الفصل الثاني
في التياترو العربي
المنظر الأول
(جمس بمفرده)
جمس
:
يعني ما يصحش إلا وأعمل تياترو لأولاد العرب، ما نابني منه إلا عقلي خف وبيتي
انخرب. وأنا كان مالي ومال دي الشبكة اللي زي الطين، اللي ما طَرَح لي فيها بركة رب
العالمين. كنت رجل مرتاح متهنِّي، وكانت الهموم بعيدة عني. واليوم اللي دخلت التياترات،
وانشغلت في تأليف الروايات، رُفُعْت وانسَلِّيت وانتلف حالي، وتركتني التلامذة وتعطَّلِت
أشغالي. وبقى لي عوازل وعدوِّين، من الغيرة بالجرائد عليَّ نازلين. لكن أنا أتحمل كيد
وغيظ الأعادي، على شان خاطر عيون أولاد بلادي. مثلًا صار لي ثلاثة سنين أدرِّس
بالمهندسخانة، وجميع التلامذة مني مبسوطة فرحانة. فلما أنشأت التياترو العربي الناظر
المِكَّار، علي باشا مبارك مني غار. خصوصًا لما أمره أفندينا يزوِّد لي الماهية، حالًا
أمر
برفتي من المدارس الملكية. ما علينا ربنا كريم وحليم، يكافي الصادق الأمين ويعاقب
اللئيم. إحنا في الجماعة لسا ما جوش، ايش من عالم زفت دول ناس ما يختشوش. بعثت لهم حسن
يقول لهم: ده جمس، بينتظركم في التياترو من طلوع الشمس. لا شك إن واحد ابن هرمة عَصَّاهم
عليَّ، ربنا ينصرني عليه وأدوسه تحت رجليَّ. ده مين اللي جاي ده؟! حبيب، شاب مسعد لطيف
نجيب.
المنظر الثاني
(حبيب والمذكور)
حبيب
:
بهديك مزيد السلام، ونقبِّل إيديك الكرام. أسعد الله صباحك، وزاد في تقدمك
ونجاحك. خذ يابو جمس من قلبي وصُر، أنعم الله عليك بالصحة وعلى أعدائك بالضُّر.
قلبي يحدثني يا فريد العصر، إنك عن قريب تنشهر في أوربا مثلما انت في مصر.
كلامي ده يابو جمس ما هوش تمليق، إنت تعرفني والله إني حبيب صديق. إذا سابوك
الأولاد والبنات، محسوبك حبيب يفضل معاك للممات.
جمس
:
تعيش يا حبيبي تعيش، ربنا منك ما يحرمنيش.
حبيب
:
الله يحفظك يا نور العين، بس مرادي أقول لك كلمتين. لكن خايف تزعل عليَّ،
وتسحب عصاك وتنزل على رجليَّ.
جمس
:
ما تخافش يابو الحب عليك الأمان، كلامك حلو على قلبي يا ألطف الشُّبَّان. صحيح
إن كلام الحبيب يقرَّح، وكلام العدو يفرَّح، إنما أنا أقبل كلام الحبيب وإن كان
مُر؛ لأنه صادر عن قلب صافي حُر. بقى سمعني كلامك بكل حرية، يا فخر التياترات
العربية.
حبيب
:
بالله عليك ما بقتشي تكتب لنا روايات، تذكر فيها لفظة حرية وحب وطن
ومحاربات. وإلا قُل على التياترو العربي يا رحمن يا رحيم، والحِدِق يفهم بقى
رجَّعنا للعبنا القديم.
جمس
:
كلام غريب، يا سي حبيب. لكن كلام مليح، وفي محله صحيح. إنما كل مؤسِّس تياترو
ومنشئ روايات، ملزوم يتمِّم جميع الواجبات. واجبات معلومة عنده يا حبيب، وهي إن
القصد بالمراسح هو التمدُّن والتقدُّم والتهذيب.
حبيب
:
مُسلَّم، وكوميدياتك فيها كل ده، بس ابعدنا عن قولة الحرية والوطن
والاستقلال، فهمتني كده؟
جمس
:
بكرة إن شاء الله نتحدث في دي العبارة، إنت فكَّرني وبرضك كلِّمني بكل جسارة.
إحنا في اللعيبة هما فين؟ الوقت راح ما فضلش على الظهر إلا ساعتين.
