الفصل الأول
الرياح سَبَبُه! ومن أين يأتي المطر لولا وجودُ الرياح الموسمية ولولا وصولها في الوقت
المناسب وفي الاتجاه المُرتَقَب؟ والنيلُ الأزرق وليدُ المطر والجبل، وما مَصدَرُ معجزة
هذا
النيل الثاني إلا تنازعُ العناصر والبراكين وما عليها من سحاب مزدحم، ولولا جبالُ الحَبَشَة
الشواهق — ولو لم تكن هذه الشواهق براكينَ تتحطم عليها الرياح وتصب عليها سيول الماء
— ما
تَكَوَّن هذا النهر منسابًا كالحية نحو السهل، آخذًا من الحواجز الصخرية أجزاءً معدنيةً
تؤدِّي
إلى إحياء الصحراء بعد ألف ميل.
وتتحوَّل تلك الأجزاء إلى غِرْيَنٍ، والغرين إلى واحةٍ، ومصر — حين تئنُّ من الجَدْب
البعيد
المَدَى في المكان والبعيد الأمد في الزمان — تراها مَدِينةً في كِيَانها للبراكين والسحب
والأمطار والرياح، وإذ إن عمل العناصر ذلك يتجدَّد بانتظام في غضون القرون وتحت أعين
الناس في
كلِّ عامٍ فقد أسفر تناسقُ المَدِّ والجزر هذا عن معرفة الشهور ومنازل القمر للمرة الأولى،
وعن
أول دراسةٍ للشمس والسَّيَّارات، وعن أول تنظيمٍ وأول حَقٍّ، والفلاح — كما في كل بلد
آخرَ —
يَرْقُب المطر، وكان رجال الصحراء أولئك ينتظرون واقفين في مجرى النهر وُرُود الفيضان
الحَبَشِيِّ الذي لولاه لهَلَكُوا، ولا يزالون يصنعون ذلك حتى الزمن الراهن.
ومن أين تأتي تلك الرياح؟ يجب أن تتصادم هي ورياحٌ أخرى، وأن تُذْعِن لها جَلْبًا
للمطر،
والمقاومةُ وحدها هي التي تجعلها ملائمةً. وفي الشتاء تأتي رياح الشمال الشرقيِّ الموسمية
بالمطر من آسية إلى البحر الأحمر ما دامت الريح الشمالية تَهُبُّ، ولكن مع جَفَافها تقريبًا
حين
بلوغها الهِضَاب العالية في الحبشة، وفي الربيع، حينما تهبُّ الريح الجنوبية الغربية
من جنوب
الأطلنطي وفوق أفريقية، تُضِيف إلى نُدُوَّةِ البحر جميعَ رُطوبة الغابة البِكْر في خطِّ
الاستواء، وهكذا تَجُوب السودانَ مثقلةً حتى تَلْطِمَ الجبالَ التي تنتصب أمامها وتفرِّغ
ما
يَحمِله البخار من ماءٍ منقول في ألوف الكيلومترات عند مَسِّ تلك الجُدُر الوَعِرة، ويقول
الفلاح الحَبَشِيُّ: إن المطر يأتي عندما تهبُّ الريح من تلقاء الصحراء، ومثلُ هذا ما
يقوله
مهندسو دلتا النيل الذين يستندون في حساباتهم إلى تلك الرياح.
