الطفل الصغير: دفع وجذب
عندما أستغرق في النوم، أحلم بصوفي. في أحلامي، أراها تتكلَّم باستخدام شفرة الراديو، بينما أُحاول أن أُدوِّن ما تقوله، ولكن الكلمات التي أكتبها بلا معنًى. تتكلم صوفي بصوتٍ أعلى، وأنا أكتب أسرع، ولكني أظل عاجزًا عن فَهم الكلمات التي أكتبها على الصفحة.
أمس، قصَّت عليَّ صوفي حكاية أخرى، ولكنها هذه المرة لم تكن من حكايات بومبي. كنتُ قد سألتها إن كانت تَذكُر أحداثًا من طفولتها.
قالت: «لماذا يسألني الناس دومًا هذا السؤال؟» ثم بعد أن اعتقدتُ أنها ستستدير وترحل، بدأت تُخبرني عن الطفل الصغير مرةً أخرى. روَت القصة كالآتي:
•••
هناك طفلٌ صغير. لا يعلم هذا الطفل الصغير شيئًا عمَّا يجري. إنه يشعر فقط بالبرد والجوع والخوف ويريد أمَّه وأباه. وعندما يُخبره الناس أنهما قد ذهبا إلى السماء، وهو مكانٌ جميل مُشمس ودافئ ليس به مَتاعب ولا أحزان، يحزن الطفلُ الصغير ويتساءل لماذا لم يأخذاه معهما إلى هذا المكان الجميل.
وفي كلِّ مكان يذهب إليه الطفل الصغير، يتساءل الناس عمَّا يتذكَّره الطفل الصغير عن الشخصَين البالغَين اللذين ذهبا إلى ذلك المكان الجميل، لكن الطفل الصغير لا يريد تذكُّر هذا الأمر المؤلم. فلدى الطفل الصغير ما يكفي ليُواجهَه كلَّ يوم. يريد الطفلُ الصغير العيش هنا، في هذه اللحظة، ويريد أن يُفكر في اللحظة الحاليَّة وفيما هو قادم، في هذا الأفق البعيد، وليس في تلك الأوقات التي تُرِك فيها وحيدًا في الماضي.
ولكن أيًّا كان ما يريده الطفلُ الصغير، فثَمة شيءٌ ما بداخله يدفعه إلى المستقبل، وشيء أو شخص آخرُ يجذبه إلى الماضي.
•••
عندما أنهت صوفي قصتَها، لم أجد ما أقوله. كلُّ ما استطعت أن أقوله: «ألا تتمنَّين لو كان لدينا فطيرةُ تفاح؟»
قالت: «نعم.»
•••
لم تنبس صوفي ببنتِ شَفة منذ ذلك الحين، كما لو كانت تُنصِت إلى شيء أو شخصٍ هي وحدها من يستطيع سماعَه. وفي أوقاتٍ أخرى تقف على مقربةٍ شديدة مني، كما لو كانت تتمنَّى أن أُعبِّر عما بداخلها. فأشعر أنني في حلمي مرةً أخرى؛ لأني لا أعرف الكلمات التي تُريدني أن أقولَها نيابةً عنها.