المنظر الثالث
(حسن والمذكورين)
حسن
(يدخل ويقول لجمس)
:
سي متري بيصبح عليك وبيترجاك، تروح بيته تجد اللعيبة
مجموعة هناك.
حبيب
(يقول لجمس)
:
ما تروحشي اسمع كلامي أنا؛ لأن عيادة وتعليم ما تنفعشي إلا هنا.
أهُم البنات دخلوا الجنينة.
حسن
:
أي نعم وأهُم قابلين علينا. بقى أنا أروح أنده الجماعة، بيت متري بعيد تحسب
لي ساعة (يخرج).
المنظر الرابع
(جمس وحبيب ثم ماتيلدة وليزة)
حبيب
:
يا موسيو جمس استقبل البنتين بحلمك الجميل، واستحملهم على شان خاطر نجاح
وادي النيل. لأن لا شك إن إلياس وبطرس وباقي الجماعة عصُّوهم علينا، وأنا
رأيتهم داخلين بغضب في الجنينة.
جمس
:
إنت تعرف حلمي الاعتيادي، أنتصر به بإذن الله على الأعادي. هُس أهم داخلين
بدُّهم يعملوا لنا جُرسَة وهَتيكة، أما نحن نغلبهم بالبوليتيكة.
ماتيلدة وليزة
(يدخلوا ويقولوا لجمس بغضب)
:
إحنا ما نلعبش إذا لم تعمل لنا ماهيات، زي ما
التياترو الفرنساوي بيعمل للَّعيبات.
جمس
:
على العين والراس ما لكم إلا رضا خاطركم يا ستات، من أول الشهر أعيِّن لكم
ماهيات، مش بس كدا إلا وكمان، أفصَّل لكل واحدة منكم من الحرير فستان. بس ما تجيبوش سيرة
لإلياس وبطرس وعبد الخالق وحنين، وإلا يقولوا لي اعمل لنا ماهيات
زي البنتين. وانتو تعرفوا إني أنا اليوم معذور، بقى ما تفضحوش الأمر وخلُّوه
مستور.
حبيب
(يقول في نفسه)
:
الله على دي المكر والدخول العجيب، جمس واد فصيح
لبيب.
ماتيلدة
:
يا موسيو جمس كلامك عال، بس عرفني الماهية شهري كم ريال؟
جمس
:
ما فيش فرق يا ماتيلدة بينكم وبيني، كل ما طلبتيه أعطيه لكِ على راسي
وعيني.
ليزة
:
ألف مرسي يا موسيو جمس انت أبونا، إنت تحبنا وتراعي مزاجنا وهم بس يعرفوا
يعصُّونا.
حبيب
:
وبعدها يخْلو بكم زي العادة يا بنات، وما يطلبوا إلا لروحهم الماهيات.
ماتيلدة
:
إنت والله مثلنا يا حبيب، في موسيو جمس مغرم حبيب.
حبيب
:
ما تنسيش إن مغرمين فيه كمان، أصحابنا متري واسطفان. وإذا كان الجماعة
يسوقوا علينا المرقعة، نلعب لعبة «البربري» أنا وانتو الأربعة. ونغيظهم ونقلع
عينيهم، ونخلي الناس تضحك عليهم. إنت يا ماتيلدة فاكرة دورك في لعبة البربري
الظريفة، ده لك فيه أقوال عجيبة لطيفة.
ماتيلدة
:
أنا حافظاه على ظهر قلبي وفاكرة كلامه، وإن أراد موسيو جمس أعيده
قُدَّامه.
جمس
(يقول لماتيلدة)
:
هاتِ من تحايفك هاتِ، يا أُنس كل مكان يا بلبل
التياترات.
ماتيلدة
:
في لعبة «أبي ريضة البربري» أنا باعمل ستي بنبة وأبو ريضة خَدَّامي. فانت يا
حبيب اعمل البربري ورُد على كلامي.
حبيب
:
أنا حافظ على ظهر قلبي دور البربري، وفاكر كلامك اللي أحلى من
العنبري.
ماتيلدة
(تقلِّد بنبة وتقول)
:
لسا يابو ريضة ما نضَّفْتش الأودة والوقت راح.
حبيب
(يقلد أبو ريضة)
:
إهنا ينفضوها ويكنسو من الصباح، والنبي كلام أبو ريضة صحيح.
يا هابيبتنا يا أم الوجه المليح.