وهكذا تؤدي رياح أفريقية إلى وجود النهر الأفريقي في المكان الذي يُنْعِم فيه على
التراب
بالإخصاب، ولا تَتَخَلَّى هذه الرياح في غير الخريف عن موضعها لأَخَوَاتها العَدُوَّات؛
أي
لرياح الشمال الجافَّة المرسَلَة من الهند، وتؤثِّر كلٌّ من الرياح والجبال في الأخرى،
ويوجب
ارتفاعُ هذه الجبال ووُعُورها امتدادَ فصل الأمطار وإن ساعدت الرياح على شكل ذُرَا الجبال
الغريب، ويَقلِب المطرُ المواسم رأسًا على عقب حين ينظمها؛ أي إنه يَتَّفِق للهضاب الوسطى
العالية، التي يَتَرَجَّح ارتفاعها بين ألفي متر وثلاثة آلاف متر، شتاءٌ كَزٌّ
١ من غير أن يكون باردًا أبدًا، وذلك لعدم ميل أشعة الشمس كثيرًا في الدرجة الثانيةَ
عشرةَ من العرض، ولأن المطر يُلَطِّف حرارة الصيف من ناحيةٍ أخرى فتتوازن أحوال الجوِّ
التي لا
يزيد اختلافُها على سبع درجات في السنة.
ويَفرَح الفلاح المصري بنتائج ذلك المطر في شهر أكتوبر، ويَفرَح بها الفلاح الحبشيُّ
قبل
ذلك بقليلِ وقتٍ، ويكتسب ذلك المطرُ شكلًا هائلًا للحبشي مع ذلك، فتُسفِر الأعاصير التي
يَكثُر
وقوعها هنالك بأشدَّ مما في أيِّ مكان آخر، ويُسفِر المطر الجارف والبَرَد اللذان يأتيان
ويتواريان بغتةً ككلِّ شيء في ذلك البلد العجيب، عن هلاكِ كثير من الإنسان والحيوان والمساكن،
وتَقْتُل الصواعقُ مئاتٍ من الآدميين في كلِّ عام، وبَلَغ ما ثار من العواصف في سنة واحدة
أربعمائة، ولما يَمضِ زمنٌ طويل على أمر النجاشي بإقامة الصلوات العامة بسبب كثرة الأشخاص
الذين
قَضَتْ عليهم الصواعق.
ويَصِل المطر في الوقت المعين دومًا، وتَسبِق المطرَ هَمَرَاتٌ
٢ خفيفة، ويَبلُغ المطرُ أقصى قوَّته في وسط شهر يونيو كما تدل عليه سجلات المصريين
منذ ألوف السنين، ولكن مع كبيرِ اختلافٍ بين مقادير ما يَنزِل منه في كلِّ سنة.
والجبال — وهي عنصر التذكير في هذا الاقتران — تقف رواسخَ، ومن المحتمل أنها لم تتغيَّر
في
ملايين السنين القليلة الأخيرة، والبحرُ والغابةُ البِكرُ، وهما عنصرا التأنيث في هذا
الاقتران،
وهما أقلُّ ما يعرف عنه الإنسان في الكرة الأرضية، يُحَمِّلان الرياحَ كثيرَ رُطوبةٍ
أو قليلَ
نُدُوَّةٍ، وما أكثرَ الشعوبَ المصريةَ، وما أكثر أجيالَ المصريين، التي دَرَسَت هذه
المسألةَ
الحيوية من غير أن يمكن البَصَرُ بمقدار ارتفاع الفيضان في العام القادم، وكان أحد الفيضانات
ضعفي ما للآخر في أربع سنوات متوالية؛ أي بين سنة ١٩٠٤ وسنة ١٩٠٨.
