هذيان في الظلام
عند ذا هبَّ جالسًا وتهيَّا
لِيُناجي غَرامَهُ العُذْرِيَّا
وحَفيفُ الصفصاف يهمِسُ في النَّهْـ
ـر كلامًا عن الحياةِ خَفِيَّا!
قال: أَصْغِي إليَّ، إنِّيَ فانٍ
فالقُوى لن تعودَ بعدُ إليَّا
أنا أمشي إلى الضريحِ حثيثًا
فعذابي يثورُ في رِئتيَّا
أيُّ نفعٍ تَرْجِينَهُ يا عروسي
من بُكاءٍ ما عاد ينفعُ شيَّا؟
أيُّ نفعٍ، والموتُ ينسجُ ثوبي
بخيوطِ الظلامِ من مُقلَتيَّا
إرْجِعِي، إِرْجِعي فتذكار حُبِّي
ولياليَّ، بات ثقلًا عليَّا
إرجعي، إنني بُلِيتُ وما أَصْـ
ـبَحَ غيرُ الديدان يَرْغَبُ فيَّا!
في شواطي النيلِ السعيدِ مياهٌ
فاسأليها غدًا زلالًا شهيَّا
واستعيدي به هوًى وشبابًا
«نيلُك» العذبُ غيرُ «بردونيَّا»
وإذا ما مررتِ تحتَ نخيلِ الـ
ـنَّهْر يومًا حيثُ ابتسمنا مليَّا
حيثُ كنَّا نَبني قُصُورَ الأماني
حيثُ كُنَّا نَجْني الشَّبابَ النَّدِيَّا
حيثُ كنَّا نُلَقِّنُ القلبَ دَرسًا
فَيَعيهِ النخيلُ من شَفَتَيَّا
فاحْذَري وقفةً هناك لئلَّا
تَسمعي من فمِ النَخيلِ نَعِيَّا