ماتيلدة
:
أنا حبيبتك يا زَرْبون؟ أنا سِتَّك يا ملعون. أنا سِت حرة يا بربري يا مفسود، مش
من اللي عندهم على حد سَوا البيض والسُّود.
جمس
(إلى ماتيلدة)
:
شاطرة يا بنتي حقا الليلة الذوات، يصفقوا لك ويحدفوا لك
زهورات.
حبيب
(يقلِّد البربري ويقول إلى ماتيلدة)
:
إهنا في أرضك يا ستي سامهينا على غلطنا،
إهنا هسبناكي كعب الخير هابيبتنا.
ماتيلدة
(تقلِّد بنبة وتقول لحبيب كأنه البربري)
:
أديك يابو ريضة رسيتني على أحوالك،
بقى انت بتتمعشق مع الجارية عوضما تنتبه لأشغالك.
حبيب
:
لا يا ستي إهنا ننِّبه شُجْلنا وهياة رمضان ويوم العيد، وما بيتمعشجوش مع كعب
الخير إلا من بعيد لبعيد. واليوم وهياة سِتِّي سِينب ما سِمْعِت مِنَّا كلام، ولا جُلْنا
لها إن من الهُب طول الليل ما ننَّام. الهُب يا ستي بنبة يدخل الجَلب زي الإبليس، هُب
كعب الخير رايخ يموِّت أبو ريضة فِطيس. أنا أهِب الهَلال ما أهِبِّش الهَرام، أنا في
أرضك جوِّزيني كعب الخير بعد شهر تمام.
ماتيلدة
:
ما لك إلا رضا خاطرك يابو ريضة، اكتب كتابك على كعب الخير أم عين سودا
وأسنان بيضا.
جمس
:
عفارم يا ماتيلدة فكدا إذا عِصْيوا الجماعة اليوم، نلعب كوميدية البربري وما
ينوبهم إلا الاحتقار واللوم.
ليزة
:
ونلعب كمان كوميدية «الصداقة» أم خمسة أشخاص، اللي انبسطوا منها العام
والخاص. أنا ألعب فيها سِتِّي وردة، وعارفة الدور من راسي زي القردة. أقوله لك يا
موسيو جمس انت تعرفه، لكونك كاتبه ومؤلفه.
جمس
:
طيب سمعيني يا ليزة، جزاكي الله خير يا عزيزة.
ليزة
:
ما أَمَرَّ الفراق، على المحبين والعشاق. من ساعة ما سافر نعوم من هنا، عندي كل
يوم بمقام سنة. آه فين أيامنا الحلوة فين؟ كنا في وقتها صغار الاتنين. أنا كان
عمري يا دوب اتنا عشر، ونعوم كان ابن ستعاشر. الكلام دا صار له سبع سنين، ياما
كُنَّا أيامها مبسوطين. كنا ننزل نلعب لوحدنا في الجنينة، والورد والياسمين يظلِّل
علينا.
ماتيلدة
:
يا هل ترى كنتم تعملوا إيه تحت ظل الياسمين؟
جمس
:
ما تقاطعيهاش خليها تعيد دورها قبلما يجوا اللعيبين.
ليزة
:
ماتيلدة يابو جمس مِنِّي بتغير؛ لأني في اللعب باعجب العالم من كبير
لصغير.
ماتيلدة
:
بقاش في الدنيا بنت أكثر من دي قبيحة، على رأيها أنا الهبلة وهي الفصيحة.
وراس بنبة ما بقيت ألعب ولو تَقِلْتِني يا موسيو جمس بالألماس، ما بيعجبش غير لعب
ليزة الناس. خليها من اليوم ورايح تلعب وحدها، وتسلب عقول العالم بصفار
خدها.
ليزة
:
أنا فصاحتي بتجعل وجهي مليح، وانت هبالتك بتخلي وجهك قبيح.
حبيب
:
دي ماهيش عيشة دا مرض وعذاب أليم، مسكين جمس حيران بيناتكم والله العظيم.
على أقلَّها شيء حالًا تفتحوا حلقكم وتفجُروا تقبَّحوا.
جمس
:
اسكت أنا برضي أتحملهم يا حبيب، ماتيلدة وليزة قلبهم طيب بس خُلْقُهم قريب. يا
ابني مَن صبر نال، ربنا يصبرني على دا الحال. يا بنات وحياتي عندكم، تتباوسوا
وتسامحوا بعضكم.
