فصل الرءوس
غادرنا بلوك آيلاند باكرًا لبدءِ رحلةٍ من المُتوقَّع أن تستغرق ستَّ عشرة ساعة. كان الجميع على متن القارب عندما انطلقنا إلى جزيرة مارثا فينيارد.
صاح كودي في الرياح صيحة البحارة: «أهوي! انطلق بنا!». يحبُّ كودي أن يَغيظ أباه عن طريق خلطِ مصطلحات الإبحار بأي مصطلح آخر يردُ على ذهنه، وغالبًا ما يُخطئ في مصطلحات الإبحار، أو يستخدمها في غير موضعها، أو يستخدمها جميعًا معًا. «اثنِ الدفَّة، اسحب، أقلِع!» يمكنك أن ترى الخال مو يجزُّ على أسنانه كلما قال كودي هذا. لا يرى براين والخال ستيو أيضًا أن كودي مضحك، لكن يبدو أن الخال دوك لا يُمانع في ذلك، وأنا أحب ذلك. فذلك يجعلني أقلَّ خجلًا من عدم الإتيان بكل شيء على النحو الصحيح تمامًا.
صاح كودي: «ارفع الصاري واخفض العارضة!».
قال براين: «توقَّف عن ذلك. لربما يتعيَّن عليك أحيانًا أن تأتيَ بالمصطلحات الصحيحة حين تتوقفُ أرواحنا على ذلك، وحينها إما لن تعرف ماذا تقول، وإما لن يستمع إليك أحد لأنك تتفوَّه بتُرَّهات طوال الوقت.»
قال كودي: «أوه، اهدأ يا براين. اثنِ أشرعتَك.»
كانت الرياح والتيَّار مُواتيَين طوال اليوم، وكذلك كانت الأسماك. فقد اصطدنا سبعَ سمكات زرقاوات، هربَت منهما اثنتان. وقد قُتلت (قتلت!) وفُصِلت رأس (فصلت رأس!) وأُخرجَت أحشاء (أُخرجت أحشاء!)، بينما كان الخال ستيو وبراين يُراقبانني. من الواضح أنهما كانا يتمنَّيان أن أتراجع أو أن أُحدِثَ فوضى وأُفسد كل شيء.
قال الخال ستيو موجهًا: «اضرِبيها بقوة أولًا. بين العيون.»
قال براين: «اضربيها بمقبض الرافعة.»
قال كودي: «اضربي الراقعة!».
قال براين: «الرافعة، يا أبله. اسمها الرافعة وليس الراقعة. وهي لا تضرب الرافعة، بل تضرب السمكة بالرافعة.»
قال كودي: «اهدأ يا رجل، اهدأ!».
ضربتُ السمكة البائسة التي لا حول لها ولا قوة بمقبض الرافعة.
قال براين: «الفكرة في قتلها بأسرعِ ما يُمكن.»
لقد أزعجَني حقًّا ضربُ تلك السمكة المسكينة. ظللتُ أقول في نفسي إنني كنت أتناول اللحوم والأسماك طوال حياتي ولم أتردَّد في ذلك مطلقًا.
سألت: «أتعتقدُ أنها قد ماتت؟».
أجاب براين: «لا. افصِلي رأسها.»
قال كودي ممازحًا: «اقتُليها! افصليها برأسك!»
قسمتُ السمكة إلى نصفين فاصلةً الرأس وأنا أفكر في نفسي: «حسنًا يا صوفي، حسنًا، لن تشعر بهذا»؛ وما إن بدأتُ العمل في الجزء الآخر من جسمها حتى بدأَت السمكة تتقلَّب وتتخبط.
قال الخال ستيو: «استمرِّي.»
وأضاف براين: «نعم، أسرِعي.»
