الأنشودة الرابعة١
أفاق دانتي من نومه على صوت رعد قاصف، فأخذ يدور ببصره فيما حوله لكي يعرف أين هو. وجد دانتي نفسه على حافة وادي العذاب السحيق، وحال الظلام دون أن يرى أعماقه. دخل الشاعران الحلقة الأولى من حلقات الجحيم، وسمع دانتي تنهدات المعذبين، التي ارتعد لها الهواء فرَقًا ورعبًا، وكان ذلك هو اللمبو، مقر عظماء العالم القديم الذين ماتوا قبل ظهور المسيحية، ومقر من ماتوا ولم ينالوا التعميد المسيحي، وعذابهم أن يعيشوا تحدوهم الرغبة في الخلاص دون أمل في الحصول عليه. تساءل دانتي عن احتمال خروج بعض هذه النفوس من هذا اللمبو، فأخبره فرجيليو أن المسيح كان قد هبط هنا لإنقاذ بعض المعذَّبين، مثل آدم وموسى وداود وراحيل، وأدخلهم في زُمرة السعداء. وفي أثناء المسير رأى دانتي نارًا تضيء الظلام، وهذا استثناء في عالم الجحيم؛ وذلك لأن الشاعرين كانا مُقبِلَين على جماعة من عظماء العالم القديم. رأى دانتي هوميروس وهوراس وأوفيديوس، الذين قابلوه بالترحاب وأعدوه واحدًا منهم، فاعتز بذلك. وتقدمت هذه الجماعة حتى وصلوا إلى قلعة شماء ذات سبعة أسوار، وهناك رأى دانتي بعض شخصيات الأساطير القديمة، مثل إليكترا وهيكتور وإينياس، وشهد بعض أبطال العالم القديم، مثل قيصر ولوتشيوس بروتس وصلاح الدين. وكذلك رأى بعض فلاسفة العالم القديم وعلمائه، مثل سقراط وأفلاطون وديوسقوريدس وبطليموس وجالينوس، ورأى ابن سينا وابن رشد. وأخيرًا خرج الشاعران إلى مكان أَعوزَه ما يبدِّد الظلمات.
D’Aq., Sum., Th., III, Sup., 9, LXIX, 5.
وهناك بعض الشبه بين أهل اللمبو وأهل الأعراف في التراث الإسلامي، الذين يطمعون ويتشوقون إلى الجنة، مثل أطفال المشركين، والعلماء الذين ضيعوا ثمرة علمهم، والملائكة الذكور:
القرآن، الأعراف: ٤٦.
علاء الدين بن محمد البغدادي، المعروف بالخازن، تفسير القرآن الجليل المسمَّى لُباب التأويل في معاني التنزيل، القاهرة، ١٣١٢ﻫ، ج٢، ص٩٢.
محمد بن محمد الحسيني الزبيدي، الشهير بمرتضى، كتاب إتحاف السادة المتقين بشرح أسرار إحياء علوم الدين، لأبي حامد الغزالي، القاهرة، ١٣١١ﻫ، ج٨، ص٥٦٥.
S. Pietro, III, 99.
وقد رسم أندريا دي بونايوتو (١٣٤٣–١٣٧٧) صورة لنزول المسيح إلى اللمبو، وهي في مُصلَّى الإسبان في كنسية سانتا ماريا نوفيلا في فلورنسا.
وألَّف أنتونيو سالييري (١٧٥٠–١٨٢٥) ألحان أوراتوريو عن نزول المسيح إلى اللمبو:
Salieri Antonio: Gesù nel Limbo, oratorio, Vienna, 1803.
Par., XXXII, 120.
Gen., III, 22–24.
Gen., IX, 13–17.
Par., XXVI, 82–142.
Jos., I, 1, 2, 7, ccc.
ويوجَد رسم لإبراهيم — ومعه إقليدس — من عمل أندريا دي بونايوتو (١٣٤٣–١٣٧٧)، وهو في كنيسة سانتا ماريا نوفيلا في فلورنسا.
Par., XXV, 72; XXXII, 11.
Sal., I, 16; XXII, 1; CXII, 6-7.
ورسم يوجين ديلاكروا (١٧٩٨–١٨٦٣) صورة اللمبو في جحيم دانتي، ويظهر فيها فرجيليو وهو يُقدِّم دانتي إلى هوميروس ورفاقه، والصورة في قبة المكتبة بقصر اللكسمبورج في الحي اللاتيني في باريس. وكان ديلاكروا من المقدرين لعبقرية دانتي، والمتأثرين بشعره.
ويوجَد تمثال نصفي من المرمر لهوميروس، من القرن ٩ق.م.، وهو في المتحف الوطني في نابلي. وله رسم من عمل رمبرانت (١٦٠٦–١٦٦٩)، وهو في متحف الفن في لاهاي.
Purg, XXII, 97–100.
وفي التراث الإسلامي بعض الشبه بقلعة في الفردوس محاطة بثمانية أسوار:
محيي الدين بن عربي، كتاب الفتوحات المكية، القاهرة، ١٢٩٣ﻫ، ج٢، ص٥٦٧، ٥٧٨.
Palacios, op. cit., p. 84.
