الفصل الرابع
(١) فِي دِيوانِ «الْمُرامِقِ»
وَفِي الْيَوْمِ التَّالِي خَرَجَتْ «زُمُرُّدُ» بَعْدَ أَنِ ارْتَدَتْ ثِيابَها، وَأسْدَلَتْ عَلَى وَجْهِها قِناعَها (أَيِ: البُرْقُعَ الَّذِي تَسْتُرُ بِهِ وَجْهَها)، واسْتَأْذَنَتْ فِي الْخُرُوجِ زَوْجَها. وما زالَتْ تُسْرِعُ خُطاها، حتَّى بَلَغَتْ دِيوانَ «الْمُرامِقِ»، فَوَقَفَتْ بِحَيْثُ يَراها.
وَما كادَتْ تَقَعُ عَلَيْها عَيْناهُ، حَتَّى بَعَثَ رَسُولًا إلَيْها يَسْألُها عَنْ سَبَبِ قُدُومِها، فَأخْبَرَتْ رَسُولَهُ أنَّها تُرِيدُ أَنْ تُسِرَّ أَمْرًا خَطِيرًا إلَى سَيِّدِهِ «أبِي ثَعْلَبَةَ»، (أَيْ: تُحدِّثَهُ بِهِ سِرًّا).
(٢) بَيْنَ أرْنَبٍ وَثَعْلَبٍ
فَذَهَبَ «الْمُرامِقُ» إلَى الْحُجْرَةِ الْأخْرَى، وَأرْسَلَ فِي طَلَبِها. فَلَمَّا مَثَلَتْ (أَيْ: وَقَفَتْ) بَيْنَ يَدَيْهِ حَنَتْ رَأْسَها، مُتَظَاهِرَةً بِإجْلالِهِ وَاحْتِرامِهِ، فَأَمَرَها بِالْجُلوسِ عَلَى أرِيكَةٍ مُجاوِرَةٍ. ثُمَّ رَفَعَتْ قِناعَها، وَقالَتْ بَعْدَ أَنْ أَذِنَ لَها فِي الْحَدِيثِ: «لَقَدْ نِمْتُ لَيْلَةَ أمْسِ — يا «أبَا ثَعْلَبَةَ» — وَأنَا مَشْغُولَةٌ بِما أنا فِيهِ مِنْ سُوءِ الْحَظِّ، فَرَأيْتُ — فِي الْمَنامِ — حُلْمًا عَجِيبًا: رَأيْتُ ضَبًّا يَتَكَلَّمُ، وَقَدْ وفَدَ عَلَيْهِ أَرْنَبٌ وَثَعْلَبٌ. وَعَلِمْتُ مِنْ حَدِيثِهما أَنَّ الْأرْنَبَ الْتَقَطَتْ تَمْرَةً. وَلَمْ تَكَدْ تَظْفَرُ بِها، حَتَّى احْتالَ عَلَيْها الثَّعْلَبُ فَخَطَفَها مِنْها. وَلَمْ يَكَدِ الثَّعْلَبُ يخْطَفُها، حَتَّى نَشِبَ الْخِلافُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْأرْنَبِ.
(٣) بَيْتُ الضَّبِّ
ثُمَّ اجْتَمَعَ رأْياهُما عَلَى الذَّهَابِ إلَى بَيْتِ «أبِي الْحِسْلِ» — وَهُوَ الضَّبُّ — بَعْدَ أنْ تَعاهَدا عَلَى الرِّضَى بِما يَنْتَهِي إلَيْهِ قَضاؤُهُ وحُكْمُهُ، فَلَمَّا بَلَغا بَيْتَ الضَّبِّ سَمِعْتُ حِوارًا طَرِيفًا، ما أظُنُّنِي سَمِعْتُ أعْجَبَ مِنْهُ.
قَالَتِ الْأرْنَبُ مُنادِيَةً: «يا أَبَا الْحِسْلِ.»
فَقالَ الضَّبُّ: «سَمِيعًا دَعَوْتِ.»
قالَتِ الْأرْنَبُ: «أتَيْناكَ لِنَحْتَكِمَ.»
