انفجارات غامضة!
على قدمٍ وساق كان العمل يجري في المقر السري الصغير بميدان الرماية؛ الحركة دائبة لا تتوقَّف، والأوامر تنطلق من هنا وهناك … وأصوات صفير الأجهزة الإلكترونية المعاونة تتداخل مع الموسيقى الرقيقة التي تنبعث من أجهزة التليفون المحمول.
وعلى الطريق إلى المقر كانت تجري عجلات سيارات الشياطين، في سباق مع الزمن لتلحق بالطائرة التي تُقل صديقهم «بيتر» قبل أن تهبط في حديقة المقر.
وأمام أجهزة الكمبيوتر في مركز معلومات المقر، جلست مجموعة من الشياطين منهمكين في العمل، تنتقل أعينهم في تركيز شديد بين لوحة المفاتيح وشاشات العرض.
وأمام شاشات أجهزة المراقبة، جلس آخرون يتابعون ما يرسله لهم القمر الصناعي من معلومات وصور.
وقبل أن يبلغ «أحمد» ميدان الرماية، اتصل به «قيس» من غرفة المراقبة يخبره بأن طائرة «بيتر» قد غيَّرت مسارها، وأنها لن تنزل في حديقة المقر.
فانحرف بالسيارة وتوقَّف على جانب الطريق، ومن خلفه توقَّفت سيارتا «إلهام» و«عثمان»، وخرج كلاهما يندفع في اتجاهه وقد كان يغادر سيارته في بطء يدل على أنه مهموم ومشغول.
فسألته «إلهام» قائلة: ماذا هناك يا «أحمد»؟
أحمد: «بيتر» لن ينزل في حديقة المقر.
عثمان: لماذا؟
أحمد: حتى الآن لا أعرف.
إلهام: ولماذا توقَّفت إذن؟
عثمان: المفروض أن نكون هناك الآن لنعرف السبب.
أحمد: يقولون إنه غيَّر مساره.
إلهام: تعني أنه كان في الطريق إلى المقر؟
أحمد: نعم!
عثمان: إذن حدث شيء ما جعله يُغيِّر مساره.
أحمد: هذا ما أُرجِّحه أيضًا.
كان «أحمد» مشغولًا وهو يجيب عن أسئلة «عثمان»، ثم قام بالاتصال بالمقر.
وبعد حديث قصير قال لهما: لقد كان هناك من يتبعه.
إلهام: هل تمَّ رصده؟
أحمد: نعم ولكن بدون معالم.
عثمان: وكيف تمَّ رصده؟
أحمد: عن طريق القمر الصناعي.
إلهام: إذن كيف تقول بلا معالم؟
أحمد: من ظواهر غريبة أحاطت به أثناء الرحلة.
إلهام: وهل أخبر المقر بهذه الظواهر؟
أحمد: أعتقد ذلك.
عثمان: إذن إلى المقر؛ فما الداعي لتوقُّفنا هنا؟!
أحمد: لن نعود إلى المقر، بل سنذهب إلى «الفيوم».
إلهام: لماذا؟
أحمد: للحاق ﺑ «بيتر».
وما كاد أن يتم جملته حتى كان «عثمان» و«إلهام» قد استقلَّا سيارتهما، وانطلقا خلفه؛ فقد انطلق يُكمل الطريق إلى ميدان الرماية، ومنه عَبَر منحنًى واسعًا يحيط بالصينية التي تتوسَّط الميدان، وانحرفوا إلى طريق «الفيوم».
وعن بُعد لمحوا في الاتجاه المعاكس سيارة «العمليات الخاصة» التابعة لهم، تسير في اتجاه المقر، فعرفوا أنها عائدة من مهمة، ولكن ما هذه المهمة؟ … وأين كانت؟
أسئلة كثيرة دارت بخاطرهم جميعًا، فقاموا بالاتصال ببعضهم، فوجدوا أن الخطوط مشغولة … وعرف «أحمد» أنهم يطلبونه، فانتظر أن يعيدوا الاتصال به مرةً أخرى، وفي الوقت الذي تلقَّى فيه اتصال «إلهام»، شعر بوخز في رسغه، وعرف أنه «عثمان»، فطلب منه أن يطلبه على موجة الطوارئ.
وهكذا تمَّ عقد اجتماع الأثير بينه وبين «عثمان» و«إلهام» التي قالت له: أرأيت سيارة «العمليات الخاصة»؟
أحمد: إنها عائدة من نفس المكان الذي نقصده.
عثمان: وبالطبع كانت في مهمة غير عادية.
أحمد: أتقصد أنهم سبقونا إلى «بيتر»؟
عثمان: أو إلى من يطاردونه.
إلهام: لماذا لا نتصل بهم ونعرف؟
أحمد: سأتصل بالمقر وأعرف منه.
وفي المقر كانت الحركة لا تهدأ، في محاولة للوصول إلى تفسير للظواهر التي أحاطت ﺑ «بيتر» أثناء رحلته بالطائرة.
وعندما تلقَّى «قيس» اتصاله، كانت تقارير فرقة العمليات الخاصة قد بدأت عرضها على شاشات الكمبيوتر، فقال له: أهلًا بك يا «أحمد». هل يمكنك العودة مرةً أخرى؟
أحمد: لقد رأيت سيارة «العمليات الخاصة» في طريق «الفيوم».
قيس: نعم … لذلك نحتاجك هنا.
أحمد: هل كانت مهمتها تتعلَّق ﺑ «بيتر»؟
قيس: هذا ما نبحث فيه.
أحمد: تبحثون في ماذا يا «قيس»؟ … هل وصل «بيتر»؟
قيس: لم يصل بعد.
أحمد: وما الذي تتعلَّق به؟
قيس: لقد انفجر أحد خزانات وقود الطائرات، التابع لإحدى الطائرات الحربية في المنطقة.
أحمد: هذا خبر عادي.
قيس: ولكن سبب الانفجار غير عادي.
أحمد: هل توصَّلوا إليه؟
قيس: نعم … لقد تعرَّض الخزان لضغط هائل فوق سطحه … وخلخلة للهواء المحيط به.
أحمد: أنا في الطريق إلى المقر يا «قيس»، وشكرًا.
وعندما عرفت «إلهام» بخبر انفجار الخزان، وكيف انفجر، تساءلت مندهشةً عن كيفية خلخلة الهواء حول مبنًى في حجم عشر عمارات سكنية.
واندهش «عثمان» لذلك أيضًا، وتساءل غير مُصدِّق عن مصدر هذا الضغط الهائل الذي يمكنه التأثير على سطح مبنًى مساحة سطحه تقترب من مساحة ميدان صغير.
وفي اجتماع عبر الأثير، وهم في طريق عودتهم إلى المقر، اتفقوا على أن يقوموا بمعاينة هذا الخزان للتأكُّد من صحة التقرير.
فقال «عثمان»: ولو ثبتت صحته!
أحمد: يكون المتسبِّب فيه ظاهرةً كونية نادرة.
إلهام: أو كائنات فضائية غاية في التقدم.