الملك الصامت
شاعرُ القلبِ ضاقَ عنه البيانُ
والقوافي واللفظُ والأوزانُ
صامتٌ يُرسلُ التنهُّدَ شعرًا
كلَّما هزَّ قلبَه خفقانُ
تَقرأُ الوحيَ في عذوبةِ عَيْنَيْـ
ـه فآياتُ عَينِهِ قرآنُ
نفسُهُ جذوةٌ من الله لم تَد
نَسْ فتمحو نقاءَها الأضغانُ
فهْو في موكبِ الحياةِ حكيمٌ
وهْو في مركبِ الدُّجى رُبَّانُ
يجد التَّائهونَ فيه عزاءً
وأمانًا إذا تلاشى الأمانُ
لقَّنتْهُ الأيام موعظة النا
رِ فثارت في صدرِه النيرانُ
غيرَ أنَّ السَّماءَ قالتْ له: «اصمتْ»
انظروا كيفَ يصمتُ البركانُ
شيَّدت قصرَ وحيه الأشجانُ
وطلاه من الدموعِ دهانُ
زاهد في الحياة، في بردتيه
جسدٌ شفَّه الضنى جوعانُ
ملكٌ، عرشهُ المصائبُ والهَمُّ
وياقوت تاجه الأحزانُ
صولجانُ الآلامِ في قبضَتَيْهِ
ويحَ ملكٍ آلامُه الصولجانُ
لجريرٍ في روحِه شهقاتٌ
ولقيسٍ في قلبهِ تَحنانُ
وبقايا من المعرِّي تمشَّت
في دماه لم تمْحُها الأزمانُ