ليزة
(تبوس ماتيلدة وتقول لها)
:
إذا ما كانش على شان خاطر جمس ما كنتش
أصالحك.
ماتيلدة
:
وأنا التانية على شان خاطر عيونه باسامحك.
حبيب
:
بقى اتفقنا على كده يا ستات، ما تخبروش العاصيين بأمر الماهيات. وإذا ما
اصطلحوش وحبُّوا يعملوا معنا خناقة، موسيو جمس يطردهم واحنا ومتري واسطفان نلعب
الليلة كوميديتي البربري والصداقة.
المنظر الخامس
(حسن ومتري واسطفان وإلياس وحنين وعبد الخالق وبطرس والمذكورين)
حسن
:
يا موسيو جمس أهم جو الجماعة، ما بقاش على الظهر غير ربع ساعة. إنما إذا
طاوعوك، برضه ربع الساعة مبروك.
حبيب
:
ما تخافش يا حسن على الرئيس، إن كانوا هم عفاريت يغلبهم جمس الإبليس.
متري
(يدخل ووراءه الجماعة فيقول لجمس)
:
أول كل شيء أسعد الله الصباح، ولا يحرمك
من الصحة والنصر والنجاح. ثانيًا أخبرك يابو فضايل حميدة، إننا حافظين على
الغيب لعبة البورصة الفريدة. نلعبها الليلة إن شاء الله وتِنْسَر من لعبنا، وتعطي
كل واحد منا جنيه بخشيش بإذن ربنا.
اسطفان
:
أبو جمس والله العظيم، ما فيش في مصر رجل زَيُّه كريم. ما يَعِزِّش علينا لا قروش
ولا جنيهات، وأحب ما عليه يجيب لنا من الميري ماهيات.
عبد الخالق
:
بلا مسح جوخ يا اسطفان بلا تمليق.
إلياس
:
قال ماهيات! استنا يا تور لما ينبت العُلِّيق.
حنين
:
بقالنا في دا الأمل تقريبًا سنة.
بطرس
:
واليوم ما بلغناش القصد والمُنى.
جمس
:
ربنا كريم حليم فرجه قريب، الصبر مليح اصبروا عليَّ زي متري واسطفان
وحبيب.
ماتيلدة
:
بس حبيب ومتري واسطفان؟ وأنا وأختي ليزة صابرين عليك كمان.
عبد الخالق
(يوشوش إلياس وبطرس وحنين ويقول لهم)
:
دا جمس وحبيب بكلمتين، ميِّلوا راس
البنتين. ويمكنهم الليلة مع أصحابهم يلعبوا بلانا، ويغيظونا ويطلعوا جيوبهم
بالفلوس مليانة. أما احنا نكتم الدم على القيح إن كنا جدعان، ونلعب معهم وبكرة
نورِّيهم شغل الفرسان.
إلياس
:
يا عبد الخالق شورتك مليحة.
بطرس
:
جميعنا نتبع دي النصيحة.
حنين
(يقول لجمس بصوت عالي)
:
كم عندنا من كوميدية نلعبها في دِ الليلة
السعيدة؟
جمس
:
كوميدية «الحَشَّاش» و«البربري» ورواية «البورصة» الجديدة.
اسطفان
:
لعبة البورصة ما أظرفها! ما نخافشي عليها؛ لأن متري أتقنها ويعرفها.
حبيب
:
وكوميدية البربري المنيفة، عادتها دلوقتي قدامنا سِتِّي ماتيلدة اللطيفة. أمَّا
لعبة الحَشَّاش كلها على سي إلياس مبنية، لعبها مرارًا وعجبت باشاوات وبيكوات
وأفندية.
عبد الخالق
:
ورينا محاسينك يا سي إلياس ورينا، وقل لنا منها كلمتين حلوين تسَلِّينا.
إلياس
:
أنا أشخَّص فيها ملك بني شداد، وأغنِّي على الجوزة دور يجرح الفؤاد.
جمس
:
هُس يا جدعان لأن الوقت راح، خلُّوه يقول دوره وعلى المولى النجاح.
إلياس
(يغني)
:
جوزة من الهند ومركَّب عليها غاب
مدندشة بالوَدَع ومجمَّعة لحباب
أخذت منها النَّفَس والعقل مني غاب
يا ليلي يا عيني يا ليل
عبد الخالق
:
آه يا ملك آه يا رد قهوة الشيرة، والنبي لتستاهل تعميرة.