فَقالَ الضَّبُّ: «عادِلًا حَكَّمْتِ.»
قَالَتِ الْأرْنَبُ: «فاخْرُجْ إلَيْنا.»
فَقالَ الضَّبُّ: «فِي بَيْتِهِ يُؤْتَى الْحَكَمُ.» (يَعْنِي: أنَّ الْقَاضِيَ لا يَنْتَقِلُ إلَى دارِ الْمُخْتَصِمِينَ، بَلْ هُمُ الَّذينَ يَنْتَقِلُونَ إلَى دارِهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ).
قَالَتِ الْأرْنَبُ: «إنِّي وَجَدْتُ تَمْرَةً.»
فَقالَ الضَّبُّ: «حُلْوَةً فَكُلِيها.»
قَالَتِ الْأرْنَبُ: «فاخْتَلَسَها الثَّعْلَبُ.» أَي: اسْتَلَبَها.
فَقالَ الضَّبُّ: «لِنَفْسِهِ بَغَى الْخَيْرَ.» أَيْ: طَلَبَهُ.
قَالَتِ الْأَرْنَبُ: «فَلَطَمْتُهُ.»
فَقالَ الضَّبُّ: «بِحَقِّكِ أخَذْتِ.»
قَالَتِ الْأرْنَبُ: «فَلَطَمَنِي.»
فَقالَ الضَّبُّ: «حُرٌّ انْتَصَرَ لِنَفْسِهِ.»
قالَتِ الأرْنَبُ: «فَاقْضِ بَيْنَنا.»
فَقالَ الضَّبُّ: «قَدْ قَضَيْتُ.»
فَذَهَبَ الثَّعْلَبُ وَالْأرْنَبُ راضِيَيْنِ بِحُكْمِهِ.
(٤) حِوارُ الضَّبِّ
وَهذِهِ قِصَّةٌ حَفِظْتُها فِي الْمَدْرَسةِ فِي زَمَنِ الطُّفُولَةِ، وكُنْتُ شَدِيدَةَ الإِعْجابِ بِها. ولكِنَّ إعْجابِي قَدِ اشْتَدَّ حينَ تَمَثَّلَتْ لِي فِي الْمَنامِ، كَأنَّها حقِيقَةٌ راهِنَةٌ (أَيْ: دائِمَةٌ ثَابِتَةٌ). وازْدَدْتُ لَها تَقْدِيرًا حينَ رأيْتُ — بِعَيْنَيْ رَأْسِي — شُخُوصَ هذِه الْأُسْطُورَةِ يَتَكَلَّمُونَ وَيَتَحَاوَرُونَ (أَيْ: يَتَناقَشُونَ). وَأبْصَرْتُ الضَّبَّ يَقْضِي بَيْنَ الأرْنَبِ وَالثَّعْلَبِ، وَقَدْ ظَهَرَ «أبُو الْحِسْلِ» (أَي: الضَّبُّ) فِي صُورَةٍ عَجِيبَةٍ؛ جِسْمِ ضَبٍّ رُكِّبَ فِي رَأْسِهِ وَجْهُ إنْسانٍ وَلِسانُ إنْسَانٍ، فَتَوَجَّهْتُ لِأبِي الْحِسْلِ، أحَاوِرُهُ (أَيْ: أُنَاقِشُهُ) كَما حاوَرَتْهُ الأَرْنَبُ مُنادِيَةً:
![figure](https://downloads.hindawi.org/books/html/36271935/Images/figure7.png)
– يا أَبا الْحِسْلِ.
– لَبَّيْكِ يا كَرِيمَةَ الْأصْلِ.
– بَاكِيَةً جِئْتُكَ مُتَألِّمَةً.
– بَلْ شَاكِيَةً قَدِمْتِ مُتَظَلِّمَةً.
– أتُنْصِتُ إلَى قِصَّتِي؟
– عَرَفْتُها يا بُنَيَّتِي!
– كَيْفَ، وَما رَوَيْتُها؟!
