
Conv. IV. 23.
ولما كان دانتي مولودًا في ١٢٦٥؛ فيكون قد بلغ هذا العمر في ١٣٠٠. يرى بعض النقاد أن دانتي بدأ رحلته الخيالية مساء الخميس ليلة الجمعة ٧–٨ أبريل ١٣٠٠، واستغرقت الرحلة سبعة أيام.
Isaia, XXIX. 10; Gerem. LI. 39; Rom. XIII. 11.
Gen. XXII. 14; Sal. XVI; Gerem. XXXI. 23.
وورد هذا المعنى في التراث الإسلامي: القرآن، سورة البلد: ١١–١٦.
ابن الليث السمرقندي، قرة العيون ومفرج القلب المحزون (مطبوع على حاشية مختصر تذكرة القرطبي للشعراني)، القاهرة ١٣٠٨ﻫ، ص٧٥.
Matt. VII. 14; Rom. III. 12.
وتوجَد صورة للفهدة تُنسب لأندريا دي بونايوتو، والذي يُلقَّب بدا فيزتزه (سنوات نشاطه ١٣٤٣–١٣٧٧)، وهي في الكامبوسانتو في بيزا.
ويوجَد نحت مصنوع من البرونز للأسد، ويرجع إلى ١٢٨١، وهو في القصر العام في بيرودجا.
Gerem. V. 6.
ووردَت صور الوحوش، مع اختلاف الوضع، في التراث العربي الإسلامي، مثل: المعري، أبو العلاء: رسالة الغفران، تحقيق وشرح عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ)، القاهرة، ١٩٥٠، ص٢١٤، ٢١٦.
وجاء في بعض صور المعراج الإسلامي عقباتٌ في صور أصوات تعترض رحلة النبي محمد إلى السماء، وكانت مترجمة إلى اللاتينية والفرنسية القديمة في عهد دانتي، كما ورد في كتاب تشيرولي:
Cerulli, E.: Il “Libro della Scala” e la questione delle Fonti arabo-spagnole della Divina Commedia, Roma, 1949, pp. 44–47.
ويوجَد نحت من البرونز للذئبة، ويرجع إلى القرن ١٤، وهو في القصر العام في سيينا.
وفكرة دانتي عن فرجيليو كدليل له تشبه عند فرجيليو الكاهنة العجوز التي أرشدت إينياس عند هبوطه إلى الجحيم:
Virgil: Æneid, VI.
ويشبه هذا بعض ما ورد في تراث المسيحية في العصور الوسطى، مثل رؤيا القديس بولس:
Miguel Asin Palacios: Islam and the Divine Comedy, Eng. Trans. by H. Sunderland, London, 1926, p. 183.
وهناك شبه أيضًا بهذه الناحية في التراث الإسلامي، مثل ما جاء في المعراج المشار إليه، حيث كان جبريل يقود النبي محمد، وتقترب طريقة الشرح والحديث المتبادل في المعراج النبوي من صحبة دانتي وفرجيليو:
Cerulli (op. cit.) pp. 158, 166, 174, 181, 192.
ويوجَد تمثال نصفي ليوليوس قيصر من العصر الروماني، وهو في المتحف الوطني في نابلي.
ويوجَد تمثال لأغسطس من العصر الروماني، وهو في متحف الفاتيكان.
وتوجَد صورتان قديمتان ليوليوس قيصر وأغسطس قيصر، وترجعان إلى القرن ١٤، في كتاب جوستو دي مينابووي، في متحف كورسيني في روما.
ويوجَد رسم لروما من عمل تاديو بارتولو (حوالي ١٣٦٢–حوالي ١٤٢٢) وهو في القصر العام في سيينا. كما يوجَد لها رسم آخر من صُنع تلاميذ جيرلاندايو في القرن ١٥، وهو في مكتبة الإسكوريال في إسبانيا.
ويوجَد تمثال قديم لفرجيليو يرجع إلى حوالي ١٢٢٥، وهو قائم أمام قصر بروليتو في مانتوا.
وقد صنع برنيني (١٥٩٨–١٦٨٠) تمثالًا يرمز لإينياس وأنكيزيس، وهو في متحف بورجيزي في روما.
Eccles, V, 10.
Virg., Æn., XI, 759 …
Virg., Æn., IX, 179 …
Ebrei, XI, 10, 16; Apocal, XXII, 14.
وقد ألَّف جادجي (من القرن ١٩) لحنًا موسيقيًّا عن هذه الأنشودة:
Gaggi, Adauto (Sec. XIX): II. 1°, canto dell’Inferno musica su parole.