الفصل الثاني
تُخَفَّفُ جميع الأشكال في السهب، ويَندُر انتصاب الصَّوَّان والفُتُن،
١ وتَلطُف الخطوط والألوان، وتلك هي مملكة السَّنْط، وهذا الشجرُ الشائك — حين يمر
النور من خلال فروعه المجرَّدة من الورق — يُنعِم على ذلك السهل المُحرِق المستور بسُوق
الزرع
المقطوع منظرًا خياليًّا لا يَمُنُّ بمثله غيرُ الصُّبَّيْر الجافِّ. وفي هذه البقعة
التي تفصل
— بلمعانها وبأسماءٍ مختلفةٍ — منطقةَ الصحراء العاطلة من المطر عن منطقة الأمطار الاستوائية،
وعن الشَّلَّال الرابع حتى أولِ المناقع، وعن دُنْقُلَة مع الاتجاه نحو أعالي النيل حتى
مَلَاكال، تُبصِر البدويَّ يستغيث بالمطرالذي يمكنه — كشمس الصحراء — أن يُهْلِكه هو
وقِطاعَه
عندما يأتي جارفًا، ولكن المطر يُتمُّ في يومين معجزةَ العُشبِ الذي يُقِيتُ مواشيَه،
ولكن
المطر ينقطع بعد أن ينهمر ببضعِ ساعات؛ أي بسرعةٍ كالتي ظَهَرَ بها. والعشب — وهو الذي
يَخنُقُ
النيلَ في المناقع تقريبًا — يُحسِن إلى الإنسان والحيوان على ضفتيْ هذا النهر، وإذا
ما نَزَلَ
الغيث بضعَ ساعاتٍ تفتَّحت أوراقٌ ريشيةٌ صغيرةٌ على شجر السَّنْط، وتنتظرها الجمال،
ويُنقَذُ
كل شيء، وتَستردُّ ألوف الغصون قوَّتها في أسبوع، وتَسمَن أسنمة الإبل، ويتحول السهب
الأصفر إلى
سُهْبٍ أخضر.
بيدَ أنه لا يُعَتِّم أن يدافِع، فالكلأ الناضج يَنخُس ويَبضَع
٢ ويمزِّق الثياب والجلود ويُدمي كلَّ مسافر. وإذا ما سمنت القطاع في الجِوار انتظر
الرائد الأجنبي من البدويِّ أن يُوقِد النارَ في السُّهْب، وأن يُبِيدَ ما كان قد طَلَبَه
من
الماءِ بحرارة، وذلك هو تناوب اصطراع العناصر العنيفِ في تلك البِقاع التي قام الإفراط
فيها
مقام التوازن بين الشمس والمطر، كما هو الأمر لدى ذَوِي الخَبَل الذين يَفْنَون في وَجْدٍ
من
السرَّاء والضرَّاء.
وفي موسم الأمطار، تَنبُت الذرة ويخضرُّ شجر الدوم ولا يَلبَث أن يُؤْتِيَ أُكُلَه،
ويَهرُس
الأعراب حَبَّه بالمِدَقِّ ويصنعون منه نوعًا من الدقيق إذا أتلفت الشمس زرعَهم، ويَقَعُ
ذلك في
مئاتٍ من المناطق المتوسطة بين السهب والصحراء.
والآن يمثِّل دوح البَوْباب دورًا مهمًّا لم يُتَوَقَّع عند الخِلقة، ويتحول هذا
الشجر
العظيم، أو هذا الفُطْر
٣ الهائل، الإسفنجي المقبَّب إلى بِرميلٍ بعد موسم الأمطار، وذلك بأن تُسقَط أغصانه
السفلى ويجوَّف وَسَطُ ساقه فيحتوي عشرين مترًا مكعَّبًا من الماء في قُطرٍ بالغ خمسةَ
عشر
يومًا، وتدوم حياة البَوبَاب مع بقاء جوانبَ رقيقةٍ له. ومن العلماء من يقولون موكدين:
إنه
يبلُغ من العُمر خمسة آلاف سنةٍ، وعلماء النبات أجرأ من المؤرِّخين في تقدير ذلك.
