الأنشودة التاسعة١
شحب لون دانتي عندما وجد فرجيليو قد تغيَّر لونه لما أخفق في دخول مدينة ديس، وتنبه فرجيليو إلى ذلك، فأخفى ما ساوره، وأخذ يبعث الثقة في دانتي. ولكن فرجيليو عاد إلى التردد بين الشك والثقة، فزادت مخاوف دانتي. وأراد دانتي من ناحيته أن يجد سبيلًا للاطمئنان، فسأل فرجيليو إذا كان قد زار أعماق الجحيم من قبل، فأجابه بالإيجاب. رأى دانتي فوق البرج العالي ثلاث جنِّيات جهنميات تجمَعن بين صفات الطير والنساء، وقد تعلَّقت بهن الأفاعي، وأخذن يمزقن صدورهن بالأظفار، ويلطمن أنفسهم بالأكف، وحاولن استدعاء ميدوزا لكي تحوِّل دانتي إلى حجر حالَ رؤيته إياها، ولكن فرجيليو أداره إلى الوراء وأغمض عينيه وأنقذه من الخطر. وسمع دانتي دويَّ تكسُّر رهيب اهتز له شاطئا المستنقع، وكان ذلك أشبه بريح عاتية تحطم الأشجار وتدفع الوحوش والرعاة إلى الفرار. وهبط من السماء رسول، فهربت الشياطين كما تهرب الضفادع أمام الأفعى وتلتصق بقاع المستنقع. فتح رسول السماء باب مدينة ديس بضربة من صولجانه، وعنَّف الشياطين على صَلَفهم، ثم عاد من حيث أتى، وقد بدتْ عليه سيماء رجل تشغله مسائل أخرى. زالت مخاوف دانتي، ودخل الشاعران مدينة ديس بسلام. ورأى دانتي أمامه سهلًا فسيحًا مليئًا بالقبور، يشبه الأرض عند مدينتَي أرليس وبولا. وكانت تلك قبورَ المعذبين من الهراطقة، وقد وُضعوا في توابيت توهجت بألسنة اللهب، وهم يرسلون صرخات الألم. ومضى الشاعران إلى الأمام بين قبور المعذبين وأسوار مدينة ديس.
Luc., Phars., VI, 507 …
Virg., Æn., II, 81 …
Virg., Æn., VI, 554-555.
Virg., Æn., VII, 658.
ويوجَد رسم للهيدرا كحيوان من ذوات الأربع، له رءوس زواحف متعددة، وذَنَب طويل في آخره حُمَّة كما للعقرب، وذلك في صورة ترجع إلى القرن ١٤، وهي في كنيسة سانتا ماريا في بومبوزا.
Virg., Æn., IV, 698; VI, 142, 402, 487.
Ov., Met., V, 385 …
وصنع برنيني (١٥٩٨–١٦٨٠) تمثالًا يرمز لاختطاف بروزربينا، وهو في متحف بورجيزي في روما. وكذلك فعل جيراردون (١٦٢٨–١٧١٥)، وتمثاله في حديقة قصر فرساي في ضاحية باريس.
وقد وضع مونتفردي (١٥٧٦–١٦٤٣) ألحان أوبرا عن بروزربينا. وكذلك فعل لولي (١٦٣٢–١٦٨٧):
Monteverdi, Claudio: Proserpina Rapita, opera, Venezia, 1630.
Lully, J.B.: Proserpine, opéra, Paris, 1680.
Virg., Æn., VI, 570–605.
Ov., Met., IV, 451, 481.
Statius, Thebaides, I, 103–115.
Virg., Æn., II, 616; VI, 289; VIII, 438.
رسم ليوناردو دا فنتشي (١٤٥٢–١٥١٩) صورة ميدوزا، وقد غطت الأفاعي رأسها، وفغرت فاها، وجحظت عيناها، وارتسمت على وجهها علائم القسوة والوحشية. والصورة في متحف أوفيتزي في فلورنسا. وكذلك رسم كارفادجو (١٥٨٢–١٦١٠) صورة لرأس ميدوزا وقد استلقت بأفاعيها إلى الوراء، وهي في متحف بيتي في فلورنسا. وصنع تشليني (١٥٠٠–١٥٧٢) تمثالًا لبرسيوس وهو يقتل ميدوزا، وحمل رأسها في يده، وبقيت أشلاؤها عند قدميه. والتمثال من البرونز، وموجود في اللودجا دي لانتزي في فلورنسا.
وتوجَد صورتان عربيتان صغيرتان متقابلتان تمثلان برشاوش (برسيوس) ممسكًا برأس الغول المقتول (ميدوزا). والرسم تحت رقم ٥٣٢٣، مخطوطات عربية، في مكتبة المتحف البريطاني في لندن.
Virg., Æn., VI, 392 …
ألَّف لولي (١٦٣٢–١٦٧٨) ألحان أوبرا عن تيزيوس:
Lully, J.B.: Thésée, opéra, Paris, 1675 (ex. Télefunken).
رسم ليوناردو دا فنتشي صورة للعاصفة بهذه التفاصيل — مستمدة أيضًا من ملاحظة مظاهر الطبيعة — وهي موجودة في المكتبة الملكية، بقصر وندسور في إنجلترا.
Virg., Æn., VI, 392 …
Inf., II, 71.
وضع دانتي الهراطقة في بداءة مدينة ديس، وبالقرب من أسوارها، وهم منفصلون عن بقية الآثمين قبلهم، كما يبعدون عن المعذبين في أعماق الجحيم، أي: إن دانتي يعاملهم معاملة خاصة في مكان خاص مناسب، كما عامل أهل اللمبو، وبذلك احترم دانتي حرية الفكر عند الهراطقة، وإن خالفهم في العقيدة. وهنا تبدأ الحلقة السادسة.
وتوجَد مقبرة من مدينة بولا كأثر منها، وهو في المتحف المدني في البندقية.