إلياس
(يقلِّد الحَشَّاش ويقول)
:
طلقت الاتنين ورقت لحالي، وفضلت جلجل يا غزالي. لا
جديدة ولا قديمة، مالك حرية نفسي والحرية عظيمة. يا محلا عيشة العازب ما حد
يقول له بتعمل إيه، كنت فين ورايح تخرج ليه؟ أمَّا يا ملك إذا مت ستين سنة، يعني
الدنيا دي فيها هَنا؟ آه يا حظ إذا أنا مت ليلة العيد الكبير، ياما تبقى موتة
تكن موتة أمير. وإذا كان في رمضان، يبقى أقوى يا جدعان. لكن يا حِدِق بس أدخل
الجنة وأنا صايم، والناس تاكل الفواكه وأنا واقف ملجِّم نايم. أديني قاعد وشايف
فواكه الجنة قدامي، وما نيش قادر أمد إيدي آخد لي تفاحة، آه يا غرامي.
جمس
:
دا يكفي يظهر إنك تعرف دورك يا سي إلياس، ولا شك إن الليلة تنسَر منك جميع
الناس. بقى كونوا يا أولادي في ربنا متعشمين، هو يحميكم ويجبر بخاطركم آمين.
الليلة أنتظركم هنا الساعة واحدة تمام، وإن شا الله تبلغوا القصد
والمرام.
عبد الخالق
:
بالله عليك يا موسيو جمس ماتعشمناش زي العادة، إحنا من يوم ما دخلنا
التياترو العربي ماشفناش سعادة.
بطرس
:
دا صحيح والكلام يطلع من العيون، واللي يلعب مِنَّا من غير ماهية يبقى
مجنون.
إلياس
:
أما أنا الليلة دي ما ألعبش لا حَشَّاش ولا مَشَّاش.
حنين
:
هو حد في الدنيا يلعب بلاش؟
حبيب
:
ليه يا حنين تنكر الخير ليلة ما لعبنا في قصر النيل، وتشرف جمس بلقب موليير.
لمَّا كوميدية القَوَّاص وشيخ البلد وراستور عجبوا خديوينا إسماعيل. الماية جنية
اللي جوله من أفندينا إنعام، فرقها كلها علينا بقى حرام نتكلم في حقه ردي يا
خسيس، والله إذا سابنا جمس ما نجد مثله رئيس.
حنين
:
بقى أنا خسيس انتم شاهدين؟ والله ما حد خسيس غيرك ومنافق ولعين.
حبيب
:
أنا لعين ومنافق يا حنين، وراس جمس إذا ما خرست أضربك كفِّين.
جمس
:
بقى انتم جيتوا تعيدوا الكوميديات أو تعملوا لنا خناقة؟
ليزة
:
يابويا جمس خليهم يروحوا واحنا نلعب لوحدنا البربري والصداقة. مع متري
واسطفان وحبيب، وربنا كريم حليم أملنا فيه لا يخيب.
عبد الخالق
:
بقى فهمتوا الاتفاق يا إلياس يا بطرس يا حنين، اللي حصل قبل مجيِّنا بينهم
وبين البنتين؟
ماتيلدة
:
أيوا اتفقنا مع موسيو جمس ورايح يعيِّن لنا ماهية، ويفصَّل لكل واحدة منا بدلة
حرير بَهِيَّة.
متري
:
الكلام ده يا موسيو جمس حق؟
اسطفان
:
بقى البنات تنصر واحنا من الغيظ نطَق؟
إلياس
:
يا متري يا اسطفان بلا لعب بلا وجع راس.
بطرس
:
تعالوا معنا اسمعوا شورة إلياس.
حنين
:
يا حضرة الرئيس خليناك بعافية مع جناب السِّتات، ربنا يهنيهم بالبدلات الحرير
والماهيات.
عبد الخالق
:
والله ما هم طايلين شيء يا حنين، ده الباشا إياه راح يعطي بكرة لجمس سريتين.
يقروا ويكتبوا ويشخَّصوا روايات، وحالًا جمس يطردكم يا بنات.
ماتيلدة
:
إنت سامعة يا ليزة دَ الكلام؟
ليزة
:
حقا يابونا جمس إذا تركناك اليوم ما عليناش ملام. يالله بنا يا إخواتي يا
الله بنا، اتكالنا واعتمادنا على ربنا.