والنيل الفائض في مَسقِط رأسه ليس مُنْقِذًا كالنيل الفائض في مصرَ، والنيلُ والمطرُ
في
الحَبَشَة إلهان هائجان، ويخرُج من مِنطقة بحيرة طانة، حيث ينال النيلُ منبعًا له، رافدان
مهمَّان من روافده كما يَخرُج منها عددٌ من سواعده الصغيرة. والعطبرة وحدها هي التي تجري
نحو
الشمال، وتظل جميع المجاري النهرية تلك جافةً بعضَ الجَفَاف في فصل الشتاء، وتكون الروافدُ
رَملية في الغالب، وتكون العطبرة مرمَّلَةً على الدوام، وتُفرَض البداوة على شعوب ذلك
البلد
إذن، وتَقضِي هذه الشعوب أشهر الجفاف التسعة بالقرب من الأمكنة المشتملة على ماءٍ قليل
والتي
يُمكِن الإنسانَ والحيوانَ أن يعيشا فيها، وتكثُر إحاطة الآجام بالأنهار والضِّفاف المغمورة
الدنيا، ويجري النيل الأزرق والعَطبَرة في مضايقَ عميقةٍ، وهما لا يَفِيضان تقريبًا،
وهما
ينفصلان عن السُّهْب أو الصحراء بطرائد
٣ ضيقةٍ، وينبت السنط على شفير
٤ الجداول الأقلِّ مياهًا كما تَنبُت النخل، وما تحت الأرض من مياه في أفريقية فمدينٌ
في الغالب للأنهار بوجوده، وتُمِدُّ هذه المياه كثيرًا من الآبار.
ويفضِّل أهل البدو من العرب أن يَنْصِبوا خيامهم في العُدوَات
٥ المرتفعة، ولا سيما القريبة من المجاري حيث تكون الينابيع أكثرَ مما في الصحراء
التي يأتون منها، وهم يحلُّون مع نسائهم وأولادهم وجمالهم ومعزهم، وهم يقتطفون ثمر الدَّوْم
٦ ويستخرجون منه طَحِينًا عَلِكًا يخلطونه باللبن ويصنعون منه أقراصًا، وهم يختبطون سُنُوف
٧ السنط فيكون لأنعامهم بها طعامٌ زيتيٌّ على حين يكتفي الجمل بالفروع الشائكة
اليابسة، وهم يَرتُقُون — أخيرًا — خيامهم المصنوعةَ من أوراق النخل، وهم ينتفعون بليف
النخيل
في صنع حُصرِهم وحبالهم، ولهم بِبِرَك الماء الموجودة هنالك عنصرٌ أساسيٌّ في حياتهم.
والتماسيح في هذه المغايض
٨ تنسى الجفاف، فتَقضِي الشتاء نائمةً، وتَشرَب الألوفُ من القُمْرِ والقَطَا، غيرَ
خائفةٍ، من الجداول التي تنام التماسيح فيها، حتى إن الغِزلان التي هي أكثر الحيوانات
نفورًا
تَرِدُ قبل طلوع الشمس وقبل غروبها بساعةٍ واحدة ذلكَ الموردَ الهزيل الذي يتركه النيل
وراءه.
والأحفار
٩ مصدر الأخطار لِمَا تجتذبه من الضواري فضلًا عن الإنسان والمواشي، والعربيُّ يُصْدِر
١٠ أنعامه عن الأحفار وقت الغَسَق
١١ مُخْلِيًا المكانَ للأُسود والأنمار، والقُرْدُوحُ
١٢ وحدَه، وهو الذي يجب أن يكون أكثرَ حَذَرًا من سواه، هو الذي يكون من الغَفْلَة
أحيانًا ما يُمْسِكه به الإنسان؛ وذلك أنه يَسكَر ببقايا جِعَة الذُّرَة التي تُتْرَك
هنالك،
فيَغدُو غيرَ قادرٍ على الفِرار، ولكن أليس هذا الرُّبَّاح
١٣ من شِباه البَشَر؟
وفيما تكون السماء زرقاء صافيةً إذ يُسْمَع من بعيدٍ قصيفُ رعدٍ، فيُدَوِّي من كلِّ
ناحيةٍ
صوتٌ قائل: «البحر!» وهنالك ينطلق ألوف الرجال والنساء المخيِّمين في الوادي حاملين خيامَهم
ومَتَاعَهم لائذين بالفرار.