– عَرَفْتُها، عَرَفْتُها، كَأنَّنِي رَأيْتُها!
– مِنْ قَبْلِ أَنْ أقُصَّها؟
– نَصَّها، وَفَصَّها!
– فَبِماذا تَقْضِي فِيهَا؟
– أتْرُكُها إلَى قَاضِيها.
– أَيَّ قاضٍ عَنَيْتَ، وبِحُكْمِهِ ارْتَضَيْتَ؟
– رَجُلٌ مِنْ أهْلِ الرَّشادِ، هُوَ حاكِمُ «بَغْدادَ». الْعَدْلُ سَجِيَّتُهُ، و«أبُو ثَعْلَبَةَ» كُنْيَتُهُ، وَالصَّوابُ حُكْمُهُ، و«زِيادٌ» اسْمُهُ، فَتَوَجَّهِي إلَيْهِ، وَقُصِّي شَكْواكِ عَلَيْهِ.
(٥) أَذانُ الْفَجْرِ
وَهَمَمْتُ أَنْ أتَمادَى فِي الْحِوارِ (أَيْ: أرَدْتُ أَنْ أسْتَمرَّ فِي الْمُنَاقَشَةِ) وَإذا بِصَوْتِ الْمُؤَذِّنِ يُجَلْجِلُ (أَيْ: يُسْمَعُ شَدِيدًا عَالِيًا) فِي الفَضاءِ، مُؤْذِنًا (أَيْ: مُعْلِمًا وَمُخْبِرًا) بِالْفَجْرِ، فَاسْتَيْقَظْتُ مِنْ نَوْمِي مُسْتَبْشِرَةً مَسْرُورَةً، وَقَدْ أيْقَنْتُ أنَّنِي أدْرَكْتُ بُغْيَتِي، وَظَفِرْتُ بِطِلْبَتِي، (أَيْ: نِلْتُ ما أُرِيدُهُ وأبْتَغِيهِ)، وَبَلَغْتُ ما أطْلُبُهُ وَأرْتَجِيهِ.
(٦) نَصِيرُ الْمَظْلُومِ
فَتَهَلَّلَ «الْمُرَامِقُ» (أَيْ: تَلَأْلَأَ وجْهُهُ فَرَحًا وَسُرُورًا)، وَامْتَلَأَتْ نَفْسُهُ إعْجَابًا بِرَجاحَةِ عَقْلِها، وحُسْنِ أدَبِها، وبَلاغَةِ تَعْبِيرِها، وفَصاحَةِ بَيانِها، وطَلاقَةِ لِسانِها، فَقالَ لَها: «يُسْعِدُنِي أنْ أُنْصِفَكِ أيَّتُها الْفَتَاةُ الرَّاشِدَةُ الْكَرِيمَةُ.»
(٧) شَكْوَى «زُمُرُّدَ»
فَقَالَتْ «زُمُرُّدُ»: «لَقَدْ جِئْتُ ألْتَمِسُ (أَيْ: أطْلُبُ) مِنْ مَوْلايَ «أبِي ثَعْلَبَةَ» أنْ يُعِيِدَ الْعَدْلَ إلَى نِصَابِهِ (أَيْ: يَرْجِعَهُ إلَى أصْلِهِ)، ويَرْفعَ عَنِّي ما حاقَ بِي مِنَ الْجَوْرِ، (أَيْ: ما أحاطَ بِي واشْتَمَلَ عَلَيَّ مِنَ الظُّلْمِ). ولا عَجَبَ فِي ذلِكَ فَإنَّ عَلَى أيْدِي الْعَادِلِينَ مِنْ أمْثالِ سَيِّدِي «أبِي ثَعْلَبَةَ» الْقَلِيلِينَ، يَعْلُو الْحَقُّ، وَيَنْهَزِمُ الْبَاطِلُ، وَيَنْتَصِفُ الْمَظْلُومُ مِنَ الظَّالِمِ.»
