البحر
البحر، البحر، البحر، تلاحقَت أمواجه ودعاني. كان يقول «اقتربي مني، اقتربي مني».
واستجبتُ له، طفوتُ على صفحته، وتقاذفَتني أمواجه، وابتلَّت ثيابي برَذاذه، وسبَحتُ في أرجائه، وناداني البحر، «اخرجي، اخرجي»، فواصلتُ السباحة بعيدًا، ولكن دائمًا ما كانت تقذف بي الأمواج إلى الشاطئ.
وظل البحر يُنادي، «اخرجي، اخرجي»، ركبتُ شتى أنواع القوارب؛ قوارب التجديف والقوارب المطَّاطية وتلك البُخارية، وبعد أن تعلَّمتُ الإبحار أصبحتُ كمَن يطير فوق صفحة الماء، لا أسمع سوى أصوات الرياح وخرير الماء وتغريد الطيور، جميعهم يُنادونني: «أبحِري، أبحِري».
وهذا ما كنتُ أريد، أن أواصل الإبحارَ بمفردي وسطَ الماء والرياح والطيور، ولكن البعض قال إني ما زلت صغيرة جدًّا، وغواية البحر شيءٌ خطير، وعندما سجا الليل، رأيتُ حلمًا مزعجًا. رأيت أمواجًا عاتيةً تزحف خلفي وترتفع فوقي كجبالٍ سوداءَ شاهقة، وأخذَت تقترب وتقترب، ولكني دائمًا ما كنتُ أستيقظ قبل أن يغمرني الماء، ودائمًا ما كنتُ أشعر كأنني أطفو فوق الماء عندما أستيقظ.