جمس
:
يا حسن الحقني بخنجر أو بطبنجة الحقني، أو هات حبل واخنقني. أموت وأرتاح من
دي العيشة الهباب؛ لأني ما بقيتشي أقدر أحمل قدر كدا عذاب. يا رب موتة موتة يا
رب العالمين، أخلص بها من شبكة اللعيبين. بس من بيت أبويا أجيب لكم ماهيات يا
إخواتي؟ يعني مدخول التياترو بيروح فين مش بفرقه عليكم ليلاتي؟ وده ما عدا اللي
بصرفه من عبِّي، بقى انعم عليَّه بموتة يا ربي.
حبيب
(يقول إلى اللعيبين)
:
والله جمس بينكم حيران، وإذا طاوعكم آخرته المُرُستان.
يومي على الله لكم طلبات، يوم بِدُّكم في ملبوس جديد ويوم تعيين ماهيات، ودائمًا
في خناق وزعيق، ده شيء يعِل ويخلي الروح تضيق. والله لو كنت منه ماكنتش أصبر على
دا الحال، إلا واسيبكم تخبطوا وأطلع من باب الجمال. وفي وقتها تشوفوا إن من غير
أبو جمسة، وربنا العزيز ما تِسْوُوا ولا خمسة.
متري
:
إن كان هو حيران إحنا كما تعبانين، ياما أشقى عيشة اللعيبين! دول يا إخواتي
غلبانين جيوبهم دائمًا فارغين، ومع دا كله محسودين. إذا مشيوا في الطريق،
مساكين أنفاسهم تضيق، من الهوان والتهزيق، والتنكيت عليهم والتقريق. وإذا واحد
منهم أراد يظهر محبته والوداد، لمن يعِزُّه ويريده الفؤاد، يقولوا له: إحنا في
التياترو يا واد؟
عبد الخالق
:
بلا كترة غلبة يا متري الوقت راح، يالله بنا مانتاش سامع جمس بيطلب
سلاح؟
جمس
:
طلبي في السلاح لقتل روحي من شدة عذابي؛ لأن كترت عدُوِّيني وقلِّتْ أحبابي. يا
ناس أنا في عرضكم شوفوا لي موتة هينة بها أموت، وإلا اللي مرادكم تعملوه اليوم
اعملوه بعد الليلة دي ما تفوت. ولا تشمتوش فينا العدُوِّين، وأنا بكرة والله أروح
عابدين. وأطلب من صاحبي خيري باشا فخر الذوات، يكلِّم أفندينا يأمر لكم بماهيات.
والله دا أنا في عرضكم العبوا يا أسيادي، وفرحوا الأصحاب وغيظوا
الأعادي.
ليزة
:
مسكين يابويا جمس كلامك بيقطع قلبي، ما تخافشي أنا أقعد معك وأصبر على
غُلْبي. ليزة عمرها ما تخون جمس أبوها، وإن خِلَّانها وأقاربها تركوها. دي ليزة
صادقة في محبتها، وإذا وعدت لا تخالف كلمتها.
ماتيلدة
:
وأنا زيك يا ليزة ما اسيبوش.
حبيب
(يقول للجماعة)
:
البنات كلهم حَن قلبهم وانتم ما ترحموش؟ إن كان مش على شان
خاطر جمس اللي ما بيشفقش عليه قلبكم، العبوا الليلة على شان خاطر أبناء وطننا
العزيز اللي بينبسطوا من لعبكم.
(جميع اللعيبين واللعيبات ما عدا حبيب يقولون): نلعب الليلة على شان خاطر عيون موسيو جمس أبونا، وأفندينا والذوات والأهالي اللي بيحبونا. لأن لو لم يكن أشمال أنظارهم علينا، وحضورهم كل ليلة إلينا، ما كانشي التياترو العربي صَح وانشهر، وخديوينا بنجاحه افتخر.
(جميع اللعيبين واللعيبات ما عدا حبيب يقولون): نلعب الليلة على شان خاطر عيون موسيو جمس أبونا، وأفندينا والذوات والأهالي اللي بيحبونا. لأن لو لم يكن أشمال أنظارهم علينا، وحضورهم كل ليلة إلينا، ما كانشي التياترو العربي صَح وانشهر، وخديوينا بنجاحه افتخر.
جمس
:
الله يحفظكم ويحرسكم لي يا أولادي، طالما انتم ويايَ ما أخافش من الأعادي.
(حينئذٍ نزلت الستارة على رواية موليير مصر أبو نَظَّارة.)