الأنشودة الثامنة والعشرون١
يعلن دانتي عجزه عن وصف ما شهده من الدماء والجروح في الوادي التاسع الرهيب، الذي يفوق مظهره كل ما شهدته أرض أبوليا وضحايا حرب طروادة من الجرحى والقتلى. ورأى معذبًا مقطوع الحنجرة والأنف وبأذن واحدة جزاء ما أثاره من الشقاق في رومانيا، وكان هو بيير دي مديتشينا، الذي تنبأ لدانتي بما سيرتكبه مالاتستينو، حاكم ريميني، من الغدر بخصومه، وسيجعلهم يأتون للتفاوض معه، ثم يغرقهم في البحر، بحيث لن يصبحوا أمام ريح فوكارا في حاجة إلى ضراعة أو قسم. ورأى دانتي أيضًا كوريون مقطوع اللسان؛ لأنه كان سببًا في قيام الحرب الأهلية في عهد قيصر. وشهد موسكا دي لامبرتي مقطوع اليدين، وكان سببًا في انقسام فلورنسا إلى جلف وجبلين. وأخيرًا رأى دانتي معذبًا، وقد حمل رأسه المقطوع في يده كأنه مصباح يتدلى، وكان هو برتران دي بورن، شاعر التروبادور، الذي أوقع بين هنري الثاني ملك إنجلترا وابنه الشاب.
Conv., III, Canz., 14–18.
Virg., Æn., VI, 625.
Livius, Ab Urbe Condita Libri, X, 9 …
Liv. (op. cit.) XXIII, 7, 12.
Ving., Æn., VI, 494 …
ويوجَد لنبتون تمثال من عمل جوفاني بولونيا المعروف بجامبولنيا (١٥٢٩–١٦٠٨)، وهو قائم بجوار قصر الكومون في بولونيا.
ويوجد حفل يمثل مدينة ريميني وهو من صنع أجوستينو دي دوتشو (١٤١٨–١٤٨١) وهو في التمبيو مالاتستيانو.
ويوجد حفر يمثل الحقيقة تقطع لسان الخديعة، ويرجع إلى القرن ١٢ وهو في كاتدرائية مودينا.
وفي التراث الإسلامي بعض الشبه بعقاب موسكا هنا، وذلك في عقاب من يأكل مال الناس، فيسير يوم القيامة وهو أجذم:
الهندي، كنز العمال (السابق الذكر)، ج٥، ص٣٢٧، رقم ٥٧١٧.
السمرقندي، قرة العيون (السابق الذكر)، ص٦٥.
وفي التراث الإسلامي بعض الشبه بهذه الصورة في عقاب القاتل الذي يحمل رأسه بيديه يوم القيامة:
الهندي، كنز العمال (السابق الذكر)، ج٧، ص٢٨٧، رقم ٣٢٠١.
وفي صورة الجحيم التي ترجع إلى القرن ١٤، ولم تثبت نسبتها إلى فنان بعينه، وينسبها بعض إلى فرنتشسكو تراييني، توجَد رسوم لمثيري الشقاق والفتن، وفيها يمسك بعض المعذبين بيده رأسه المقطوع، ويبدو آخرون وقد شُقت بطونهم، وخرجت أمعاؤهم، ولدغتهم الأفاعي. والصورة في الكامبو سانتو في بيزا.
ألَّف بونكيلي (١٨٤٣–١٨٨٦) ألحان أوبرا عنه:
Ponchielli, A.: Bertrando del Bornio, opera (non rappresentata).
٢. Sam., III, 3; XV–XVII.
وقد ألَّف تشيماروزا (١٧٤٩–١٨٠١) ألحان أوراتوريو عن أبشالوم:
Cimarosa, D.: Absalom, oratorio, Venezia, 1782.
Esod., XXI, 24; Matt., VII, 2.
ولقد حذفت من هذه الأنشودة أبياتًا وجدتها غير جديرة بالترجمة، وردت عن النبي محمد عليه أفضل الصلاة والسلام. وقد أخطأ دانتي في ذلك خطأ جسيمًا، تأثر فيه بما كان سائدًا في عصره، بين العامة أو في المؤلفات، عن الرسول العظيم، بحيث لم يستطع أهل الغرب وقتئذٍ تقدير رسالة الإسلام الحقة، وفهم حكمته الإلهية. على أن هذا لم يمنع أهل العصر — ومن بينهم دانتي — من تقدير الحضارة الإسلامية والتأثر بثمراتها، التي كانت عنصرًا فعالًا في خروج العالم الغربي من العصور الوسطى إلى عصر النهضة، فالعصر الحديث.