فَقالَ لَها «الْمُرَامِقُ»: «أمَظْلُومَةٌ أنْتِ يا بُنَيَّتِي؟ فَلا واللهِ لَنْ أدَّخِرَ وُسْعًا (أَيْ: لَنْ أتْرُكَ جُهْدًا) فِي رَفْعِ ظُلامَتِكِ. فَحَدِّثِينِي بِقِصَّتِكِ.»
(٨) مَجْمَعُ الْأمْرَاضِ
فَقَالَتْ لَهُ: «إذا زَعَمَ إنْسانٌ، أَيْ: إذا تَحَدَّثَ حَدِيثًا مَشْكُوكًا فِي صِحَّتِهِ: أنَّنِي عَوْرَاءُ، أوْ صَلْعاءُ (أَيْ: لَيْسَ فِي مُقَدَّمِ رَأْسِي شَعَرٌ)، أوْ قالَ: إنَّنِي دَمِيمَةُ السِّحْنَةِ (أَيْ: قَبِيحَةُ الْوَجْهِ)، أوْ بَكْماءُ (أَيْ: خرْساءُ)، أوْ بَخْراءُ (أَيْ: مُنْتِنَةُ الْفَمِ)، أوْ كَتْعَاءُ، (والْكَتْعَاءُ هِيَ مَنْ رَجَعَتْ أَصابِعُها إلَى كَفِّها، وظَهَرَتْ مَفاصِلُ أصابِعِها)، أوْ شَلَّاءُ، أوْ مُقْعَدَةٌ، (وهِيَ الَّتِي أَصابَها داءٌ فِي جَسَدِها فَأعْجَزَها عَنِ الْمَشْيِ)، أوْ وَكْعاءُ، (وهِيَ الَّتِي الْتَوَتْ إبْهامُ رِجْلِها فَأقْبَلَتْ عَلَى السَّبَّابَةِ حتَّى يُرَى أَصْلُها خارِجًا كالْعُقْدَةِ)، أوْ حَدْباءُ، (وهِيَ الَّتِي خَرَجَ ظَهْرُها ودَخَلَ صَدْرُها وبَطْنُها)، أَوْ مُوَرَّمَةُ الْجِسْمِ، أَوْ جَرْباءُ، (أَيْ: مُصابَةٌ بِالْجَرَبِ)، فَهَلْ تُراهُ (أَيْ: تَظُنُّهُ) أنْصَفَنِي فِيما زَعَمَ، أمْ تُراهُ كَذَبَ عَلَيَّ وافْتَرَى؟»
(٩) عَلَى نَهْرِ «دِجْلَةَ»
فَقالَ لَها: «ما رَأيْتُ فِي حَياتِي كُلِّها أكْمَلَ مِنْكِ أدَبًا، وَلا أحْسَنَ خَلْقًا (أَيْ: خِلْقَةً) وخُلُقًا (أَيْ: طَبْعًا وعَادَةً)، فَخَبِّرِينِي مَنْ تَقْصِدِينَ؟ ومِمَّنْ تَشْكِينَ؟»
فَقَالَتْ: «فَكَيْفَ تَحْكُمُ — يا «أَبا ثَعْلَبَةَ» — إذا قُلْتُ لَكَ: إنَّ أبِي هُوَ الَّذِي يُشِيعُ عَنِّي هذِهِ الشَّوائِعَ؛ أَيْ: يُذِيعُ هذِهِ الأخْبَارَ؟ لَعَلَّ لَهُ فِي ذلِكَ حِكْمَةً أَجْهَلُها، فَما عَلِمْتُهُ يَسْعَى لِغَيْرِ إسْعَادِي. وما كانَ لِيَخْطُرَ بِبَالِي أَنْ أتَحَدَّثَ بِما تَحَدَّثْتُ بِهِ إلَيْكَ، لَوْلا ذلِكَ الْمَنامُ الْعَجِيبُ الَّذِي قَصَصْتُهُ عَلَيْكَ.» فَقالَ «الْمُرَامِقُ»: «أَلا تُخْبِرِينَنِي بِاسْمِ أبِيكِ وَصِناعتِهِ وعُنْوانِهِ؟»
فَقالَتْ: «نَعَمْ يا سَيِّدِي، فَهُوَ «أبُو نَصْرٍ عُمَرُ الصَّبَّاغُ» وبَيْتُهُ مَعْرُوفٌ عَلَى الضِّفَّةِ الشَّرْقِيَّةِ (أَيِ: الْجانبِ الشَّرْقِّي) لِنَهْرِ «دِجْلَةَ».»
