١٧
يبلغ كُسْتِلُّو المرأة: عندي زوار. لن أحظى بعطفك في المساء. أخشى أنكِ قد تحتاجين لعمل ترتيبات أخرى.
– بالطبع، يسعدني أن أراك تعود إلى الدائرة الاجتماعية. أفكر … ماذا أفعل؟ ربما أذهب إلى السينما. هل هناك ما يستحق المشاهدة، هل تعرف؟
– لم أفصح عن نفسي بوضوح. حين أقول عمل ترتيبات أخرى، أعني عمل ترتيبات أخرى للإقامة في مكان آخر.
– أوه! وفي أي مكان آخر يجب أن أقيم؟ ماذا تعتقد؟
– لا أعرف. ليس لي أن أحدد المكان الذي تخرجين إليه. ارجعي من حيث أتيْتِ، ربما.
صمتٌ. تقول: هكذا. على الأقل أنت مُتبلِّد. وبعد ذلك: بول، هل تتذكر حكاية سندباد والعجوز؟
لا يردُّ.
تقول: على شاطئ تيار جارف، يلتقي سندباد بعجوز. يقول العجوز: أنا عجوز وضعيف. احملني إلى الجانب الآخر يرحمك الله؛ ولأن سندباد طيب القلب، يحمل العجوز على كتفيه ويخوض التيار. وحين يصلان إلى الجانب الآخر، يرفض العجوز النزول. ويلف ساقيه حول رقبة سندباد حتى يختنق. يقول العجوز: أنت الآن عبد لي، عليك أن تنفذ أوامري في كل شيء.
يقول: نعم، أَتذكَّر. هل أفهم أني سندباد في الحكاية وأنتِ العجوز؟ في هذه الحالة ثمة صعوبة، لا حيلة — كيف أعبِّر بأدب؟ — لا حيلة لكِ لاعتلاء كتفيَّ. وأنا لن أساعدكِ.
تبتسم كُسْتِلُّو ابتسامة مكتومة. تقول: قد أكون فوقهما فعلًا، ولا تعرف.
– لا، لستِ فوقهما، مسز كُسْتِلُّو. لستُ تحت سيطرتك، بأي معنى، وسأثبتُ لك ذلك. أطلب منك بلطف إعادة مفتاحي، المفتاح الذي أخذْتِه بدون إذني، وتَرْك شقتي ولا تعودي مرة أخرى.
– هذه كلمات جافَّة لا يليق بكَ أن توجهها لامرأة عجوز، مستر ريمنت. هل أنت متأكِّد من أنك تعني ما قلْتَ؟
– هذه ليست مَلهاة، مسز كُسْتِلُّو. أطلب منكِ الانصراف.
تتنهد: حسن جدًّا. لكني لا أعرف ماذا يمكن أن يحدث لي، والمطر ينهمر والظلام يهبط سريعًا.
لا مطر ولا ظلام، عصرية رائعة، دافئة وساكنة، عصرية من النوع الذي يجعل المرء يبتهج لأنه على قيد الحياة.
تقول: هذا مفتاحك. وتضع بحذر مفرط مفتاح الباب الخارجي على طاولة القهوة. أحتاج مهلة قصيرة لجمع أشيائي وعدل وجهي، ثم أنصرف، وتعود وحيدًا من جديد، وأنا واثقة من أنك تتطلع إلى ذلك.
بنفاد صبر يشيح بوجهه. تعود بعد دقائق.
– بالسلامة. تنقل كيسًا من البلاستيك من اليد اليمنى إلى اليسرى، تقدم له اليمنى. أتركُ حقيبة صغيرة. أرسل في طلبها بعد يوم أو اثنين، حين أعثر على مأوًى بديل.
– أفضِّلُ أن تأخذي حقيبتك معك.
– مستحيل.
– ممكن، وأفضِّلُ أن تأخذيها.
ينتهي الحديث بينهما هنا. يشاهدها من الباب الخارجي تنزل السلم بِتريُّث خطوة خطوة، حاملة الحقيبة. لو أنه جنتلمان لعرض المساعدة، سواء كانت ساقه فاسدة أم لا، لكنه في هذه الحالة ليس جنتلمان، كل ما يريده أن تخرج من حياته.