وأولئك الأعراب الكُسَالى الجَبَرِيُّون، وإن كانوا يَحسبون الزمن تَبَعًا للقمر
والنجوم،
يباغَتُون في كلِّ عامٍ بانحدار النهر من الجبل الشاهق في وَسَط شهر يونيو، وفي بضع دقائق
يتحوَّل الهدير إلى زئير يُعَدُّ إشارةً مرجوَّة مرهوبة، وفي مصر — وعلى بعد ألوف الكيلومترات
من المجرى التحتاني — يطَّلع المهندس برقيًّا، وبين ساعةٍ وساعة، على تقدُّم الفيضان
وارتفاع
الماء وعلى ما يحتويه من غِرْيَن، وذلك مع عدم وجود راكبِ جملٍ مَهْرِيٍّ
١٤ يُخْبِر ساكني الوادي أولئك عما يَقَع بعد دقيقة، وهَزِيمُ الرعد وحدَه هو الذي
يُنْبِئهم بذلك.
والبحر ثائر! والبحر سورٌ سائرٌ يبلغ من الاتساع خمسمائة متر، والبحرُ يدحرج أمواجًا
سُمرًا ويَجحَف
١٥ أشجارًا ويجرف خَيْزُرانًا ويجلب غِرْيَنًا.
وإذا ما وَصَلَ النهر بغتةً بُعِثَت الحياة على الضِّفاف من فورها، والغيثُ هنالك،
وتنمو البراعم
١٦ وتنبسط الأوراق، ويُؤَدِّي فَتَاء النيل إلى ظُهور بلد مُخْضَرٍّ كان يلوح هلاك
كلِّ شيء عَطَشًا فيه، ولم تَكَدْ بضعة أيام تمضي على الوقت الذي كانت الطيور تبل فيه
حلوقها في
مناقعَ فقيرةٍ حتى صِرْتَ تُبْصِر الإوز البري يرتع
١٧ ويلعب ويتزاوج ويَبنِي أوكاره هنا، وجميعُ الحيوانات تشرب وتمشي في الطين وتُفَوِّج
١٨ عن نفسها، ويصحو التمساح ويظنُّ أن كابوسًا كان جاثمًا عليه.
وترى في الهِضَاب العليا ألوفَ الناس يغادرون منازلهم ويَقصِدون الجبال فِرَارًا من
ذلك
الطوفان، ويَقِفُ كلُّ جَوَلَانٍ في موسم الأمطار، ولا يستطيع أحدٌ جَوْبَ السيول والأنهار،
حتى
إن الفقير الذي يذهب إلى القرية المجاورة يكون لديه مِعطَفٌ من البردي يلجأ إليه كما
يَلْجأ إلى
خيمةٍ عند حدوث طوفان جديد، ويتعذَّر عبور الأودية، وتكون الخيول العارية من السروج في
الأكواخ
بجانب أصحابها الذين ينتظرون صابرين، فرحين أحيانًا، نهايةَ المطر عارفين عدمَ دوامه
زمنًا
طويلًا.
والأعراب وحدهم لا يستطيعون أن يتريَّثوا، فإذا ما عادت إلى البطحاء خُضرتُها تحوَّلت
إلى
غدير وارتفع سحابٌ من الهوامِّ وغدت القِطَاع في خطر، والجمل الذي هو أوفى رفيق للإنسان
يتعثَّر
أيضًا، وذلك عندما لا ينتظر سائقه أن تُجَفِّف شمسُ الصباح وجهَ الأرض بعضَ الشيء، وتَرَى
الإنسان والحيوان يولِّيان وجوهَهما شَطْرَ البِقاع العالية، والنيلُ يُسَيِّر أهلَ البدو،
ويَهطِل جميع مطر العام في ثلاثة أشهر تقريبًا ويُسْفِر عن الفَيَضَان.
ويأخذ الناسُ في النزول بعد أن يَبدأ الماءُ بالانخفاض، ويُعَدُّ سبتمبر شهرَ بركةٍ،
ففيه
تُبصِر جميعَ البلد مُخْضرًّا، وتصبح الحبوب التي بُذِرَتْ بالعُودِ في ترابٍ ناعم ذي
غِرْيَن
صالحةً للحصاد في بضعة أسابيع.