والجمل هو من الأشباح التي تجتمع حولَ السَّنْط، ولا أحدَ يدرك كيف يكتفي هذا الحيوان
الضَّخْم بتلك الأشواك وتلك الأوراق، هو قَنُوعٌ، ولكنه غير متواضع، هو صبورٌ، ولكنه
شرِّيرٌ
جبان، هو غبيٌّ مناوئٌ، هو هائلٌ حين التَّعْشير،
٤ هو لا يَعطِف على غير صِغاره كما يلوح، والجمل يخدم الإنسان، ولكنه لا يَعرِفه ولا
يحبه، وما له من منظرٍ غريب غيرِ ظريف فيجعل له مكانًا منفردًا بين الحيوانات الأخرى،
فيظهر أنه
استعار رَقَبَتَه من الزرافة ورأسه من الخنزير وذَنَبَه من البقر، وسِنامُه وحدَه هو
سِمَتَه
الخاصة، ولم يدخل الجملُ مصرَ إلا في عهد الرومان مع أن مصر عَرَفَت الضأن والمعز والبقر
والخيل
منذ ألوف السنين.
ولا حيوانَ له في النفس من الأثر المروِّح المحزن كما للجمل، والجمل يترك ليُحَمَّل
بعد
كثيرٍ من الهدير والضرب، وهو يَثْنِي قائمتيه الخلفيتين ثلاثًا كما لو كانتا لُعبةً آلية،
وهو
إذا سار صَعُبَ امتطاؤه لانفراده في الذَّمْل
٥ بين ذوات الثُّدِيِّ، وهو إذا ما عَصَف
٦ براكبه هزَّه هزًّا شديدًا لرفعه قائمته الخلفية قبل قائمته الأمامية برُبع ثانية،
ويَحمِل الظَّعُون
٧ القويُّ سبعةَ قناطير، ويسير البعير العَصُوف ١٥٠ كيلومترًا في أربعٍ وعشرين ساعة،
ولا يُركَن إلى الجمل كما يُركَن إلى الفرس الأصيل، فهو يَرغُو
٨ بغتةً ويَفُور ويحاول أن يَعَضَّ حتى صاحبَه، وهو يخشى عُوَاء الضَّبْع من بعيد،
وهو عند الهول يخرج من فمه ضربٌ من الحَبَب
٩ كالذي يخرج من فم المُحْتَضَر لدى قدماء المصوِّرين.
والجمل مقضيٌّ عليه بأن يقوم بحرفة الحمَّال مدى حياته، فيكون على كاهله — حتى في
أسعد
أوقاته — عروسٌ وزخارف ثقيلةٌ من سُيُورٍ
١٠ سُمرٍ وصَدَفٍ وجلاجِل،
١١ ومن المحتمل أن يكون أحد تلك الهياكل العظميَّة النظيفة، التي تظهر بيضًا في
الصحراء ذات الرمال، لبعيرٍ مرَّ من شوارع الخُرطوم ذاتَ مرةٍ إلى عُرس أميرة مزينًا
بأبهى
جهاز.
والنَّعَامة أسرع من البعير، وتَنِمُّ على صِلَةِ نسبٍ به، وذلك بساقيها الطويلتين
وسوء
سيرها ورَعَن
١٢ ظاهرها، وتذكرنا النعامة بعُنُقها الدقيق ومنظر رأسها الأخبل بالخياليِّ المختلِّ
الذي يَفِرُّ من العالم إذا ما عارض أحلامَه.