أدركتُ أن الجزء الأصعب في هذه العملية ليس الضرب، ولا الدم، ولا الأحشاء، ولا شقَّ الحلق. الجزء الأصعب هو كسرُ العمود الفقري. فهذا الجزء يجعل قلبي يضطرب ويخفق ويقفز من صدري. عندما تطوي أصابعي العمودَ الفقري — ذلك الذي يُعد مسارًا للطاقة — وتُدير الرأسَ يَمنة أو يَسرة، أشعر بانطلاقٍ هائل لشيءٍ ما — ضغط، توتُّر، طاقة، أو ربما مجرد قوة حياة خالصة — خلال الثانيتين أو الثواني الثلاث التي يستغرقها كسرُ العمود الفقري. أين تذهب تلك القوة؟
•••
لقد قضينا وقتًا رائعًا اليوم، ووصلنا إلى فينيارد هافين في جزيرة مارثا فينيارد خلال ثماني ساعات؛ أي نصف الوقت المُتوقَّع.
صِحت عندما رأينا اليابسة قائلةً: «نحن رحَّالة!».
وصاح كودي: «اليابسة! فلنتوقَّف!».
كان السبب الأساسي لتوقُّفنا هنا هو زيارةَ العم جوي صديق الخال دوك، الذي قضى السنوات الخمسة الأخيرة يُعيد بناءَ قاربٍ خشبي قديم كان قد وجده في أحد المستنقعات. كان قاربُ جوي نظيفًا لا تشوبه شائبة، وكان مصنوعًا من الداخل والخارج من خشب الساج، وله تصميمٌ أنيق.
ظللتُ أُمرِّر يديَّ على هذا الخشب الجميل حتى قال الخال دوك: «حسنًا، إنه جميل، لكن يظل ذا وندرر قاربي الأثير.» أعتقد أنه شعَر بشيء من الغيرة بسبب الجلَبة التي كنتُ أثيرها حول قارب جوي.
قلت: «أعتقد أن ذا وندرر جميلٌ أيضًا يا دوك. وإذا اضطُررت إلى اختيارِ واحد منهما لأُبحر به عبر المحيط، فسيكون ذا وندرر هو اختياري.»
قال: «نعم. وأنا أيضًا.»
دعانا جوي إلى كوخه لتناوُل العشاء. شعور غريب أن تكون في منزل. هناك كثير من المساحات المهدَرة! يمكنك وضعُ كثير من الأشياء هناك! على القارب يوجد مكان لكل شيء، وكل شيء متراصٌّ وصغير الحجم، ولا يوجد شيءٌ لا حاجة إليه. ليس هناك مكان للنُّفايات.
بعد العشاء، كنتُ أنا وكودي جالسَين على المرسى عندما جاء براين وقال: «حدث شيءٌ ما.»
سأله كودي: «ماذا تقصد؟».
ضرب براين أرضية المَرسى بقدمه. «كان دوك وجوي في المطبخ يتحدَّثان، ودخلتُ لأشرب بعض الماء، فسكتا فجأة. هل تعتقدان أنهما كانا يتحدثان عني؟»
قال كودي: «لا تغتر بنفسك.»
«حسنًا، ما الذي كانا يتحدَّثان عنه إذن؟ ما السرُّ الخطير الذي بينهما؟»
أجاب كودي: «وكيف لي أن أعرف؟».
قلت: «أحيانًا يحتاج الناس إلى أن يكون لهم أسرارُهم الخاصة.»
قال براين: «يجب أن تعرف.»
كان براين مثل نقار الخشب، يظلُّ ينقر وينقب في الأشياء بلا كلَل. كنتُ سعيدةً بالعودة إلى القارب حاملةً حقيبةَ نومي على ظهره، والجلوس مع مفكرتي.
كان الخال ستيو يأخذ حقيبةَ نومه للخارج على المرسى.
سأله كودي: «ما الخَطب؟ أتشعر بدُوار بحر؟»
صاح الخال ستيو: «أنا لا أصاب بدُوار البحر أبدًا. أنا فقط أحبُّ النوم على المرسى.»
قال كودي: «نعم، هذا صحيح.»
•••
سأتوقَّف عن الكتابة بعد قليل، وبعد ذلك سأخلد إلى النوم على ضوءِ نجوم السماء وصوتِ الحبال وهي ترتطم بالصواري في الميناء. أحبُّ الطريقة التي يُهدهِدُك بها القاربُ حتى تستغرق في النوم مثل طفل رضيع.