Virg., Æn., VIII, 134 …
وقد ألَّف ريتشارد شتراوس (١٨٦٤–١٩٤٩) ألحان أوبرا إليكترا:
Strauss, Richard: Electra, opera, Dresda, 1906–1908 (Cet).
Virg., Æn., II, 281.
Humérus, III, II, 816; VI, 394 …; XII, 727; XXII, 35–404; XXIV, 14.
Par., VI, 68.
ويوجَد رسم لهيكتور في كتاب جوستو دي مينابووي من القرن ١٤، وهو في متحف كورسيني في روما.
Virg., Æn., I, 490–493.
ويوجَد رسم لبانتسيليا في كتاب جوستو دي مينابووي من القرن ١٤، وهو في متحف كورسيني في روما.
وألَّف أوتمار شيك (١٨٨٦–١٩٥٧) ألحان أوبرا عن بانتسيليا:
Schoeck, Othmar: Penthesilia, opera, Dresda, 1927.
وتوجَد صورة صغيرة تمثِّل الملك لاتينوس يزوِّج ابنته لافينيا لإينياس، وترجع إلى القرن ١٤، وهي في مكتبة كيدجي في روما.
وقد وضع مونتفردي (١٥٧٦–١٦٤٣) مؤلَّفًا موسيقيًّا عن زواج إينياس ولافينيا:
Monteverdi, Claudio: Nozze d’Enea con Lavinia, opera, Venezia, 1641 (Perdute).
Virg., VI, 821-822.
وتوجَد صورة صغيرة للوكريتزيا وطرد الملك تاركوينيوس، وترجع إلى القرن ١٤، وهي في مكتبة كيدجي في روما. ولها صورة من عمل رمبرانت (١٦٠٦–١٦٦٩)، وهي في المتحف الوطني في واشنجطون.
Par., XV, 129.
ويوجَد رسم لصلاح الدين في كتاب جوستو دي مينابووي، من القرن ١٤، وهو في متحف كورسيني في روما.
Cicerone, De Natura Deorum, I, 24.
Cic., Academica, I, 13; II, 31; Tusculan Disputations, I, 43.
Cic., Acad., IV, 37; Tusc., V, 36.
Ov., Met., XI, I …
ويوجَد رسم بالموزايكو على الأرض يمثِّل أورفيوس يعزف على القيثارة، ومن حوله اجتمعت الحيوانات، ويرجع هذا الرسم إلى القرن الأول الميلادي، وهو في المتحف الوطني في باليرمو. وكذلك يوجَد حفر من المرمر يمثِّل أورفيوس وإيريديس، ويرجع إلى القرن ٤ق.م.، وهو في المتحف الوطني في نابلي.
وقد وضع أكثرُ من موسيقيٍّ ألحان أوبرات أو ألحانًا غنائية عن أورفيوس، فنجد مونتفردي (١٥٧٦–١٦٤٣) وضع أوبرا عنه يصوِّر هبوطه إلى أعماق الجحيم لكي يأتي بإيريديس، وكاد ينجح في نيل بغيته بفضل سحر موسيقاه لملك الجحيم، لولا أنه لم يسمع نصحه ونظر إلى الخلف، فذهب سعيه سدًى. وألَّف رامو (١٦٨٣–١٧٦٤) لحنًا غنائيًّا عن أورفيوس. ووضع جلوك (١٧١٤–١٧٨٧) ألحان أوبرا أورفيوس وإيريديس، وفيها نجح أورفيوس في العودة بمحبوبته إلى الأرض بمعونة إله الحب. وألَّف برليوز (١٨٠٣–١٨٦٩) مؤلَّفًا موسيقيًّا غنائيًّا عن أورفيوس. وكذلك وضع أوفنباخ (١٨١٩–١٨٨٠) ألحان أوبيريت عن أورفيوس في الجحيم:
Monteverdi, Claudio: Orfeo, opera, Mantova, 1607 (Vox).
Rameau J. Philippe: Orphée, cantata, Paris prima del 1772 (DGG ARC).
Gluck, Chr., Willard: Orpheus and Eurydice, opera, Vienna, 1762 (Decca).
Berlioz, Hector: La Mort d’Orphée, musica vocale, Paris, 1827.
Offenbach, Jacques: Orphée aux Enfers, operette, Paris, 1858 (Telefunken).
Virg., Ecl., IV, 55–57; VI, 67.
ورسم ديلاكروا (١٧٩٨–١٨٦٣) صورة لموت سينيكا بأمر نيرون، وهي في مكتبة قصر البربون في باريس.
ويوجَد نحت يمثل بطليموس وأمامه الكرة الأرضية، وهو من صنع أندريا بيزانو (حوالي ١٢٩٠–١٣٤٨)، وهو مما يتزين به برج الكاتدرائية في فلورنسا.
Conv., II, 14 (27–32); II, 15 (69–77); III, 14 (38–41); IV, 21 (15–17).
وتوجَد صورة صغيرة لابن سينا في كتاب عبري يرجع إلى القرن ١٤ أو القرن ١٥، والكتاب في مكتبة جامعة بولونيا.
ويوجَد رسم لابن رشد في كنيسة سانتا ماريا نوفلا بفلورنسا في مُصلَّى الإسبان، في صورة علوم الأرض، وقد ظهر مع أريوس وتوماس الأكويني، وربما كانت الصورة من عمل أندريا دا فيرنتزه في القرن ١٤.