وكانت النعامةُ تطير، ويرى الزنوج أن النَّعَامة واعدت الحُبَارَى
١٣ بالسباحة في النيل فنَسِيَت أن تُضيف إلى وعدها بالحضور كلمة «إن شاء الله»،
فعاقبها الله في الغد على زَهْوها بأن شَيَّط
١٤ جناحيها فخرَّت صريعةً مثل إيكار
١٥ وصارت لا تطير بعد ذلك.
ولكن الله لم يحفظ النعامة من أهل البدو، الذين يَتَعقَّبونها فرسانًا اثنين اثنين
مناوبةً
مع إتباعهم جمالًا حاملةً ماءً، وتَهن النعامة إعياءً، ويُهلِكونها بضربات عصيٍّ وينحرونها،
لا
حبًّا للحمها ما اشتمل أقلُّ غزالٍ يَسهُل صيده على لحمٍ أكثر منها، بل طمعًا في ريشها
الأبيض
الذي يترجح عدده بين اثنتي عشرة ريشةً وأربعَ عشرة ريشةً، والذي يتخذه نساء باشوات البيض
مَرَاوِح لهن، وهذا الريش أجمل على النَّعَام في الأسر مع ذلك، وهو كجمال بعض الطيور
المغرِّدة
وبعض الشعراء، ويجتنب الصائد تلويثَ ذلك الريش بالدم. والصائد — لكي يتم له ذلك — يَغْرِز
من
فوره أحدَ أظافر رِجْلَي النعامة الطويلتين في الجرح درءًا لإيحاء هذه الحلية بفكرة الموت،
كما
تُدْرَأ فكرة الموت في الأناشيد الوطنية الحربية، وهكذا تُبْصِر أسرعَ حيوانات العالم
عَدْوًا
يُصْرَع في الرمل لتَمِيس
١٦ إحدى النساء في سان مُورِيتز
١٧ حاملةً مروحة، وهكذا تسقط نعامةٌ في سبيل إوزَّة.
وأكثر من ذلك عدمَ فائدةٍ صيدُ الزرافة لعدم ضررها، وهي إذا صِيدَت لا تُعَدُّ غنيمةً،
والزرافة أبهج من جميع ما في الغابة، والزرافة حيوانٌ لا عدوَّ له، ويتساوى سمعُها وشمُّها
وبصرها حدةً وتجاوز كلَّ موجودٍ حيٍّ، وتجاوز الفيلَ، عدَّةَ أقدامٍ طولًا، وتعدو الزرافَى
جماعةً كما لو كانت في فردوس، وتقطم الزُّرَافى أوراقَ الأشجار الطويلة وفروعها الطرية
وتترصد
دومًا، ولكن من غير جبنٍ، ومع اعتدال دمٍ كالطِّوَال الذين يُشْرِفون على الآخرين.
وإذا ما شُبِكَ عُنُقا زرافتين — وذلك أحدهما بالآخر — بدت للناظر لُعبةٌ حَيَّةٌ
عظيمة،
وإذا رَفَعَت الزرائف رءوسها بَدَتْ آيةً في الروعة، وإذا خَفَضَت الزرائف رءوسها بدت
متحذلقةً
كأساتذة الفلسفة، وإذ تُبْصِر الزرائف من علٍ فإنها شديدة حُبٍّ للاطلاع فتودُّ أن ترى
ماذا
يحدث فتُلقِي نفسها إلى التهلكة بذلك، وتَسِير الزرائف سيرًا أخرق متَّئِدًا بعيدًا من
الرَّهْوِ،
١٨ والزرائف دون النعام سرعةً، ولا شبه بينها وبين بقية حيوانِ السهب عَدْوًا، ويبلُغ
ارتفاع قائمتيها الأماميتيْن مترين في الغالب، فيمكن الرجل — غير الدِّنكاويِّ — أن يمرَّ
من
تحت زَوْرِها
١٩ من دون أن يَخْفِضَ رأسه.
