لمحة من حياة المؤلف رحمه الله
في صباح اليوم الثامن من شهر ديسمبر سنة ١٨٦٧ وُلد داود بركات في بلدة «يحشوش»، إحدى القرى الكبيرة في فتوح كسروان في لبنان، وتلقَّى وهو في عهد الطفولة مبادئ العربية والسريانية والإيطالية واللاتينية على عمه المرحوم الخوري يوسف بركات الذي كان من حاملي ألوية العلم والأدب، ودخل بعد ذلك مدرسة المحبة في بلدة عرامدن، وهي مدرسة قديمة كانت تُتقن تعليم اللغة العربية على الخصوص. ثم انتقل منها إلى مدرسة الحكمة في بيروت، وهي المدرسة المشهورة بتخريج العلماء والكتاب والشعراء حتى لا يكاد يخلوا قطر في العالم من خِريجيها، فكان داود من أنبغ تلامذة العلامة المشهور المرحوم عبد الله البستاني.
ولما أكمل دروسه — وهو لا يزال في سن المراهقة — تولى التعليم في مدرسة «بير الهيت» من المدارس المحلية في لبنان، ولكن المحيط الأدبي كان في نظره ضيقًا، فهجر لبنان وجاء إلى مصر حيث التحق بإحدى الوظائف الحكومية في مديرية الغربية، وظل فيها سنة تقريبًا ثم انتقل بعدها إلى التدريس في مدينة زفتى.
ولما كان يميل بطبعه إلى الكتابة، فقد كان يَنشر في الصحف بين حين وحين بعض الكتابات في شتى الموضوعات، إلى أن حدثت فاجعة في زفتى فالتهمت النارُ منزل أحد الأعيان. عندئذ أثَّرت الحادثة بنفسه، فكتب عنها إلى جريدة المحروسة مقالًا أُعجب به صاحبها، وكان ذلك سببًا لاشتراك الفقيد في تحريرها من مدة الزمن.
ولم يَطُل عمله في المحروسة، فأنشأ مع صديقه الشيخ يوسف الخازن وابن عمه الأستاذ إبراهيم بركات جريدةَ الأخبار التي راجت في ذاك العهد رواجًا كبيرًا.
وفي سنة ١٨٩٩ انتقلت الأهرام إلى القاهرة، فتولى رئاسة تحريرها، وظل فيها إلى أن وافاه القَدَر المحتوم في ٤ نوفمبر سنة ١٩٣٣ في منتصف الساعة العاشرة صباحًا.
هذه لمحة موجزة لحياة الفقيد، ولو حاولنا التبسُّط في الكتابة عنها من الوجهة الأدبية والخيرية والعلمية … إلخ، لَمَلأنا مجلدًا بأكمله. رحمات الله عليه!