بومبي وحفرة السباحة
الضباب، الضباب، الضباب، الضباب، الضباب.
شاهدنا الحيتانَ والدلافين وطائرًا صغيرًا أسودَ اللون. أريد أن أُصبح سمكةً أو طائرًا. أريد أسبح في الماء أو أحلِّق في الهواء.
تعلَّقَت صوفي بشدة بالطائر، وشعَرَت بالقلق والخوف عليه. قلت لها إنَّ من الأفضل لها أن تأخذ حذرَها؛ لأنها كانت في طريقها لأن تُصبح مثل العم ستيو.
قالت: «لستُ كذلك!».
في كل مرة تأتي الدلافين أو الحيتان لتلعبَ بجانب القارب، تصعد صوفي لمشاهدتها. لا يمكنها أن تُشيح بنظرها عنها، ثم تبدأ في التساؤل من أين أتت، وأين هي ذاهبة، ولماذا هي هنا، وما إذا كانت جزءًا من عائلة، إن كانت هناك صلةُ قرابة بينها.
كان على براين أن يُدلِيَ بدلوِه فيما يتعلَّق بالأيتام مرةً أخرى. ففي البداية، ظل يُطلق على طيطوي الصغير «الطائر اليتيم»، ثم بعد ذلك عندما كنا نشاهد الدلافين، كان براين يتحدَّث عن كيف أن الدولفين الصغير كان يُقلِّد أمه. قال: «لا أعرف ماذا يحدث للدلافين اليتيمة.» وأردف: «كيف لها أن تتعلَّم أي شيء؟»
قالت صوفي: «أعتقد أنها ذكية بما يكفي لتعتمد على نفسها في ذلك. فهي على الأرجح ليس لديها خيارٌ آخَر.»
وقال براين: «وهل هذا ما فعلتِه، الاعتماد على نفسك؟»
فقالت صوفي: «انظر! انظر إلى هذا! هل رأيتَها وهي تقفز؟» ثم نزلَت إلى الأسفل. عندما نزلتُ إلى الأسفل بعد بضع دقائق، كانت ترمي عبواتِ الكعك المملَّح. إنها تزداد مهارةً في الرمي.
قالت لي: «علِّمْني كيف أرمي أربعةَ أشياء. بعد ذلك علِّمني كيف أضربُ شخصًا على رأسه عمدًا دون أن يبدوَ الأمرُ كذلك وأُلقيَه في الماء.»
أعرف أنها كانت تقصد السيد الخبير بكلِّ شيء، برافو-روميو، براين.
قصَّت علينا صوفي في وقتٍ لاحق حكايةً أخرى من حكايات بومبي. كانت كالآتي:
•••
بالقرب من منزل بومبي الريفي كانت هناك حفرةُ سباحة. كانت عند منعطَف في جدولٍ مائي، وكانت شديدةَ العمق. برَزَت على جانبها صخورٌ وأغصانُ أشجار كبيرة، وكان يمكنك تسلُّقُ هذه الصخور والأغصان والقفزُ في الماء، يا إلهي! لقد كان مكانًا خطرًا؛ نظرًا إلى وجود صخور وأغصان تحت الماء أيضًا، كانت تَحول دون رؤيتك للمكان الذي قد تستقرُّ فيه عند القفز. ولأنه كان مكانًا خطيرًا، كان محظورًا على بومبي السباحةُ هناك.
لكن في يومٍ صيفيٍّ حار، حار، حار، انتابت بومبي رغبةٌ شديدة في السباحة. أراد أن يقفز في ذلك الماء البارد ويسبَح فيه حتى يتجعَّد جلدُه. لذلك ذهب إلى حفرة السباحة، وتسلَّق إحدى الصخور، ووقف هناك ينظر إلى الماء البارد بالأسفل. كان الطقس حارًّا، حارًّا، حارًّا. وبدَت المياه شديدةَ البرودة. لذلك قفز بومبي في الماء.
قفز بومبي في هذا الماء البارد، البارد، وشعر بمتعةٍ شديدة، وظلَّ يسبح إلى أسفل، ثم كان هذا الصوت الهائل! لقد اصطدم بشيءٍ آخر، أكانت صخرة؟ أم تُراها شجرة؟ ثم سُمع صوتٌ آخر! لقد اصطدم بشيء آخَر. وشعر بالدُّوار تحت الماء البارد، ثم صدَر صوتٌ عنيف! لقد اصطدم رأسُه بشيء صُلب.
كان يستدير ويلتوي في ارتباكٍ شديد في الماء الشديد البرودة الدوَّامة، لكنه أخيرًا صعد إلى سطح الماء وتسلق الصخور حتى خرج منه، واستلقى على الضفة الموحلة، حتى توقَّف الألم في رأسه، ثم عاد إلى المنزل.
قال براين: «وتعرَّض للجَلْد! أليس كذلك؟ أراهن أن والده قد جلَده بشدة!».
قالت صوفي: «هذا صحيح. وبعدها …»
قال براين: «انتظري. لا تُخبريني. فطيرة التفاح، أليس كذلك؟ لقد أعطته والدتُه فطيرة تفاح، أليس هذا صحيحًا؟»
أجابت صوفي: «كلَّا.»
قال براين: «ماذا؟ لا توجد فطيرة تفاح؟ ألم تُرِد أن تُعطيه فطيرةَ تفاح لأنه عاد سالمًا وبخير؟ لا توجد فطيرة تفاح؟»
قالت صوفي: «لا توجد فطيرة تفاح. لقد أعطته هذه المرةَ فطيرةَ توت أزرق. لم يكن في المنزل تفاح.»
•••
عندما انتهت صوفي من سردِ قصتها، قال براين: «لماذا يستمرُّ بومبي في الخوض في الماء؟»
قالت صوفي: «ماذا؟ ماذا تقصد؟».
«إذا كان دائمًا ما يتعرَّض للمشاكل في الماء، فلماذا يستمرُّ بومبي في الخوض فيه؟ من البديهي أن يبقى أبعدَ ما يكون عنه.»
ضغطَت صوفي على شفتَيها بقوة، وفجأةً بدَت لي هشَّةً للغاية.
قلت: «ربما كان هذا هو السببَ الذي يجعل بومبي يستمرُّ في الخوض في الماء …»
نظرَت صوفي إليَّ. كانت عيناها لامعتَين ورطبتَين.
قلت: «ربما يكون خائفًا من الماء، ولكنه يظلُّ يعود إليه لأن عليه فِعلَ ذلك؛ ثمة شيءٌ يحتاج إلى إثباته …»
قال براين: «مثل ماذا؟».
قلت: «لا أعلم. لكن إذا فكَّرت في الأمر، أعتقد أنك إذا استطعتَ التغلُّبَ على أكثرِ ما يُخيفك، فربما ستشعر … لا أعلم … ستشعر بالحرية أو بشيء من هذا القبيل. أتعتقد ذلك؟»
قال براين: «هذا غباء. إذا كنت تخاف من شيء، فهناك على الأرجح سببٌ منطقي لذلك، وهذا يعني أن عليك تعلُّمَ الابتعاد عن هذا الشيء. هذا ما أعتقده.»
لم تَنبِس صوفي ببنتِ شَفة. ذهبَت إلى السور، ووقفَت بعيدًا كما تفعل دائمًا تُحملق في الماء.