![figure](https://downloads.hindawi.org/books/html/36271935/Images/figure8.png)
فَقَالَ «الْمُرامِقُ»: «عُودِي — إذا شِئْتِ — يا سَيِّدَتِي إلَى بَيْتِكِ فَلَنْ تَرَيْ إلَّا ما يَسُرُّكِ.»
(١٠) حِوارُ الزَّوْجَيْنِ
فَشَكَرَتْ «زُمُرُّدُ» للْمُرَامِقِ عَطْفَهُ، وَلَثَمَتْ يَدَهْ (أَيْ: قَبَّلَتْها)، وأسْدَلَتْ قِناعَها (أَيْ: أرْخَتْ بُرْقُعَها عَلَى وجْهِها)، وَخَرَجَتْ مِنَ الْغُرْفَةِ، عائِدَةً — فِي طَرِيقِها — إلَى بَيْتِها.
ثُمَّ قَصَّتْ عَلَى زَوْجِها كُلَّ ما فَعَلَتْهُ، وَخَتَمَتْ حَدِيثَها قائِلَةً: «لَقَدْ رَدَدْنا إلَى «الْمُرَامِقِ» سَهْمَهُ الَّذِي سَدَّدَهُ إلَيْنا. لَقَدِ ائتمر بِنا لِيَجْعَلَنا سُخْرِيةَ النَّاسِ أجْمَعِينَ، فَترَدَّى (أَيْ: سَقَطَ) فِي مِثْلِ الْبِئْرِ الَّتِي أَرَادَ أَنْ يَحْفِرَها لَنا.»
ودارَتْ مُحَاوَرَةٌ (أَيْ: مُنَاقَشَةٌ) طَويلَةٌ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ، فَقَدْ كانَ الأَمِيرُ «فَضْلُ اللهِ» يَرَى دائِمًا، أنَّ التَّجاوُزَ (أَيْ: الصَّفْحَ) عَنِ الْإِساءَةِ خَيْرٌ مِنْ مُقَابَلَتِها بِمِثْلِها. أمَّا «زُمُرُّدُ» فَكانَتْ — عَلَى الْعَكْسِ مِمَّا يَراهُ الْأمِيرُ — ترى فِي مُعَاقَبَةِ الْجُناةِ (أَي: الْمُجْرِمِينَ) وقِصاصِهِمْ (أَيْ: جَزَائِهِمْ وَعِقابِهِمْ) خَيْرَ وَسِيلَةٍ لِتأْدِيبِهِمْ وَتَخْوِيفِ مَنْ تُسَوِّلُ (أَيْ: تُزَيِّنُ) لَهُ نَفْسُهُ أَنْ يُقَلِّدَهُمْ. كَما تَرَى أنَّ مِنْ وَاجِبِ الْقَادِرِينَ أَلَّا يَتَهَاونُوا فِي زَجْرِ الْأشْقِياءِ وَالضَّرْبِ عَلَى أيْدِيهِمْ ما وَجَدُوا إلَى ذلِكَ سَبِيلًا، فَإنَّهُمْ إذا أفْلَتُوا مِنَ الْقِصاصِ عاثُوا (أَيْ: أفْسَدُوا) فِي الأَرْضِ.
وَقَدْ خَتَمَتْ حِوارَها مَعَ زَوْجِها بَالْحَدِيثِ الْمَأْثُورِ: «مَنْ رَأَى مِنْكُمْ مُنْكَرًا فَلْيُغَيِّرْهُ بِيَدِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِلِسَانِهِ، فَإنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَبِقَلْبِهِ، وَذلِكَ أَضْعَفُ الْإيمانِ.»
![figure](https://downloads.hindawi.org/books/html/36271935/Images/figure9.png)