وكيف يشرب من النيل حيوانٌ يبلغ ارتفاعه ستة أمتار؟ لا تُوَفق الزرافة لذلك إلا بمباعدتها
ما بين قائمتيها الأماميتين مباعدةً شديدةً مع الْتِواء؛ ولذا تفضِّل الزرافة لَعْقَ
أوراق
الشجر المبلَّلَة في موسم الأمطار، ولا تُبَالي الزرافة بالرجل الأبيض إلا قليلًا، ولكن
الزرافة
سُحرت بظاهرةٍ من أطوار الحضارة، فقد ظَهَر منذ بضع سنين حيوانٌ جديدٌ في السهب له أربع
قوائمَ
مدورة، وهو أسرع من جميع الحيوانات، وهو أسرع من الزرافة، وإليك الزرافةَ تعدو بجانب
السيارة
وتسابقها، ولا عَجَبَ إذا ما لاح النصر بجانب سائق السيارة بعد نصف ساعة.
والوعول — لا تلك الحيوانات الثلاثة — هي التي تنعش السهب قبل كل شيء، وفي السهب تعبث
ألوف
الوعول طليقةً غير خائفةٍ على أعين الفارس، وهي تبدو كألوف نُقاطٍ صغيرةٍ في سهبٍ لا
نهايةَ
له.
وهي إذا ما شعرت باقتراب أسدٍ من مسافةٍ بعيدة أبصر الفارس فرارها هائجةً عن غريزةٍ
أو
بقيادة زعيمٍ فيخيَّل إليه أنه يرى صفوف خيولٍ هاربة، وتَثِب الوعول فوق العشب اليابس
أو
المحترق بين النعام والزُّرَافَى الراكضة باحثةً عن ملجأٍ غير معروف احتماءً من عدوٍّ
غير
منظور. وللوعول أنواعٌ كثيرة وقرونٌ متنوعة، ومن أنواعها الوعول السُّمْر والبيض والمخطَّطة
والمنقَّطة، ويمكن متفننًا أن يرسمها في يوم تجلٍّ فيُبرِز منها أيِّلَ آدم والغزال العوَّام
وظبي القصب وتَيْس الغاب وأصنافًا من الغزلان تقفز بقوائمها الرائعة رشيقةً باديةَ العروق
تحت
جلدها، فيجد شعراء العرب بها معين مجازٍ واستعارةٍ لا يَنضُب فيغترفون منه في التغنِّي
بِهَيَف
المعشوقة ولِينِ ملمسها.
وما في السهب من طيورٍ صغيرة فأقل كثيرًا مما في منطقة الأمطار، ولكن السهب يشتمل
على
الهدهد الذي يعيش دومًا في جماعة، فيهدهد
٢٠ مع جيرانه بلا انقطاع، ويعد الهدهد وحيد الزوج ويصيح وينوح إذا صيدت أنثاه، وذكور
الهداهد هي الأكثر قرقرةً،
٢١ ويتلهى المرميس الطائر
٢٢ كما يودُّ، ولكنه اخترعَ نظامًا خاصًّا لأنثاه ولصغاره، فهو يُسَوِّر وكره بطينٍ
مبلَّلٍ، ولا يَدَع منه غير ثُغرة صغيرة يأتي إلى الأفراخ بالطعام منها حتى تَقدِر على
الطيران،
وإذا حَضَرَه الموت قبل سواه وَجَدَ العزاء في موت أنثاه معه كأميرٍ هنديٍّ، وبين الطيور
الكبيرة نَذكُر البازَ ذا العُنُق الأحمر المحبِّ للنخيل، والذي يبلغ من شدة الجُرْأة
وسرعة
الطيران ما يبلُغه إخوانه من بِيزان الشمال. ويقع النسر القُنْبُرانيُّ على غُصنِ السَّنْط
المجرَّد فينشر قُنْبَرَتَه ويَجْمَعُها غيرَ مرة في عدةِ ساعات.