وفي حوض النيل الأزرق ذي الانحدارات القوية تتعذَّر الفيضانات القوية المشابهة لفيضانات
النيل الأبيض، فقد نَحَتَ المطر أخاديدَ عميقةً في الصخور البركانية، ومن هذه الخنادق
الضيقة
تجري سيولٌ نحو الغرب، نحو النيل، وترى داخل الهضبة العليا متمزِّقًا بأسره، والنهر —
في مجراه
التحتاني، وحينما يبلغ الحجار الرملية — يشقُّ هذه الحجارة شقًّا خفيفًا ويلاقي الصخورَ
الأبكار، وهنالك، حيث خَدَّ
١٩ مجراه عموديًّا في الأراضي البركانية كما خَدَّه على الهَضْبة، يَفْصِل جوامدَ
فيخلِطها بتراب صالح للنبات في أثناء جَرَيَانه، وهكذا يتألَّف الغِرْيَن من مجموعةٍ
منحلَّة
الأجزاء من الفِلْسبار
٢٠ والميكا
٢١ والرخام الملوَّن والتراب الكلسيِّ والحديدي متحولةٍ بين عامٍ وعام مختلفةٍ في
النيل الأزرق عما في العَطبَرة، وهذا ما يجعلنا نفترض وجودَ أنواع كثيرة من الرواسب
والمتحوِّلات في قوة النهر.
والإنسان له عملٌ في تلك الفيضانات أيضًا، ومما لا ريبَ فيه أن ماءً قليلًا وغِرْيَنًا
ضئيلًا كانا يَنْزِلان من الجبل في أزمنةِ ما قبل التاريخ حينما كان البلد بأجمعه مستورًا
بالغاب. ومما يُرجَّح أن كان النيل الأزرق لا يَصُبُّ في النيل الأبيض في الدور الذي
كان يستر
فيه خليجٌ من البحر المتوسط صحراءَ مصر، ومما لا مراء فيه أن حَرَقَ الإنسانُ — قديمًا
—
سُهْبًا وغابًا لينال لقطاعه كلأً غضًّا، والإنسان — إذن — قد أباد آجامًا كما في الوقت
الحاضر
فجعل الحقلَ مِنطقةً حُرَّةً للأمطار والأنهار التي تأتي بالتراب الصالح للنبات، والآن
تنتصب
الجلاميدُ السود الجُردُ نحو السماء، ومن هذه الجنادل
٢٢ يَفصِل الهواء والماء ملايينَ الأجزاء التي يتألَّف الغرين السنوي السَّخِيُّ
منها.
وهكذا جعلت الأحوالُ الفريدة من الحَبَشة «سَقفَ أفريقية الشرقية» الذي يَبلُغ من
العلو ما
يُعَدُّ معه السهلُ المرتفع ١٨٠٠ متر من الأراضي المنخفضة، وفُولْكِن
٢٣ هو فاعلُ ذلك، ولا يشتمل بلدٌ على براكينَ هامدةٍ مثل اشتمال الحبشة، وتُبْدِي
بقايا الأزمنة الأولى هذه للسماء أشكالَها الغريبة والطريفةَ دومًا. واليومَ لا تزال
المخروطات
الرمادية والحجارة البركانية والينابيع الحارة والأبخرة الكبريتية شاهدةً على ارتجافات
الأرض،
ويمكن الحَبَشَةَ في ملايين السنين القادمة أن تمنَّ بالمواد الأولية التي يجرُّها النيل
ويحطُّها فتتحول إلى تراب جديد.
ورياح الحبشة وأمطارها وجبالها تُحْدِث تلك الواحةَ العجيبة في الشمال البعيد بفضل
رسولها
النيل، تُحْدِث «مصرَ».