ذكريات
كان وداع العم دوك وبومبي أمرًا صعبًا بلا شك. ولكننا ودَّعناهم وسافرنا بالطائرة فوق ذلك المحيط الشاسع، وكان شعورًا رائعًا أن نُدرك أننا قد أبحَرْنا كلَّ هذه المسافة عبره.
ها قد عدتُ إلى الوطن، وستبقى صوفي معنا بقيةَ الأسبوع. ذهبنا أمس إلى المحيط، ومشينا على الشاطئ، وأخذنا ننظر إلى الماء، ولم نتمكَّن من التوقُّف عن الحديث عن رحلتنا. تذكرنا المكانَ الذي رأينا فيه «ذا وندرر» للمرة الأولى، وتذكَّرنا جميع الأشياء التي قمنا بإصلاحها فيه، وتذكَّرنا حين ذهبنا إلى بلوك آيلاند ومارثا فينيارد وجراند مانان، وكذلك الرحلة الطويلة الراعبة إلى أيرلندا.
قلتُ: «أتذكرين عندما قلتِ إنك ذهبتِ لجمع المحار مع بومبي في بلوك آيلاند عندما كنتِ صغيرة؟»
قالت: «نعم.»
«إذا كنتِ لا تريدين تذكُّرَ هذا، فلا بأس، ولكني كنت أفكر، ربما كنتِ مع جدِّك الآخر، جدك الحقيقي …»
تجمَّدَت صوفي في موضعها. ثم قالت: «جدي الحقيقي؟»
«نعم، ربما يكون هو من اصطحَبكِ لجمع المحار، وربما كنتِ مع أبوَيك أيضًا … أبويك الحقيقيَّين …»
«أبواي الحقيقيان؟»
قلت لها: «يبدو أنه كان وقتًا رائعًا بحق. سيكون من الجيد أن تذكريه، أليس كذلك؟ ذاك الطفل الصغير الذي أخبرتِني عنه … ذاك الطفل لن يُمانع في تذكُّر مثلِ هذه الأشياء، أليس كذلك؟»
قالت: «لقد كبر الطفل الصغير الآن.»
•••
ظللت أفكر في هذا الطفل الصغير، أو بالأحرى الطفلة. أعتقد أن الحظ قد حالف الطفلةَ الصغيرة يومًا ما، ورست في مكان لا بأس فيه من ألا تستطيع أن تتذكَّر طوال الوقت، ولأنه كان لا بأس من التذكُّر، فقد بدأت تتذكر. ومع الأحداث المؤلمة جاءت الأحداث الأخرى الجميلة التي تستحقُّ التذكر، وربما تكون قد شعرت أنها وجدَت بعضًا مما فقَدَت.
•••
اتصل بنا العم ستيو ليُخبرنا أنه قد عثر على عمل مع شركةٍ تقوم برسم خرائطَ بحرية لأعماق المحيط. قال العم ستيو: «يجب أن ترَوا المُعدَّات التي لديهم!». وأردف: «سيكون رائعًا أن أرى ما في أعماق المحيط.»
في البداية، كانت صوفي مهتمةً جدًّا بالأمر، وأخذت تسأل ملايينَ الأسئلة عن أنواع المعدات وأنواع الأشياء التي يمكن العثورُ عليها بها، ولكنها قالت لاحقًا إنها لم تكن متأكدةً من أنها تريد معرفة ما يوجد في أعماق المحيط.
والتحقَ أبي بفصولٍ دراسية مسائية لتعليم الرسم. سألته صوفي: «هل هذا يعني أنك ستعمل ما تُحب؟».
قال أبي: «حسنًا، في الصباح سأظلُّ أعبث بالأرقام، ولكن في المساء سأكون الفنانَ موسى.»
اتصل العم دوك وقال إن القارب قد أُصلحَ، وإنه يعتقد أن بومبي قد يكون بصحةٍ جيدة بحلول الشهر القادم بحيث سيتمكَّن من الخروج في رحلةٍ بحرية قصيرة معه.
قالت صوفي: «لا تدَعْه يسقط من القارب. لا تدعه يسقط في الماء.»
قلت له: «ربما بإمكانك الإبحارُ إلى إسبانيا.»
قال العم دوك: «نعم، لن نعلم أبدًا أين قد يَئول بنا المَطاف.»
•••
في الأسبوع القادم، سوف نلتقي أنا وسييرا-أوسكار-بابا-هوتيل-إنديا-إكو وبرافو-روميو-إنديا-ألفا-نوفمبر في منزل صوفي لتفقُّدِ نهر أوهايو والتجوُّل فيه. تقول صوفي إن التجول بطَوْف في النهر سيكون أهدأ بكثير بعد الإبحار في ذلك المحيط. براين مشغول في إعداد قوائم بما سنحتاج إليه لبناء الطَّوف، وقد قرَّرنا بالفعل أن نَطلُوَه باللون الأزرق، وأن نُسميَه «ذا بلو بوبر وندرر.»
قلت: «سوف نعثر على الجسر الذي قفز منه بومبي.»
قال براين: «والمكان الذي انقلب فيه بومبي مع السيارة في النهر.»
قالت صوفي: «والمكان الذي عُمِّد فيه بومبي حينما عضَّ القس.»
•••
لكنني أظنُّ أن هذه المُكدِّرة قد انتهت.
•••
برافو-يانكي-إكو-برافو-يانكي- إكو