ولكن شرطيَّ الهواء الأعظم، ولكن المسيطرَ الأكبر، هو الأَنْوَقُ الذي هو نوعٌ من
العِقبان،
هو النسر ذو الأجنحة الواسعة الثقيلة الذي يَحمِل رقص الموت في الصحراء والسهب، هو الرَّخَم
٢٣ الذي يُقبِل مباعدًا بين ساقيه مائلَ الرأس إلى الأمام حادَّ البصر مع خُبْثٍ، وما
كان علماء الصحة ليخترعوا وسائلَ أحسنَ مما عنده لمنع العَفَن وما يؤدي إليه من الغازِ
القاتل
في ذلك الإقليم. ودليل العُقَاب باصرته، لا شامَّتُه، والعقاب — لما له من أجنحة قويةٍ
يستطيع
أن يجوب بها مسافاتٍ كبيرةً — لا يفوته جملٌ مطروح أو غزالٌ هالكٌ، وهنا لا تَشُمُّ رائحةَ
جيفةٍ أبدًا، فالعقبان تصل في الحال، والعِقبان تَرِدُ بسرعةٍ كالورثة، والعِقبان تبحث
بمناقيرها العُقْف
٢٤ في الجيف وتقتتل وتتنازع القِطَع، ولا تكاد تَمضِي خمسُ دقائقَ حتى لا يبقى من
الكلب المفزور
٢٥ أثرٌ، وعكس ذلك ما يقع في المتاحف حيث تنبعث من النَّسر رائحةٌ كريهةٌ عدة سنوات مع
حشوه بالتبن وتطهيره، ومما يحدث — على الرغم من هذا — أن يأكل أرِقَّاءُ أُبَّاقٌ
٢٦ من لحم العقاب عن سَغَب.
٢٧
وفي المساء، وفوق السهل، وفوق النهر، تُضَاء قبة السماء بنور لطيف، وفي الغرب تبصر
خَطًّا
أصفرَ فاقعَ اللون، ثم تبصر شريطًا ضيقًا لضَبَابٍ ضارب إلى خُضرة، وفي الأعلى يكون كلُّ
شيء
بنفسجيًّا فلا يَلبَث أن يتحوَّل إلى لِيلَكِيٍّ،
٢٨ ثم يتحول في سمت الرأس
٢٩ إلى زرقة الحمام، وفي الشرق يظهر لَمَعَانٌ ضاربٌ إلى حمرة ممزوجٌ بلونٍ أزرقَ
برَّاقٍ وبلونٍ بنفسجيٍّ رمادي وبلون ورديٍّ زاهٍ، ويتحوَّل جميع ذلك إلى لونٍ أزرقَ
فولاذيٍّ
في دقيقة واحدة فيَلطِم هذا اللونُ آكامَ
٣٠ رملٍ ذاتَ لونٍ صَدَئِي، وفي الشرق يكون النور باردًا والورد رماديًّا.
وفي الغرب — وبين الحين والحين — يكتسب طَرَف الأفق لونًا أصفر كِبريتيًّا كريهًا،
فيصير
النيل — الذي يحلِّق فوقه طيرٌ أسود — أصفرَ اللون، وذلك مع عَبَث ظلالٍ وأنوارٍ وأمواج
ضاربة
إلى زرقة، ويتحوَّل وَسَط طرف الأفق الأوسط إلى لون برتقاليٍّ يَطْلِي الشرق بالشَّهَب
٣١ ويكدِّره، ويتَّسِع في المكان الذي تَغِيب فيه الشمس مثل خليج ويَعمُق ويمتدُّ على
أمواج زعفرانية نحاسية، ثم يُرْخِي الليل الذي يصعد من الشرق سُدُوله على تلك المنطقة
النحاسية
ويستولي على السماء، وتَصِير الألوان في خبر كان.
ويزيد خرير النهر، ويسيرُ النيل في الليل إلى الشمال.